ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 16/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الهيكلية السورية الحاكمة

وازدواجية الخطاب والنهج

زهير سالم*

 

لم يعد يخفى على متابع ازدواجية المشهد السوري بين الخطاب السياسي والواقع الأمني. الازدواجية التي تبدت منذ الأيام الأولى للحراك الوطني في سورية. منذ البداية حاول الجزء الظاهر من هيكل النظام الهروب من واقع الازدواج إلى اختلاق عفاريت الوهم من الأصوليين والإرهابيين والفلسطينيين والمندسين والقادمين من وراء الحدود..

 

الذين تابعوا أحاديث بثينة شعبان عن الإصلاح، وحماستها للتبشير بصبح سوري منير، يتساءلون : أين هي شعبان اليوم ؟! ولماذا غابت أو غُيبت عن الساحة؟! علما أن حديثها الذي كانت مقتنعة به لم يقنع أحدا من الذين عرفوا حقيقة النظام أكثر منها. هل يفهم غيابها على أنه احتجاج صامت لأمر دُبر رغم أنفها بليل.

 

والذين استمعوا إلى ( نائب الرئيس ) فاروق الشرع مبشرا بخطاب للرئيس يدخل الفرح على نفوس ( الجميع )، تأكدوا بعد أن سمعوا الخطاب أن صاحبه قد ألقى خطابا غير الذي أشار إليه فاروق الشرع. خطابا اتفق القاصي والداني على أنه من نوع الكلام الذي يقال فيه:

 

مستفعلن فاعلن فعول...... مستفعلن فاعلن فعول

 

يتوقف المحللون كثيرا عند حادثة رئيسة تحرير جريدة تشرين السورية، ( سميرة المسالمة ). كانت السيدة مقتنعة بالدفاع عن نظام ظنت لسنوات طوال كما يظن غيرها من أهل الغفلة أنها شريكة فيه، فوجئت إن هاتفا من رجل أمن من الدرجة السابعة كفيل بإلغاء خدماتها، وتجاوز وجودها. وها هي تتساءل في قرارة نفسها: عن أي نظام كنت أدافع..؟!

 

وفي الوقت الذي يتحدث فيه مطلقو البخورعن انفراج وبرنامج إصلاح؛ يتم اعتقال العام من المتظاهرين والخاص من الناشطين من أمثال فايز سارة وجورج صبرة وآخرين..!!

 

المتابع للمشهد السوري يلاحظ أن لغة المتحدثين باسم النظام تتناقض إلى حد كبير جدا، ومع إقرارنا أن الجميع كانوا حتى 15 آذار يتنفسون من منخر واحد. أصبحنا نستمع منذ أيام إلى محاور يدافع عن بشار الأسد على إحدى الفضائيات؛ يهدد نظيره الوطني على الهواء مباشرة: أن الحوار الوحيد معه سيكون بالبندقية التي تخترق بطنه . ويؤكد أن البندقية وحدها هي أداة الحوار مع مخالفيه. حين ينكر بعض المدافعين عن النظام الوقائع، فإننا سنكتفي بشهادة هذا الشاهد فيما يقول على ما فعله الآخرون. كان بالأمس المفكر العربي عزمي بشارة يتساءل: أين تربى هؤلاء الذين يدوسون وجوه الناس وصدورهم؟ ومن أعطاهم الحق والأمر..

 

وفي الوقت الذي يلهث فيه الهيكل الظاهر من النظام في سورية وراء نهج سياسة استرضائية تجمع القوى السياسية عبر حزمة من الرسائل الإعلامية ذات الطابع التطميني، والتي تبشر أن الحوار سيشمل الجميع، وأن برنامج الإصلاح سيكون وطنيا عاما؛ يبادر الفريق الغاطس إلى فبركة اتهامات، وإثارة نعرات، وزرع أحقاد، واستنبات ثارات تتجاوز في حجمها عمليات الإهانة والاستفزاز التي مورست على المعتقلين من أبناء بانياس والبيضا، مما يدفع الموقف الوطني إلى نقطة اللالقاء.

 

لا يستطيع أي محلل أو متابع أن يجرد الفيلم الوثائقي عما مورس على معتقلي بانياس والبيضا عن خلفياته ودلالاته. من واجبنا أن نقول إنه الرسالة الخطأ في التوقيت الخطأ يرسلها أصحابها إلى كل أبناء الشعب السوري في المدن والبلدات والقرى: (هكذا ستعيشون، وهذا هو خياركم الوحيد). ولقد عزز هذه الرسالة تعيين وزير داخلية قادم من المجموعة نفسها، فيما سمي الوزارة الجديدة.

 

قد يكون من السهل أن نفسر هذا التناقض والاضطراب بين الخطاب والنهج ، بين الهيكل الظاهر وذاك الباطن، من مركب النظام في سورية تفسيرا مباشرا فنشير إلى ازدواج الظاهر والباطن المعروف والمعهود من سياسات النظام على مدى عقود، ولكن ما يجري على الساحة السورية أكبر من أن يفسر بهذه الطريقة المباشرة.

 

هناك صراع خفي في بنية النظام السوري بين إرادتين مختلفتين؛ تسعى الأولى إلى احتواء المشهد والالتفاف عليه والذهاب مع الموجة دون الوقوف في وجهها، بينما تصر الثانية على الحلول القمعية استيحاء من التجربة ( التاريخية !! ). إن الصور القادمة من بانياس والبيضا تؤكد أن أصحاب هذه الممارسات إنما يريدون إحراج الفريق الأول وقطع الطريق عليه. إنهم يخافون على مصالحهم ومكاسبهم ومواقعهم وسلطانهم أن تحد منها مقاربة إصلاحية ولو كانت سطحية أو هامشية.

 

ومحاولةً من أهل الظاهر للهرب من الحرج، وإبقاءً على جسر العلاقة منصوبا بين الذين أصابوا أعلى السفينة والذين تحكموا بأسفلها؛ تم اختراع مصطلحات المندسين والقادمين من وراء الحدود كما تم التحذير سلفا من مصطلحات المؤامرة والفتنة.

 

لا يمكن أن ننسى أن الفرقاء المتشاكسين في بنية (الهيكلية الرسمية) ما زالوا يأخذ بعضهم على بعض، ويستفيد بعضهم من جهد بعض، ويوظف بعضهم حصاد بعض. فالذين يتظاهرون باستنكار القمع، يوظفونه في تكريس الخوف، فالخوف كما يظنون هو الجدار الذي اختبؤوا خلفه منذ ثلاثين عاما.

 

 وينسى الفريق المسئول رسميا أننا في عصر يحاكم فيه الرؤساء على جرائمهم ضد شعوبهم، تحت عناوين جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، سيؤسفنا أن يوجه المدعي العام الدولي ( أوكامبو ) مذكرة لمسئول عربي آخر، وأن المحكمة الدولية إن لم تستطع معرفة المندس المتشح بالسواد فإنها بلا شك ستصل إلى آمره الأول الذي تستر عليه أو رعاه.

 

إن المخرج الوحيد أمام الذين يرفضون أن تداس وجوه المواطنين السوريين بالأقدام أن يعترفوا أولا بالواقع بكل أبعاده ومآسيه، وبالمعادلة الوطنية بكل أطرافها.

 

عليهم أن يرفضوا أولا وعلى جميع المستويات أن تداس وجوه المواطنين السوريين بالبساطير والأقدام. وإن أنكروا ذلك كما فعلوا، فسندعوهم في أي لحظة إلى القبول بلجنة تحقيق عربية، لجنة تحقيق عربية من رجال المؤتمرات العربية التي تعودت التصفيق لهم في المهرجانات الخطابية، ليكون في قولها فصل الخطاب.

 

ندعو البقية من الذين يملكون حسا وطنيا أو عقلا سياسيا إلى الاعتراف بالواقع. وإلى التمرد على مفاسده وجرائمه، وإلى الانخلاع من رداء البغي وإزاره، وإلى الانحياز إلى الشعب، وتحطيم أوثان الاستبداد والفساد.

 

لن يجتمع في سورية بعد اليوم شعب حر يريد الحياة وطبقة تعودت أن تدوس وجوه الناس وإرادتهم ببساطيرها الغليظة.

 

الانحياز إلى الشعب وإرادته وقضاياه هو وحده بوابة البقاء بل بوابة النجاة. بالأمس تم تحويل حسني مبارك إلى غرفة في مستشفى سجن عسكري. وسبقه إلى زنازين السجن كثيرون وسيتبعه بإرادة أبناء مصر كثيرون.

 

الصمت عن الظلم نكول، والتماهي معه إقرار به، والدفاع عنه شراكة فيه، وفي كتاب ربنا (( سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ )).

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

السبت 16/4/2011م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


تعليقات القراء

     

الأخ الحبيب زهير سالم حفظكم الله و رعاكم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بادئ ذي بدء ...أدعو الله أن يتقبل شهداءكم و يشافي جرحاكم و يفرج كربكم و ينصركم نصرا عزيزا مؤزرا..اللهم آمين.

و بعد ..أقول لا فض فوك

لقد تيسر لي قراءة مقالتكم الرائعة "الهيكلية السورية الحاكمة وازدواجية الخطاب والنهج"

و التي وصلتني من السيد علي عيسى جزاه الله خيرا

فكانت بلسما لجراحاتنا ..و ما أكثرها..

و لا أعني كيد الطغاة على عظيم قسوته..

و لا غفلة العامة على شدة وطأتها..

و إنما عنيت أمراض الجسم الواحد و التي صدق فيها قول الشاعر

"كررت يوما على الأوثان أنقضها....بنيت ويحي على أنقاضها صنمي"

لذلك أكبر فيكم هذا الوعي و ما هو بغريب على أبناء "شام الرسول" فصلى الله على الرحمة المهداة للعالمين نبي الرحمة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم.

وفقكم الله للخير و الرشاد و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ناصر خليل صيداوي - كندا

===================

 


 

 

 


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ