ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 26/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

السلاح الكيميائي السوري

مقدمة

السلاح الكيميائي الحديث هو مواد سائلة أو مساحيق صلبة ذات مفعول سام، يتم نشرها إما عبر الترذيذ من الطائرات مثل المبيدات الحشرية، أو عبر إلقاء قنابل تحوي هذه المادة وشحنة متفجرة صغيرة في الوسط تؤدي بانفجارها إلى تناثر المادة السامة. وهنا نشير إلى عدة نقاط هامة :

1. لا توجد عوامل سامة حربية حديثة غازية في درجة الحرارة العادية، وإنما هي سائلة بمعظمها، ويتطاير بعضها مولداً بخاراً ذا تركيز منخفض.

2. تقاس فعالية العوامل الكيميائية بسميّتها، فكلما كانت الجرعة القاتلة عن طريق التنفس أو الجلد منخفضة كانت المادة سامة اكثر، لكن حين يتعرض المقاتل إلى جرعة غير قاتلة تظهر عليه أعراض تتفاوت شدتها بحسب درجة التعرض، وهي كثيراً ما تكون مخرجة من القتال كما سنرى لاحقاً، وتعتبر الأسلحة الكيميائية قاتلة حين تقتل بتراكيز ضئيلة (مثل عوامل الأعصاب)، لكن هناك عوامل حربية تعتبر مخرجة من القتال، أي أنها تؤثر على المقاتل بتراكيز ضئيلة، وتحتاج إلى تراكيز مرتفعة لتقتل (مولدات البثور كالخردل).

3. بعد انفجار القنبلة أو رأس الصاروخ، تتشكل سحابة تنقلها الرياح على سطح الأرض، سنرى هذه المسألة لاحقاً.

أهم الأسلحة الكيميائية : مولدات البثور، وعوامل الأعصاب

1. مولدات البثور : مثالها غاز الخردل. يسمى غاز الخردل لأنه يتميز برائحة تشبه رائحة الخردل حين يكون في الجو بتراكيز ضئيلة، تقوم هذه المواد بتخريب الخلايا حيث تتوجه إلى نواتها وتخرب الحمض النووي. سميت مولدات البثور بهذا الاسم لأنها تشكل على الجلد حروقاً مؤلمة تتحول إلى بثور متقيحة لا تلتئم بسهولة، فإذا وقعت قطرة منها على الجلد بحجم رأس الدبوس، لا يشعر بها الإنسان مباشرة، وحين يبدأ ألمها يكون الجلد قد امتصها، فتسبب حرقاً يبدأ صغيراً، ويتوسع على سطح الجلد خلال أيام، حتى يصل إلى حجمه الأقصى بقطر 7-10 سم ويحتاج إلى أسبوعين على الأقل ليندمل تاركاً بقعاً سوداء. لكن التأثير الأكبر هو على التنفس والعين حيث يخرج الجندي من القتال بسبب التعرض لتراكيز ضئيلة عملياً : حين تتعرض العين لهذا الغاز تتهيج الملتحمة (الجلد الشفاف الذي يشكل الطبقة الخارجية لكرة العين)، وتصعب الرؤية ثم تنعدم مع آلام مبرحة في العين وإحساس بالحرق وألم حين رؤية الضوء، تستمر الحالة لساعات أو أيام، وتحتاج لعناية بالعين بغسلها دورياً وتعقيمها بمحاليل خاصة بالعيون لتجنب الالتهاب. أما حين استنشاق الأبخرة بتراكيز منخفضة، فالرئة حساسة كالعين، هناك حرق داخلي للرئة، يعاني المصاب من تشكل الماء في الرئة (أوديما)، ويصاب بسعال شديد يستمر أياماً طويلة، وبحسب درجة الإصابة في الرئة قد يتعرض للاختناق والموت، يحتاج إلى موسعات قصبية ومضادات تحسس، مع الابتعاد عن المقشعات.

خلال الحرب العراقية الإيرانية أصيب 100 ألف جندي إيراني بالخردل، كانت نسبة الوفيات 2% فقط، والباقي خرجوا من القتال إلى المشافي...

يبقى استعمال الخردل بعيد الاحتمال جداً، فهو غير قاتل كما ترون، تظهر آثاره على الجسم وتنتشر الفيديوهات دون أن يحقق انتصاراً حقيقياً، أي أنه سيجلب الإدانة دون فائدة..ومن يستعمله لا يخشى أية عاقبة على المستوى الدولي..فلا داعي له بوجود عوامل الأعصاب :

2. عوامل الأعصاب : أكثر سمية بكثير من مولدات البثور، يتم امتصاصها عبر التنفس والجلد وجهاز الهضم، تؤثر على آلية عمل الأعصاب في الجسم، فحين يعطي الدماغ عضلة الأمر بالتقلص عبر أحد الأعصاب يقوم العصب بنشر مادة كيميائية تجعل العضلة تتقلص، وحين يوقف الدماغ أمره يقوم أنزيم محدد بتفكيك المادة التي قلصت العضلة فترتخي، وهنا دور عوامل الأعصاب : إنها تمنع العضلة المتقلصة من الارتخاء، وتكون الأعراض على الشك التالي : تشنجات شديدة في الأطراف، تقيؤ، تبول وتبرز لا إراديين بسبب انفتاح المثانة والشرج، صداع شديد، سيلان للعاب وصعوبة في الكلام، تقلص بؤبؤ العين فيصاب الإنسان بالعمى مع آلام هائلة في العين، وتكون الصورة التي يراها الإنسان مجرد نقطة صغيرة بيضاء، وهذا أحد الأعراض المميزة للإصابة بعوامل الأعصاب : الحدقة تصبح مجرد نقطة سوداء صغيرة في وسط العين، يتأثر التنفس أيضاً ويجد الإنسان صعوبة تزداد في تنشق الهواء، وتصل التقلصات إلى عضلة القلب، غالباً ما يموت الإنسان بعد زمن يرتبط بالجرعة مختنقاً بتوقف التنفس.

لنأخذ مثالين من عوامل الأعصاب : السارين Sarin، وفي إكس VX:

السارين (الزارين) : له رائحة الفواكه، من غازات الأعصاب المتطايرة، لذا يعتبر سلاحاً هجومياً، فيتم قصف المنطقة به، ينتشر الرذاذ و الأبخرة، وتقتل الجميع، ثم يتطاير ولا يبقى منه شيء، فتدخل القوات المهاجمة بأمان، لذا هو المرشح الأقوى للاستعمال من قبل النظام.

في إكس : عامل أعصاب زيتي نسبياً، ضعيف التطاير، وهو من أقوى الأسلحة الكيميائية، فقطرة منه بحجم رأس الدبوس على الجلد تكفي لقتل الإنسان، وهو ينتشر بشكل رذاذ، ويؤثر الرذاذ حتى عبر الجلد، فلا ينفع القناع الواقي كثيراً، ويلوث الأرض وكل شيء، فيصبح مجرد التلامس مع المحيط خطراً، ويبقى ثابتاً على الأرض والمباني لفترة أيام في الصيف، ولأكثر من أسبوع أو أسابيع في الشتاء. لذلك من غير المحتمل أن يستخدمه النظام ضد الثوار، لأنه – برغم فعاليته الكبيرة- لن يسمح لجيش النظام بدخول المناطق التي استعمله فيها.

الاستعمال الميداني

فلنأخذ أمثلة من قنابل الطائرات غير الموجهة تشبه القنابل التقليدية التي ترميها الطائرات حالياً، وصواريخ من عيارات مختلفة.

حين ترتطم قنبلة الطائرة أو الصاروخ بالأرض، يصدر صوت انفجار مكتوم وتنتشر سحابة من المادة السامة في محيط نقطة الانفجار، هذه المرحلة الأولى للسلاح الكيميائي على الأرض، وفيها يتشكل ما يسمى بالسحابة الأولية :

1. الوقت المناسب من النهار : تُستعمل الأسلحة الكيميائية عادة حين يكون هناك حالة انقلاب في تدرج درجة الحرارة، ففي النهار تكون الأرض ساخنة، والهواء الحار ملاصق لها، وطبقات الهواء الأعلى أبرد، هذه شروط عدم استقرار لا تسمح باستعمال السلاح الكيميائي، لأن الغازات السامة سترتفع في الهواء بسبب هذه الحرارة على الأرض، لنتخيل دخان المصنع في النهار كيف يرتفع نحو الأعلى. على العكس، حالة الاستقرار هي حين تكون الأرض أبرد من الهواء، وهذا يتم في الليالي الصافية حتى شروق الشمس، في هذه الحالة حين تتشكل السحابة السامة تبقي ملاصقة لسطح الأرض. الصقيع والطقس الصحو يشكلان أفضل الشروط. أي أن أفضل أوقات السلاح الكيميائي هي من الثانية صباحاً حتى شروق الشمس، بعدها يطمئن الأبطال مع الشمس..أما الطقس الغائم فيجعل الحرارة متماثلة عبر طبقات الهواء ويزيد من التبعثر الشاقولي للسحابة، فتصبح أقل فعالية للمسافات الطويلة، لكنه لا يلغي الاحتمال لمن كان مضطراً..

2. سرعة الريح واتجاهها : السرعة المثالية هي لريح مستقرة بمعدل 10-20 كم/سا، الريح الشديدة غير مناسبة لأنها تبعثر السحابة، أما السكون التام فغير مناسب أيضاً لأن السحابة لن تتحرك من مكانها. اتجاه الريح يحدد الجهة التي سيتم إلقاء القنبلة فيها، ففي سورية الريح جنوبية غربية في معظم الاحيان، مما يجعل الجهة المناسبة للقصف هي في الجنوب الغربي من الموقع، ومن كانت القوات الموالية للنظام بقربه في شماله الشرقي يطمئن معظم الوقت..

3. المطر : حالة نادرة في بلدنا، تعجل من تبعثر السحابة السامة، ولا يمكن استعمال الزارين فيها لأنه يتفاعل مع الماء، فإذا أمطرت السماء ناموا هنيئاً من هذا الغاز، لكن الخردل لا يخاف من المطر...وفي إكس احتماله ضعيف كما أسلفنا، يا سيدي ألف قطرة خردل ولا قطرة زارين..!

أمثلة :

طائرة ميغ 23 ترمي دفعة واحدة 4 قنابل زنة 500 كغ مليئة بالزارين(لا تنظروا إلى الوزن، الكمية تعادل 1000 كغ من الزارين والباقي معدن وخلافه)! في الخامسة صباحاً على حزة بريف دمشق، لتقوم الطائرة بهذا الفعل يجب أن تهبط إلى ارتفاع 50-80 متر حتى يكون دقيقاً، تأتي من جهة دمشق القابون الآمنة نسبياً وبسرعة منخفضة، وبعد رميها ترتفع بالسرعة القصوى..تتشكل سحابة هائلة في حزة، تنتقل شرقاً وهي تزداد عرضاً خلال انتقالها في مخروط كبير، في زاوية مفتوحة بحدود 30 درجة بأحسن الأحوال، وفي حال تماوج الريح على الأرض تصل إلى 60 درجة. بهذه الحالة، ستقضي على جميع الأحياء على بعد 3-5 كم على الأقل، وفي مرج السلطان ستكون الأعراض قوية ومخرجة من القتال..الحالة السابقة ستحدث – لا سمح الله – مترافقة بقصف مدفعي وصاروخي عنيف على كل هذه المناطق بحيث تنشل حركة الثوار، وتختلط السحابة السامة بغيرها، لأن العقيدة القتالية للاتحاد السوفييتي السابق تقوم على نسبة قصف تقليدي إلى القصف الكيميائي بأربعة إلى خمسة اضعاف..

طائرة أخرى ترمي قنبلة كيميائية من عيار 250 كغ فوق الجزء الغربي من مدينة حمص القديمة، في الحميدية أو السوق المسقوف مثلاً، العيار أصغر من السابق، ويسمح بقتل عدد كبير من الثوار ضمن المدينة القديمة، دون أن تنتشر سحابة قاتلة حتى الأحياء الموالية في أقصى الشرق، وبحيث ترتفع السحابة عن الأرض مع شروق الشمس، إذاً يختار النظام سرعة ريح منخفضة جداً، و/أو توقيتاً قريباً من شروق الشمس..

صاروخ سكود ب، يحمل 440 كغ من في إكس يشكل سحابة قاتلة حتى 12 كيلومتراً باتجاه انتشارها..وقد تظهر أعراض واضحة حتى 35 كيلومتراً..

ملاحظة : يمكن تحديد جميع المواقع المحتملة إن شئتم بطريقة قريبة مما سبق، وفي المرشد الكيميائي القديم الموجود في جيش النظام يوجد تحديد للذخيرة الكيميائية الواجب ضربها على منطقة ما لتحقيق نسبة وفيات محددة ضمنها، وهي منقولة عن الجيش الروسي طبعاً..لمن يريد معرفة الاحتمالات عن منطقته يراجع المصدر عن طريق مورد هذه المعلومات..

 

ضمن الظروف الحالية للوضع على الأرض، قد يثير الاستيلاء على مطار دمشق الدولي الرعب لدى النظام، ونظراً لموقعه في الجنوب الشرقي من العاصمة، يصبح قصف المنطقة بغازات الأعصاب شديد الاحتمال، لذلك لا يجب أن يتجمع المقاتلون في نواحي الغوطة الشرقية حوالي المطار، من المفيد قطع جميع الطرق المؤدية للمطار وحظر الطيران المدني فيه، ولوتحدثنا عن طلقات تحذيرية لأي طائرة تقترب منه، لكن التجمع ضمن المطار خطر جداً، قد لا يقصفه النظام ليتمكن من إعادة تشغيله بسرعة، وسيفضّل إمطاره بغاز الزارين  "لتطهيره"، ثم  السيطرة عليه بأمان لاحقاً..يجب شل المطار بحرب عصابات دون التمترس فيه..ولا حوله، خاصة من الشرق..

لا تنسوا وجود مطار "بليّ" عسكري جنوب غرب المطار السابق، وهو بالتالي مكان ممتاز ليضرب النظام قربه السلاح الكيميائي ويغطي المطار..وهو خاص بالحوامات..

 

الوقاية : القناع الفردي معروف، لكن من ليس لديه قناع فردي يمكنه تجهيز قنينتين :

محلول قلوي : القلو المستعمل في طبخ الحمص، أو الكربولا، تذاب في الماء بمعدل ملعقة صغيرة على الأقل في كأس الشرب، وتحفظ في عبوة مغلقة، إذا شعرتم بأي رائحة فاكهة أو رائحة مقبولة إجمالاً، إنه غاز الأعصاب، فعليكم تبليل خرقة بهذا المحلول والتنفس عبرها. ومن استطاع صنع كمامة فردية كما هو وارد في بعض المواقع باستعمال الفحم فلا يقصر..لكن تبقى العيون !! نظارات السباحة مفيدة، لكنها نادرة، ثبتوا قطعة قماش رقيق (منديل نسائي)للوجه، وبللوها بالمحلول السابق، واهربوا باتجاه عمودي على اتجاه الريح...

محلول قلوي مؤكسد : لمن لا يعرف الكيمياء، هو محلول الكلور المنزلي، الكلور تحديداً، كلوركس مثلاً، لا تستعملوا فلاش..إذا شعرتم برائحة واخزة تشبه الخردل أو الثوم، فعليكم تبليل خرقة بهذا المحلول بعد تمديده بقدر ثلاثة أضعاف حجمه ماء والتنفس عبرها. ومن استطاع صنع كمامة فردية كما هو وارد في بعض المواقع باستعمال الفحم فلا يقصر..لكن تبقى العيون !! لا تخافوا، حتى تتأثر العيون يجب أن تكونوا هربتم، فتأثير هذا الغاز أقل من السابق، وهو بعيد الاحتمال..

العلاج :

الخردل : كريمات مضادة للحروق، بعد غسل المنطقة المصابة بمحلول الكلوركس ممدداً عشرة اضعاف، ثم بكميات كبيرة من الماء..استعملوا كريم مضاد للحروق يحوي الكورتيزون ومسكنات فعالة..

عوامل الأعصاب : مادة التوكسوجونين (اسمها الكيميائي أوبيدوكسيم Obidoxime)، تؤخذ بشكل حقنة بمجرد ظهور الأعراض المميزة لعوامل الأعصاب، مع حقنة أتروبين..وللثوار الذين استطاعوا الاستيلاء على شيء مما يملكه جنود النظام : توجد ضمن صيدلية الجندي ما يسمى المحقن الآلي، يحوى محلولاً مضاداً للتسمم بعوامل الأعصاب. تحوي نشرة عن كيفية الاستخدام، لا تترددوا في حملها معكم مثل الذخيرة، خاصة لمن هو ضمن منطقة مهددة كيميائياً، هذا المحقن يوضع على الفخذ، وبمجرد الضغط على مؤخرته تخرج منه أبرة تنغرز في الجلد وتحقن الدواء..المهم ألا تستعملوا هذا الدواء إن لم تكن هناك أعراض للإصابة..وإلا ظهرت أعراض أخرى..ولا تستعملوا أكثر من محقن واحد للمصاب..

-----------------------

التقارير المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

   

    

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ