ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مسلمو
فرنسا يُعيدون الدِّين
للمجتمعات المعاصرة محمد
بدوي تبنَّى
المؤتمرُ السادس والعشرين
لمسلمي فرنسا والمعروف "بمؤتمر
البورجي"، والذي نظَّمَهُ
"اتحاد المنظمات الإسلامية
بفرنسا" شعارَ "الدين في
المجتمعات المعاصرة"، لطرح
القضايا التي تهُمُّ المسلمين
في الغرب؛ للنقاش والحوار من
أجل العودة إلى القِيَم
والمبادئ الدينية للمساهمة في
إنقاذ المجتمعات المعاصرة التي
غَرَقَتْ في أزمات اقتصادية
ومالية وقِيَمِيَّة واجتماعية. وشارك
في أعمال المؤتمر الذي استمرَّ
أربعة أيام عشراتُ العلماء
والمحاضرين والشخصيات العامة
والمثقفين من المسلمين وغير
المسلمين؛ لبحث عدة مواضيع منها
"المساهمة الإنسانية للحضارة
الإسلامية"، و"الدين في
مجتمعاتنا المعاصرة بين القِيم
المشتركة والخصوصيات"، و"دور
الأسرة في استقرار المجتمع"،
و"الإسلام والهُوية الوطنية"،
و"موقع الدين في الفضاء العام
الديمقراطي"، و"مقاربة
إسلامية للأزمة المالية". وفضلًا
عن المحاضرات ينظِّم المؤتمر ـ
الذي يُعَدُّ أكبرَ ملتقًى
للمسلمين في أوروبا ـ "مسابقاتٍ
في حفظ القرآن الكريم"، إضافة
إلى "مَعْرِض السُّنة
النبوية" و"حلقات نقاش"،
و"مساحة للعارضين"، و"موائدَ
مستديرة"، كما تَنْشَطُ به
عمليات جمْع التبرعات لبناء
المساجد الجديدة في الأحياء
التي ليس بها مساجد، ويقعُ
المؤتمر على مساحة عدَّة
هكتارات، تُقَسَّمُ بين قاعات
المؤتمرات وأجنحة الكتُب
والملابس والجمعيات الدينية
والخيرية. ويحرص
الحضور على المشاركة في الندوات
والمحاضرات، التي يُلْقِيهَا
عددٌ من دعاة وقادة الجاليات
المسلمة بأوروبا في قاعة
مؤتمرات قصر المعارض في
لوبورجيه في شمال العاصمة
الفرنسية باريس، وقد بَدَتْ
عليهم علامات السعادة بملاقاة
إخوانهم المسلمين. ومن بين
المحاضرين المشاركين هذا العام
الحاج التهامي بريز رئيس اتحاد
المنظمات الإسلامية بفرنسا،
ورئيس اتحاد المنظمات
الإسلامية بأوروبا شكيب بن
مخلوف، وعبد الله بن بيه نائب
رئيس اتحاد علماء المسلمين،
وعلي القرة داغي أستاذ الشريعة
بمعهد الشريعة في قطر، والطبيب
الداعية راغب السرجاني،
والداعية الكويتي الشيخ طارق
سويدان، والشيخ أحمد جاب الله
مدير المعهد الأوروبي للعلوم
الإنسانية بباريس، ورئيس دار
الفتوى في اتحاد المنظمات
الإسلامية بفرنسا الشيخ أونيس
قرقاح، والشيخ عصام البشير وزير
الأوقاف والشؤون الإسلامية
بالسودان سابقًا، والمفكر
السويسري من أصل مصري طارق
رمضان. العطاء
الإسلامي وكانت
المحاضرة الأبرزُ هي للداعية
الطبيب راغب السرجاني، الذي
تحدث فيها عن حجم العطاء
الإسلامي في الحضارة
الإنسانية، وتطرق فيها إلى مجال
واحد من المجالات التي تميَّزت
بها الحضارة الإسلامية، وهو "المجال
العلمي"، وقال: إن المنهج
الحضاري بدأ بكلمة "اقرأ"،
ثم تَلَتْهَا خمسُ آيات تتحدث
عن العلم. وكلمة "عَلِمَ"
بمشتقاتها وردت في القرآن
الكريم 779 مرة؛ الثانية بعد لفظ
الجلالة، لذلك فَقُهَ سلفُ
الأمة قيمةَ العلم، وأسهموا فيه
إسهامًا عظيمًا. وأوضح
الدكتور السرجاني، الذي ألَّف
العديد من الكتب والأبحاث في
التاريخ والفكر الإسلامي، أن من
أعظم إسهامات المسلمين جعْل "العلم"
قضية شعبية، بعد أن كان العلماء
والفلاسفة في الحضارات السابقة
منعزلين عن الناس، إلى أن جاء
الإسلام وصار العلم فريضةً على
كل مسلم. ولهذا وضع المسلمون
المكتبات العامّة التي كانت
مفتوحة لكل البشر. وأوّل مكتبة
كانت مكتبة بغداد؛ التي حَوَتْ
كتبًا في جميع المجالات، ولا
يمكن إحصاؤها. يكفي أن نذكر أن
التتار لمّا دخلوا بغداد
ألقَوْا كتبَها في دجلة لتكون
جسرًا يمر عليه الجيش. ومثلها
مكتبة دار العلم بالقاهرة،
ومكتبة قرطبة، ومكتبة طرابلس
التي أحرقها الصليبيون. فلم
توجد مدينة إلا و فيها مكتبة
عامّة. أمّا المكتبات الخاصّة
فنقل السرجاني قول ويل ديورانت
عن مكتبة الصاحب بن عبّاد(326-385هـ)
حين قال: "لقد كان الصاحب بن
عباد يمتلك ما يربو أو يزيد على
كل الكتب الموجودة في أوروبا
على زمانه". وفي
المجال الطبي، ذكر الدكتور
السرجاني، الحاصل على
الدكتوراه في جراحة المسالك
البولية والكلى، أن العالم لم
يكن يعرف المستشفيات قبل أن
يبني المسلمون أول مستشفى في
العالم على زمن الوليد بن عبد
الملك سنة 90 للهجرة، وقال: إن
أول مستشفى في أوروبا بني بعد 900
سنة منها. وأول اختراع للخيوط
الجراحية قام به الرازي من
أمعاء القطة (313هـ) والزهراوي
كان أول جرّاح مختص في العالم
كما كان أول من اخترع المناظير
الجراحية، بالإضافة إلى أكثر من
200 آلة جراحية (403هـ)، وكانت
مكتبة مستشفى ابن طولون تحوي
أكثر من 100 ألف كتاب في الطب. ثم تحدث
السرجاني، الأستاذ المساعد
بكلية الطب بالقاهرة، عن
إسهامات المسلمين العظيمة في
علوم الفلك، وعلم البصريات،
وعلم الكيمياء الذي قال: إنه
اختراع إسلامي من الأساس،
والجغرافيا، حيث أن أول خريطة
للعالم رسمها الإدريسي على كرة،
والجبر الذي اخترعه الخوارزمي،
وفن العمارة: عند بناء كنيسة
الساكري كور بمونمارتر في باريس
حاروا في بناء قبابها،
فاستعانوا بمهندسين عثمانيين.
وقنطرة قرطبة التي أسست منذ 1300
سنة وتعمل بكفاءة إلى الآن،
والصناعة، حيث كان المسلمون أول
من أدخل صناعة السكر وصناعة
النسيج والأصباغ ودبغ الجلود. وخلص
الدَّاعِيَةُ المصري إلى أن
الحضارة الإسلامية حضارة تجمع
بين علوم الشريعة وعلوم الحياة،
بين المادّة والرّوح، وذكر
شهادة الفرنسي جوستاف لوبون:
"وكلما أمْعَنَّا في دراسة
حضارة العرب والمسلمين
وكُتُبِهِم العلمية
واختراعاتهم وفنونهم، ظهرت لنا
حقائقُ جديدةٌ وآفاقٌ واسعة،
وَلَسُرْعَانَ ما رأيتَهم
أصحابَ الفضل في معرفة القرون
الوسطى لعلوم الأقدمين، وإنَّ
جامعات الغرب لم تعرف لها مدة
خمسة قرون موردًا علميًّا سوى
مؤلفاتهم، وإنهم هم الذين
مدّنُوا أوروبا مادةً وعقلاً
وأخلاقًا، وإن التاريخ لم يعرف
أمة أنتجت ما أنتجوه في وقت
قصير، وأنه لم يَفُقْهُم قومٌ
في الإبداع الفني...ولم يقتصر
فضل العرب والمسلمين في ميدان
الحضارة على أنفسهم؛ فقد كان
لهم الأثرُ البالغ في الشرق
والغرب، فهُما مَدِينَان لهم في
تمدُّنِهم" و في
الختام ذكَّر الدكتور بأن هذا
ليس سردًا لأجل السرد فقط، بل
للاتعاظ، ثم إن مُهِمَّتَنَا
الآن بعد الاطّلاع على بعض من
جوانب حضارتنا أن ننقل هذه
الأشياء لغيرنا، حتى يعلموا
أننا لسنا قومًا همجيين، بل أهل
حضارة قدَّمت الكثيرَ
للإنسانية. كما دعا الحضور
لزيارة موقعه عن التاريخ
الإسلامي، الذي يحوي معلوماتٍ
أكثرَ عن حضارة المسلمين،
والموقع هو: www.islamstory.com
إعمال
العقل الشيخ
عبد المجيد النجار، تناول في
محاضرته "أهمية إعمال العقل
لتحقيق الاستخلاف في الأرض"،
مهمة الإنسان في تحقيق الخلافة
ودور إعمال العقل في ذلك،
وبيَّن الشيخ أن للعقل مهمتين
أساسيتين: الأولى أن يسعى العقل
لمعرفة الكون والطبيعة
ويستثمرَ خيراتها بما تقتضيه
السُّنَنُ والقوانين؛ فالنظر
في الكون ليس واجبًا علميًّا
للعلماء فقط، بل للمسلمين
أجمعين، والثانية تتمثل في
النظر في منهج الحياة لِتَسْرِي
وِفْقَ ما أمرنا به الله في جميع
المجالات. وأكّد
الشيخ على واجب المسلمين في
الغرب كَقَانِطِينَ في بلدٍ
قوانينُه ليست إسلامية، توجد
فيها مشاكل وأحوال لا فتوى فيها
على أهمية إعمال العقل لإيجاد
حلول لهذه المشاكل. مضيفًا أنه
إذا لم يفعل مسلمو الغرب ذلك
فإنهم بذلك لم يؤدوا دورهم ولا
مهمتهم كمسلمين. إنسانيَّة
الإسلام وتحدث
الشيخ عصام البشير في محاضرتين،
عن القِيَم الإنسانية في
الإسلام، وتطرَّق إلى قضية
الولاء والموازنة بين ولاء
العقيدة وولاء الوطن، كما
تحدَّث عن قيمة التَّحَضُّر،
وكذلك الانتفاع بالوقت، فالوقت
هو الحياة، ودعا الشيخُ
المسلمين أن يكونوا كبارًا في
عقولهم وفي أرواحهم، فالكبير من
يعيش كبيرًا ويسعى كبيرًا
ويخلّف أثرًا كبيرًا. وقال
وزير الأوقاف والشؤون
الإسلامية بالسودان سابقًا: إن
واجبَنَا أن نجعل الأمل
محرِّكًا، وأنَّ نخرج من هذه
المِحَن والأزمات بمشروع
للنهضة يقوم على أساس العقيدة؛
والعقل المرتبط بالوحي، والمال
المكتسَب من حلٍّ، والقوة
الملتزمة بالحق، والفنّ
الملتزم بالقِيَم. هذه هي
حضارتُنا والعالم قد عرض
حضارته، فلا ينبغي أن نظلَّ
واقفين على الأطلال
نَتَحَسَّرُ على الماضي، بل
علينا أن نقدِّم كسبنا وإضافتنا
للحضارة. ولا نقول: كان
أجدادُنا، لكن نقول: ما هو الدور
الذي يقوم به كل واحد منّا
لمشروع النهضة. التَّعايُشُ
السِّلْمِيَّ الشيخ
مطلق راشد القروي، تناول في
محاضرته موضوعَ التَّعَايُشِ
السِّلْمِيِّ في الإسلام،
وانطلق الشيخ ببيان دور الإسلام
في إرساء السلام بين العالمين
على مرِّ التاريخ. ثم أبرز
الشيخُ أنَّ التعايش السلمي هو
ضرورةٌ من ضرورات الحياة على
هذه الأرض في المنظور الإسلامي،
وهو واجبٌ من الواجبات
المُلِحَّة حتى ينصرفَ الإنسان
إلى تعمير الأرض. وقد خلق
الله سبحانه وتعالى الكونَ
كلَّه متعايشًا، بعضُه مع بعض،
وسخَّر كلَّ ما في الكون
للإنسان؛ ليعيشَ في سلام
وتَسَامُحٍ مع الكون من حولِه
أولًا، ومع نفسه ثانيًا ومع
غيره من أبناء وطنه وأبناء
الأوطان الأخرى. وأبرز
الشيخ السُّبُلَ والتَّشْريعات
الإسلامية الكفيلة بتحقيق
التَّعَايُشِ السِّلْمِيِّ مع
الآخر، ألا وهي الحوار بين
الفُرَقَاء والمختلفين، وحرمة
الدماء والأموال والأعراض
وصيانة الأوطان، وجعَل
العَلاقة بين الأمم التكاملَ
والتَّفَاهُمَ والتعارف، بدلًا
من التَّصارُع والتَّحَارُب،
وجعل حرية الاعتقاد مكفولةً،
فلا إكراه لأحد على عقيدة أو
مذهب، وجعل الدعوة بالحكمة
والموعظة الحسنة. غزَّةُ
في القلْب وكانت
للقضية الفلسطينية مكانةٌ
متميزةٌ في الملتقى السنوي
السادس والعشرين لاتحاد
المنظمات الإسلامية؛ من خلال
تخصيص جانب هامٍّ منها لعرْض
أنشطة الاتحاد التي تهدِف
لنُصرة هذه القضية معاناة أهالي
قطاع غزة، وخاصَّةً بعد العدوان
الصهيوني الأخير الذي خلَّفَ
أكثرَ من سبعة آلاف شهيد وجريح،
والتي حرَّكت المسلمين في كل
أنحاء العالم، وقام مسلمو
أوروبا بعمل متميِّز في إغاثة
إخوانهم، وأرسلوا قوافل
الإغاثة الطبية والغذائية،
وقاموا بدعمهم سياسيًّا
وإعلاميًّا وماديًّا. وتحوَّل
الملتقى إلى ما يشبه خليَّةَ
نحلٍ؛ فالكل يسعى من أجل جمع
التبرعات لإعادة إعمار قطاع غزة
المدمَّر، فتجد الكبار
والأطفال يرفعون أكياسًا
ولافتاتٍ تطلب من الحاضرين
بلُطف، التبرعَ من أجل بناء
مسجد أو مدرسة بغزة، وانتشر في
كل مكان نشطاء من منظمة "اللجنة
الخيرية لمناصرة فلسطين - فرنسا"
ومنظمة "الإغاثة الإسلامية"،
و"منظمة يورو فلسطين" و"ائتلاف
الشيخ أحمد ياسين" ومنظمة "أنديجان
الجمهورية"، وهي جمعيات
ناشطة لنصرة القضية الفلسطينية
بفرنسا؛ من أجل جمع التبرعات
لإعادة إعمار القطاع الحبيب إلى
قلوب كل المسلمين. ـــــــــ المصدر
: إسلامنا – تقارير - 4/15/2009 ------------------- التقارير
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |