ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
إخوان
مسلمون حقيقتنا قبل أن تكون
عنواننا زهير
سالم* أحب
جلال الدين الرومي، صاحب
المثنوي، ويوم أتيح لي أن أزور
ضريحه، عرضا غير قاصد، في قونية
شعرت بنشوة ما زال عبقها في روحي
إلى اليوم. ولولا وقوفي عند النص
في النهي عن شد الرحال لشددت
رحلا إليه. وأعتبر ديوانه
المثنوي بعض مباهج الروح ألجأ
إليه في ساعات السآمة فأستروح.. يعجبني
هذا مذاقا ولكنني لن أقبل أبدا
أن أتحول إلى درويش يطيل
القلنسوة والثوب ويطوف حول نفسه
أو حول الكون في الحركة
الملاوية المعروفة ولو تمت على
أنغام الناي الحرّى أو على
توقيعات الروح تبتهل: يا ذا
العطا.. اسق العطاش تكرما.. وكان
لي أصدقاء كثر من جماعة الدعوة
والتبليغ، وكنت ومازلت أقدر
جهودهم في تعليم مسلم سورة
الفاتحة، وفي تقريب آخر من حديث
الإسلام والإيمان في حصصهم
المعتادة بعد صلاة المغرب
يطوفون على المساجد والأحياء
والأسواق يذكرون الناس بالله
ويدعونهم إليه؛ ولكن ما تعلمته
في مدرسة البنا والسباعي تطابقَ
في وعيي الشخصي مع مشروع الرحمة
الكلي الذي جاء به محمد رسول
الله صلى الله عليه وسلم. ومن
هنا كان خياري الذي أسأل الله أن
يعينني على الوفاء على طريقه
الصعب الطويل ولم يبق من العمر
إلا القليل... كتبت
منذ فترة عدة مقالات تناقش فكرة
( حل جماعة الإخوان المسلمين )
وأكدت أن هذه الجماعة غير قابلة
للحل العملي... وذكرت فيما ذكرت
أسبابا وأسبابا، وهذا شاهد
جماعة النهضة في تونس بين
أيدينا ، لقد تأسست الحركة تحت
عنوان حزب النهضة الإسلامي. ثم
تخفف مؤسسوها من الوصف (
الإسلامي )، لكي لا يصطدموا
بالعوارض الكثيرة التي يضعها من
يظنون أنفسهم الأقوياء في وجوه
الآخرين، وهاهو هذا الحزب بعد
محنة ربع قرن كلما ذُكر ذُكر
الإخوان المسلمون، ووصف معهم
بالأصولية والتطرف ومشتقاتهما..فما
الفائدة؟! يقول لك الدرس ليس من
الحكمة في شيء أن تخرج بإقرار
منك من الباب على أمل أن تعود من
النافذة إذا كانت النافذة موصدة
أيضا. وتقول لك الحقيقة: القوة
شعور يعمر القلب ويغمر النفس،
وليست تعبيرا مهزوزا عن واقع ،
وحين تتحدث عن دعوة الإسلام فقل
نحن وارفع لها رأسك وافتح بها
فاك.. وحين
نقول في الحديث عن شأننا: ليست
المشكلة مشكلة اسم أو عنوان،
فإن هذا يعني أن الاسم والعنوان
لن يمنعا العاقل الأريب من
الاستفادة من أي قانون للأحزاب
يفتح ثغرة في جدار العزل
والإقصاء المفروض على قطرنا منذ
أكثر من نصف قرن... واستفادتنا
من مثل هذا القانون، حين يكون،
لا يجوز أن تتكئ أبدا على
التنازل عن أي حق أساسي من
حقوقنا، ولو لم يعترف به
المخالفون. وشرعيتنا نستمدها من
وجودنا، من ماض مشرق وضاء، ومن
جذور ضاربة في الأعالي صعودا
إلى محمد رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ومن علاقات أخوّة
تشدنا إلى البنيان المرصوص،
المتطلع إلى غد أفضل لهذه الأمة
يظللها وارف الكلمة الطيبة ((
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً
طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ
طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ
وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء
تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ
بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ
اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ
لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ..)). وإذا
ما كان من خطأ في تجاربنا وفي
سياساتنا فإن الأكرم بنا كرجال
أن نتحمل مسئولية هذا الخطأ أو
هذه الأخطاء، لا أن نحملها
للجماعة الخيّرة البهية، كما
أنه ليس من الحكمة أن يُلقي
بعضنا عبء هذه الأخطاء على بعض.
أخطأنا كبشر ونتحمل المسئولية
عن الأخطاء كرجال، ونعتذر عن
خطأنا كمنصفين في سياق يجدي فيه
الاعتذار.. لم
تعد إدانة العنف المجتمعي من أي
جهة كان، والتعاطف مع ضحاياه
جميعا موضع خلاف أو جدال على
الساحة السياسية. ولا يجوز أن
يظل الحديث عن أحداث وقعت منذ
ثلاثين عاما مشجبا تعلق عليه
قوانين الاستئصال والإقصاء،
وسياسات الظلم والتمييز. ثم
إن الأساس العام الذي تقوم عليه
الدول، والذي خص السلطة بحق
استخدام القوة لحفظ الأمن
والنظام العام؛ أناط بهذه الدول
كذلك الالتزام بقواعد
العدل، من حيث المسئولية
الفردية أمام القانون، كما منع
عليها مطلقا أي شكل من أشكال
العقوبات الجماعية التي لحقت
وما تزال بجماعة الإخوان
المسلمين وأعضائها وزوجاتهم
وأولادهم وأحفادهم ومناصريهم
في متوالية للعدد المفتوح.. ألا
عاقلاً يفكر في وضع نهاية لهذا
.!! إدانتنا
للعنف الذي كان، وبراءتنا منه،
وتعاطفنا مع جميع ضحاياه
واستعدادنا لمواجهة قضاء عدل
نزيه أصبح من حديث الماضي.. ورفض
جميع الطروحات الطائفية
النابذة هي بعض القواعد التي
بني عليها ميثاق الشرف الوطني
والمشروع السياسي لجماعة
الإخوان المسلمين. وكل قول
يخرج على تلك الوثائق، وكل دعوى
إلى طائفية مقيتة أو تنابذ بها
إنما يلزم أصحابه وحدهم.. ولا
يجوز أن تُحمل هذه الجماعة
بهيئتها أو بجميع منتسبيها
مسئولية خارج ذلك الإطار بأي
نوع من أنواع الظلم، وهو الأمر
الذي حصل في أحداث الثمانينات،
حيث دفع عشرات الألوف من
المواطنين ثمن جرائر لم
يرتكبوها، وحُملوا مسئولية
آراء لم يعتقدوها، ولم يعطوا
فرصة حقيقية لبيان أو توضيح،
وما تزال هذه المأساة مخيمة على
المشهد العام حتى اليوم. وحقنا
في الشراكة الوطنية الكلية ليس
معروضا للمساومة كذلك، ولن نقبل
أن نكون تحت أي ظرف أو عنوان
مواطنين من الدرجة الثانية، ولا
أن تُضيّق مساحاتنا في الحركة
أو في النشاط ، أو آفاقنا في
الرأي أو التعبير، أو أن يحد
مشروعنا في الإصلاح و التغيير.. مستعدون
للبناء على الواقع القائم مع
الاحتفاظ بحقنا في العمل على
تغييره وإصلاحه والارتقاء به
وفق أسس دستورية وطنية. وستظل
الدعوة إلى سيادة القانون
واحترامه برنامج عمل وليست مجرد
شعار. القانون الذي يصدر عن
الإرادة الوطنية، ويعبر عنها. ندرك
حقيقة المؤامرة الكبرى التي
تُنفذ على أمتنا ومنطقتنا
وقطرنا، نرى في وصول السفير
الأمريكي إلى بلدنا تحديا
إضافيا وليس نصرا براقا كما
يسوقه بعض قصار النظر، ونفهم
معنى أن يُحتسب سقوط نظام ابن
علي على الخارجية الفرنسية، وأن
يطالب وزير خارجيتها
بالاستقالة، ونتابع بقلق
سياسات ليبرمان ونتنياهو
واستمراءهم لاحتلال الجولان،
وتثير فزعنا أخبار الجوع والفقر
والجريمة تتسلل لتضرب بقاع
مجتمعاتنا.. إدراك
كل هذا يجعلنا نلح في بيان
موقفنا، ونؤكد تمسكنا بحقوقنا،
والإفصاح عن مكنوناتنا؛ و لسنا
مضطرين إلى المناورة ولا إلى
المداورة. نحن إخوان مسلمون تلك
حقيقتنا قبل أن تكون عنواننا،
نمتلك رؤية إصلاحية كلية ،
ومشروعا حضاريا لوطننا ولأمتنا
ولكل بني الإنسان من حولنا، هو
مشروع الرحمة للعالمين الذي جاء
به رسولنا الكريم. ونحن بشر نخطئ
فنعتذر، ورجال نحمّل ونمتحن
فنصبر، وأوفياء نمضي على العهد
لا نقيل ولا نستقيل. نسأل الله
العزيمة على الرشد والثبات على
الأمر.. ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826 http://www.facebook.com/note.php?created&¬e_id=129510473782352
الاثنين
24/1/2011م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |