ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حاخامات
وساسة .. زواج المافيا بالدين
والسياسة محمد
عبد الله يونس شهدت
ولاية نيوجيرسي الأمريكية
الكشف عن قضية فساد مدوية في 23
من يوليو المنصرم بعدما اعتقلت
السلطات الأمريكية 44 شخصًا من
بينهم رؤساء بلديات في الولاية
وعدد من الحاخامات والسياسيين
للتحقيق معهم بتهم غسيل أموال
وتجارة الأعضاء تم توجيهها
إليهم من قبل مكتب التحقيقات
الفيدرالي (إف. بي. آي). ومن بين
أبرز من تم توجيه الاتهام إليهم
الياهو بن حاييم Eliahu Ben Haim
الحاخام الرئيس بأحد المعابد
اليهودية في ديل، وشاءول كاسين Saul
Kassin كبير حاخامات معبد في بروكلين Brooklyn، وآدموند ناحوم الحاخام
الرئيس بمعبد آخر في ديل،
ومردخاي فيش Mordchai Fish الحاخام بمعبد شيفيز أشيم Sheves
Achim في بروكلين. وعلى المستوى
السياسي شملت الاعتقالات كلاًّ
من بيتر كامرانو. Peter Cammarano رئيس بلدية هوبوكن Hoboken، ودينيس إليويل Dennis
Elwell رئيس بلدية سيكاكوز Secaucus، ودانيال فان بلت Daniel
Van Pelt عضو مجلس مدينة نيوجيرسي،
وليونا بيلديني Leona
Beldini نائبة
رئيس بلدية جيرسي سيتي. لم تكن
هذه القضية قضية فساد عادية
فحسب يتم الكشف عنها في إحدى
الولايات الأمريكية وإنما تعدت
دلالاتها وتداعياتها هذا
النطاق لتنال العلاقة بين
المؤسسات الدينية والسياسيين
ومدى ملائمة القواعد المنظمة
للتمويل السياسي في الحملات
الانتخابية سواء على مستوى
الولايات أو على مستوى المناصب
الفيدرالية الأمريكية، ليبدأ
الجدل حول آليات الضبط المجتمعي
وفاعليتها في مواجهة السياسيين
ورموز المجتمع والقيادات
الحزبية ورجال الدين وفي هذا
الصدد تجدر الإشارة إلى أن هذه
القضية لم تكن الأولى التي
يتورط فيها حاخامات يهود بولاية
نيوجيرسي، ففي 27 من ديسمبر عام
2000 تم توجيه اتهام للحاخام
اليهودي باروخ لانر Baruch
Lanner
بالتحرش بعدد من المراهقين بما
دفعه للاستقالة من عضوية المجلس
الوطني للشباب اليهودي National
Council of Synagogue Youth.
كيف
اخترقت شبكات غسيل الأموال
مؤسسات نيوجيرسي؟ بدأت
التحقيقات في هذه القضية منذ
عشر سنوات من جانب مكتب
التحقيقات الفيدرالية الأمريكي
ووصلت ذروتها في عام 2006 مع قيام
شاهد بالتخفي كصاحب شركة صغيرة
للتنمية العقارية يسعى لتنفيذ
مشروعات والحصول على عقود في
شمال نيوجيرسي. وذكرت السلطات
الأمريكية أن الشاهد المتخفي
ساعد في اختراق شبكة لغسيل
الأموال يديرها حاخامات كانوا
يمارسون نشاطهم بين بروكلين
وديل ونيوجيرسي وإسرائيل من
خلال جمعيات خيرية. وأكد محققو
مكتب التحقيقات الفيدرالية أن
جانبًا كبيرًا من الأموال التي
قدمها هذا الشاهد قد وجهت في
صورة تبرعات للحملات
الانتخابية لرؤساء بلديات
هوبوكن وسيكاكوز. ولم يكن
هذا الشاهد غريبًا عن هذه
المجموعة وإنما ارتبط بها
بعلاقات وثيقة فهذا الشاهد هو
سلومون دويك Solomon
Dwek من
الجالية اليهودية السورية ونجل
الحاخام الإسرائيلي البارز
إسحاق دويك Yitzhak
Dwek الذي تربطه صلة بحزب شاس في
إسرائيل واتهم سلومون بتنفيذ
احتيال مصرفي عام 2006. وقام مكتب
التحقيقات الفيدرالية باعتقاله
بعدما أودع شيكين بمبلغ 25 مليون
دولار وحاول فورًا سحب 22 مليون
دولار. وتم إيداع أحد الشيكين في
مصرف بي إن سي BNC وتورطه في فضائح مالية وهو ما أعطاه
الخلفية الملائمة لاختراق شبكة
غسيل الأموال سالفة الذكر. وتسارعت
وتيرة التحقيقات في مرحلة لاحقة
عام 2008 عندما تم الكشف عن الدور
المحوري الذي اضطلع به ليفي
إسحاق روزنبوم Levy-Izhak Rosenbaum
كوسيط في عمليات تهريب الأعضاء
البشرية إلى إسرائيل ولاسيما
الكلية البشرية التي كان
يشتريها بحوالي 10 آلاف دولار في
الولايات المتحدة ليتم بيعها في
إسرائيل بحوالي 160 ألف دولار وقد
استمر في ممارسة نشاطه لمدة عشر
سنوات. إسرائيل
محور القضية وبدايتها تتمثل
الملاحظة الأبرز حول هذه القضية
في ارتباط غالبية الحاخامات
الذين تم الكشف عن تورطهم
بعلاقات وطيدة ببعض المؤسسات
المالية والدينية في إسرائيل،
فالحاخام الياهو بن حاييم، أحد
أهم الناشطين في منظمة ييكافيه
داعات معهد دراسات التلمود وأدب
الحاخامات في مدينة القدس،
وساعد في جمع تبرعات من يهود
أميركيين أثرياء لصالح هذه
المؤسسة التي تمارس نشاطها
الديني قي إسرائيل، وكذلك
الحاخام أدموند ناحوم الذي عمل
على جمع التبرعات لصالح المؤسسة
ذاتها. في حين قام ليفي دوتش
بتمويل شيكات مصرفية جرى
تمريرها عبر المنظمات الخيرية
للحاخامات من إسرائيل إلى
الولايات المتحدة. وكان دوتش
يتنقل بين تل أبيب ونيويورك،
لغسيل أموال مصدرها تجارة الماس
وعمل مع جهات مصرفية في تل أبيب
وكان يتقاضى "اثنين إلى ثلاثة
في المائة" من كل مليون دولار
يتم تداولها عن طريقه. و في
هذا الصدد توقعت وسائل الإعلام
الإسرائيلية أن يكون لهذه
القضية تأثير بالغ الخطورة على
وضع الحاخامات في الولايات
المتحدة لاسيما الجالية
اليهودية السورية التي يصل عدد
اتباعها في نيويورك إلى حوالي 75
ألف يهودي بعد أن تم القبض على
زعيمها الروحي الحاخام شاءول
كاسين، كما يتوقع أن تؤدي تلك
القضية إلى تقلص التبرعات
المالية التي يتم جمعها في
الولايات المتحدة لصالح
المدارس الدينية اليهودية في
إسرائيل وخاصةً تلك المرتبطة
بحزب شاس الديني المتشدد وزعيمه
الروحي الحاخام عوفاديا يوسف. بدايات
التغير السياسي في نيوجيرسي وعلى
صعيد التداعيات السياسية
للقضية سالفة الذكر فقد بدأت
بإعلان ودينيس إليويل رئيس
بلدية "سيكاكوز" Secaucus
استقالته من منصبه عقب توجيه
لائحة الاتهام الفيدرالية إليه
في 28 من يوليو على الرغم من
استمراره في منصبه منذ عام 2000
وعدم صدور حكم قضائي في هذه
القضية، وهو عضو بارز بالحزب
الديمقراطي ويمتلك شركة
للناقلات وأحد المحاربين
القدامى في فيتنام وفق ما ذكره
موقع ولاية نيوجيرسي، وفي
المقابل رفض من بيتر كامرانو. Peter
Cammarano رئيس بلدية "هوبوكن" وفي
السياق ذاته لقي المستشار
السياسي لرئيس بلدية سيكاكوز
جاك شاو Jack
Shaw حتفه في منزله دون معرفة سبب الوفاة عقب
إلقاء القبض عليه والتحقيق معه
في القضية سالفة الذكر ثم
الإفراج عنه بكفالة مالية، وفق
ما أعلنه المدعي العام لمقاطعة
هدسن Hudson
ادوارد ديفازيو Edward DeFazio وتجاوزت
التداعيات السياسية دائرة من تم
توجيه الاتهام إليهم لتشمل
الساسة المنتخبين والتنفيذيين
بولاية نيوجيرسي، ولاسيما حاكم
الولاية وعضو الحزب الديمقراطي Jon
Corzine جون كوزين الذي دعي في خطوة
استباقية لاستقالة كافة
المسئولين المحليين المتورطين
في القضية وهو ما اعتبره جو
ديورا Joe
Doria المفوض
العام لشئون المجتمع Community Affairs Commissionerوالرئيس
السابق لبلدية بيوون Bayonne
دعوة موجهة لجميع المسئولين
بالولاية وعلى رأسهم كوزين
نفسه، ومن المتوقع أن تؤثر هذه
القضية سلبًا على حملة إعادة
انتخاب كوزين كحاكم لولاية
نيوجيرسي مع تركيز وسائل
الإعلام على انتشار الفساد
السياسي بالولاية بما يدعم موقع
منافسه الجمهوري كريس كريتسي Chris Christie،
حيث تصاعد الفارق في استطلاعات
الرأي من 10 نقاط لصالح كريستي
إلى 14 نقطة في آخر استطلاع للرأي
تم إجراؤه في 27 من يوليو الجاري. جدليات
فساد التمويل السياسي ومعاداة
السامية لقد
أثارت القضية سالفة الذكر جدلاً
سياسيًّا واسع النطاق ولاسيما
حول الضوابط المؤسسية
والقانونية للتمويل السياسي
للأحزاب والحملات الانتخابية
ومدى فاعلية الرقابة عليها في
ظل وجود شبكات تقوم بأنشطة
محرمة مثل غسيل الأموال
والتهريب مدمجة في المؤسسات
التنفيذية والتشريعية لبعض
الولايات، وهو ما أشار إليه
كايث ريتشبرج Keith
B. Richburg المحرر بصحيفة واشنطن بوست
بقوله: "إن الفساد في بعض
الولايات الأمريكية قد أضحى
منتشرًا ونافذًا لاسيما بين
السياسيين الذين يعتقد أنهم في
المنطقة الآمنة من الملاحقة
القضائية " في حين أشار ماثيو
ليزاك Matthew Lysiak
إلى أن هذه القضية ترتبط في أحد
أبعادها بالتمويل السياسي
للحملات الانتخابية في
الولايات الأمريكية وعدم
فاعلية الرقابة المفروضة على
مصادر وحجم التمويل الخاص
للمرشحين فضلاً عن ممارسة
الحزبين الرئيسين في الولايات
المتحدة للرقابة على أعضائهم
ومرشحيهم في الانتخابات
المحلية. في حين
اتجه بعض الصحفيين المرتبطين
باليهود في الولايات المتحدة
بانتقاد الحملة التي شنها مكتب
التحقيقات الفيدرالية على
الحاخامات مشككين في تورطهم في
هذه القضية، وعلى رأسهم روب
ايشمان Rob
Eshman المحرر
بصحيفة نيوجيرسي ستار the New Jersey Star بقوله: إن هذه القضية تتجاوز مجرد إلقاء
القبض على مجموعة من الساسة
المنحرفين إلى ممارسة الاضطهاد
على اليهود بالولاية وربط هذه
الاتهامات عمدًا بالقيادات
الدينية لليهود بالولاية ومن ثم
الحض على كراهية المجتمع
اليهودي وانتشار معاداة
السامية بالولايات المتحدة.
وعلى الصعيد ذاته حذر جولدبرج J.J.
Goldberg المحرر
بصحيفة فوروارد Forward
المحلية بنيوجيرسي من أن هذه
القضية قد تؤدي لتصاعد موجة ما
أطلق عليه بمعاداة السامية في
المجتمع الأمريكي التي بدأت في
التراجع في الآونة الأخيرة. و في
السياق ذاته أيد أب فوكسمان Abe
Foxman رئيس
الهيئة الوطنية اليهودية
لمناهضة الافتراء Anti-Defamation
League National هذه
الادعاءات وأعاد ذكرها في خطابه
الذي وجهه للمرشح الجمهوري
السابق في الانتخابات الرئاسية
جون ماكين John McCain بقوله " إن الاتهامات التي تم توجيهها
للحاخامات اليهود تم ربطها
بانتمائهم لطائفة اليشيفا
اليهودية بما يمثل تشويهًا
لسمعة للمنتمين لتلك الطائفة في
الولايات المتحدة وإسرائيل،
كما اتجه البعض لتوجيه اتهامات
دون دلائل مؤكدة لأسرة
الملياردير اليهودي المقيم في
تورنتو ريتشمان Reichman بما يهدد المجتمع اليهودي في
الولايات المتحدة بحملة جديدة
من الاضطهاد " داعيًا ماكين
لممارسة ضغوط سياسية لإنهاء
الحملة التي يتعرض لها يهود
الولايات المتحدة. وبطبيعة
الحال لا يمكن التنبؤ بإمكانية
حسم هذه القضية في المستقبل
القريب لما ارتبط بها من جدل
واسع النطاق وارتباطها بنفوذ
القيادات الدينية والساسة
المحليين وإن كان من المرجح أن
تؤدي لمراجعة هيكلية للقواعد
الحاكمة للتمويل السياسي
وإدارة الحملات الانتخابية
والرقابة المؤسسية على النشاط
المالي للأحزاب. ـــــــــ تقرير
واشنطن - العدد 221، 1/8/2009 ----------------------- التقارير
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |