ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 21/06/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

تقرير من ممثل ماف في تركيا حفيظ عبد الرحمن عن

اللاجئين السوريين في تركيا

سير تشرف على حقول من الفظائع

حفيظ عبد الرحمن*

"الان اطفالي الصغار  يطالبون بالحرية, و يعملون على  افهامي معانيها التي كنت اجهلها كامرأة

أمية لم تسنح لها فرص التعليم. ويحملونني انا ووالدهم وزر مقولة الى الابد..." هكذا بدأت ام باسل المقيمة في مخيم بوينويوغون حديثها معنا. حقا بدرت البداية من اطفال كتبوا الشعارات على جدران مدينة درعا, فتم اعتقالهم وتعذيبهم باساليب تنافي كل الاعراف والمعايير الانسانية ضاربة عرض الحائط التزامات الدولة بكل المواثيق والمعاهدات الدولية والتي سبق ان وقعت وصادقت عليها كذلك اعلنت انضمامها. اتت هذه الاحداث كالصدمة, خاصة ما رافقتها من تسريب لردود افعال الجهات الامنية, من عبارات بذيئة خاصة من رئيس فرع الأمن السياسي العميد عاطف نجيب حينما قال: "انسوا اولادكم. روحوا لعند نسوانكم وجيبوا أولاد جدد! 

واذا ما قدرتوا تناموا مع نسائكم ابعتوهم ونحن منخليهم يجيبوا اولاد."

منذ البداية كانت الاحتجاجات الشعبية  والسلمية تطالب فقط بالاصلاح والديمقراطية ومكافحة القمع و الفساد الذي يمتد الى اكثر من اربعين عاما , وعلى اثر ربيع الانتفاضات والثورات العربية التي بدأت من تونس ثم مصر واليمن والبحرين وليبيا.

هذه الاحتجاجات قوبلت بالرفض والقمع كغيرها من البلدان العربية, ونعتت بالكثير من الالقاب المسيئة مثل " المندسين, السلفيين, الارهابيين, العصابات المسلحة, عملاء للخارج, خاصة امريكا واسرائيل, التي لولاهما لا ادري بماذا كانت ستصفنا السلطات العربية, كمبرر لاستمرارية القمع و ديمومة الاستبداد.

اخيرا اعترف النظام السوري بشرعية مطالب المحتجين, وان هذه المطالب كانت من ضمن جداول مؤتمر حزب البعث منذ العام 2005, ولكن التسرع فيها تؤذي كثيرا! وان الشعب السوري لازال قاصرا عن استيعاب الديمقراطيةّ!

غريب هذا التصريح بحق شعب كان من السباقين في ميادين مقارعة الاستعمار والتحرر والتقدم وتنظيم العمل السياسي, كان منارة في ميادين الثقافة والفنون والصناعة والتجارة و...

رغم التطور الدرامي السريع للأحداث , بقي السوريون بكل مكوناتهم وفئاتهم وشرائحهم يبحثون عن حل سوري "بامتياز" دون الرهان على اية اطراف او جهات خارجية, لها مصالح اواجندات . او استعادة تجارب دول اخرى في هذا المجال. لكن السلطات السورية –رغم تدخل الكثير من حلفاءه- اختار الحل الامني العسكري كمخرج للازمة. فبدأت بحصار المدن وقطع المياه والكهرباء وكافة مستلزمات الحياة الضرورية. ثم كخطوة لاحقة بدأت بقصفها بالمدافع والدبابات وحتى الطائرات, التي دفع مواطنوها اثمانها على حساب لقمة عيشهم, على ان تبقى كقوة تحمي استقلال البلد وامنه واستعادة اراضيه المغتصبة. واطلق يد "الشبيحة" -ايضا مصطلح سوري بامتياز- ليمارسوا كل انواع الفتك والبطش وقمع اي تطلع نحو الاصلاح والتغيير بوسائل مخزية. فالسيدة هالة  من مخيم بوينويوغون تقول: ان امرأة عادت من منطقة الحدود المتاخمة لتركيا الى جسر الشغور ولكنها وقعت في ايدي الشبيحة فتم اقتيادها وبناتها الاربع الى خان ابو ياسين "القصاب" حيث تم اغتصاب بناتها الاربع واجبرن على خدمتهم عاريات. كذلك قالت السيدة ام باسل: ان فتاتين من قرية "كتير" تعرضن للاغتصاب من قبل الشبيحة واجبرن ايضا على القيام بخدمتهم وهن عاريات تماما. ورواية الاغتصاب هذه تكررت على لسان اكثر من شخص التقيت بهم في يايلاداغ والتينوزو وبوينويوغون.

 

فاليوم وبتاريخ 18/06/2011 سمحت وزارة الخارجية التركية لوسائل الاعلام بالدخول الى مخيم بوينويوغون على ان يتم التجول في المخيم دون التحدث مع نزلائها. لكن فوجئنا باللاجئين وهم كطيور فتحت ابواب اقفاصهم يتحدثون الينا بمفردات من كل اللغات التي يجيدونها ليعبروا لنا عن معاناتهم وايصال اصواتهم المكتومة الى خارج اسوار المخيم.

فابو محمد الذي فقد احد اخوته في احتجاجات جسر الشغور, نتيجة طلق ناري في الصدر, من قبل الامن العسكري, يقول ان صديقه لا يزال في العناية المشددة في مشفى انطاكيا اثر جراح خطيرة في الرقبة, يقول: لو كان الهدف تفريق التظاهرات, فهناك اساليب كثيرة. لكن ان تكون الاصابات في منطقة الصدر والرأس, فهذا يعني النية المبيتة للقتل. اخي استشهد لكني قلق على حالة صديقي. كان من منظمي التظاهرات, وكان يدعونا دائما الى حمل العلم الوطني دون عصى تثبيت, كيلا نتهم بحمل ادوات ربما تسيئ الى  سلمية تظاهراتنا!

ابدوا ارتياحا شديدا من جهة الخدمات التي تقدم لهم داخل المخيم, لكنهم ابدوا امتعاضعهم ايضا من جهة ادارة المخيم لانهم محرومون من الاتصال والتواصل مع الخارج.

يستذكرون مآس تترافق في الكثير من الاحيان بالاجهاش بالبكاء. فأم زكريا تقول ان زوجها معتقل ولديها اربعة اولاد: بعد انقطاع الكهرباء الذي اتلف كل شيء داخل الثلاجة, وسماعي بأنباء الاغتصابات لم اجد امامي سوى الهروب مع الناس. كان هناك شباب يقومون على حمايتنا ويحملون اطفالنا حتى وصلنا الى قرية "هتيا", احتمينا بمدرسة القرية كمرحلة مؤقتة. فكانوا يقدمون لنا الغذاء ومسلتزمات الحياة الضرورية . حينها تم اعلامنا بان الدولة الدولة اعطتنا الامان بشرط العودة دون عبور الحدود. اذكر ان شخصا في الثلاثين من عمره كان يسكن هو وزوجته الى جوار المدرسةعاد بزوجته واطفاله الاثنين –ابن في الثالثة, وابنة في الخامسة- لكن اخبرت فيما بعد انه تم تصفيتهم بالرصاص جميعا قبل دخولهم جسر الشغور, وبقيت جثثهم هناك!

يقول ابو علي 35 عاما من جسر الشغور: كانت التظاهرات تأخذ شكلا حضاريا اكثر في كل جمعة. في الساعة الثانية ليلا استيقظت على صوت خلع باب منزلي, واذ بمجموعة مسلحة تقتحم غرفة نومي, فانهالوا علي ضربا باعقاب اسلحتهم امام زوجتي, وبشتائم وكلمات بذيئة اخجل من ذكرها امامكم. وحين طلبت منهم بتخفيف الضرب امام زوجتي, رد احدهم: انتم طلبتم الحرية, وهذه هي الحرية التي ستنالها". يضيف: اقتادوني الى فرع الامن الامن العسكري, وهناك مورس معي جميع انواع التعذيب, "الكابل الكهربائي المبروم الغليظ, الضرب بشريط رفيع, الصعق الكهربائي من الاصبع الصغرى في القدم, بساط الريح" وهم يسألونني فيما اذا كنت مشاركا في المظاهرات! ومن كان ينظمها, وكيف يتم التواصل بيننا...! وبعد ضغط الاهالي تم الافراج عنا -35 شخص- في اليوم التالي. في الجمعة التالية قتل الطفل باسل المصري, فخرجت جموع كبيرة في مراسم التشييع, وفي طريق العودة, قام الامن العسكري باطلاق النار على المتظاهرين دون تمييز من سطح مبنى البريد, حيث قتل يومها 15 شخصا من المشيعين. وهنا حصل انشقاق داخل افراد الامن العسكري, فقام السيد "ابو يعرب" مسؤول الامن العسكري في جسر الشغور بتصفية المنشقين داخل دورات المياه, في مبنى الفرع المذكور, كما اوردها لي احد الناجين منهم.

يضيف ابو علي: خرجنا قبل دخول الجيش, فرغم كل ما شاهدته وسمعته , يخرج الينا وزير الدخلية ويقول بانه سوف يرد بيد من حديد. ترى كل المجازر التي حصلت حتى الان  كانت تتم بايادي من حرير؟!!

 

تقول السيدة ام محمد 61 سنة: قبل دخول الجيش بقي قسم من اهالي جسر الشغور لم يغادروا المدينة, اما لانهم لم يشاركوا في التظاهرات, او انهم كانوا عاجزين ويصعب عليهم المغادرة,  وكنا نقوم خلالها بتفقد بيوتنا وممتلكاتنا خلسة. كانت على حالها كما تركناها. لكن بعد حصار الجيش وقصف المدينة, قتل العديد من الباقين, اما الناجون فتم اعتقالهم وقدموا في وسائل الاعلام السورية على انهم هم الذين طالبوا بدخول الجيش وحمايتهم. حمايتهم ممن؟! لقد نهبوا البيوت والمحلات وكسروا الاثاث المنزلي واحرقوا بعضها ليظهروا ان عصابات مسلحة قامت بذلك. لقد نهبوا بيتي, حتى غسالة "الاتوماتيك" التي كنت امتلكها.

حين سألت عن امكان عودتها, اجابت: لو كنا نؤمن ونثق بالسلطة في بلدنا لما وجدتومنا هنا, لو كانت السلطة صادقة لما قصفت المدنيين. طالبناه بالعدل والحرية, حريته اوصلتنا الى هنا.

اما فؤاد, فاجاب كيف اثق بهذه السلطة وقد قتلت 30 شخصا من العائدين رميا بالرصاص في معمل السكر, الى الجنوب من جسر الشغور!

قصص ومأس كثيرة اكتفيت ببعضها.

في النهاية لا اعتقد ان كل هذا القمع سوف يعمل على احباط عزيمة المطالبين بالتغيير وتنازلهم عن حقوقهم المشروعة في العيش بكرامة في بلد ديمقراطي تعددي, يؤمن بان الحفاظ على حرية البلد تستوجب الحفاظ على حرية وكرامة  مواطنيه, نظام يؤمن ويعمل على التداول السلمي للسلطة, تشارك فيه كل مكوناته على قدم المساواة من الحقوق والواجبات, نظام..

والا سوف تأخذ الاحداث مسارات اخرى نحن بغنى عنها, بل ربما تذهب الى ابعاد اخطر من ذلك. ترى بعد كل هذه الفظائع والمآس هل سيجد النظام محاورا حقيقيا على طاولة الحوار الوطني؟!

عن مخيمات اللجوء في تركيا

يتركز تجمع اللاجئين السوريين في ثلاثة مخيمات:

1-مخيم  يايلادغي اقصى جنوب مدينة انطاكيا ومعظمهم عبروا الحدود التركية من قرية كوفيشجي الحدودية المقابلة لقرية خربة الجوز السورية.

2-مخيم  التينوزو "المدينة" جنوب شرق مدينة انطاكيا, عبروا الحدود من قرية كاربياز التركية.

3-مخيم  زيارة Boynuyogun الى الشمال الشرقي من التينوزو, تقابل قرى سلقين, سقاط و المشرفية وتضم الفائض من مخيمي يايلاداغي والتينوزو, والوافدين عبر نهر العاصي من الجهة المقابلة.

4-مخيم  ريحانلي الى الشرق من مدينة انطاكيا, حتى تاريخ 14/06/2011 لم يكن ماهولا.

يقدر  عدد الفارين 10000 شخص  تقريبا.

  من ضمنهم اناس  يقيمون عند اقارب  لهم في القرى  الحدودية التركية,  حيث لم يصرحوا  للسلطات التركية  بدخولهم اراضيها,  كي لا يزج بهم  في المخيمات.

حسب ما ورد لي من اخبار  من جهات عديدة, هنالك  من 7000 الى 10000 شخص  في الطرف الاخر  من الحدود. منهم من ينتظر  الدخول, ومنهم من لايريد عبور الحدود الان, ليطمئن على ممتلكاته كلما سنحت له الفرصة بذلك.

*حفيظ  عبدالرحمن

منظمة حقوق الانسان في سوريا  – ماف

انطاكيا- تركيا.

-----------------------

التقارير المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

   

    

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ