ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
القرارات
والمواقف واللحظات التاريخية.!!! زهير
سالم* درجنا منذ زمن على سماع عبارات
من نوع ( القرار التاريخي ) و (
الموقف التاريخي ) و( اللحظة
التاريخية ) و( الخطاب التاريخي )
وغالبا ما يلصق هذا الوصف بخطاب
صاحب سلطان من رئيس أو أمير. سمع
الناس هذه الوصف لصيقا أو تبيعا
حتى فقد في أذهان الكثير من
الناس معناه، وضاعت معالمه
وأصبح إلحاقه بأي موصوف من
الفضول الذي لا قيمة له.. إلا أن الاستهتار بالوصف أو
اغتصابه وامتهانه ووضعه في كثير
من الأحيان في غير موضعه، لا
يلغي خصوصيته، ولا يفقده مكانته.
نتحدث هنا عن (التاريخ) بوصفه
سرير النهر الذي يؤطر نشاط
الإنسان الفردي أو الجماعي، في
السياق الزمني الممتد من الماضي
إلى المستقبل عبر لحظة الفعل
التي يجعل العظماء من الأفراد
والشعوب أكثرها تاريخية. لكي لا
يحاصرنا هنا مفهوم التاريخ
المدرسي في أنه فقط (تاريخ من
غبر من أصحاب السلطان الأكبر) . وإنما تتم دراسة الماضي
لتوظيفها في استشراف المستقبل.
ومن هنا فقد أطلق ابن خلدون على
تاريخه الضخم اسم ( ديوان العبر..
) والعبرة تكون مما مضى في
التحسب لما سيأتي. وحين نصف
موقفا أو حدثا بأنه تاريخي
فالمقصود أن مفاعيله لن تقتصر
على لحظته وإنما ستمتد مستقبلا
ليكون لها أثرها الإيجابي أو
السلبي في صنع التاريخ القادم
الذي نتطلع إليه أو نتخوف منه. وتتدخل الحقيقة هذه في صنع
الاختلاف بين الكثير من الناس
في تقدير المصلحة أو المفسدة
التي تترتب على الكلمة أو
الموقف أو الحدث..فحين يجري
البعض حساباته على مستوى اللحظة
سيفترق في القرار الذي سيتوصل
إليه عن ذلك الذي برؤية ممتدة
عبر التاريخ. وبينما كانت صدور الصحابة
رضوان الله عليهم تغلي يوم صلح
الحديبية، وبينما كان عمر رضي
الله عنه يقفز من صحابي إلى آخر:
ألسنا... أليسوا... فعلام نعطي
الدنية في ديننا كانت آيات
القرآن تصف ما حدث بأنه فتح
مبين، ونصر عزيز.. انتصر مضطهدون كثيرون على
ظالميهم وانتقموا أو اقتصوا
منهم قصاص عدل؛ ولكن الذي قال
لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء صنع
موقفا تاريخيا ما تزال الأجيال
تتأمل معانيه... كان من شأن الحفاظ على هيبة
الدولة وماء وجهها كما نقول هذه
الأيام أن يتمترس الملك وراء
موقف (عامله أو واليه) فيلتمس له
العذر ويرد دعوى الفرد
المستضعف؛ ولكن الذي قال ( متى
استعبدتم الناس وقد ولدتهم
أمهاتهم أحرارا ) تركها كلمة
باقية تمثل منهجا للإنسانية إلى
يوم الدين.. كثيرون من الناس عندما ينقل
إليهم خبر موت ظالمهم أو سجانهم
يفرحون ويشتمون ولكن الذين
يجيبون حامل البشرى إليهم (
يرحمه الله... ) قليلون... قال أحد السلف حمدت الله يوما
وما زلت أستغفر الله منها منذ
سنين.. قيل وكيف ذاك؟! قال: قيل لي
احترق السوق إلا دكانك فقلت
الحمد لله فتركها كلمة للتاريخ.. حين يقول المعتقلون من أعماق
الزنازين للذي يعتقلهم أخرجنا
نحارب عدونا المشترك فإن
انتصرنا فلك وإن استشهدنا تخلصت
منا فقد صنعوا موقفا تاريخيا.. وكما هي أحاديث الإيجاب هناك
حديث السلب. فالخطيئة على
المستوى السلبي، وعلى المستوى
الجماعي تلصق بصاحبها فلا
يستطيع منها فكاكا. ومما كان
يردده علينا أهل العلم في
مجالسهم: إياك وما يسبق إلى
القلوب إنكاره وإن كان لديك
إعذاره. وحين يكون الفعل
مدعاة للذم وبوابة إليه فإنه
يفتح على صاحبه من الشر أكثر مما
يجلب له من الخير : ومن دعا الناس إلى ذمه ... ذموه بالحق
وبالباطل وحين تنطلق الفرية أو التهمة أو
يتوسع بها المتوسعون يصبح من
الصعب أن تُتبع كل متقول موضحا.. قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا..... فما
اعتذارك من قول إذا قيلا نقول هذا في الأمور التي تقبل
الاستخارة والاستشارة أما تلك
التي لا تقبل استخارة ولا
استشارة فللحديث عنها شأن آخر.
فقد نص العلماء أنه لا استخارة
أصلا في موارد الإثم والشر
والخطيئة.. فلا يستخير الله يقتل
أو لا يقتل!! يسرق أو لا يسرق !!
يظلم أو لا يظلم... وفي صناعة الموقف التاريخي
يبقى للعمامة البيضاء مكانتها
ونقاؤها ويبقى على حاملها أن
يكون أكثر حذرا، وأحوط في أمر
الله، وحسابات التاريخ بمعناه
المفتوح، وأن يظل أكثر تقوى في
أمرها: - قال وما التقوى؟ - قال هل سلكت أرضا فيها شوك؟ - قال نعم... - قال فكيف صنعت ؟ - قال: شمرت واجتهدت.. ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826 الأحد
10/7/2011م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |