ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أروع
محاكمة على مر التاريخ للشيخ
علي الطنطاوي رحمه الله نادى
الغلام : يا قتيبة ( هكذا بلا لقب
) ، فجاء قتيبة ، وجلس هو وكبير
الكهنة أمام القاضي جُميْع ثم
قال القاضي : ما دعواك يا
سمرقندي ؟ قال :
اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم
يدعُـنا إلى الإسلام ويمهلنا
حتى ننظر في أمرنا . التفت
القاضي إلى قتيبة وقال : وما
تقول في هذا يا قتيبة ؟ قال
قتيبة : الحرب خدعة ، وهذا بلد
عظيم ، وكل البلدان من حوله
كانوا يقاومون ولم يدخلوا
الإسلام ، ولم يقبلوا بالجزية قال
القاضي : يا قتيبة ، هل دعوتهم
للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟ قال
قتيبة : لا ، إنما باغتناهم لما
ذكرت لك .. قال
القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا
أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة
؛ يا قتيبة ما نـَصَرَ الله هذه
الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر
وإقامة العدل. ثم قال
القاضي : قضينا بإخراج جميع
المسلمين من أرض سمرقند من حكام
وجيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن
تترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا
يبق في سمرقند أحد ، على أنْ
ينذرهم المسلمون بعد ذلك !! لم يصدق
الكهنة ما شاهدوه وسمعوه ، فلا
شهود ولا أدلة ، ولم تدم
المحاكمة إلا دقائقَ معدودة ،
ولم يشعروا إلا والقاضي والغلام
وقتيبة ينصرفون أمامهم. وبعد
ساعات قليلة ، سمع أهل سمرقند
بجلبة تعلو ، وأصوات ترتفع ،
وغبار يعم الجنبات ، ورايات
تلوح خلال الغبار ، فسألوا ،
فقيل لهم : إنَّ الحكم قد نُفِذَ
وأنَّ الجيش قد انسحب ، في مشهدٍ
تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو
سمعوا به. وما إنْ غرُبت شمس ذلك
اليوم ، إلا والكلاب تتجول بطرق
سمرقند الخالية ، وصوت بكاءٍ
يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك
الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم
، ولم يتمالك الكهنة وأهل
سمرقند أنفسهم لساعات أكثر ،
حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة
أمامهم باتجاه معسكر المسلمين
وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا
الله محمد رسول الله. فيا
الله ما أعظمها من قصة ، وما
أنصعها من صفحة من صفحات
تاريخنا المشرق ، أرأيتم جيشاً
يفتح مدينة ، ثم يشتكي أهل
المدينة للدولة المنتصرة ،
فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر
بالخروج ؟ والله
لا نعلم شبه لهذا الموقف لأمة من
الأمم . بقي أن نعرف أن هذه
الحادثة كانت في عهد الخليفة
الصالح عمر بن عبد العزيز ، حيث
أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه
بعد دخول الجيش الإسلامي
لأراضيهم دون إنذار أو دعوة ،
فكتب مع رسولهم للقاضي أن احكم
بينهم ، فكانت هذه القصة التي
تعتبر من الأساطير. ---------------------
المصدر:
هي قصة من كتاب ( قصص من التاريخ )
للشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه
الله ، وأصلها التاريخي في
الصفحة 411 من ( فتوح البلدان )
للبلاذري ، طبعة مصر سنة 1932 م
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |