ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
من
لقيط بن معمر الإيادي إلى
المعارضة السورية يكون
متبِعا حينا ومتّبَعا وزعموا
أن أعرابيا دخل على كسرى
أنوشروان، فاحتقره كسرى
وازدراه وقال له: يا أعرابي ألا
يكفيكم ضياعا أنكم ليس لكم ملك!!
فأجاب الأعرابي على البديهة:
أيها الملك إن كل واحد فينا ملك.
انتهت القصة التي تلخص ربما
أزمة الإنسان والتاريخ العربي ،
كما تلخص أزمة
المعارضة السورية اليوم إلى حد
كبير.. من
سيقبل أن ينضوي تحت جناح من ؟!
وكيف تكون المتابعة ويكون
الانضواء، وكل
من امتلك القدرة على صياغة جملة
من مسند ومسند إليه، يظن نفسه
مؤهلا لقيادة العالم كما صرح
عضو مجلس الشعب الموقر مخاطبا
بشار الأسد؟!. وإذا كان بشار
الأسد أنموذج لشخصية إنسانية
لها تصنيفها النفسي (
السيكولوجي)
والعقلي والسلوكي، فمن الحق
أن نتساءل كم يضمر المعارض
السوري من مكونات هذه الشخصية
التي لم تجد ربما فرصتها
للتعبير عن ذاتها.. منذ
سنوات طوال خاضت المعارضة
السورية تجارب معمقة لإعادة
صياغة نفسها، وتحديد المشتركات
من مواقفها، وهي للعلم وللواقع
أكثر من كثيرة، بل أكاد أجزم أنه
لا يوجد على مستوى الهدف
المرحلي المنظور، شيء يختلف
عليه السوريون أو يتخوفون منه،
ومع ذلك فهم يصرون على ترداد
حكايات الجن والعفاريت قبل
النوم، هذا إذا لم يصر بعضهم على
النوم بلا غطاء ولا وطاء بين
القبور ليجعل من سمادير رؤاه
مادة للجدال في صبح آخر يعيق فيه
السائرين. وقطعا
للطريق على كل سوء ظن أو سوء
تفسير فإن ما أسجله هنا هو حالة
تتعلق بالشخصية الفردية أكثر من
تعلقها بالهوية. الحديث هنا لا
يشير إلى أصحاب فكر محدد، أو
توجه خاص ولا إلى أبناء حزب أو
جماعة أو تيار بأعيانهم؛ إنه
مجرد إشارات إلى تعبير عن حالة
مقلقة تستبد بالكثير من النفوس،
في وقت تسيل فيه دماء أبنائنا
جميعا وأحبابنا جميعا ولا يسعنا
فيه إلا التنبه إلى نزوات
النفوس لنحذر بنيّات الطريق. كل
قول وكل موقف وكل حضور أو غياب
سيجد من التفسيرات الجانبية
المفرقة عند فرسان الكلام أكثر
مما تجد معانيها المباشرة،
ومقاصدها الرئيسية. لا يغيب عن
الذهن أن هناك جهازا ضخما
متخصصا في تصيد كل الثغرات
لإحداث البلبلة في الموقف الذي
يهدد وجود البعض؛ ولكن الحقيقة
التي لا بد من الاعتراف بها هي
أن الجاهل يفعل
بنفسه ما لا يفعله العدو
بعدوه. وعليّ هنا أن أحترز مرة
أخرى بأن الجهل المقصود في
السياق ليس الجهل المعرفي كما
يتبادر إلى الذهن، وإنما هو
الحال النفسي الذي يجعل الإنسان
يتصرف كالذي يتخبطه الشيطان من
المس. وبعض
بل الكثير من المنخرطين في عمل
المعارضة السورية اليوم - ولا
أحد يبرئ نفسه - أحوج ما يكون إلى
المرشد الصوفي يساعد أصحاب هذه
النفوس المشرئبة أو
المتطلعة أو المتشوفة أو
المتشوقة إلى ما تظنه
الموقع القريب، أو الثمرة
العاجلة؛ ليقول لها ما قاله
رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأبي ذر: إنها أمانة.. وإتها يوم
القيامة خزي وندامة إلا من
أخذها بحقها. قال الصوفيون إن حب
الرئاسة آخر
ما يخرج من قلوب الصديقين. وإذا
كان الإنسان غير قادر على
التجرد المطلق من هذا الحب،
الذي غدا عند البعض ( غراما
وهياما ) فلا أقل من الدعوة إلى
عقلنة هذا الحب حتى لا يفوت على
المتهافتين فيه المقصد الأسمى
الذي يسعون إليه. يلتقي
المعارضون السوريون مثقفون
متنورون حداثيون أصحاب دين
ورجال دنيا فما أن يقتربوا من
صياغة تعبيراتهم حتى تقفز إلى
الساحة أصوات الاعتراض
والتشكيك والتهوين وأحيانا
الاتهام كل ذلك لأن زيدا تقدم
على عمرو أو بكرا تحدث حيث كان
يطمح خالد..!! وهكذا
فكل مؤتمر لا يدعى إليه ( الصاحب
) هو مؤتمر مشبوه. وكل انتخابات
لا ينجح فيها هي انتخابات
مزورة، وكل بيان لا يوقع عليه هو
بيان تافه. وتطول قائمة التخذيل
والتفكيك والتقسيم في وقت أحوج
ما يكون فيه الوطن إلى التلاحم
والتوحد وإنجاز الموقف الجامع.. أي
حديث عقلاني يمكن أن ينفع مع قوم
( عقلاء كلهم )!! كل واحد فيهم
مؤهل أن يكون واعظ الدير، ونقيب
العبّاد. وإن كان المثل الفرنسي
قد سبق إلى القول ( رئيس العبّاد
لا يكون عابدا..!!).. حين
وقع سرب الحمام في شبكة الصياد
لم تجد المطوقة إلا أن تقول
لرفيقاتها:
لن ينفعنا إلا أن نطير بجناح
حمامة واحدة فننجو جميعا وإن
تلجلجنا هلكنا جميعا. أحيانا لا
أعتقد أن الحكمة كانت في قول
المطوقة كما ظن ابن المقفع أو
الفيلسوف بيدبا واضع قصص كليلة
ودمنة الأصلي، وإنما السر في
كون المطوقة ( مطوقة ) فهذا الطوق
هو الذي يجعل لكلامها نفاذه
ومعناه. بعض النفوس في
دواخلها تبحث عن مستبد قوي
تتطامن له وإلا يتمرد بعضها على
بعض.. من
فقه سيرة الرسول صلى الله عليه
وسلم مبادرته
يوم بيعة العقبة
ليس إلى تعيين العرفاء، ولا
إلى انتخابهم، وإنما قال
للمبايعيين أخرجوا لي عن كل
عشرة منكم عريفا. بمعنى أنه ترك
لكل عشرة أن تتفق على واحدها.
مشكلتنا اليوم أن البعض يحرص
على السيادة على الألف وهو لا
يكاد يملك عشرة يتفقون معه أو
عليه. هل سنجد مخرجا في هذا
الإجراء؟أ في كل مؤتمر أو لقاء
يقدم كل عدد مرسوم عريفه أو
واحده.. في
تربية الرجال هناك أسرار يجسدها
أحيانا مثل سيدي خالد بن الوليد
يوم عزله عمر. الحقيقة أن خالدا
لم يكن بحاجة إلى موقع القيادة
ليكبُر فيه، وإنما موقع القيادة
كان بحاجة إلى إمكانات رجل مثل
خالد. الرجل الطوال لا يحتاج إلى
كرسي يرتفع عليه. الرجل الطوال
كالغيث حيثما وقع نفع. في
قصيدة لقيط بن معمر الإيادي إلى
قومه العرب يوم معركة ذي قار:
يصف القائد المتمترس بالذي مازال يحلب هذا الدهر أشطره
تراه متّبِعا حينا ومتبَعا متبِع
ومتبَع هل فيها درس..؟! ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826 الأحد
21/8/2011م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |