ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
الثورة
العربية والبعد الغائب الحاضر ثورتنا
في ليبية تنادينا زهير
سالم* أتذكر
تاريخا كانت الأمة العربية تعيش
حالة صوفية يعبر عنها قول شوقي: قد قضى الله أن يؤلفنا الجرحُ
وأن نلتقـي علـى أشـجانه كلمـا أنَّ في العراق جريـحٌ لمس
الشرقُ جنبَه
في عُمانه أو
قول حافظ إبراهيم .. إذا ألمـت بـوادي النيـل نازلة باتت
لها راسيات الشام تضطرب صاحبتُ
العدوان الثلاثي على مصر، وأنا
طالب في الصف الثاني الابتدائي.
عشنا أطفالا ملحمة صمود ( بور
سعيد ) كرجال، وكان خيالنا
الطفولي يصنع البطولات دون رقيب.
فيما بعد عايشنا الثورة
الجزائرية وخلال ما يقرب من عقد
مع هذه الثورة كنا نعايش الحدث
يوما بيوم. ولم يكن ذلك بالترداد
الصباحي لنشيد الثورة
الجزائرية مع النشيد السوري،
الذي كنا ننفعل بالنشيد
الجزائري أكثر ونحن نكرر لازمته:
فاشهدوا.. فاشهدوا. ، كنا نتابع
أخبار جبهة التحرير، نسمع أخبار
فرحات عباس، والجيش السري
الفرنسي – لا أزعم أننا كنا
كأطفال ندرك ما يعني هذا ولكننا
نميز جيدا من معنا ومن علينا بلا
غبش ولا لبس – ونحن طلاب في
الأول الإعدادي خرجنا قي مظاهرة
من أجل اختطاف طائرة فرنسية
القادة الجزائريين. وأعلنا
إضرابا عن الدراسة عندما أضرب
أحمد بن بيلا عن الطعام في سجون
الفرنسيين. أما حديث المناضلة
جميلة بوحيرد فقد كان ملحمة
مستقلة. تحول إلى فيلم سينمائي،
وقررت مديرية التربية يومها ،
لا أدري لعل القرار كان على
مستوى الوزارة ، أن تجعل في
الأنشطة المدرسية أن يشارك
التلاميذ جميعا في مشاهدة
الفيلم عن بطولة جميلة بوحيرد،
كما شاهدنا الفيلم السابق عن
بطولة بور سعيد. في عملية النبش
في ذاكرة الطفولة أذكر أننا
أضربنا عن الدراسة، وتظاهرنا في
مدينة حلب تعاطفا مع قادة
عراقيين تحرريين، حاولوا أن
يضعوا حدا لتسلط عبد الكريم
قاسم على الثورة العراقية في
بغداد كان منهم ضابط اسمه ناظم
الطبقجلي وآخر اسمه رفعت الحاج
سري، وكان هناك قاض في العراق
يحمل رمزية ( فايز النوري ) في
سورية اليوم اسمه المهداوي.. في
كتاب التاريخ للصف الثالث
الابتدائي تعرفنا على الشريف
حسين والملك فيصل ويوسف العظمة
وأحمد مريود وحسن الخراط وعبد
القادر الجزائري وعبد الكريم
الخطابي وعمر المختار..ترى أي
تاريخ يدرس أطفالنا في الصف
الثالث الابتدائي اليوم؟! أردت
من هذه الإشارة التاريخية
الحديث عن الحالة العربية في
خمسينات وستينات القرن المنصرم.
لم تكن فكرة ( القطر ) أو ( الوطن
الصغير ) أو خطوط الخارطة (
سيبوكية ) قد انطبعت بعد في
العقل العربي، ولم يكن السقف
القطري قد تصلب بحيث يعجز
المواطن الفرد عن اختراقه ببصره
أو بتطلعاته أو بعواطفه ومن باب
أولى بمبادرته. عايشنا،
نحن أبناء الأمة العربية، أحداث
الثورة التونسية منذ البداية.
اضطربت جماهير الأمة لفاجعة
الفتى ( البوعزيزي ). كان صدى
الفاجعة حاضرا في كل أسرة. ومع
وجبات العشاء التي أصبحت
تُتناول على وقع نشرات الأخبار،
طوال أيام الثورة التونسية
تسمّر ملايين العرب من الرجال
والنساء والكبار والصغار
يتابعون المشهد، ويعيشون
الحدث، ويفرغون عواطفهم
ومشاعرهم في عملية تطهر عن بعد
مع شوق إلى النصرة يمنع منها
واقع مقيد جديد. ثم
كان الدرس المصري أكثر درامية
من سابقه التونسي. وشارك في
تعزيزه مكانة مصر وحجمها
وموقعها الجغرافي والثقافي
والريادي. وكذا التعبئة ضد حسني
مبارك نتيجة مواقفه من الحصار
على غزة، مع تخاذله وفساده، ثم
أضيف إلى ذلك دخول بلطجية حسني
مبارك على الخط لإعطاء الفيلم
الواقعي التسجيلي بعدا إضافيا
من الإثارة. ومع ذلك فقد حافظ
التفاعل الشعبي في العالم
العربي على السقف المضروب:
التسمر وراء الشاشة
التلفزيونية للبكاء تعاطفا
والتصفيق تأييدا ولم يخرج الدور
الشعبي في الأقطار العربية
الأخرى عن هذا السياق. حين
حاول بعض الأحرار في سورية
الاعتصام أمام السفارة المصرية
بالشموع تأييدا لحقيقة ( أمة
عربية واحدة ) ولشعب مصر العظيم نجح
البلطجية في الإقليم الشمالي في
فض الاعتصام على العكس من
البلطجية في الإقليم الجنوبي
الذين كانت هزيمتهم بجلاجل كما
يقولون. لم يكن الاعتصام
مخالفا للموقف الرسمي المعتمد
في سورية من الرئيس المصري
المخلوع؛ وإنما كانت
المخالفة الاستراتيجية في أن
يعود أبناء الشعب السوري إلى
سجيتهم في التعبير عن رأيهم،
وفي الالتحام بقضايا أمتهم.. اللافت
في المشهد (الثوري العربي) في
تجاربه وفي مخاضاته أن البعد
القومي غائب أو مغيب عن التجسد
في مطالب أو مواقف. لا التونسيون
ولا المصريون تحدثوا عن انتماء
أو همّ قومي؛ ولا مخاضات الشعوب
العربية الأخرى تنبهت لحقيقة أو
بادرت للتعبير عن نصرة أو
المطالبة بها. خلل
واضح بيّن من حقنا أن نسجله على
ذمة مؤسسات العمل العربي
المشترك، والمؤسسات الشعبية
منها بشكل خاص الأمانات العامة (
للمؤتمرات الثلاثة – القومي
العربي – والقومي الإسلامي –
والأحزاب العربية ) واتحادات
النقابات العربية، واتحادات
البرلمانات العربية هذه
المؤسسات التي عودتنا التصفيق
لقادة الدول التي تتصدق على
أعضائها بقاعدة للقاء ووجبة
عشاء.. سيرورة
الحدث الليبي اليوم تختلف عن
الدرسين التونسي والمصري. ترس
الاستبداد في طرابلس الغرب كما
كنا نسميها له شأن خاص. وهو
يمتلك مؤهلات ( ثورية تقليدية )
أكثر دموية. وحين يصابر أهلنا من
أبناء عمر المختار بإباء في
ساحة الصراع، وتمتد اليد الآثمة
إليهم بالسوء ولا تبالي فإن
الموقف يقتضي من قيادات المجتمع
المدني من المحيط إلى المحيط
وقفة نصرة وتأييد وشجب وتنديد.. يجب
على الجماهير العربية وقادة
نخبها وأحزابها أن تلاحق هذا
المخمور العنيد وذريته بهدير
جماهير الأمة تستمطر عليهم ما
يستحقون إلى يوم الدين. ليس
من النصرة في شيء أن نبكي وراء
شاشة التلفزيون دمنا المسفوح في
ليبيا على يد السفاح الأثيم.
المطلوب أن تخرج الجماهير
العربية في وقفات للنصرة في كل
العواصم والمدن والبلدات. وعلى
دول الجامعة العربية أن تبادر
لوضع الخطط المجدية لصون دمنا
المسفوك على يد المجرم الكبير.
إن نصرة شيخ الشهداء وأحفاده حق
في أعناقنا جميعا فلينظر كل
واحد منا كيف يؤدي ما عليه.. ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826 الخميس
10/3/2011م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |