ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك

ابحث في الموقع الرئيسة English المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 02/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

 

 رؤيـــــة

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ما قلته لصديقي الياباني

( لقد قادونا نصف قرن في التيه )

زهير سالم*

 

بدأني الصحفي الياباني ، الذي ألقاه القدر عليّ هنا في لندن ، بالقول أنا قادم من قلب المجتمع الياباني . الناس في بلادي يريدون أن يعرفوا حقيقة ما يجري في بلادكم . هم مبهورون بشجاعة شعبكم وبثباته مع عظم التضحيات ، كيف يستهين هذا الشباب بالموت ، ولكن الأهم لماذا كل هذا ؟!

 

تشعر في مثل هذا الموطن أنك مضطر أن تشرح أكثر وأن توجز أكثر ، فهذا الصحفي الياباني ليس بريطانيا ولا هو فرنسي يعرف عن بلدك وتعرف عن بلده ما يعفيك من قول الكثير. ماذا يعرف أحدنا عن المجتمع الياباني وماذا يمكن لياباني أصر على التعريف بنفسه ( من قلب المجتمع الياباني ) أن يعرف عن سورية الحضارة والإنسان والسياسة ..

 

استحضرت بعض أدواتي المعرفية لأستعين على التواصل . فلتتواصل إيجابيا مع إنسان يريد أن يعرف عنك لا بد أن تشعره أنك تعرف عنه . وانك أيضا كنت يوما مهتما به وبقضايا بلده . تذكرت على الفور الرواية اليابانية الوحيدة التي أتيحت لي قراءتها منذ سنوات . قلت يومها وأنا أرصها في قائمة مشترياتي ، لاشيء يدخلك في تفاصيل الحياة اليومية لمجتمع مثل عمل روائي اجتماعي . كانت رواية ( ضجيج الجبل ) واحدة من المصادر التي تؤكد بحق وحدة النفس الإنسانية في تطلعاتها وهواجسها وترقبها . وعزز من قرار شرائها يومئذ أن مؤلفها أحد الحائزين على جائزة نوبل لمنحاه الإنساني . وكان مجرد ذكر اسم ( ياسوناري كاواباتا ) مؤلف الرواية كافيا لكي يسترخي الرجل وهو يستمع إلي . كما استرخيت أنا بعد أن قرأت على الرواية اسم مترجمها صديقنا المثقف والمعارض السوري ( صبحي حديدي ) . الذي كان يرصف المشاعر اليابانية بأسلوبه الشيق ، فتظن أنك ، لولا فنجان الشاي في ظل شجرة الكرز، في بعض قرانا في الشام الحبيب . الحلم والنبوءة والخوف من القادم ومن الثعبان الضخم ( سيد المكان ) يقولها الياباني كما يستعيذ منه العربي . وربط ذلك ببعض مظاهر الطبيعة ، كما تؤكد ثرثرة العجوزين في الأسرة اليابانية كل ذلك هو بعض المشترك الإنساني الذي لم تستطع مادية العصر إغراقه . مع فوارق واضحة في سلوك الأجيال ، وإصرار غير محدود على النجاح ..

 

كان ما بقي في ذهني من تفاصيل الحياة الاجتماعية اليابانية جسرا مهما للانتقال إلى الحديث عن الثورة السورية بأبعادها . بدأ الحديث وانتهى عن هذا المشترك الإنساني . عن الشعوب تحلم وتأمل وتخاف وترجو تنجح وتفشل ولا يعيبها أنها تحاول من جديد المهم ألا تيأس.

 

 قلت لصديقي : هل أنت متابع للتقارير التنموية الأممية بشأن الشعوب العربية ؟ هز رأسه إيجابا . قلت له هذه التقارير هي سر الربيع العربي . أرادت الشعوب العربية أن تقول للعالم هذه التقارير ليست تعبيرا صادقا عن حقيقتنا نحن بل هي من إنجاز هؤلاء المستبدين المفروضين علينا . هي من إنجاز ابن علي ومبارك والقذافي وبشار الأسد وأبيه من قبله . هذه هي حقيقتهم وحصيلتهم.

 

ثم قلت : وهل لديك خلفية ما عن وضع وطننا سورية في إحصاءات المنظمات الإنسانية والتنموية العالمية ، قال إحاطتي بذلك تامة . قلت وهل تمتلك الأرقام المساعدة عن قدرات هذا الوطن الذاتية وعن الوضع الذي كان بالإمكان إنجازه لو وجدت هذه القدرات حسن إدارة وأمانة في الأداء قال أعرف أشياء وأحتاج إلى أخرى .

 

قلت له كانوا في الصف الخامس الابتدائي يعلموننا في دروس الحساب أمثلة عن الحوض والصنبور – هكذا كانوا يسمونه – والمصرف . ودائما كان السؤال : في كم من الزمن يمتلئ الحوض ؟ وكان المعلمون يسألوننا شفهيا : متى لا يمتلئ الحوض أبدا ؟! فنجيبهم تلقائيا وجماعيا ... فيهزون رؤوسهم ويبتسمون ، ولم نكن ندري سر ابتسامتهم ، سألته هل تعلمتم مثل هذا الحساب في المدرسة اليابانية ؟! فهز رأسه وابتسم وكانت البسمة هي الجواب.

 

ثم قلت لصديقي لتعلم أيها الصديق العزيز أن شعبنا لا يقل عظمة عن شعبكم . وقد انطلقنا معا في مضمار . وما زلت أذكر من حديث المجالس في المرحلة التي تبرعم فيها وعيي في الخمسينات ، رجالا كبارا يتحدثون عن سورية التي يجب أن تكون في حلمهم ( يابان الشرق ) .

 

أنتم خرجتم من الحرب العالمية الثانية وجرح (هيروشيما ) و ( وناغازاكي ) ما زال طريا ؛ ولكنكم صممتم أن تنجحوا ووجدتم من قيادتكم السياسية اليد الأمينة التي تساندكم وتحفظ عليكم طريق النجاح . ونحن خرجنا من عهد الاستعمار ننفض عن جناحينا غبار التعب . ونترسم الطريق الذي سلكتموه بنفس الإصرار . كان الكبار في مجتمعنا يتتبعون قصص الإصرار على النجاح يقودها امبراطوركم الذي أخذ على عاتقه القبول بوقف إطلاق النار ليس ليستسلم وإنما ليفتح لشعبه الطريق إلى المجد بالجد والعمل والمثابرة والإيثار ..

 

ومنذ الخطوات الأولى على طريق البدايات الناجحة لشعب تؤهله خلفيته الحضارية ليبدع ويتقدم مثلكم تماما ، ويؤهله موقعه القومي ليكون الرائد الذي يحتذى ؛ اختُطف شعبنا ومشروعه وحلمه على يد حفنة من الضباط المغامرين لينتهى بنا الأمر في شباك ( الأسدين ) من الأب إلى الابن ، هؤلاء الذين قادونا إلى كل ما تحفظه عنا من أرقام مخزية تطفح بها المتابعات واستطلاعات الرأي والإحصاءات الإنسانية والتنموية حتى غدونا مضرب المثل في السوء في كل شيء ..

 

إذا قلت لك لقد ثار شعبنا لأنه كان يريد أن يكون مثل شعبكم العظيم في تحديه وفي إنجازه ربما تدخلك الدهشة ؛ ولكنها الحقيقة التي ظلت حاضرة في ضمير هذا الشعب لعقود. هذه الثورة السورية الرابعة أو الخامسة حسب اعتبارك للرقم ، الشعب يثور لأنه يريد الخلاص من التيه الذي دوخه آل الأسد فيه في حرب الرايات والشعارات . ليعود إلى نقطة البداية بعد نصف قرن من الضياع . وأرجو أن تنقل تحيات الشعب السوري إلى الشعب الياباني الصديق وقل لهم إننا وإياهم والمجد على موعد .

____________

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

              

الاثنين 2/4/2012م

---------------------

الرؤية المنشورة تعبر عن رأي كاتبها


 

تعليقات القراء

   

قول على قول : ألفت الرد أو التعليق على ما يكتبه الأستاذ العزيز زهير سالم . و إنني أجد في جعبتي  قصة مهمة جدا  تجاري ما كتبه الأستاذ سالم  في مقال اليوم  لما بها من مغاز عميقة تهم المجتمع السوري و ما يعانيه من ظلم حاكم طاغ  ونظامه  الأقرب لنظام عصابة مجرمة إستولت على بلد و سيطرت على مقاليد القوى به خدمة لمصالحها .بدأت قصتي في شهر حزيران عام 1986 في مدينة الدار البيضاء التي أقيم بها  عندما تقدمت للقنصلية السويسرية طالبا الحصول على تأشيرة لزيارة جنيف للقاء السيد كمال مرجان التونسي  من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين  , و كنت حينها أعمل في التدريس بجامعة الحسن الثاني بكلية الحقوق و أحمل جواز سفر لاجىء سياسي منحته لي مشكورة السلطات المغربية. قدمت الأوراق اللازمة للسكرتيرة التي مالبثت أن قالت لي بأن القنصل يريد مقابلتي قبل منحي التأشيرة . السيد القنصل كان في آخر أيام عمله الدبلوماسي الطويل , قضى أربع  سنوات منها بدمشق قبل إرساله للمغرب . بادرني القنصل بمعلومات عن نفسه و خلفيته المهنية و قال لي  أنه عاش في سورية أفضل سنوات عمره ثم مال إلى الأسئلة المهمة التي أراد أن يسمع جوابها مني.  قال لي لماذا تحمل هذا الجواز و إلى أي الأطياف السياسية تنتمي ..؟ قلت له أنا من  أنصار  صندوق الإنتخابات الذي يفتح المجال للجميع  ليشاركوا مشاركة حرة في الحياة السياسية و ينتخبوا الحزب الذي يرون أنه الأنسب لإدارة البلد من دون ضغوط أو إحتكار للسلطة و تتحترم إرادة المواطنين و كرامتهم  و أن تكون الديمقراطية هي عنوان النظام السياسي بأحزاب متعددة .نظر القنصل إلي نظرة  ساخرة قائلا  ّ يعني تريد أن تكون مثلنا  ..." . قلت نعم  و لماذا لا ...قال لي يا بني  نحن دخلنا في حروب أهلية دامت أربعة قرون , مات فيها كثير من الناس و دمرت مدن  إلى أن وصلت القوى المتصارعة  إلى قناعة بأن الحرب و الصراع و العنف لن يؤدي لنصر حاسم لأي فئة , حينها قرر الجميع وضع حد للحرب و تم الوصول إلى نظام يتعايش فيه الجميع و لا يقصي أي  فئة . قلت هذا ما نريد الوصول إليه في سورية حيث نحترم حقوق كل الطوائف و القوميات و يشارك الجميع في بناء وطن تعددي . سألني و كيف ستصل إلى هذا الهدف و أنت بعيد عن الساحة السورية بآلآف  الأميال ...؟ عليك أنت و أمثالك أن تذهبوا إلى سورية و تعملوا من هناك على تحقيق أهدافكم . قلت له أنت تعرف جيدا مصير من يفتح فمه و يطرح مثل هذه الشعارات . قال أعرف جيدا مصيره , السجن في أحسن الأحوال إن لم يكن الإعدام . قلت للقنصل أو في ذلك حكمة بأن أذهب للموت أو السجن  على قدمي ...؟ قال نعم  , هذه هي الحكمة  بعينها و إلا لن ترى ما تريده من أهداف  و ستبقى سورية تحت حكم الأسد و حزب البعث  و ستعيش في المنفى لسنوات طويلة .

صدق القنصل السويسري  في رؤيته حول مستقبل النظام السياسي  و أثبتت الأيام أن الصراع مع نظام دكتاتوري يجب أن يكون من الداخل . لقد تحرك الثوار  في كل مدن سورية في إنتفاضة شعبية يقدمون أرواحهم الزكية في سبيل الحرية و الكرامة و الهدف الأول هو  إسقاط الظلم و  الجور و الإستبداد ثم يتم بعد ذلك بناء الوطن على أسس جديدة تحترم الجميع  و تمنع إحتكار السلطة . لن يكون الصراع مع النظام الدكتاتوري لأربع  قرون كما حدث في سويسرا , ثوارنا سوف يحسمون الصراع بوقت أقصر إن شاء الله . لا مستقبل للظلم و الإستبداد في عالمنا  . لقد قاربت أيام هذا النظام  على الإنتهاء و سوف تنتصر إرادة الشعب بعون الله و ستطوى صفحة آل الأسد إلى الأبد . و مع أعطر التحيات للأستاذ زهير سالم  الذي عنون مقاله أنهم قادونا  في التيه لخمسة عقود , فإن  شعبنا قرر منذ سنة  إستعادة المبادرة و أن يسترد ما فقده لتمضي سورية و شعبها  السير على الطريق  الصحيح . .

عبدالباسط البيك 

=================

نعم أخي المسلم هكذا يجب أن يكون الرد وهكذا يلخص الجواب، ولقد دمعت عيناي من قولك آخراً: وأرجو أن تنقل تحيات الشعب السوري إلى الشعب الياباني الصديق وقل لهم إننا وإياهم والمجد على موعد. وهو يوافق قول إقبال:

قولوا لسماء الكون لقد

طاولنا النجم برفعتنا

وأذان المسلم كان له

في الأرض صدى من همتنا

hameed

=================

أستاذ زهير

جزاك الله خيرا أوجزت و بلغت

عندما زار مهاتير محمد سوريا في أول حياته السياسية قال : سأجعل من ماليزيا كسوريا

و لكن الضباط المغامرين عكسوا الآية و جعلونا نحلم أن نعيش في بنغلادش

د.هشام الشامي


 

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ