ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
تحويل
الضحايا إلى مجرمين وإرهابيين.. لا
تدعوهم ينجحون مرة ثانية.... زهير سالم* اصطحب مسئولون سوريون ثلة من
السفراء والدبلوماسيين، ومن
قبل من الصحفيين والمراسلين،
لإطلاعهم على معالم جريمة
مزعومة ينسبها النظام إلى من
يصفهم بالإرهابيين والتكفيريين
والأصوليين والمندسين لينتزع
بذلك شهادة من العالم تسوغ له
سياساته القمعية في قتل
الأبرياء وتحريك وحدات الجيش ضد
المدن والبلدات ومطاردة
المتظاهرين والناشطين.... وكان النظام منذ الأيام الأولى
قد وضع سيناريو للخروج من أزمته
بنسبة ما جرى في درعا
واللاذقية، على لسان مستشارة
الرئيس بثينة شعبان، إلى
فلسطينيين خارجين من المخيمات،
ثم كان الحديث عن عابرين للحدود
من الأردن مرة ومن لبنان أخرى،
واستعان باسم نائب من تيار
المستقبل مرة ثالثة، ثم تقلبت
الاتهامات لتقفز من جهة إلى جهة
لتستقر حسب خطاب الرئيس بشار
الأخير على فريقين من الناس: المجرمون
والهاربون من العدالة حيث يفاجئ
الرئيس الرأي العام الداخلي
والخارجي أن عدد هؤلاء في سورية
هو أربعة وستون ألفا وأربع مائة
مجرما... وهو رقم يتجاوز على
الحقيقة عدد منتسبي أحزاب
الجبهة الوطنية التقدمية
المتحالفة مع حزب البعث. ولكي
يعطي الرئيس تقريره هذا بعض
المصداقية بادر في اليوم التالي
بإصدار عفو عام إضافي يشمل
هؤلاء (المجرمين) ليشعروا
بالأمان، وليعودوا إلى البيت،
وليتوقفوا عن حمل (السلاح
المزعوم) في وجه النظام. كانت
هذه الرسالة فيما يرى مهندسو
الموقف الجديد وأطباؤه موجهة
إلى الداخل السوري فالمصالحة مع
( 46400 ) أسرة من أسر هؤلاء
المطاردين ستوفر للنظام كما
يتوقعون، رصيدا أكبر من ذلك
الذي يمكن أن يوفره إلغاء
القانون المثير للجدل رقم 49
لعام 1980 الذي يحكم بالإعدام على
أبناء جماعة الإخوان المسلمين.
لعلاج الأزمة يصدر رئيس
الجمهورية مرسوما بتبرئة
المجرمين بينما يتم التمسك
بقانون آخر يجرّم الأبرياء، ثم
يتساءلون لماذا لا تتفاءلون
بمشروع الإصلاح.. ؟! إن مجرد أن يتصور أركان النظام
أن هذه الثورة الوطنية بكل
ألقها وسموها وتضحيات أبنائها،
هي من صنع فلول من المجرمين (
النصابين والنشالين والمحتالين
)؛ يعطي دلالة بالغة السلبية على
الخلفية النفسية التي تحكم
الرؤية المهزوزة لهؤلاء الطغاة
المستعلين.. وكان (الفريق) الثاني الذي حمله
بشار الأسد مسئولية ما يجري في
سورية من رفض و( تخريب وترويع )
هو الأصوليون والتكفيريون.
هؤلاء الذين يريدون أن يعيدوا
الحياة إلى الماضي والذين
يريدون أن يوقفوا مسيرة (
التحديث والتطوير ) التي ورثها
بشار الأسد عن أبيه.. ولا يخفى أن استحضار شبح
التكفيريين والسلفيين وأمراء
الحرب لتحويل سورية إلى ( إمارات
تابعة لابن لادن والظواهري ) –
مع الاعتراف للعقيد القذافي
بأفضلية السبق إلى صياغة
العبارة –؛ لا يخفى أن استحضار
هؤلاء هو رسالة موجهة للغرب،
وأن هذه الرسالة تحمل من مضامين
التخويف من القادم، والتذكير
بالدور التاريخي للأسدين على
مدار أربعة عقود الشيءَ الكثير. إنه
وجه من وجوه الاستعانة بالقوى
الدولية ضد شعب مسالم أعزل كل
ذنبه أن أحب أن يعبر عن أشواقه
إلى الحرية.. لقد أراد النظام باصطحاب
السفراء والدبلوماسيين
والصحفيين إلى موقع جريمة –
مزعومة – أن يقدم دليلا ماديا
على مصداقية ما سبق الرئيس إلى
الحديث عنه في رؤيته للحراك
الوطني في بواكيره من ( مؤامرة )
و ( فتنة ). إن المئات من الأفلام الحية
والموثقة تشهد على أن قوات
الأمن التابعة للنظام السوري
قامت بإطلاق النار على
المتظاهرين العزل الذين كانوا
يرددون سلمية.. سلمية. إن فتى في عمر الفتى حمزة
الخطيب وثامر الشرعي لا يصح
لأحد في العالم أن يصدق أنهما
كانا في فرقة متغولة تزحف
لاغتصاب نساء.. إن شهادة طفل الرستن على أن
النار فتحت من دبابة على
حافلتهم المدرسية ليصاب هو
وتستشهد الطفلة هاجر الخطيب لا
يجوز أن يتغافل عنها ( المحلفون
). ولا نظن أن أحدا يمكن أن يزعم
أن المندسين في سورية امتلكوا
في أي لحظة دبابة يطلقون من فوق
برجها النار على حافلات أطفال
المدارس.. إن صورة الطفل ( حمزة الخطيب ) و(ثامر
الشرعي) و ( هاجر الخطيب ) يجب أن
تبقى منطبعة في الضمير العالمي،
وأن تكون حاضرة في عقل كل متخذ
قرار على المستوى السوري.
الأطفال الثلاثة ومن ورائهم
قائمة من الأطفال تطول لا يمكن
أن يكون أحدهم صاحب جريمة ( شيك
بدون رصيد ) أو تكفيريا يريد أن
يعود بالحياة إلى مجتمع الغابة
الأول كما يزعم الزاعمون.. إن فيديو منطقة ( البيضة ) (وجه
المواطن السوري تحت بسطار) سيظل
مختصرا للمعادلة الوطنية التي
يجب على الشعب السوري الإقرار
طوعا أو كرها بها. معادلة كان قد
تم الاعتراف بها من قبل على
مستوى مجلس الأمن والاتحاد
الأوربي والاتحاد من أجل
المتوسط، وسكتت عنها - على مضض
ربما – الجامعة العربية
العربية. ثورة الشعب السوري هذه
هي ثورة لإعادة صياغة المعادلة
الوطنية والعقد الاجتماعي
الوطني : وطن لجميع أبنائه لا
يعيش فيه أحد تحت البسطار. أكتب هذا المقال وأنا أستمع إلى
مؤتمر صحفي يعقده السيد وليد
المعلم وتحدث في مقدمته عن
ديمقراطية (حقيقية) قادمة إلى
سورية، ولكن متى لم تكن
الديمقراطية في سورية (حقيقية) ،
حسب منطق النظام ، ألم تكن
الديمقراطية التي كان الشعب
السوري يستمتع بها منذ أربعة
عقود، أكثر تقدما من
الديمقراطية في الغرب نفسه.. لقد
افتقدت في المؤتمر الصحفي
المذكور سؤالا ديمقراطيا (حقيقيا)
يعبر عن وجهة نظر معارضة، على
المستويين الوطني والعربي. حتى
في دعوتهم إلى مؤتمر صحفي
يبشرون فيه بمشروع ديمقراطي
يظلون انتقائيين. لقد نجح هذا النظام خلال أربعين
عاما أن يقدم الشعب السوري
للعالم على أنه شعب من
المنغلقين والمتطرفين، وأنه
يبذل جهده لفتح العقول المغلقة
وطلب مهلة ( جيل ) آخر لينجح في
ذلك. كما صرح الرئيس بشار الأسد
للوول ستريت جورنال قريبا. كما نجح من قبل في تقديم ضحاياه
من المطالبين بالحرية والعدل
على أنهم متطرفون وإرهابيون..
حتى كتب بعض الصحفيين
الأمريكيين إن العالم بعد مجزرة
حماة أصبح أجمل!! اليوم وأبناء الشعب السوري
يطرقون باب الحرية الحمراء
بأيديهم المضرجة بدمائهم يحاول
النظام أن يلعب اللعبة نفسها (
تكفيريون ومتطرفون وإرهابيون
ومخربون..)، إنها الستارة
الحمراء التي تثير المهتاجين ضد
( الإرهاب ) وضد ( الإسلام وأهله )
ليعيد تقديم الشعب السوري
الضحية في صورة الإرهابي
والوحشي. وليستل عليه سكاكين
الموقف الدولي على المستويين
الرسمي والنخبوي.. إلى كل أصحاب الضمائر الحية في
هذا العالم نرجوكم: لا تصدقوهم،
ولا تسمحوا لهم أن ينجحوا مرة
أخرى... ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826 السبت
25/6/2011م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |