ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
في
تقدير الموقف الصراع
المستدام في دوائر متقاطعة .. زهير
سالم* توقفت
قبل البدء عند كلمة صراع، أحببت
ألا أعنون بها، تمنيت أن أنفي
ظلالها عن المشروع الوطني الذي
نسعى إليه؛ ثم وجدت أنها ضرورية
وأنها الأليق بالمقام: صراع مع
الذات في دوائر ومستويات حتى
على مستوى النفس الأمارة
واللوامة والمطمئنة، وأنا
أراها تتناوب على الإنسان من
حال إلى حال. وصراع مع الآخر في
دوائر ووطنية وقومية وإنسانية
وحضارية. رأيت أن أؤكد لتلافي
الاحتراز أن الصراع لا يعني
النبذ والقطيعة ونفي المشترك،
بل هو يؤكده مسبقا ليضيق دوائر
الصراع ويحددها ويسهل حسمها.
وذاك هو منهج القرآن. ثم
تساءلت هل أستطيع كتابة هذا (
التقدير )، في ظل هذه التطورات،
من موقع مواطن سوري غير محاصر
بقفص الذاتية (الاغتراب
والتشريد والقانون 49؟). قلت
لأحاول ولكنني أدركت أنني لن
أستطيع، هذا الشعور لم يغادرني
أثناء كتابة هذا التقدير. ثورة
في الثورة عنوان كتاب لماركسي
قديم ، أدرك اليوم أن مشروع
النهوض العربي الإسلامي يخوض
معركته على مستويات ثلاثة: على
مستوى الحامل وهي المعركة
الأخطر، وعلى المستوى المباشر
وهي الأقسى، وعلى المستوى
الاستراتيجي وهي المعركة
الأجمع.. لا
بد للمشروع من حامل وطني بشري
مؤهل وهذا مستوى، ولا بد له من
نصر بلا حرب يحققه على رجل
السلطة المغتصب للإرادة
والقرار والمتحكم بالمصير،
والمستوى الثالث هو القدرة على
تقديم البديل الوطني بعيدا عن
اعتبارات أوباما وساركوزي
ونتنياهو. والقلق الذي تابعناه
عن بديل مبارك لم يعد يخفى.. التحرك
على المحور الصحيح وبالأسلوب
الصحيح ذاك هو الطريق إلى
النجاح. والتعقيد في المشهد
يتطلب قدرا أكبر من التفكير،
وضخامة العبء تستدعي قدرا أكبر
من الجهد. ليس بالأماني، ولا
بالصوت العالي تتحقق الأهداف.
إن النجاح الكلي الصعب هو
مجموعة من النجاحات الجزئية
السهلة. النجاحات الصغيرة التي
يستخف بها البعض هي قطرات المطر
التي تصنع الربيع. ومشروع
المجتمع القادر على الفعل لا
يبدأ، بل ولا ينتهي بالضرورة،
من مقعد السلطة. نحن
مهددون من جهات عديدة، وفي أمور
كثيرة، وأخطر تهديد نواجهه هو
التهديد في وعينا؛ وعينا
لذاتنا، ولإمكاناتنا،
ولأهدافنا وغايتنا، ووعينا لما
يدور حولنا. والسؤال الأهم هو عن
مصدر هذا التهديد؟! ونحن
مهددون في إرادتنا وفي حريتنا
وفي حقنا وحق أبنائنا في وطن،
وفي مساواة وعدل وأمن. ونحن
مهددون – ثالثا - في هويتنا وفي
ثقافتنا، مهددون في عقائدنا
وشريعتنا وشعائرنا، ومهددون في
أرضنا وهوائنا ومياهنا... وحين
أتساءل من أين نبدأ ؟! أشعر أن
نقطة البداية هي مفروضة علينا،
وأن سؤالنا الأهم هو كيف نبدأ من
النقطة التي حوصرنا فيها وأعتقد
أن التخفف من ركام المعارك
الخاطئة أمر ضروري، ركام
المعارك النفسي والفكري
والبشري، وركام المعارك البشري
ليس حطامها الإنساني فقط؛
والفرق يجب أن يكون واضحا
للمخاطبين بهذا التقدير.. لا
يمكن لحطام المعارك أن يقود،
وإذا قاد فإنه لن يصنع نصرا..
يعطى الرؤساء الأمريكيون في
أحسن أحوالهم عشر سنوات ليقدموا
لأمتهم ما تزهو به، هل تذكرك
السنوات العشر اليوم بشيء؟!
لماذا يكون للزمن في ذلك العالم
معنى آخر؟! ولماذ تعتبر أعمار
الأجيال هي وحدة القياس
والتقويم في مشروعنا الحضاري.
الإسلام بمشروعه الحضاري فرض
علينا وقفات التقويم خمس مرات
في اليوم، كان ذلك بعض فهمنا
لمعنى الصلوات الخمس. فإن طال
الأمد ( فإن الله يبسط يده في
الليل ليتوب مسيء النهار ويبسط
يده في النهار ليتوب مسيء الليل.).
وحدة القياس والتقويم لا يمكن
أن تتمدد بالرغبات والأهواء.
ومن مصلحة الشعوب أن تعلن مللها
من الانتظار، ولاسيما وهي ترى
أن المركب يغوص، وأن بعض أبناء
المجتمع قد امتصهم التراب. والمشروع
القابل أو القائم على التقويم
والقياس هو مشروع معرفي يؤسس
للمشروع الحضاري وليس مشروعا
سلطويا. قال لنا القرآن الكريم:
(( لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ
وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ
الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ
سُوءًا يُجْزَ بِهِ )). وحين تغيب
المعرفة يضطرب العمل. ومن
المعرفة إدراك الذات
والإمكانات واستيعاب الواقع
وتحديد ماذا نريد. على
شبكة الغوغل سنجد بيوتنا
المتواضعة وقصورنا الفخمة كلها
مرقومة مرصودة والتفكير خارج
المكان أو الزمان أول معالم
القصور. سنكتفي باستعمال كلمة
القصور. قدرة الإنسان على
التحكم بدرجة حرارة غرفته أو
مكتبه أو قصره لا تعني أنه قادر
على التحكم بدرجة حرارة العالم.
أخطر القرارات التي تظن أن
الغرفة هي العالم، ألم تكن تلك
هي خطيئة ابن علي ومبارك ومن هم
على شاكلتهم..!! لقد دمرتنا هذه
القرارات..!!.. إذن
نحن بحاجة ابتداء إلى حامل
للرؤية تحكمه المعرفة المستجدة
أو المتجددة. ولن أشير هنا إلى
ما يطلق عليه البعض الثوابت
لأنني أعتقد أن هذه بدهية مثل
هذا المستوى من الحوار. ونحتاج
إلى رؤية بعيدة المدى لا تعمل
على ردود الفعل تتخفف من تبعات
الماضي، ومشروع قابل تنفيذه
للتقويم والقياس، وبعد كل مرحلة
نجاح تتوقع من المخالفين الأصعب
والأسوء. مشروع معرفي ملتزم على
مستوى السلوك وعلى مستوى
التفكير وعلى مستوى التفاعل... هذه
الطريقة في التفكير تحاصرني
دائما في ثنائية المشكلة. أنا أو
أنت أو هو أو هي بالطبع. الحزب
الحاكم أو الحزب المحكوم أو
الحزب المحظور لدينا مشكلة. هل
هي محاولة لتسويغ الواقع القائم
في عصر اللهيب؟! بل هي محاولة
للبداية الصحيحة . ثلاثة عشر
عاما بالنسبة لرسول الله كانت
كافية. لبناء أساس للبداية في
بيئة مكة وأدواتها المتواضعة
هذا الملاحظة استوقفت الشاعر
الفرنسي لامارتين في حديثه عن
عظمة هذا الرسول واختصرها في
ثلاث نقاط: عظمة الإنجاز، وقصر
الوقت، ومحدودية الإمكانات.. نصف
قرن بالنسبة لحزب البعث لم تفلح
في تحقيق بعض ما طرحه المؤسسون،
بل غاصت بنا أكثر في التراب... أقارن
الأجيال هنا وهناك وأقول كما
قالت الأعرابية منذ القرن الأول
: أرى الناس يرذلون.. هذه
حقيقة تحيرني سنة الكون وطبيعة
الأحوال أن الأشجار تنمو وتسمق
وتتجذر، هل هناك خطأ في نقطة
البداية..؟ والتصحيح
يبدأ من اهتمامنا في التصحيح، و
( نا ) هنا تعود على كل من يمكن أن
تطبق عليه.. أقول
ثمة خطأ خطير... يجيبني البعض: من
يبالي؟!
---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826 http://www.facebook.com/note.php?note_id=131811406885592 الأربعاء
2/2/2011م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |