ـ

ـ

ـ

الثلاثاء 10/05/2011

ألمانيا : نظام عالمي جديد جراء التغييرات في 

العالم العربي

محمد هيثم عياش

برلين / ‏08‏/05‏/11

يرى بعض خبراء منطقة الشرق الاوسط والسياسة الدولية بأن الاحتجاجات في بعض دول منطقة الشرق الاوسط التي ساهمت بعضها بتغيير  نظامي مصر وتونس  والحرب الدائرة في ليبيا بين الشعب ونظامه اضافة الى الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري ان الحاجة اصبحت ضرورية قيام نظام عالمي جديد والغاء النظام الحالي الذي وضعه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش / الاب / بعد تحرير الكويت من الجيش العراقي أوائل التسعينات . فالرئيس الامريكي السابق بوش / الاب / وضع نظاما عالميا خاصا بمنطقة الشرق الاوسط يكمن بالإبقاء على الانظمة الحالية مع ضرورة التشجيع على الحريات العامة ثم جاء بوش / الابن / ليغزو العراق ويقضي على نظامه السبق ويملي سياسته على زعماء الدول العربية بارساء الحريات العامة في بلدهم بل قام بتهديده اولئك الزعماء بالويل والثبور اذا ما لم يقوموا باصلاحات سياسة تكمن بارساء الحريات العامة على انه تغاضى بالمطالبة احترام حقوق الانسان فاحترام حقوق الانسان وصيانة كرامته من خلال وجهة نظر الرئيس الامريكي السابق بوش / الابن / يعني بروز الاسلام كقوة رئيسية في المنطقة تواجه العالم الغربي .

الا أن انتفاضات مصر وتونس وليبيا وسوريا جعلت من اوروبا والولايات المتحدة الامريكية  تغيير سياستها فالشعوب لا تتغير بضغوط خارجية انما التغيير يأتي  بمحض الارادة بحاجة ، فاوروبا الغربية لم تدعم شعوب اوروبا الشرقية قبيل انتفاضتهم ضد حكوماتهم بل جاء الدعم المعنوي والمادي اثناء الانتفاضة والاوربيون ينظرون حاليا الى انتفاضة الشعوب العربية وخاصة في سوريا واليمن نظرة حذر ، فبالرغم من اعلان لجنة من الاتحاد الاروبي قبل يوم أمس الجمعة 6 ايار/مايو فرض عقوبات على رموز من النظام السوري كتضامن مع شعب تلك الدولة الا انهم يخشون التدخل مباشرة .

ويؤكد خبير شئون الشرق الاوسط في معهد برلين للعلوم والسياسة فولكر بيرتيلس بندوة دعا اليها معهد فريدريش ناومان للدراسات والمساعدات الدولية الذي يشرف عليه الحزب الفيدرالي الحر بمنطقة بابليسبيرج  القريبة من العاصمة برلين هذا اليوم الاحد 8 ايار/ مايو الحالي  ان مصر ما بعد التغيير الذي طرأ عليها جراء نجاح انتفاضة الشعب المصري بازالة حسني مبارك عن الحكم ستفقد بريقها واهميتها  على السياسة الدولية وشريك رئيسي للغرب باحلال السلام بمنطقة الشرق الاوسط وان المملكة العربية السعودية ستفقد ايضا دورها الهام في المنطقة جراء فقدان مصر تلك الاهمية فالرياض والقاهرة كانتا تتعاون سويا بشكل استراتيجي قوي لانهاء بعض المعضلات الموجودة في الشرق الاوسط ولا سيما قضية فلسطين وفتح معابر غزة اضافة الى هموم اليمن ولبنان وايران  اي ان الرياض والقاهرة كانت تشكلان محورا استراتيجا هاما بالنسبة للغرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وبانهيار نظام حسني مبرك فان الرياض ربما ستعاني من عدم الاكتراث بها على صعيد سياسة منطقة الشرق الاوسط والسياسة الدولية .

الا ان صحافيا مسلما دحض ادعاءات بيرتيلس فالسعودية لن تفقد اهمتيها  على المسرح الدولي وبالتالي ثقلها السياسي والمعنوي في العالم الاسلامي جراء فقدان القاهرة الاهمية المذكورة فبالرغم من زوال حسني مبارك ونظامه السابق عن حكم مصر الا ان القاهرة لم تكن باستطاعتها انجاح المصالحة بين الفلسطينيين لولا دعم الرياض  ولم يكن لزعماء دول الخليج العربي اتخاذ سياسة صارمة تجاه الزعيم الليبي معمر القذافي لولا دعم الرياض وابو ظبي لمقررات دول الخليج العربي اضافة الى اتخاذ زعماء تلك المنطقة سياسة حازمة لانهاء الاحتجاجات في اليمن ووضع حد للعنف في البحرين فالغرب ينظر الى السعودية ودول منطقة الخليج العربي بانها هامة لانهاء النزاعات في المنطقة سلميا ، أما الوضع في سوريا فيختلف تماما فالغرب يخشى من تدخل ايران لحماية النظام السوري كما يخشى الغرب ان ينجم عن تدخله بشكل مباشر بالازمة في سوريا من ازدياد خطر الارهاب على مصالحهم واذا ما اتخذ حكام دول الخليج العربي سياسة حاسمة ضد النظام السوري لحماية شعب سوريا فان موازين السياسة الدولية تجاه النظام السوري ستتغير .

رئيس وزراء ولاية بايرن السابق ادموند شتويبر الذي يشغل حاليا لجنة حكماء اوروبية تسعى لتوحيد السياسة الخارجية والاقتصادية لاوروبا اكد بأن اوروبا غير عاجزة لانهاء عنف الانظمة في ليبيا وسوريا واليمن فالسياسة الخارجية لاوروبا لا تزال متماسكة بالرغم من انها اصيبت بشرخ كبير جراء الحرب في العراق وتحالف بعض الدول الاوربية مع الولايات المتحدة الامريكية ضد النظام العراقي السابق بالرغم من التحالف المذكور انهار تماما اثر خروج اسبانيا من ذلك التحالف بعد الانتخابات التي جرت فيها بعيد احداث آذار/مارس من عام 2004 واووربا تنتظر من السعودية وبقية دول الخليج مبادرة سياسة حازمة  تجاه النظام السوري .

رئيس معهد فريدريش ناومان فولفجانغ جيرهاردت الذي يشغل ايضا عضوية شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني واحتمال استلامه منصب وزارة الخارجية اذا ما اعلن الوزير الحالي جويدو فيسترفيله الاستقالة من منصبه تساءل عن اهمية قيام نظام عالمي جديد لاعادة الاوروبيين والامريكيين سياستهم تجاه منطقة الشرق الاوسط اهو نظام من اجل حوار جديد ومتغاير مع العالم الاسلامي وخاصة مع الدول العربية منها او من اجل سياسة تعتبر شبه عسكرية لمواجهة استلام الاسلاميين الحكم في بلادهم ولا سيما في مصر وسوريا ؟ فتاريخ العلاقات بين اوروبا وتلك المنطقة مليئة بالتجارب فالغرب انتهج في بعض الاوقات سياسة تقارب صداقة مع العالم الاسلامي لما كان ذلك العالم قويا فلما شعر منه الضعف انتهج سياسة القوة من خلال الحروب الصليبية ثم عاد الى سيرته الاولى بسياسة صداقة لما ظهرت دولة الخلافة العثمانية كقوة رئيسية في اوروبا ومنطقة الشرق الاوسط وغيرها ثم عادت لتنتهج سياسة القوة والغطرسة عندما أصيب العالم الاسلامي بنكسات ونزاعات ومن الممكن ان تعود نتائج كل سياسة اوروبية جديدة  تجاه منطقة الشرق الاوسط سلبيا اذا لم يتخذ الغرب سياسة صداقة حقيقية تكمن بالتشاور لانهاء المعضلات .

ويعتقد رئيس لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني روبريخت بولنتس ضرورة اعتماد الاروبيين على تركيا فهي اصبحت ومنذ استلام حكومة حزب العدالة والتنمية تحظى بشعبية واسعة في منطقة الشرق الاوسط ولم تستطيع ان تستمد هذه القوة لولا دعم دول الخليج العربية لهذه  الشعبية فتركيا تستطيع ايقاف الزحف الايراني المتمثل بتدخله بشئون المنطقة الداخلية وخاصة في سوريا وانه لا حاجة لقيام نظام دولي جديد بل يجب الغاء نظام الرئيس بوش / الاب /  لانه كان وراء ما تعاني منه شعوب منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي برمته وانه من الحماقة استبعاد تركيا والسعودية ومنطقة الخليج العربي عن كل سياسة يريد الغرب انتهاجها في منطقة الشرق الاوسط على حد أقوالهم .

-----------------------

التقارير المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ