ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مجالات
التعاون العسكري بين مصر
وأمريكا محمد
عبد الله يونس تتسم
العلاقات العسكرية بين
الولايات المتحدة ومصر بخصوصية
واضحة ترتبط بالموقع
الجيواستراتيجي المصري الذي
يربط ما بين مكانة القاهرة
المركزية في المنطقة العربية
وانتمائها لمنظومات متعددة
للأمن الإقليمي في منطقة الشرق
الأوسط وجنوب المتوسط وشمال
أفريقيا وذات الأهمية الحيوية
للمصالح الأمريكية لاسيما ما
يتصل منها بأمن الطاقة وتأمين
منابع النفط في منطقة الخليج
العربي ومحاربة الإرهاب في
منطقة الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا والحفاظ على أمن
إسرائيل ومكافحة القرصنة في
جنوب البحر الأحمر ومضيق عدن،
بما يفسر اهتمام الإدارات
الأمريكية المتعاقبة بارتقاء
بعلاقات التعاون العسكري مع
القاهرة لاسيما بعد توقيع
الرئيس المصري الراحل محمد أنور
السادات اتفاقية السلام مع
إسرائيل في عام 1979 . وفي هذا
الصدد يمكن القول إن توقيت
زيارة الرئيس مبارك لواشنطن
يتوافق مع عدة تطورات جعلت
قضايا التعاون الأمني والدفاعي
بين القاهرة وواشنطن مطروحة
بقوة كملف رئيسٍ للمباحثات بين
الرئيسين مبارك وأوباما لاسيما
مع تصاعد مخاوف واشنطن من تغير
توازن القوى في منطقة الشرق
الأوسط لصالح إيران بما ينعكس
سلبًا على أمن إسرائيل وأمن
الطاقة في منطقة الخليج العربي
وتداعيات استمرار البرنامج
النووي الإيراني على الاستقرار
في منطقة الشرق الأوسط ناهيك عن
محاولة واشنطن لإعادة نشر
قواتها العسكرية المتواجدة في
العراق تمهيدًا لوضع دائم تشغل
فيه القوات الأمريكية قواعد
عسكرية دائمة في العراق وتولي
الجيش العراقي المسئولية
الأمنية بصورة كاملة . المساعدات
العسكرية وتفعيل الشراكة
الاستراتيجية يعتبر
التعاون العسكري بين الولايات
المتحدة ومصر أحد أركان التحالف
الاستراتيجي بين الطرفين الذي
توثقت أواصرهُ مع رعاية واشنطن
لمحادثات السلام بين القاهرة
وتل أبيب بعد حرب أكتوبر عام 1973
والتي توجت بتوقيع معاهدة
السلام المصرية الإسرائيلية في
عام 1979، ومنذ ذلك الحين حرصت
الولايات المتحدة على الارتقاء
بالتعاون العسكري مع مصر. وهو ما
يستدل عليه بتقديم واشنطن
لمساعدات عسكرية للقاهرة في
الفترة من عام 1948 إلى عام 2008
تقدر إجمالاً بحوالي 36.6 مليار
دولار. ويصل معدل المعونات
العسكرية الأمريكية لمصر إلى 1.3
مليار دولار سنويًّا منذ عام 1998،
يتم إنفاقها على شراء أسلحة
ومعدات أمريكية وتطوير بعض
منظومات التسلح الروسية
القديمة وبرامج التدريب
العسكري وصيانة الأسلحة
والمعدات وفق ما أكده تقرير
هيئة أبحاث الكونجرسCongressional
Research Service في
مايو 2009 . وتمثل
مصر بالنسبة لشركات السلاح
الأمريكية دولة متوسطة الإنفاق
العسكري وفق تقرير التسلح ونزع
السلاح والأمن الدولي 2009 SIPRI Yearbook 2009: Armaments, Disarmament and
International Security
الصادر عن معهد استكهولم لأبحاث
السلام Stockholm
International Peace Research Institute
الذي قدر الإنفاق العسكري
المصري بحوالي 3.4 مليار دولار
وتحتل المركز التاسع في قائمة
أكثر الدول استيرادًا لمنظومات
التسلح على مستوى العالم في
الفترة بين عامي 2004 و2009 إذ
تستحوذ على نسبة 3% من واردات
الأسلحة على المستوى العالمي،
بما يعني أن دفع القاهرة لزيادة
مشترياتها من السلاح الأمريكي
يعد أحد مصالح الشركات سالفة
الذكر للحفاظ على صدارة واشنطن
للدول المصدرة للسلاح على مستوى
العالم . بيد أن
القاهرة قد آثرت في الفترة
الأخيرة تنويع مصادر السلاح
بعدما كانت الدولة الثانية
الأكثر استيرادًا للسلاح
الأمريكي بعد تايوان في الفترة
بين عامي 1999 و2003 بنسبة 8% من
إجمالي صفقات التسلح الأمريكية
على المستوى العالمي لتحتل هذه
المكانة إسرائيل في الفترة بين
عامي 2004 و2009 بنسبة 13% تليها
الإمارات العربية المتحدة
بنسبة 11% من صفقات التسلح
الأمريكية على الرغم من استمرار
مصر كثالث أكبر دولة مستوردة
للسلاح في منطقة الشرق الأوسط
خلال الفترة سالفة الذكر بنسبة
14% من صفقات التسلح الواردة
للمنطقة وتسبقها إسرائيل بنسبة
22% والإمارات العربية المتحدة
بنسبة 34% . مجالات
متعددة للتعاون العسكري وعلى
مستوى صناعة السلاح محليًّا فإن
التعاون التقني بين القاهرة
وواشنطن وثيق للغاية وترتبط
الدولتان باتفاقات ومذكرات
تفاهم تمكنت مصر من خلالها من
تصنيع حوالي 700 دبابة قتال رئيسة
من طراز M1A1-ABrams
إبرامز " بحيث يكون المكون
الأمريكي في عملية التصنيع
حوالي 60%، كما تقوم مصر محليًّا
بصيانة وتطوير الدبابات
الأمريكية من طراز M60-A3 وM60-A ، فضلاً عن تشارك الدولتين في برنامج
لإعادة تأهيل الدبابات الروسية T-62 التي
تملكها مصر وبرامج التطوير
المشتركة للطائرات المصرية
المقاتلة من طراز F-16 كما
يمثل تبادل الخبرات القتالية
والتدريب المشترك أحد أهم ثوابت
العلاقات الدفاعية بين الطرفين
المصري والأمريكي ومنذ عام 1980
تجري الدولتان مناورات مشتركة
بصورة دورية تحت مسمى "
مناورات النجم الساطع " Bright Star بمشاركة عدد كبير من الدول الأوروبية
الأعضاء في حلف الناتو ولم يتم
إرجاء تلك المناورات سوى
ابتداءً من عام 2003 مع إصرار
إدارة الرئيس الأمريكي السابق
جورج بوش على غزو العراق إلا أن
تلك المناورات تم استئنافها
وبصورة أوسع نطاقًا في عامي 2005 و2007،
كما أجرت الدولتان في عام 2008
مناورات بحرية مشتركة تحت مسمى
مناورات " مناورات تحية النسر
" Eagle
Salute شملت التدريب على عمليات
الاستطلاع والبحث وإنقاذ السفن
وتدمير الأهداف السطحية
والجوية ومكافحة الغواصات
المعادية في إطار سعي الدولتين
للتصدي لعمليات القرصنة
البحرية وتأمين المضايق
البحرية الجيواستراتيجية . خلافات
لا تعرقل مسار التعاون أشار
الباحث الأمريكي المتخصص في
الشئون العسكرية ماثيو
الكسلرود Matthew
Axelrod في مقال حول العلاقات الدفاعية
بين القاهرة وواشنطن في مجلة
ورلد بوليتكس ريفيو world
Politics Review في عددها الصادر في يونيو 2009
إلى أن مصر قد قدمت للولايات
المتحدة تسهيلات عسكرية متعددة
في الفترة بين عامي 2001 و2005
لاسيما السماح لحوالي 35 ألف
انطلاقة طيران أمريكية بعبور
مجالها الجوي وحوالي 850 شحنة
بحرية للمرور عبر قناة السويس
إلا أن القاهرة لم توافق إلى
الآن على التوقيع على اتفاقية
الاتصال والعمليات المشتركة
والأمن Communications,
Interoperability and Security Memorandum of Agreement
(CISMOA) التي تمنح للولايات المتحدة
تسهيلات أوسع نطاقًا في عبور
القوات والإفادة من الموانئ
المصرية على غرار توقيع دول
مجلس التعاون الخليجي على تلك
الاتفاقية وهو ما يرفضه
المسئولون العسكريون المصريون
باعتباره اختراقًا للسيادة
المصرية وفي هذا الإطار يربط
الكاتب بين رفض مصر توقيع تلك
الاتفاقية وبين غياب التوافق
بينها وبين واشنطن حول إرسال
قوات مصرية للمشاركة في عمليات
تأمين الملاحة البحرية في مضيق
عدن ومكافحة القرصنة . وفي ذات
السياق أعلن الرئيس مبارك في
أكثر من مناسبة عن رفض مصر
لإقامة قواعد عسكرية للقوات
الأمريكية على أراضيها باعتبار
ذلك يمس بالأمن القومي والسيادة
المصرية، خاصة بعدما أبدت
القيادة المركزية الأمريكية American Central Command رغبتها في استخدام القواعد الجوية
المصرية في نجع حمادي وغرب
القاهرة والقاعدة الجوية
البحرية المصرية في رأس بناس
والتي سمح للولايات المتحدة
باستخدامها أثناء أزمة اختطاف
الدبلوماسيين الأمريكيين في
طهران عام 1980، كما تنتقد
الولايات المتحدة رفض القيادات
العسكرية المصرية مشاركة
إسرائيل في مناورات النجم
الساطع وتكتم القاهرة فيما
يتعلق بالتدريبات العسكرية
التي تجريها قواتها بما يثير
مخاوف القيادات العسكرية
الإسرائيلية . بينما
تنتقد القيادات العسكرية
المصرية انتقائية الولايات
المتحدة فيما يتعلق بواردات
التسلح التي تسمح للقاهرة
بالحصول عليها، حيث لم تستجب
الولايات المتحدة لطلب مصر
باستيراد صواريخ من طراز TOW
2B وقذائف
التوجيه JDAM على
الرغم من سماحها لدول مجلس
التعاون الخليجي باستيرادها
لاسيما المملكة العربية
السعودية وهو ما يرجع من وفق
رؤية الجانب المصري لحرص
الولايات المتحدة على الحفاظ
على تفوق إسرائيل عسكريًّا بما
جعل واردات مصر من السلاح
الأمريكي تتراجع ابتداءً من عام
2004 كما سلفت الإشارة . وبدت
الخلافات بين الجانبين المصري
والأمريكي أكثر وضوحًا ابتداءً
من عام 2001 مع تنديد مصر بالغزو
الأمريكي للعراق وتبني
الولايات المتحدة لمشروعات
إقليمية للإصلاح في المنطقة
العربية ولاسيما بعد قيام
الكونجرس بتجميد 100 مليون دولار
من المساعدات الأمريكية
المخصصة لمصر في ديسمبر 2007
وربطها بالقضاء على تهريب
الأسلحة عبر الحدود المصرية إلى
قطاع غزة . هل
يوافق مبارك على المظلة
الدفاعية الأمريكية؟ من
المتوقع أن تسعى إدارة الرئيس
أوباما لتعزيز التعاون العسكري
بين واشنطن والقاهرة لاسيما في
ظل التقارب في تقييم الأوضاع
الإقليمية والتهديد الإيراني
لتوازن القوى الإقليمي
ورغبتهما المشتركة في دفع عملية
السلام بين الطرفين الإسرائيلي
والفلسطيني قدمًا ومن هذا
المنطلق جاء إعلان بعض القيادات
العسكرية والسياسية في
الولايات المتحدة عن مشروع
لإعادة تشكيل منظومة الأمن
الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط
. حيث
يتضمن المشروع الأمريكي وفق
تصريحات وزيرة الخارجية
الأمريكية هيلاري كلينتون التي
نقلتها صحيفة النيويورك تايمز New York Times
في 22 من يوليو 2009 أن تقوم
الولايات المتحدة بمد مظلة
دفاعية من منابع النفط في منطقة
بحر قزوين الجيواستراتيجية إلى
مضيق عدن والمحيط الهندي تستهدف
في المقام الأول احتواء إيران
إقليميًّا وتأمين تدفق النفط
عبر المضايق والممرات البحرية
الحيوية والتصدي لإيران في حال
امتلاكها لأسلحة نووية
مستقبلاً وتراوحت
توقعات المحللين السياسيين حول
المشروع ما بين السماح لدول
مجلس التعاون الخليجي ومصر
والأردن بالحصول على طائرات
الإنذار المبكر الأمريكية من
طراز Awacs ونشر بطاريات باتريوت باك-3( Patriot
PAC-3 ) في عدة دول عربية وإنشاء
قواعد محدودة للاتصالات وتبادل
المعلومات، ألا أن الهدف
الأساسي على ما يبدو هو إدماج
إسرائيل في محيطها العربي
وتجاوز مرحلة العداء بين
الطرفين لمواجهة التهديد
الإيراني . وسيطرح
الرئيس أوباما على مبارك تدشين
علاقات للتعاون العسكري مع
إسرائيل وتجاوز مرحلة الجمود في
علاقاتهما لاسيما للتصدي
لعمليات تهريب الأسلحة عبر
الأنفاق التي تربط بين شبه
جزيرة سيناء وقطاع غزة، وهو ما
يرتبط بدعوة الرئيس أوباما
لتطبيع العلاقات بين إسرائيل
والدول العربية . وفي
المقابل فإن الرد المصري على
هذا العرض جاء من خلال تصريحات
أدلى بها وزير الخارجية المصري
أحمد أبو الغيط في 3 من أغسطس
الجاري والتي أكدت على أن مصر لن
تشارك فى المظلة الدفاعية
الأمريكية، وأن هذا المشروع ليس
جديدًا ويتشابه مع مشروعات أخرى
طرحتها الإدارات الأمريكية
السابقة للأمن الإقليمي في
المنطقة . ولكن يظل المشروع
قائمًا على أجندة مباحثات
الرئيسين المصري والأمريكي
للوصول لمقاربة تربط بين انسحاب
إسرائيلي من الأراضي
الفلسطينية بتطبيع العلاقات
بين الدول العربية وإسرائيل
وانخراط كافة الأطراف في المظلة
الدفاعية الأمريكية في مواجهة
إيران ــــــــ تقرير
واشنطن ـ العدد 223، 15/8/2009 ----------------------- التقارير
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |