ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 28/11/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

اجلس أخي نفكر ساعة...

أجندة تفكير مثقلة تنتظر...

زهير سالم*

 

اجلس أخي نفكر ساعة...

أستعير هذا العنوان عن أصحاب محمد صلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...

 

كان أحدهم إذا لقي أخاه بعد وفاة رسول الله وانفتاح الدنيا عليهم يقول له: اجلس بنا نؤمن ساعة، فيجلسان فيتذاكران ما كان من أمرهم في أيام رسول الله صلى الله وسلم عليه. ويتفكران في أمر الإسلام والمسلمين.

 

لقد كان جميلا من المعارضة السورية أن تعلن التحامها بمشروع الشباب الثائر، بأبعاده الوطنية والسلمية. وكان في الإعلان عن هذا الالتحام نوع من تأكيد استقلالية مشروع ثورة الشباب عن الخلفيات الايديولوجية والإثنية والمذهبية والحزبية التي يمكن أن ترهقه أو أن تصد بعضا من أبناء الوطن عنه، أو أن تدفعهم للتخوف منه. كان كل ذلك جميلا بل وضروريا أيضا ولكن لم يكن المقصود من هذا الإعلان أن تتحول قوى المعارضة أو الكثير منها من حامل للثورة إلى محمول فيها. لم يكن المقصود من الإعلان عن الالتحام بمشروع الشباب وجهدهم أن تستقيل المعارضة السورية من التفكير والتقدير والتدبير والتصرف وتحمل المسئولية. لم يكن المقصود أن يلقي النوتية المجاذيف، ويتخلى الرُّبان عن الدفة مرتاحا لارتفاع المد أو طيب الرياح، وأن تنشد جوقته: والبحر كويّس ياريس.

 

القارب الذي يتقاذفه الموج لا وجهة له. وحين تكون معركتنا مع طرف ماكر يقدر ويدبر ويناور ويستعين بخبراء واستراتيجيين على المستويات كافة... هل يمكننا أن نسترسل بغرور فنواجهه بما يتبادر إلى الذهن، أو يرد على القلب، أو يصل إلى اليد؟! أليس من أولويات الموقف الذي نحن فيه أن نقابل التخطيط بتخطيط ، والتفكير بتفكير، والتقدير بتقدير؟! أليس من واجبنا أن نعطي المواقف والقرارات حقها من التفكير والتقدير والاستشارات، وتبني القرار المعتمد على الدراسات والمعلومات والوقائع وليس القرار المستنبط من المطلقات الإيديولوجية أو الذهنية؟؟؟

 

تقول العرب: ( دعوا الأمر يغب ) ويشرحون ذلك بأن غبوبه يكشف للمرء عن عيوبه. وغبوب الرأي أن تقلبه اليوم ما شئت ثم تراجعه في الغد فإن خير الآراء ما استُبيت، أي كان بائتا، وشر الرأي الفطير العجل.

 

 وتقول لك العرب: قلّبْ الأمر على وجوهه، فالأمر قد يكون في وجه جميلا رائقا وفي وجه قبيحا مهلكا. وهكذا صوروا الحرب بصبية معجبة وبشمطاء مفركة فقال أمير شعرهم في الجاهلية:

الحـرب أول ما تكـون فتيـة    تســعى بزينتهـا لكل جهول

حتى إذا اشتعلت وشبّ ضرامها    ولـت عجوزا غير ذات حليل

والدعوة إلى التفكير والتلبث قبل الاندفاع، والمشورة قبل العزم و البت؛ دعوة عامة مفتوحة لا تعني تقديم رأي على رأي، ولا توجه على توجه ، ولا موقف على موقف. دائما تبقى كل الخيارات مطروحة ومقبولة ولها حظها من النظر. وإنما يتقدم من الخيارات ما تتضافر شواهد العقل الجمعي على دعمه وتأييده. ودائما تبقى خياراتك في يدك ما لم تبتها فإذا بتت الرأي أصبحت أسيرا له، وأحاطت تداعياته بك.

 

وهنا ليس من حق أحد أن يتدخل في نيات الناس ليقطع عليهم طريق الاختيار. كما أنه ليس من حق أحد أن يسلّ على الناس سيف الحل والحرمة في أمور اجتهادية تعتورها أحيانا الأحكام الخمسة، كما يقول الفقهاء، ويعتمد القول فيها على تقدير المصالح الخاص منها والعام.

 

نقدر جميعا أن ما يصدر عن الإنسان في ساعات الغضب أو الألم أو الجزع أو الفزع أو النقمة أو حتى الفرح يكون حظه من الانفعال أكبر...

 

ويقدر علماء الاجتماع القوة المتعالية التي تستشعرها الجماهير الغاضبة أو الراضية في مسعاها لما تريد، ويرون أن هذه القوة الدافعة والهادرة بفطريتها هي قوة إنجاز يوظفها القائد الناجح لتحقيق الهدف في إطار القدرة وطبيعة المرحلة.

 

ولا نشك ولا نشكك بصوابية بوصلة الجماهير. ولا نشك ولا نشكك في صدق حَدْسها في التعبير عن تطلعاتها دون التوقف عند مناهج الاستنباط والاستدلال. ولكن صوابية الاتجاه، وصدق العواطف لا يرتبط دائما بالقدرة على تقدير توقيت الخطوة، وتحديد مداها.

 

وحين نتوقف عند إلحاح القرآن الكريم على دعوة الناس جميعا إلى التفكر والتفكير ندرك أن المجتمع المفكر بكل شرائحه وطبقاته هو هدف قرآني ظل الإسلام يسعى إليه سواء في الاستدلال على الألوهية والربوبية أو في معاقد بناء الدولة ((وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ.. ))

 

ويبقى السؤال العالق: من يجرؤ في وسط محموم من المشاعر والعواطف المشبوبة أن يستدرك على الجماهير فيقول لمن يهتف : بنعم...، بنعم، ولكن.. أو أن يقول له: يا أخي علك.. أو عساكا؟!

 

المداراة لتأليف القلوب مطلوبة، ولكنها حين تمس حياض المسير والمصير تصبح خطرا جسيما لا يسعنا في هذا المقام أن نسميه باسمه. وكل العناوين العامة لا بد في لحظة من تحديد المقصود منها. وتحديد المقصود منها لا يقل أهمية عن مشروعية إطلاقها.

 

اجلس أخي نفكر ساعة..

في سياق الثورة السورية التي نعيش ثمة قضايا كثيرة مطروحة على أجندة العقول والقلوب والنفوس يجيب عليها أحيانا رجل متكئ خلف مقعد فضائية ولو عرضت على أبي بكر لجمع لها أهل بدر وحنين أيضا..

 

اجلس أخي نفكر ساعة..

فالتفكير الجمعي هو مخرجنا، والفعل التلقائي أشبه في حركته بجلمود صخر حطه السيل من عل...

 

وفي سيلق ثورتنا السورية التي نعيش ربما نحن نملك التصور المبدئي لأجوبة على أسئلة من مثل: من أين؟ وإلى أين؟ وسيكون تصورنا للجواب على السؤال الثاني أكثر عموما أو أكثر ضبابية من تصورنا لجواب السؤال الأول. ولكننا سنجد أنفسنا أمام ما يشبه العتمة أو الغسق إذا طرحنا أو طُرح علينا سؤال من حجم: كيف؟ وإذا حاولنا جوابا دقيقا يرسم خارطة طريق فأظننا لن ..

 

و(كيف) هذه لا يجيب عليها إلا خبراء مختصون يرسمون الطريق من ألفه إلى يائه ويحددون بدائله وخياراته. الجواب على (كيف) هذه هو جوهر المهمة للذين يتهربون من استحقاقاتها إلى الحديث عن الوعد والوعيد والأمل والعزيمة بأساليب البيان وفنون الخطابة. العامة في بلدنا يقولون ( الرجل الذي يطوف لا بيغزل قطن ولا بيغزل صوف ) فأنى له أن يفكر!!!

 

و(وطنيّة ) الثورة شعار رفعناه إيمانا به. وقلنا إن ثورتنا وطنية تريد أن تحقق أهدافها بالجهد الوطني وتحت السقف الوطني. ولكن النظام خرج علينا بحجم من القمع والقتل والإذلال وسفك دماء النساء والأطفال بطريقة فاقت كل تصور، ثم أضاف إلى كل ذلك فاستعان علينا بقوى الشر العالمي والإقليمي فاستضاف المزيد من الجزارين ليذبحوا أبناء شعبنا من هنا وهناك وهنالك..مما جعل بعض من يعيش المحنة من أبناء شعبنا يرفعون لافتات حماية المدنيين، والشريط العازل، والتدخل الخارجي لأن هذا النظام أوصلنا إلى قناعة أنه لا شيطان بعد هذا الشيطان..

 

رؤيةٌ على خطرها يتحمل مسئوليتها أولا هذا النظام. ورؤية على وجاهتها تستحق المناقشة وتقليب وجهات النظر وتبين، ليس الحق من الباطل فيها وإنما، غلبة المفسدة على المفسدة في السعي إلى الخروج مما نحن فيه. فالتدخل الخارجي ليس منقاشا ينزع الشوكة من الجسد، ولا مبضع جراح يستأصل غدة أو ورما أو يفجر دملا أو ينظف جرحا.. التدخل الخارجي هو ما قد رأينا وعاينا وتابعنا ومن هنا نطلق الدعوة مرة أخرى : (اجلسوا بنا نفكر ساعة) . أرجو ألا يحسب أحد هذه الدعوة إلى التفكير ولا صاحبها على أحد طرفي الرأي. الدعوة إلى التفكير تتضمن مواجهة الواقع بالعقل المفتوح بحثا عن المصلحة الأكبر أو درء للمفسدة الأعظم .

 

ومرة أخرى طرحنا وطنية الثورة شعارا.. وقلنا- والقول لأبناء سورية جميعا - إنها ثورة وطنية بمعنى أنها من كل أبناء الوطن لكل أبناء الوطن. قلنا المواطنة هي البساط الممدود الذي يجب أن يتسع للجميع. وقلنا إن كل من أخذ من هذا البساط بطرف نال حظه من السواء الوطني في الحقوق والواجبات. وأكدنا أن هذا السواء لا يمنحه مواطن لمواطن، ولا كثير لقليل لأنه على هذا البساط ينصهر القليل والكثير ليصبح مفهوم الكل واحدا..

 

ورغم كل هذا ما يزال في أبناء الوطن خائقون ومتخوفون وحذرون ومتوجسون ومتربضون..

 

يقول بعض الناس: طمنوا بعضكم!!! ولكن كيف يطمئنّ مواطن، وما تزال صورة فرسان البيضة تدوس وجهه تثير فيه الفزع وتقول له هذا هو سقفك الذي ستعيش تحته مع أحفادك إلى ابد الآبدين.. وكيف ، وهمسات تتردد في هذه العاصمة أو تلك من عواصم العالم تستدعي خوفا ناعما مغلفا بسولفان كان هذا النظام بعض عطاياه !!! يقول لي جاري الخائف مثلي نحن وهم ...، وأعتقد أن الحديث عن (نحن وهم ) في هذا السياق هي بعض أزاهير شر هذا النظام، (هم) لديهم مخاوفهم أيضا، (هم )، وهذا الضمير يجب أن يعود على كل الخائفين، لديهم مخاوفهم وأسبابهم ومعاذيرهم لهذا الخوف..

 

اجلس بنا نفكر لنذبح هذا الخوف...

ومواجهة هذا الخوف بل ذبح هذا الخوف لا يتم بنفيه ، ولا يتم بإنكار دواعيه ، ولا يتم بالبرقيات الطيارة، ولا بالبيانات العجلى، ولا بالوعود المعسولة، ولا بالإغضاء عليه بحيث نقضي المزيد من الليالي أرقين نتخوف منهم ويتخوفون منا . ذبح هذا الخوف يتم في جلسة للتفكير تلتقي فيها العقول والقلوب والنفوس كيف يمكن أن نتبادل الأمن والطمأنينة ونبني مستقبلا يسوده البر والعدل والقسط..

 

اجلس بنا نفكر ساعة...

وسلمية ثورتنا التي سبق أن أعلناها هل مازالت شعارا ؟! هناك من أخذ يتمارى فيها ولديه معاذيره بكل تأكيد. ولا أريد إسقاط هذه المعاذير باللامبالاة، ولا بالتهوين، أريد أن أدعو لنفكر جمعيّا لنصل إلى السداد والرشاد. وإن كانت سلمية الثورة سدادا فكيف نحافظ عليها؟ وتحيتنا للجيش الحر كيف يجب أن تكون؟

 

ستكون أجندة التفكير أكبر من أن يحيط بها مقال، وكل موقف وكل قرار يحتاج إلى ساعات من الجهد العقلي الجماعي، وإلى قدر أكبر من الفسفور الذهني؛ لنصل من خلال مناهج للبحث، ومعطيات للعلم وتجارب للتاريخ الإنساني والقومي ، إلى ما نحب ونريد...

 

الخالق جل وعلا وحده هو الذي يخلق بالإرادة والكلمة. ونحن البشر نحقق ما نريد بالفكر والجهد، بالعقل واليد وبالتعاون أيضا. ونحن البشر علمنا: معرفة يسبقها جهل ويقود إليها منهج وبحث واستدلال.

 

قضايانا العالقة في غسق المعرفة كثيرة وصياغتنا لواقعنا ومستقبلنا يحتاج إلى أكثر من معلق على الأنباء يتكئ على فضائية ويطلق القول حيث يشاء..

 

اجلس بنا نفكر ساعة نداء لعقل الثورة السورية الجمعي أخاف علينا أن نقول يوما: ((وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ...))

_________

تنويه:

أرسل إلينا محقق كريم من أهل العلم تصحيحا بأن قول الصحابة لبعضهم : اجلس بنا نؤمن ساعة ، كانت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس بعد وفاته كما ورد في المقال ، وقد كان هذا من دأب سيدنا عبد الله بن رواحة..

نشكر الأخ المحقق ونتمنى من القراء أن يصححوا المعلومة... مركز الشرق العربي

----------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

              

الاثنين 28/11/2011م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


 

تعليقات القراء

   

كلام طيب يا أبا الطيب.. آمل أن ينال ما يستحقه من التفكير والعمل عند كل المهتمين بالشأن الوطني.. وشكر الله لك، ونفع بك

سليم زنجير

=======================

في الوقت الذي تتنافس شعوب العرب في مصر وتونس والمغرب (متعهم الله بالامن والسلام والعزة)  على صناديق الاقتراع في الانتخابات يتسابق الشبيحة والظالمون في سورية على قنص السوريين وهم يحملون صناديق الموتى ... حسبنا الله ونعم الوكيل

عدنان

=======================  

فكر قبل كل شيء كيف ننقذ الشعب السوري من هذا النظام الكاذب سوف ياتي دورك باذن الله القدير يابشار انت ومن معك

كفاح الاحمدي

 

=====================

كلام ممتاز وجزاك الله خيراَ

المثقف

=====================

كلام منطقي  لا لبس فيه و صدق من قاله ، لكن أنا ككاتب صحفي و كمواطن عادي أريد أن أهمس في أذن بشار ألا يكفي دمار ؟ اترك شعبك يقرر مصيره وكفى  .. وأشكرك أستاذ زهير على المقال الجيد

اخوكم رضا سالم الصامت

=====================

بارك الله فيكم ونفع بكم....اللهم آمين

عادل الجندى

======================

جزاك الله خيراوامدبعمرك على طاعته ياستاذزهير ،،ونحن من المتابعين لأطلالتك اليومية على قناة المستقله،،

ووالله أننافي السعوديه مع الشعب السوري قلبا وقالبا ونسأل الله أن يعجل بفرجهم..

أم طلال من السعودية

======================

أشكرك  أستاذ زهير لا فض فوك . انا عندي ملاحظه على المجلس الوطني السوري أشعر أحيانا أنهم يغطون في سبات ولا يتحركون كما يجب، رأينا المجلس الوطني الليبي في بداية ثورتهم كانوا نشطين ولهم قناة فضائيه ومتحدث رسمي ،، يجب على المعارضه السورية ان تكثف تحركاتها فحمص وبابا عمرو خصوصا تذذذبحححح  آآآآ ه ه ه

محبكم بـدر من السعوديه

======================

 


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ