ـ |
ـ |
|
|
|
|||||||||||||||||||
عام
على الثورة السورية الثورة
تفرض استحقاقاتها وتتحدى العقل
الوطني والموقف الدولي (1
من 2) بعد
الأسبوع الأول لانطلاقة هذه
الثورة المباركة وما لقيه
الثوار من عنف صادم ، تربص
المراقبون الأسابيع التي تلت
أسبوعا بعد أسبوع يتساءلون ،
وبعضهم وضع يدا على صدر ، تحت
وطأة القمع الوحشي غير المسبوق :
هل سيستمر هؤلاء المتظاهرون ؟! بعد
شهرين من التظاهرات السلمية
تحول السؤال على ألسنة الكثير
في الداخل والخارج من المراقبين
والدارسين والمتربصين كم حجم
هؤلاء الذين يخرجون ... ؟! وبعد
شهر ثالث من الثورة تحول السؤال
مرة أخرى : في أي المدن والبلدات
يخرجون ؟! وأين هي دمشق ، مع أن
دمشق كانت حاضرة منذ اليوم
الأول ، وأين هي حلب وحلب لم تكن
غائبة بالطريقة التي رددها
المفندون .. اقترب
رمضان مع مرور ستة أشهر تقريبا ،
اتصل صديقي الصحفي المتشكك
يسألني : كيف سيصومون ويتظاهرون
؟! فأفطر الثائرون بمظاهرة
وتروحوا بمظاهرة وتسحروا
مظاهرة ، وأطل الشتاء فعاد
صديقي يتساءل : كيف في البرد
والمطر والثلج سوف يحتجون ..؟! عام
مر على الثورة السورية وهاهي
جذعة كأقوى ما تكون ، وسقطت كل
الرهانات الخارجية والمحاولات
القمعية الداخلية على إخماد
جذوتها ، وكسر إرادة شبابها ،
وتبخرت أحلام ( خلصت ) و ذهب حلم (
لم يبق أمامنا إلا أيام ) .
واليوم وبعد ما مر العام واستوت
الثورة على سوقها ، تتلخص جملة
الثوابت القائمة على الأرض بعد
مرور عام على الثورة في الحقائق
التالية : الحقيقة
الأولى : هي
أن الثورة تمتد وتتعاظم ، تمتد
حتى لم تبق بقعة على الجغرافيا
الوطنية إلا ولبت ندائها بصوت
هادر ، وشاركت فيها بدم زكي . فمن
درعا هلت البشاير، وفي حمص كان
عرس الشهادة ومن حماة كان عهد
أبي الفداء ، وانطلق من إدلب
وجبل الزاوية آلاف الرجال على
خطا هنانو ، وحضرت بعنفوان
اللاذقية وبانياس وجبلة
والقامشلي والحسكة ودير الزور
والبوكمال والرقة وعندان وتل
رفعت وعفرين وأتارب وحلب من باب
الحديد إلى الصاخور إلى سيف
الدولة والجامعة ثم في العاصمة
الفيحاء من القابون إلى برزة
إلى دوما والزبداني ومضايا
ورنكوس والتل إلى عاصمة العاصمة
في الميدان وحي المزة وأبو
رمانة .. هدرت
المظاهرات بالمئات ثم بالآلاف
وفي بعض الأحيان بعشرات الألوف
واحتوت ساحة العاصي في بعض
الأيام مئات الألوف من الثائرين
.. . والحقيقة
الثانية أن
جميع هذه التظاهرات انطلقت
مدنية وطنية سلمية ، واستمرت
وطنية مدنية سلمية وستبقى وطنية
مدنية سلمية . لايشكك في ذلك إلا
صاحب غرض أو من في قلبه مرض. إن
بروز الجيش الحر عنوانا للشرف
العسكري الوطني ، وهو المستحق
للتحية والتأييد والدعم
والمساندة ؛ كان مماثلا من
هؤلاء الشرفاء لدور إخوانهم في
مصر وفي تونس . إنه العنوان
الوطني الشريف الذي يدين دور
المؤسسة العسكرية المستغرقة في
مشروع القتل والتدمير والتهجير
والانتهاك. مما يقتضي موقفا
وطنيا جامعا يسحب الشرعية عن
تلك المؤسسة المنخورة بالفساد
الداعمة لنظام الاستبداد
ويبذله ولاء غير محدود ودعما
بكل الطاقة لمشروع بناء الجيش
الوطني على أساسه القويم.. وكانت
الحقيقة الثالثة: وطنية
الثورة . وطنية منطلقها ووطنية
أفقها . فقد قامت هذه الثورة على
أسس وطنية جامعة بعيدا عن أي
خلفية طائفية أو مذهبية أو
عرقية . وهذا ما تفنن النظام
وأولياؤه في التشكيك فيه ، كان
بعضهم يلتقط آهة حرى من مواطن
مقهور، أو من مخبر مدسوس ليجعل
من النفثة قبة يبني عليها مزارا
. منذ البداية حاول النظام
وأشياعه استجرار الثورة إلى
مستنقع الطائفية البغيض ، ومن
هنا فرضوا على المجتمع الصابر
المستعصم الكثير من الممارسات
البشعة وسط صمت غير مبرر ، أو
كلام غير مفهوم.. والحقيقة
الرابعة: أن
هذا النظام واجه وما زال يواجه
هذه الثورة بعنف ووحشية تجاوزت
كل الحدود. منذ البداية كان
التوحش غير المدني ضد أطفال
درعا قد فجر الثورة ، ليستمر هذا
التوحش أسلوبا ونهجا يمارس تحت
سمع العالم وبصره في القرن
الحادي والعشرين. في عالم متمدن
يزعم القائمون عليه أنهم يشنون
حربا على الإرهاب يمارس نظام
عضو في منظمات القانون الدولي
هذه الجرائم أو الشناعات
والبشاعات .. -
القتل العمد بإطلاق الرصاص
الحي على المتظاهرين السلميين،
لقد كانت هذه الجريمة أسهل
الجرائم في سياق التوحش
اللاإنساني الذي يمارس بحق
الإنسان السوري الحر الشريف .. -
القتل تحت التعذيب بأبشع
صوره وأقساها بأيدي أجهزة رسمية
، سبق للنظام الدولي أن
استخدمها في التحقيق مع من
اشتبه بهم أنهم إرهابيون !! -
القتل على أسرة الشفاء في
المستشفيات ، وعلى أيدي بعض
الأطباء النازيين ، والإجهاز
على الجرحى ، وحجب الدواء عن
المصابين، وقطع التيار
الكهربائي عن حواضن الرضع
والخداج في محاضنهم فيما يشبه
جرائم الإبادة والتطهير .. -
تعذيب الأطفال والتمثيل
بأجسادهم في حالات مكرورة بدأت
من حالة حمزة الخطيب وثامر
الشرعي ووصل الحال إلى تعذيب
الرضع كما في حالة الرضيعة عفاف
سراقبة.. -
التمثيل بأجساد القتلى والجرحى
وجز الحناجر واقتلاع العيون .
وكسر أصابع الرسامين في صور
موثقة !! لا ندري كيف كان العالم
المتواطئ مع هؤلاء الوحوش
سيتعامل مع هذه الفظائع فيما لو
كان مرتكبوها ممن يسمونهم
المتطرفين والإرهابيين ؟! -
سرقة الأعضاء الحيوية من
المعتقلين والمصابين والأطفال
الكلى والقلوب والعيون .. -
ذبح الأطفال والنساء بالسكاكين
في حفلات وثنية بدائية وتقديم
دمائهم قرابين .. -
اغتصاب النساء واعتبار ذلك
أسلوبا معتمدا لكسر إرادة
المواطنين .. هذه
الوقائع القائمة على الأرض
يعتبر شريكا فيها كل من يدافع عن
هذا النظام أو يصمت عنه أو يتفنن
في نسبة الخطأ لمعارضيه. الحقيقة
الخامسة : هي
أن هناك محورا دوليا وإقليميا
يتدخل في الشأن السوري الداخلي
؛ تمثله على الصعيد الدولي
روسيا والصين الدولتان
الكبريان اللتان تدعمان النظام
بكل وسائل الدعم السياسي
والدبلوماسي واللوجستي والتقني
كما تدعمانه بالخبراء والسلاح
والعتاد .. وتمثله
على الصعيد الإقليمي إيران
الرسمية وإيران الطائفية
وتوابعها في المنطقة ، التي
تدعم النظام سياسيا واقتصاديا
وتعبويا وبشريا . تؤكد هذه
الحقيقة أن شعبا مستضعفا أعزل
مجردا من أي وسيلة للدفاع عن
النفس يشترك في قتله وقتاله
محور دولي ومحور إقليمي مع نظام
غاشم مدجج بكل سلاح مجرد من أي
قيمة أخلاقية. وسط
حالة من تغافل وتشاغل المجتمع
الدولي الذي لم يتجاوز موقفه
حتى كتابة هذا المقال المستوى
اللفظي في إعلان التعاطف
الإنساني تارة وفي إدانة النظام
تارة أخرى . وحتى
على هذا المستوى الكلامي لم
يصدر أي تحذير أو تهديد جاد
لنظام يمعن في قتل الأبرياء بل
كل ما يصدر بهذا الصدد هو رسائل
التطمين وتهدئة الخاطر والبال
مما يعطي رخصة مفتوحة بالقتل ،
بلا خوف من حساب . ============================ الثورة
تفرض استحقاقاتها وتتحدى العقل
الوطني والموقف الدولي (2
من 2) زهير
سالم* تفرض
الحقائق القائمة على الأرض ،
والتي أشرنا إلى بعضها ،
ولاسيما حجم القسوة التي يبديها
النظام والقوى العسكرية
والمدنية التابعة له تحديات
كثيرة على العقل السياسي الوطني
، هذا العقل الذي يبدو مرتبكا
جدا أمام حجم هذه التحديات .
فهذا العقل الوطني قد تأسس على
أدبيات أولية ، تربى عليها
الإنسان السوري في مهده الأسري
الأول ، وآمن بها ، ودافع عنها ،
وها هو يراها تهتز بل تتزلزل
أمام عينيه فيحار بماذا يمسك
منها ، وكيف يظل وفيا لها أو
ينخلع غير آسف على تخاريفها..؟!
كيف يتجاوب العقل الوطني أمام
تحدي الهرطقة الوطنية الجديد ،
وأين هو الغزالي ينقذه من شباك
خيوط العنكبوت ، أو من ضلال وهم
الخطوط والدوائر والألوان ... كيف
يعيش المواطن السوري لحظته وهو
يرى دبابة وطنية يعتلي صهوتها
قتلة ومغتصبون يتوجهون على
متنها إلى حي من أحياء حمص أو
بلدة من بلدات إدلب ليرتكبوا
فظائعهم بلا وازع من خلق أو
قانون ؟! ..ثم يجمع إلى المشهد
صورة مواطن سوري آخر يصوب
مقذوفه إلى هذه الدبابة وهو
يتلو ((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ
رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ
رَمَى..)) ( الله أكبر ) ويرمي.. بأي
بساطة ستخبرني أين أنت ؟أ مع
الذين يريدون أن يذبحوا
ويغتصبوا أو مع الذي يدمر دبابة
دفعت ثمنها لتحميك وتقيك ؟! كنا
في زمن سبق نتحدث عن صعوبة فرز
القوى ، وأصبحنا اليوم نتحدث عن
صعوبة فرز المشاعر والأفكار.
والذين يوجهون اللوم إلى من
يدفع سكين القاتل عن عنق رضيع ،
أو الذين يتفنون في إدانة شباب
يدافعون عن عرض حرة يريده جندي
سوري بسوء ، لا بد أنهم في ريبهم
يترددون . لقد
حولت جرائم النظام وأتباعه كل
مبادئ التفكير الوطني إلى مجرد
كليشيات بلاغية غير قابلة لا
للصرف ولا للتداول. وحبا في
الذين ما زالوا يرددون ما حفظوا
أنصحهم أن يتوقفوا عن لوك
كلامهم ( المثقوب كالأحذية
القديمة ) كما اكتشفه شاعر دمشق
الكبير نزار القباني ، واقتضتنا
الغرارة الوطنية نصف قرن إضافي
حتى نصل إلى ما وصل إليه. يلح
على العقل الوطني تحت وطأة
الحدث – حدث بابا عمر وكرم
الزيتون وكل البلدات السورية
وأجساد الأطفال تنهشها كلاب -
سؤال من نوع : أليس البناء
الذي أقيم على جرف هار أولى بأن
يسوى في الأرض ؟! أو ليست الشجرة
التي تثمر مثل هذا الحنظل أو
الزقوم أولى بالاجتثاث ..؟! ويلح
على العقل الوطني سؤال من نوع :
ماذا قدم لنا هذا الجيش ، الذي
بنيناه بجهد مقل وعرق كادح
وتعودنا أن نطلق عليه : جيشنا
الأبي... وجيشنا الباسل ..
ونسورنا الأشاوس ؟! ماذا قدم لنا
على الحق والحقيقة عبر تاريخه
الطويل غير الإذلال وسرقة
القرار وتضييع الأرض ثم القتل
والانتهاك والتدمير والاغتصاب؟!
ودعونا من كل الإنشاء ، وقدموا
لنا إن كنتم قادرين جردة حقيقة
للحساب ، واحذروا أن تغالطونا
بفنون البلاغة ولغة الإنشاء .. جرى
ما جرى في حماة وفي سجن تدمر منذ
ثلاثين عاما ، ما لم يطوه
التاريخ بعد ، ثم ها نحن نواجه
اليوم ما واجهناه في بابا عمرو
وفي كرم الزيتون وفي إدلب ودرعا
ودوما وقائع تفرض نفسها على
العقل الوطني ، تفرض عليه أن
يحطم كل الأوثان والقوانين
والعناوين التي نحتها لقومه آزر
ليفتح إبراهيم عقله على واقع
يحيط به ويقلب وجهه في ملكوت
السموات والأرض ويردد لا أحب
الآفلين .. لقد
أصر شعبنا كما قلنا من قبل على
سلمية هذه الثورة ، وهو ما يزال
متمسكا بها ، وأصر شعبنا على رفض
الذهاب إلى الحرب الأهلية موقنا
أنه إذا لم يحمه في وطنه قانون
وصاحب سلطان ، فسيحميه جيش وطني
سيرفض أن يكون شريكا في دمه ،
وإن لم يحمه الجندي الوطني الذي
يمتطي الدبابة الوطنية ،
فستحميه أخلاق الشراكة الوطنية
، والشريك الوطني الذي ما زال
منذ ألفية ونصف الألفية أكيله
وشريبه وجليسه ، وإن لم يحجز
السكين عن عنق طفل كل أولئك
وهؤلاء فهناك على ما زعموا
قانون دولي ، ورأي عام إنساني
متحضر سوف يسانده ويحميه فخاب
الظن في كل أولئك وهؤلاء ؛ ذبح
الوليد وانتهك العرض ودمرت
المدن ؛ فلما مد شاب يده ليدفع
عن عرضه خرج علينا كهنة الأوثان
الآزرية واعظين ومحذرين ... نعم
ونحن أيضا نرفض الحرب الأهلية ،
ولكن رفض الحرب الأهلية لا يعني
أن يعطى القاتل الرخصة ليمارس
المزيد من القتل والانتهاك
والذبح والاغتصاب .. إن
أول عنوان يجب أن يعمل عليه
العالم بدأ من الفرد السوري
وحتى (بان كيمون) ليفعل كل أحد كل
شيء للأخذ على يد الجزار. يجب
أن يتوقف القتل بلا مقدمات ولا
مفاوضات ولا شروط ولا اتفاقات .
وفي سورية اليوم قاتل واحد
وجزار واحد ومغتصب واحد والكل
يعرف اسمه ووصفه وعنوانه ولم
يعد يصلح الاختباء وراء
البلاغات البلاغية هنا وهناك... في
الذكرى السنوية للثورة ندعو
أنفسنا للصبر والمصابرة .. ونذكرها
أن طريق الثورة يعرف سالكيه قبل
أن يعرفوه ، يتحسس الصدق في وطأة
أقدامهم الهدارة . طريق الثورة
كما عرفناه هو طريق الذين لا
يريدون علوا في الأرض ولا فسادا
وأولئك هم أصحاب العاقبة لأن
العاقبة دائما للمتقين .. على
طريق المتقين لا أحد يفكر في
المقعد الذي يجلس عليه ولا في
المنبر الذي سيخطب من فوقه على
طريق المتقين يشتغل الكل في سد
الثغرة أو في حمل العبء .. ((وَلَقَدْ
كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن
بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ
الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ
الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا
لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ
عَابِدِينَ.. )). ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال بمدير المركز 00447792232826
الاثنين 17/3/2012م --------------------- الرؤية
المنشورة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |