ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
الانتفاضة
السورية في المشهد العام الحضن
الوطني هو الأدفء زهير
سالم* يلحظ
المتابع للمشهد السوري منذ
انطلاقة الانتفاضة في 15 / 3 / حتى
اليوم أن عاملا جديدا قد دخل على
الساحة الوطنية السورية هو هذا
الحراك الشبابي الذي انطلق في
أكثر من مدينة وبلدة. وسيلحظ
المراقب أن الفعل الشعبي
الشجاع، بدأ جريئا متحديا
منضبطا محددا
شعاراته وأهدافه معلنا لها
بوضوح وجلاء. سيلحظ
المتابع للمشهد السوري أيضا أن
الحراك الوطني بدأ حذرا متناميا
يكثر رواده يوما بعد يوم ولا
يقلون، رغم الهجمة المرتدة
الشرسة والصاعقة،
كما انطلق ممتدا واثق الخطو
من بلدة إلى بلدة، بطريقة تشتت
جهد رجال النظام، وتتمرد على
توقعاتهم. لقد تجنب الحراك
المدن الكبرى أو كاد، فللمدن
الكبرى ذات التاريخ المتمرد
حساسيتها على المستويين الشعبي
والأمني معا. فقد تجنب الحراك
بباعث فطري المواقع التي يحكم
فيها النظام قبضته ، ويأخذ
حذْره . وباتت أجهزة النظام
مشتتة بين درعا وإنخل والصنمين
ثم بانياس واللاذقية عودا إلى
دوما مرورا بحمص، لتتوقف في
محطات مؤثرة في دمشق ولتصل إلى
الشمال في كفرنبل وغيرها ثم
لتقفز إلى الجزيرة في دير الزور
والرقة والقامشلي... أعتقد
أن تحوّل كل قرية وبلدة
ومدينة إلى منبر للصوت
الحر، ولو من الجمعة إلى الجمعة
سيكون له أثره الأكثر ضغطا
وإزعاجا للنظام. وسوف يشتت ذلك
أجهزة النظام، ويجعله غير قادر
على العود إلى سياسات الاجتياح
والتدمير على النحو الذي مارسه
ضد الحراك الشعبي سنة 1980.. بالمقابل
يلحظ المتابع في موقف النظام
التردد والتخبط والانفعال،
وفقدان المبادرة. بدا النظام
متفاجئاً إزاء حجم الفعل وشدته
ووتيرته رغم أن الحدث لم يكن
مفاجئا. هل كان النظام يصدق ما
يقول عندما يصرح
بأن حراك الثورة العربية
الكبرى لن يصل إليه!! وأن أجوبته
تلك كانت تنبع من غرور وليست
تعبيرا عن مواقف إعلامية في
محاولة لكسب الوقت. على
المستوى العملياتي واجه النظام
الحراك السلمي المدني بعدد غير
قليل من المجازر الدموية
المدمرة وعلى طريقته التقليدية.
فسقط عدد كبير من القتلى. وأوقعه
هذا في أكثر من مطب؛ قاده هذا
على المستوى الإعلامي إلى
الوقوع في الكثير من الاضطرابات
والفبركات. ثم بدأ الناطقون
باسمه يتخبطون فيرد بعضهم على
بعض، وينقض الواحد منهم كلام
الآخر. ومن
جهة أخرى كان الكثير من الأعمال
القمعية الشرسة التي مارسها
النظام، ومنها عمليات قتل بدم
بارد موثقا بالصور الناطقة
والمعبرة. لقد أعطى هذا التوثيق
المخالفين ملفات حية ناطقة
يتقدمون بها إلى السيد أوكامبو،
بعد أن عجز أبناء جيل مضى لأسباب
ثقافية وتقنية وقانونية عن
الاستفادة من العدالة الدولية
على نحو ما. قد تكون مجازر مثل
مجازر تدمر وحماة الأولى وحماة
الثانية وجسر الشغور وسرمدا
والمشارقة في مدينة حلب هي أقسى
وأكبر من مجازر درعا واللاذقية
ودوما وحمص ولكن المتغيرات
ستجعل هذه المجازر أكثر قدرة
على الصمود بين يدي القضاة
والمحلفين.. يلجأ
النظام، مع الاضطراب والتناقض
على المستوى الإعلامي، إلى
محاولات الالتفاف على مطالب
الإصلاح الوطنية بتقديم عناوين
مفرغة من المضامين، أو إلقاء
المسئولية على أعداء وهميين، أو
محاولة الاختباء كما جرت العادة
وراء شعارات الممانعة
والمواجهة والصمود.. وربما
تكون اللعبة الأخطر التي يلجأ
إليها النظام للتهرب من
استحقاقات الإصلاح الوطني
الحق، هو تفتيت الموقف الوطني
بعزل القوى الوطنية، والمكونات
المجتمعية بعضها عن بعض. ومنذ
الأيام الأولى للانتفاضة بادرت
السيدة بثينة شعبان، في
لعبة مكشوفة، إلى تهنئة الأشقاء
الكرد بعيد النيروز لأول مرة في
تاريخ النظام!! دون أن تنسى
بالطبع أن تعتذر عن تلفظها باسم
(الكرد) لأنها تعتبر ذلك أصلا من
خوارم المروءة القومية!!
وامتدت خطوط المؤامرة لعزل مكون
مجتمعي أصيل إلى وعد بفتح ملفات
المحرومين من الجنسية، ثم
محاولة مد بعض جسور الحوار.. على
مستوى آخر بدأ المعلقون
البعثيون يفصلون في حديثهم بين
ما يطلقون عليه معارضة الداخل
التي يشملونها بعين الرضا على
نحو ما، ومعارضة الخارج التي
ينبذونها بما شاؤوا من أوصاف.
كما استنجدت أوساط النظام
على مستوى ثالث بعقلية منتصف
القرن العشرين فتعيد فرز أبناء
المجتمع السوري تحت راية ما
كانت تسميه في يوم من الأيام
الرجعيين والتقدميين بتعابير
أكثر حداثية، ربما لإغراء من قد
يرغب في الانضمام إلى حضن جبهة
النظام المتخشب. لا
نعتقد أن النظام سينجح في
ألاعيبه المكشوفة. وهو لن يخدع
في سعيه هذا غير العقول والقلوب
المنتظرة للانخداع،و قد يكسب
بطريقته هذه بعض الخيول
الهزيلة المتعبة. قد يكون من
المثير للسخرية أن يحاول البعض
التعلق بالمركب ساعة تقافز
فئرانها منها!! نعتقد
أن جملة القوى
السياسية والمجتمعية التي
يراهن عليها النظام ستكون أكثر
وعيا وتلاحما مع المنظومة
الوطنية مما يظن النظام. سيظل
الإصلاح الوطني بأبعاده
الوطنية الشاملة الذي لا يقصي
ولا يستثني هو المخرج الوحيد
للحالة الوطنية من قعر الزجاجة
التي حصر النظام المجتمع السوري
فيه. ومن
جهة أخرى فإن (أم الولد)
الحقيقية التي يمثلها هذا
الشباب الوطني المنتفض في درعا
وفي اللاذقية وفي حمص وفي دوما
والتي ستمد ذراعيها حتى تطوق
الوطن كل الوطن، تعرف
جيدا ماذا تريد، وكيف تترفق
حتى تبلغ ما يريد... بعد
أن اكتشف الشباب العربي طريقه
إلى حقوقه وإلى حريته وكرامته
لا نظن أن من الحكمة المراهنة
على حكمته أو على إرادته أو على
جرأته. يجهر بها شاب ووجهه أمام
الكاميرا: ما في خوف.. ما في خوف..
بعد اليوم ما في خوف.. لا
تنسوا: جدلية النقيض في قول أبي
الطيب.. كلما أنبت الزمـان قناة
ركب المرء في القناة سنانا ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826 الثلاثاء
5/4/2011م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |