ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 08/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

دارفور ... الحقيقة الغائبة والإنسان الضائع

أمن الجوع وأمن الخوف ورهانات التدويل

عبد الله إبراهيم الطاهر* - دارفور

abdoaid73@gmail.com

لم تكن "حواء" تعطي انتباهاً للجلبة حولها من الإعلاميين الزائرين لمعسكر السلام بولاية شمال دارفور وهي تجمع حبوب القمح المختلط بالتراب في طرف ثوبها، وحينما تجمعنا حولها نسألها عن سبب ذلك أجابت دون أن تتوقف عما تقوم به "ما يعطوننا له لا يكفي أسبوع".

كانت تلك واحدة من العديد من النازحين في معسكر السلام بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غرب السودان، متجمعين لاستلام الإغاثة من المواد الغذائية التي توفرها بعض المنظمات.

يقول محمد عبد الله يونس مدير المعسكر "يضم هذا المعسكر 32 ألف نازح"، ومع ذلك فإن حواء، التي يبدو على محياها أنها في العقد السادس، تشكو من قلة ما يُصرف لهم من مواد غذائية، رغم أن إبراهيم خليل شيخ الدين مدير معسكر أبو شوك يُصِر على أن العديد من المنظمات الوطنية ووكالات الأمم المتحدة توفر المواد الغذائية ولا تقصير في هذا الجانب.

وفي سؤال من "النبأ" حول الكيفية التي بها توفير الاحتياجات الغذائية قال إبراهيم خليل إن هناك منظمات تعمل عبر وزارة الصحة الولائية وهذه المنظمات تقوم بالتمويل ووزارة الصحة تقوم بتوفير الكادر البشري والمعدات ويتعالج الناس مجاناً.

وحول إذا ما طرد المنظمات الأجنبية قد أثر اشار إلى أن الأمر لم يؤثر على الأوضاع مشيراً إلأى أن كل العاملين الموجودين في هذا المعسكر سواء كانوا معلمين فهم تابعين لوزارة التربية، كذلك فإن الكادر الصحي الموجود كلهم من وزارة الصحة، اضافة إلى المعنيين بتوفير المياه من وزارة التخطيط العمراني، لذلك هذه المنظمات التي تم ابعادها هي منظمات تسيير وليست منظمات داعمة.

تقول حواء "يعطونا نصف رطل سكر وزيت وملح وقمح لـ 8 أنفار وما يكفي لمدة شهر"، "نحن مظلومين".

جاءت حواء قبل خمس سنوات إلى معسكر السلام، وكي تفي باحتياجات أسرتها الغذائية فهي تضطر للعمل في مدينة الفاشر لسد النقص الحاصل، حيث تصل إلى مدينة الفاشر التي تبعد عن معسكر السلام حوالي 8 كيلو متر، إما مشياً على الأقدام أو عبر المواصلات إذا توفرت لها النقود التي توصلها إلى هناك، كي تعمل في خدمة البيوت.

رحلة الصيف

الرحلة إلى دارفور تستغرق بالطائرة ساعة وعشر دقائق من الخرطوم، كانت زيارة وفد الإعلاميين السودانيين العاملين في الخارج إلى مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور تشمل معسكري أبوشوك والسلام للوقوف على حقائق الأوضاع على الأرض.

على الرغم من تخوف البعض من الذهاب إلى دارفور جراء عدم استقرار الأوضاع هناك فإن معتمد محلية الفاشر قال إن الأوضاع مستقرة إلا من بعض المناطق التي تسيطر عليها حركة العدل والمساواة.

وقبل يومين من زيارتنا إلى مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور أعلنت حركة العدل والمساواة أن القوات الحكومية السودانية شنت غارات جوية على مواقعها في ولاية شمال دارفور في (بلدة) أمبرو" التي تقع على بعد 350 كيلومترا من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وعقب زيارتنا بيومين أكدت حركة العدل والمساواة أنهم سيطروا على منطقة كورنوي في شمال الاقليم غرب السودان بعد معارك مع القوات السودانية وخروج لواءين من الجيش السوداني.

حقائق على الأرض

يضم معسكر أبو شوك، الذي يبعد حوالي 6 كيلومترات شمال مدينة الفاشر، وهو من أكبر معسكرات ولاية شمال دارفور، حوالي 51 ألف نازح، وفدوا من مناطق كورما وطويلة كما يقول مديره إبراهيم خليل شيخ الدين. وتم إنشاء هذا المعسكر في 20 أبريل 2004م بقرار من والي ولاية شمال دارفور بعد اعتداء الحركات المسلحة على مناطق طويلة وكورمة وضواحيها ما أدى إلى نزوح عدد كبير جداً من المواطنين إلى مشتل الفاشر فأتخذ هذا القرار وأفتتح هذا المعسكر.

واضطر المسؤولون بعد أن ازداد عدد النازحين في معسكر أبو شوك وذلك من جراء تفاقم العمليات العسكرية الحاصلة بين المعارضة والحكومة إلى افتتاح معكسر السلام وذلك في 17 يونيو 2005م.

ويضم معسكر السلام 43 ألف نازح يمثلون العديد من القبائل في غرب السودان ومن مواقع مختلفة يتمازجون ويعيشون في نسيج اجتماعي مترابط كما يقول محمد عبد الله يونس مدير المعسكر.

بالإضافة إلى معسكري أبو شوك والسلام يوجد بولاية شمال دارفور أربعة معسكرات أخرى وهي معسكر حلوف وزمزم (حول الفاشر) الذي يضم حوالي 39 ألف نازح، ومعسكر كساب (حول كتم) ويضم 26 ألف نازح، ومعسكر فتا برنو (حول كتم) ويضم ثلاثة آلاف نازح.

طلب الحماية

تشير العديد من التقارير إلى أن الحرب في دارفور أدت إلى نزوح أكثر من 2,7 مليون شخص من ديارهم، وتتهم تقارير أخرى الحكومة السودانية قيامها بقتل العديد من المواطنين، ويعتبر محمد عبد الله يونس مدير معسكر السلام أن طلب الحماية من الدولة لا يتماشى مع مقولة أن الحكومة تقتل مواطنيها، معتمداً في ذلك على أن النازحين يفدون إلى المدن الكبرى على أساس طلب الحماية من الدولة، وأن كل المعسكرات تم إنشاءها حول المدن الكبيرة، مضيفاً "فإذا كانت الحكومة تقتل الناس فهل يفر الإنسان من العدو أم إلى العدو".

وفي سؤال حول أن أكبر أعداد الفارين يوجدون في معسكرات خارج السودان، يقول نصر الدين بقال سراج معتمد محلية الفاشر، "ما يفصل بين تشاد والسودان وادي وهو وادي هور وتبلغ المسافة حوالي 500 متر فقط تفصل ما بين أقرب مدينة تشادية وهذه المنطقة الحدودية أما المسافة ما بين الطينة والفاشر حوالي 700 كيلو"، معتبراً ذلك هو السبب الرئيسي وراء ذهاب بعض النازحين إلى تشاد.

أمن الجوع وأمن الخوف

حينما قالت "حواء" "نحن تعبانين جداً"، كانت بالفعل يبدو على ملامحها التعب، صحيح أن مدير معسكر السلام قال إن كافة الخدمات يتم توفيرها بشكل ثابت ودوري، إلا أن طوابير إنتظار المياه في كلا المعسكرين كانت تعطي مؤشراً واضحاً عن مدى شحها، ولم تختلف روايات النازحين في كلا المعسكرين من حيث الاحساس بالمعاناة وعدم توافر الأمن بالخارج.

يقول إبراهيم خليل مدير معسكر أبو شوك في سؤال حول عدم توفر الأمن خارج المعسكرات وعلى وجه الخصوص عدم مقدرة البعض توفير الحطب للوقود، "مشكلة الحطب مشكلة كبيرة جداً منذ إنشاء هذا المعسكر لا توجد غابات حول هذا المعسكر"، وأضاف أن الأمن مستقر، رغم الأخبار التي تحدثت عقب زيارتنا عن سيطرة حركة العدل والمساواة على منطقة كورنوي في شمال الإقليم (300 كلم غرب الفاشر).

وتحدثت بعض التقارير عن مشكلات غذائية وصحية ستنشأ في شهر يونيو في تلك المعسكرات، وقال خليل "لا توجد مشكلة لا في الوقت الراهن ولا في الأيام المقبلة"، مضيفاً "نحن جاهزين ... برنامج الغذاء العالمي هو الذي يقوم بأمر الغذاء بالتنسيق مع حكومة السودان وهي منظمة موجودة وتتقبع لوكالات الأمم المتحدة".

يُشار إلى أن عدد المنظمات العاملة في معسكر أبو شوك 11 منظمة منها ست منظمات أجنبية وخمس منظمات وطنية.

وعلى مستوى الأمن داخل المعسكرات فقد كانت العديد من التقارير تتحدث عن اغتصابات تحدث من وقت لآخر، إلا أن محمد عبد الله يونس مدير معسكر السلام نفى أن تكون هناك اغتصابات في هذه المعسكرات، وقال إن هناك نقاط إرتكاز من الجيش في أماكن متفرقة قرب المعسكرات، بالاضافة إلى وجود حوالي 38 من رجال الشرطة الحكومية.

العودة الطوعية

تشير الأرقام التي الرسمية عن أوضاع النازحين بولاية شمال دارفور إلى أنه نتيجة للتداعيات الأمنية السالبة التي انعكست جراء مشكلة دارفور فقد نزح عدد كبير من المواطنين من القرى بلغ عددهم 451 ألف نازحاً استقروا في خمسة معسكرات رئيسية وفي أحياء المدن الكبرى وبلغ عدد المتأثرين بالحرب 870 ألف نسمة.

يقول إبراهيم خليل شيخ الدين مدير معسكر أبو شوك إن النازحين لديهم رغبة عالية جداً للعودة إلى قراهم، ويحدوهم أمل كبير بنجاح المبادرة القطرية، وأن هناك العديد من النازحين عادوا عودة طوعية.

ويضيف "وضعت الحكومة خطة للراغبين للعودة طوعاً، أما الذين يريدون البقاء في المدينة فهناك خطة إسكانية وقرى نموذجية استرشادية للذين لا يريدون العودة إلى قراهم.

مدير معسكر السلام يقول إن عدد النازحين في المعسكر قبل برنامج العودة كان 48,219 نازحاً، ووصل عددهم بعد البرنامج إلى 43,119 نازحاً، ما يشير إلى أن أكثر من خمسة آلاف عادوا إلى قراهم عودة طوعية.

كذلك الحال في معسكر أبو شوك فقد كان عدد النازحين قبل برنامج العودة الطوعية 54,141 نازحاً، ووصل عددهم بعد البرنامج إلى 51,401 نازحاً، ما يشير إلى أن أكثر من أثنين ألف نازح عادوا عودة طوعية.

وفي سؤال حول الأسباب التي جعلت نصف النازحين يرجعون إلى قراهم لماذا لم تدعوا الآخرين للعودة؟، قال خليل إن المواقع تختلف من حيث التأمين ومن حيث الأمن هناك مواقع أستتبة فيها الأمن وتم السلام والاتفاق، وهناك مواقع لا تزال الحركات غير الموقعة موجودة فيها.

ـــــــــــــــ

* صحافي وكاتب سوداني، مساعد مدير تحرير صحيفة النبأ البحرينية

-----------------------

التقارير المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

    

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ