ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
في
الذكرى الخامسة والستين للجلاء تداس
وجوه السوريين وتُجلد أجساد
شهدائهم زهير
سالم* كان الأساتذة الذين يعلموننا
التاريخ في المدرسة الابتدائية
السورية يعلموننا معه الكرامة
والوطنية. لا أزال أذكر الدرس
الأول الذي تعرفنا فيه على
معركة ميسلون وقصة استشهاد
البطل يوسف العظمة، وما سبقهما
من إنذار (غورو) المستفز. لا زلت
أعجب كيف استطاع الأستاذ البارع
أن يملأ قلوبنا نحن الأطفال
الصغار بالزهو
بالحديث عن معركة كانت في
ظاهر الأمر خاسرة. يقول الأستاذ
إن الجنرال (غورو) الذي مثل الشر
في الحكاية التاريخية قد ترجل
ليقف، على جثمان الشهيد البطل
ويقدم له التحية. كانت هذه
التحية يومها جزء من عظمة البطل
ولم تتحول إلى إشارة إلى أخلاق
المحاربين، إلا بعد أن تقدم بنا
العمر ورحنا ندرك العالم بطريقة
أفضل. في الذكرى الخامسة والستين
للجلاء. وبعد ما يزيد على تسعة
عقود على معركة ميسلون تنقل لنا
عدسات التصوير صورا لمن يفترض
أنهم (سوريون) يعتدون على
شركائهم في الوطن بالدوس على
الوجوه والرؤوس والصدور
والبطون والظهور بالبساطير
الغليظة. كما تنقل لنا صور آخرين
وهم يعتدون على أجساد الشهداء –
خلاف تصرف غورو – بالضرب بالعصي
والركل بالأقدام. ولكي لا أبني هذا المقال على
معطيات يحاول البعض التشكيك
فيها فإنني أدعو مرة ثانية
إلى لجنة تحقيق عربية ومن
رجال ( المؤتمر القومي العربي )
يدخلون إلى بانياس والبيضا
ليتأكدوا من واقعة وطأ رؤوس
المواطنين من
خلال الوصول إلى صور الضحايا
وما ظهر على وجوههم وجنوبهم
وظهورهم من آثار.. إن الواقعة
التي نقلت عبر عدسات التصوير لن
تمر. وإن الذين انحدروا إلى
مستوى البهيمية في ذلك الفيلم
التسجيلي يجب أن يخاطبوا بكل
الوضوح والحسم (( وَامْتَازُوا
الْيَوْمَ أَيُّهَا
الْمُجْرِمُونَ...)). إن الرسالة التي أرسلتها
الرسالة ( الفيديو التسجيلي )في
ذكرى الجلاء تؤكد أن الذين
داسوا وجوه المواطنين
ببساطيرهم وركلوا أجساد
شهدائنا بأرجلهم هم أكثر تمثيلا
للشر. ومع إصرارنا على تمحيص
الحقيقة في أمر هذا الفيديو نصر
في الوقت نفسه على أن يُحسب
هؤلاء المجرمون على أنفسهم،
وعلى الذين يتسترون عليهم، أو
يدافعون عنهم. لقد ضحى جيل الآباء والأجداد
بالكثير من أجل صناعة فجر
الجلاء المجيد. وكانت الكتلة
الوطنية بتركيبتها الجامعة هي
الجسر الذي عبر عليه الجلاء.
الكتلة التي أكدت علاقة الإخوة
الوطنية بين سلطان باشا الأطرش
ورجال الغوطة الأحرار، وصالح
العلي وإبراهيم هنانو وسعد الله
الجابري.. لا نريد أن نغرق في النظرة
التمجيدية التي تقدس التاريخ
بكل ما كان فيه. وكما كان في
تاريخنا الوطني الأبطال
والأمجاد فلقد كان فيه الصغار
والعملاء وأصحاب النفوس
المريضة والضعيفة. ولقد استطاع
المد الوطني في حياتنا أن يطوي
تلك الزعانف، وأن يخمد نار شرها
ولكن فيما يبدو حتى حين. إن الانتقال إلى فجر جديد. فجر
يضعنا وطناَ وشعباَ على قاعدة
انطلاق تعيدنا
على مدرجة الفعل الوطني يتطلب
منا جميعا إعادة بناء مجتمع
البنيان المرصوص. ذاك البناء
الذي يجمع ويبني ويعلم ويبشر
ويتصدى وينتقل على مدرجة البناء
الوطني يدا بيد وخطوة بخطوة
بروح المسئولية التي تفكر
بالعقل الجمعي وتطرد كل الوساوس
والهواجس الفئوية والطائفية
التي يعمل المستبدون على
توظيفها في تفتيت أبناء المجتمع
وضرب بعضهم ببعض. إن الوصول إلى مجتمع البنيان
المرصوص سيمر بالضرورة عبر شبكة
علاقات سليمة ومباشرة وساخنة.
لأعرفك جيدا يجب أن أسمع منك لا
أن أسمع عنك. أن أصغي إلى وجهة
نظرك كاملة لا أن أختطف منها ما
أريد أن أرفضه أو أرد عليه. وحين
نحاول كمواطنين سوريين أن يسمع
بعضنا من بعض، وأن يتعرف بعضنا
على بعض سنكون قد بدأنا الخطوة
الأولى على طريق بناء المجتمع
المفتوح القادر على توظيف طاقة
أبنائه في الطريق إلى البناء
الحضاري المنشود. نعتقد جميعا أننا خلال أربعة
عقود ألقت بنا السياسات الضالة
على هامش الفعل الحضاري
التاريخي. بغير النضال لن يكون
جلاء جديد، وبغير الاتحاد
والتضحيات لن يكون انتصار. ولم
يضق طريق النضال يوما على
السالكين الصادقين.
---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826 الأحد
17/4/2011م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |