ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 19/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تراجع دعم أمريكا للديمقراطية في مصر عام 2010

عمرو عبد العاطي

في مايو الماضي قدم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ميزانيته للعام المالي 2010، التي تعكف على مناقشتها لجنة الاعتمادات بمجلسي الكونجرس الأمريكي. وتتمثل أهمية تلك الميزانية في كشفها عن أولويات الإدارة الأمريكية التي أعلنت عن التزاماتها الدولية في أكثر من محفل دولي خلال زيارة الرئيس ووزيرة خارجيته. وتكشف الموازنة عن اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة بقضايا الديمقراطية والحكم وحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال أفريقيا (Broader Middle East and North Africa (BMENA، فقد طالبت الإدارة بزيادة الدعم لتلك القضايا، وبجانب الشراكة مع منظمات المجتمع المدني المحلية، ستعمل واشنطن على تدعيم مبادرات القانون والحكم.

وعن الدعم الأمريكي الذي طلبه الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتعزيز الديمقراطية في مصر في ميزانية العام المالي 2010 أشار تقرير أعده ستيفن ماك انيرني Stephen McInerney مدير برنامج الديمقراطية في الشرق الأوسط Project on Middle East Democracy (POMED) في تقرير صادر عن البرنامج تحت عنوان تقرير "الميزانية الفيدرالية والاعتمادات للسنة المالية 2010، الديمقراطية والحكومة وحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط The Federal Budget and Appropriations for Fiscal Year 2010 democracy, governance, and human rights in the Middle East" إن قضية الديمقراطية والحكم في مصر لم تعد أولوية في العلاقات الأمريكية ـ المصرية.

 

الهدف من الدعم الأمريكي

يرصد التقرير أنه على الرغم من خفض الدعم الأمريكي للديمقراطية في مصر إلا أن هذا لا ينفي القلق الأمريكي الصريح بشأن قضيتي الإصلاح وحقوق المصريين. ويذهب التقرير إلى أن الإدارة الجديدة ستعمل على استكمال ما ركزت عليه الإدارة السابقة. وستعمل على تدعيم الحريات المدنية، وإدخال الشفافية والمحاسبية في المؤسسات الحكومية، وتعزيز المؤسسات الحكومية.

وستعمل الحكومة الأمريكية مع نظيرتها المصرية على تشجيع جهود الأخيرة في مجالي الإصلاح السياسي والاقتصادي التي التزام بها الرئيس المصري في برنامجه الانتخابي في الانتخابات الرئاسية عام 2005، والتي اتسم التحرك المصري فيهما ببطء شديد ـ حسبما رصد التقريرـ. ويذهب التقرير أن من شأن المساعدات الأمريكية دفع الجهود المصرية "البطيئة" في تلك القضيتين قدمًا وسريعًا. بالإضافة إلى تدعيم الدور المصري الداعم للجهود الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط ومحاربة الإرهاب.

ويُشير التقرير إلى أن هناك هاجسًا أمريكيًّا لأن عددًا من المنظمات غير الحكومية التي تحصل على دعم من الولايات المتحدة تربطها علاقات بالنظام السياسي المصري والحزب الوطني الحاكم، وعادة ما يطلق عليها المنظمات الحكومية- المنظمات غير الحكومية GONGOs، وتلك المنظمات تعمل على الحفاظ على الوضع الراهن، وتدعيم التوجه الحكومي. وهو ما يرتبط بقضية أكثر حساسية وهي أن النظام السياسي المصري هو من يحدد المنظمات التي تحصل على دعم من الحكومة الأمريكية. فقبل عام 2004 كانت الحكومة المصرية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحدد كيف يتم تقسيم وتوزيع المخصصات المالية الأمريكية للديمقراطية والحكم.

 

انخفاض الدعم للمؤسسات غير الحكومية

تتبنى الميزانية المقترحة نهج تخفيض المساعدات الاقتصادية في ميزانية العام المالي 2009، ففي ميزانية هذا العام تم تخفيض المساعدات الاقتصادية إلى أقل من 415 مليون دولار مُنحت لمصر حسب ميزانية العام المالي 2008. وصاحبَ هذا الانخفاض انخفاضٌ في التمويل الأمريكي للديمقراطية والحكم الرشيد في ميزانية العام المالي 2009 من 54.8 مليون دولار في العام المالي 2008 إلى 20 مليون دولار في العام المالي 2009. وهذا الانخفاض في الأموال المخصصة لتعزيز الديمقراطية أثار ردودًا سلبية داخل منظمات تدعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل القاهرة وواشنطن لأنها المرة الأولى في تاريخ الكونجرس الذي يخفض الدعم المخصص للديمقراطية. وهذا الانخفاض قلل من المخصصات المالية التي يمكن إنفاقها على الديمقراطية والحكم الرشيد، وانعكس هذا الانخفاض على الأموال المخصصة لمؤسسات المجتمع المدني، والتي كانت تقدر بــ 31.75 مليون دولار في ميزانية العام المالي 2008 ولكنها انخفضت في ميزانية العام الماضي إلى 7.3 مليون دولار وتصل في ميزانية العام المالي القادم إلى 7 مليون دولار.

ولما كان توزيع المعونات الأمريكية على منظمات المجتمع المدني الساعي إلى تعزيز الديمقراطية يتم بموافقة الحكومة المصرية، قدم الجمهوري من ولاية كانساس سام براونباك Sam Brownback تعديلاً وافق عليه الكونجرس في ديسمبر عام 2004 ينص على أن الحكومة الأمريكية لها السلطة في توزيع المخصصات المالية للديمقراطية مباشرة على مؤسسات مستقلة بقطع النظر عن عدم موافقة الحكومة المصرية. وكان هذا التعديل جزءًا من قانون المخصصات المالية للدول والعمليات الخارجية منذ عام 2005 إلى عام 2008، واختفاء هذا النص في ميزانية عام 2009 التي تمت الموافقة عليه في شهر مارس أثارت قلق دعاة الديمقراطية في مصر. بيدَ أن هذا النص موجود ولكنه تحت قسم "سُلطات خاصة" تحمل صورة عالمية أكثر من قصرها على القاهرة، مشيرًا في صيغة عام 2009 إلى عدم خضوعها لموافقة أي بلد أجنبي.

وهذا وقد طلبت الحكومة المصرية من نظيرتها الأمريكية عدم تقديم الدعم إلى المنظمات غير المسجلة من قبل الحكومة المصرية على أنها منظمات غير حكومية، منها منظمات محلية ودولية غير مسجلة من قبل الحكومة المصرية على أنها منظمات غير حكومية مثل بيت الحرية Freedom House والمعهد الجمهوري الدولي international republic institute والمعهد الديمقراطي القومي للشئون الدولية national democratic institute for international affairs. ويرصد التقرير أنه خلال السنوات الأخيرة قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من 10 مليون دولار إلى منظمات غير مسجلة، وهو ما أثار حفيظة الحكومة المصرية، فقد رأى البرلمان المصري الذي سيطر عليه الحزب الحاكم أن هذا يعد تدخلاً في الشئون الداخلية المصرية. وبتخفيض الدعم الأمريكي لتعزيز الديمقراطية في مصر من 31 مليون دولار إلى 7 مليون دولار، اختفت كليةً العشرة ملايين دولار التي كانت تقدمها الحكومة الأمريكية إلى المنظمات غير المسجلة.

وأثار تخفيض الدعم الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان هواجس كثيرة من دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل القاهرة وواشنطن على حد سواء ليس لآثارها السلبية على إمكان تحقيق إصلاح حقيقي أو المشاركة المدنية، ولكن لتراجع قضيتي الديمقراطية وحقوق الإنسان من أجندة العلاقات الأمريكية ـ المصرية. ويبرر عدد من أعضاء الكونجرس والإدارة الأمريكية أن هذا راجعٌ إلى أن المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المصرية غير قادرة على تخصيص الأموال المقدمة في المجالات المخصصة لها، بل يذهب إلى المنظمات غير المصرية مثل وكالة التنمية الدولية الأمريكية والسفارة الأمريكية في القاهرة تفتقد إلى الحس والقدرة على إدارة البرامج التمويلية الأمريكية حسب الهدف منها. وهو الأمر الذي دفع عديدًا من قيادات المجتمع المدني إلى القول إن الهدف من هذا التخفيض إرضاء النظام السياسي المصري.

ويشير كاتب التقرير إلى أن جزءًا من الدعم الأمريكي إلى منظمات المجتمع المدني غير المسجلة سيتم من خلال عدد من المؤسسات والبرامج مثل مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسطMiddle East Partnership Initiative(MEPI) ، ومكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل Bureau of Democracy, Human Rights, and Labor (DRL) والتي ستوزع كل منهما 1.

3 مليار دولار على المنظمات غير المسجلة. وما تنفقه المؤسستان (2.6 مليار دولار) ينخفض بنسبة 74% عمَّا كانت تقدمة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية خلال السنوات الماضية. وهذا هو حل مؤقت لتقديم الدعم إلى تلك المنظمات غير المسجلة، ويقول عددٌ من المسئولين الأمريكيين أن لدى الإدارة رغبة في صياغة استراتيجية طويلة المدى لدعم المنظمات غير المسجلة. ومن غير الواضح مستويات الدعم إلى تلك المنظمات خلال العام المالي القادم 2010 أو ما بعده.

ومشكلة أخرى فيما يخص المساعدات الأمريكية هو إذا ما كان المعونات مشروطة باتخاذ إجراءات وخطوات إصلاحية، فقد وافق الكونجرس الأمريكي على مشروع قانون (PL110 - 361) بتجميد 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر التي تصل إلى 1.3 مليار دولار؛ إلى أن تستجيب مصر لثلاثة طلبات أساسية هي، أولاً: إغلاق الأنفاق على الحدود المصرية ـ الإسرائيلية والتي يتم من خلالها تهريب الأسلحة إلى غزة وإسرائيل. ثانيًا: إعادة تأهيل وتدريب الشرطة المصرية للتعامل مع مسائل حقوق الإنسان. ثالثًا: الفصل بين ميزانية وزارة العدل والقضاء المصري. وإن القانون يمنح وزيرة الخارجية الأمريكية إجراءً احتياطيًّا في شكل "National Security waiver استثناء أمن قومي" إذا كانت الشروط غير مستوفاة ولكن المساعدات العسكرية في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، والذي يعني استمرار تدفق المساعدات العسكرية. وفي مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في مارس أعلنت وزيرة الخارجية السابقة "كونداليزا رايس" عن استخدامها الحق الممنوح لها. ويرى التقرير أن الكونجرس لن يتخلى عن مشروطية المساعدات العسكرية لمصر على الأقل في المدى القصير.

 

انخفاض الدعم للديمقراطية والحكم في ميزانية 2010

يرصد التقرير أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة "باراك أوباما" لا تسعى إلى رسم علاقة خطية ثابتة لموقع الديمقراطية ضمن قضايا العلاقات الأمريكية ـ المصرية. ويشير إلى أنه في الوقت الذي تزيد فيه المخصصات المالية الأمريكية للإدارة الجديدة لتدعيم الديمقراطية والحكم في دول كثيرة إلا أنها تقل بالنسبة لمصر. فخلال الفترة من 2003 إلى 2008 كانت القاهرة أكثر دولة عربية باستثناء العراق تلقيًّا للمعونات الأمريكية لتدعيم الديمقراطية والحكم. ولكن في الميزانية المقترحة للعام المالي 2010 فإن المخصصات المالية لبرنامج الديمقراطية والحكمGoverning Justly and Democratically أقل من تلك المخصصة للبنان والضفة الغربية وغزة، ولكنها تزيد بنسبة ضئيلة عن المخصصة للأردن. وهو الأمر الذي يدلل على تراجع أهمية قضيتي الديمقراطية والحكم الرشيد في العلاقات الأمريكية ـ المصرية، على الرغم من خطاب أوباما إلى العالم الإسلامي من القاهرة الذي أعلن دعمه للديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان خارجيًّا.

وحسب صيغتي مجلس النواب والشيوخ لقانون المساعدات الخارجية لعام 2010، تُقدر المساعدات العسكرية بـ1.3 مليار دولار، و250 مليون دولار مساعدات اقتصادية. وكل نسخة من مشروع القانون تتضمن تخصيص ما لا يقل عن 25 مليون دولار لبرامج الديمقراطية والحكم في مصر، والتي تزيد بخمسة ملايين دولار عن المبلغ الذي طلبته الإدارة. ويرى التقرير أنه عند هذه النقطة لا تتضمن أن نسخة من مشروعي القانون مشروطة على أي جزء من المعونة.

ولكن نسخة مجلس الشيوخ لموازنة العام المالي 2010 تخصص ما يقرب من 200 مليون دولار كهبات endowment من أجل تعزيز المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية القاهرة، ولكن المشروع يطلب من وزيرة الخارجية مناقشة لجنة الاعتمادات قبل الشروع فيها. وهذه الفكرة مطروحة بصورة غير رسمية منذ عدة سنوات، وكانت تلك الفكرة موجودة في مشروع مجلس الشيوخ للمساعدات الخارجية للعام المالي 2008 إلا أنه حذفت في الصورة النهائية لقانون المساعدات الخارجية. ومن المتوقع أنه لن تدرج تلك الفقرة في المشروع النهائي لقانون المساعدات الخارجية لعام 2010.

ـــــــــ

تقرير واشنطن ـ العدد 223، 15 اغسطس 2009

-----------------------

التقارير المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

   

    

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ