ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 30/11/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

يا غارقا يتمادى غدا عليك ينادى

الشيخ خالد مهنا

كلنا يدرك ان أفكار أبناء المسلمين قد تبدلت .. وطغت عليهم المادة.. وأصبحوا يلهثون وراء والدينار.. وينغمسون في الحرام.. ويرتكبون المعاصي والآثام.. ويستبيحون معاقرة الدرهم ويركضون وراء ربات الخيام.. وصار المعروف عندهم منكراً.. والمنكر الخمور والهباب معروفاً.. وتطاول أرباب الخنا والرذيلة.. على أهل العلم والفضيلة.. وحاربوا الحياء والشرف.. ومرغوا القيم والأخلاق..

هذا جزاء أناس بالهوى غلبوا

وقصروا في أمور الدين فاستلبوا

كانوا شموساً عيون الناس ترمقهم

لكنهم بعد طول الدهر قد غربوا

من أحوال هؤلاء الغارقين في يم الدنيا أنهم جعلوا ليلهم ونهارهم سواء ..يظنون ..أنَّ السعادة ..في لذة ، وشهوات ..وفي سفر ومغامرات ..يظنون لضيق أفقهم ان سعادتهم في كاس وغانية

{ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ } ..

يستيقظ الواحد منهم قبل الفجر لموعد طائره ، وسفر ، وسياحة ..ولا يستطيع أن ..يستيقظ لصلاة الفجر ..

تراهم في الملاعب يجوبونها طولاً وعرضاً خلف الكرة ..ولا يقوون على أداء الصلاة ولا تراهم في صفوف المصلين ..رغم أنَّ المسجد لا يبعد عنهم سوى خطوات ..

واعلم إنك لن تتقرب إلى الله بقربه أعظم ..من المحافظة على الصلاة ...إذا حزّ بك أمر يدك الجبال فتذكر ..

( أرحنا بها يا بلال ) ..واعلم أنه ما سُميت الصلاة صلاة إلا ..لأنها تصل بفاعلها ..والمحافظ عليها ..إلى الجنه ..

وتصل بتاركها جاحدا ومنكرا لها ..والمتهاون فيها ..إلى النار ..فأي طريق تريد ؟؟!!..

قال ابن تيميه: حدثني بعض المشايخ أنَّ بعض ملوك فارس قال لشيخ رآه قد جمع الناس على رقص وغناء :يا شيخ إن كان هذا هو طريق الجنة فأين طريق النار !!..ولهؤلاء نتوجه قائلين:

 

َّانمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة .. أعظكم بالموت وسكراته .. أعظكم بالقبر وظلماته ..أعظكم بالموت وكفى بالموت واعظاً ..

إنه أعظم المصائب ، وأشدُّ النوائب .. سمَّاه الله لعظيم أمره مصيبة ، فقال سبحانه : { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتُْكُم مُّصِيبَةُ المَوْتِ }

إنه المصيبة العظمى ، والرزية الكبرى، ولا نجاة منه .. ولا نجاة منه إلا أن يكون العبد في دنياه .. إلا أن يكون العبد في دنياه لله طائعاً ، وبشرعه عاملاً ..

إنها الساعة التي تنكشف فيها الحقائق ، وتتقطع فيها العلائق ، ويتمنى الإنسان وليس له ما تمنى ، حينها { يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ، يَقُولُ يَا لَيْتََني قَدَّمتُ لِحَيَاتِي }

إنها الساعة التي يُعرف فيها المصير إما إلى نعيم دائم أو إلى عذاب مقيم..

قال صلى الله عليه وسلم : ( القبر أول منازل الآخرة ) .فدارنا أمامنا ، وحياتنا الحقيقية هي بعد موتنا .

أين الأكاسرة ؟! ، أين الجبابرة والعتاة الأُول ؟! أخذ أموالهم سواهم .. أخذ أموالهم سواهم والدنيا دول..ركنوا إلى الدنيا الدنية ، وتبوؤا الرتب السنية حتى إذا فرحوا بها صرعتهم أيدي المنية ..

إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..كم ظالم تعدى وجار وما راعى الأهل ولا الجار!!.

أين من عقد عقد الإصرار ! حلَّ به الموت ، فحلَّ من حلية الإزرار{ فَاعْتَبِرُواْ يَا أُولِي الأَبْصَارِ } .خرج المغرور من الدنيا ما صحبه سوى الكفن إلى بيت البلى والعفن ..آه لو رأيته قد حلَّت به المحن ، وتغيَّر ذلك الوجه الحسن ..أفق من سكرتك أيها الغافل ، وتحقق أنك عن قريب راحل ..

يا سالكاً طريق الغافلين *** ويا راضياً بطريق الجاهلين

متى تُرى هذا القلب القاسي يلين *** متى تبيع الدنيا وتشتري الدين

ليت شعري بعد الموت أين تذهب *** رحم الله من اعتبر وتأهب

ليت شعري بعد الموت أين تذهب *** رحم الله من اعتبر وتأهب

إني سألت الترب ما فعلت *** بعدي وجوه فيك متعفرة

فأجابني صيَّرت ريحهم *** تؤذيك بعد روايح عطرة

وأكلت أجساداً منعمة *** كان النعيم يهزها نضرة

لم يبقَ غيرُ جماجم تعرَّت *** بيض تلوح وأعظم نخرة

أين الحبيب الذي كان وانتقل ؟!.أين كثير المال وطويل الأمل ؟!.أما خلا كلٌّ في لحده مع العمل !!.

أين من تنعَّم في قصره ؟!. أليس في قبره نزل!!.

آه لو تعلم كيف غدا وصار .. لقد سال في اللحد صديده ، وبلى في القبر جديده ، وهجره حبيبه ووديده ، وتفرَّق عنه حشمه وعبيده ..

أين تلك المجالس العالية ؟! ، وأين تلك العيشة الصافية الراضية ؟! خلا والله بما صنع ، وما أنقذه الندم وما نفع ..

إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..

انتبهوا من رقادكم قبل الردى{ أَيَحْسَبُ الإنسَانُ }{ أَيَحْسَبُ الإنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً }..

إنما هي جنة أو نار .. إنما هي جنة أو نار{ فَاعْتَبِرُواْ يَا أُولِي الأَبْصَارِ } .

كأنك لم تسمع بأخبار من مضى ، ولم ترَ في الباقين ما يصنع الدهر ، فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم.. فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم محاها مجال الريح بعدك والقبر.

أين الهمم المُجدَّة ؟! .

أين النفوس المستعدَّة ؟! .

أين المتأهبين قبل الشدة ؟! .

أين المتيقظ قبل انقضاء المدة ؟! .

ومن أحوالهم انهم جعلوا أوقاتهم ..لهو ، ولعب ..غناء ، وطرب ..لا يعرفون معروفاً ..ولا يُنكرون منكراً ..يعرفون أسماء ..المغنين ، والمغنيات ..بل ويعرفون ..ميولهم ، ورغباتهم ، وأخبارهم ..بل ربما يعرفون ..أسماء زوجاتهم ، وأبنائهم ..ولا يعرفون ..سيرة محمد صلى الله عليه وسلم ..وسيرة أصحابه ..وسيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين ..

يقرأون الصحف ، والمجلات ..وينفقون في سبيلها عشرات ..بل قل مئات ..ولا يقرأون القرآن ..ولا حتى لحظات ..

تراهم عند الإشارات قد رفعوا أصوات مكبرات السيارات على ..موسيقى وألحان ..وهي مزامير الشيطان ..تهنز أجسادهم طرباً ونشوة لذلك ..ولا يهتز لهم قلب عند سماع القرآن ..

*قال صلى الله عليه وسلم : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر ، والحرير ، والخمر ، والمعازف) ..

*قال ابن القيم رحمه الله وهو يرد على أهل الغناء : ألا قل لهم قول عبد نصوح وحق النصيحة أن تُستمع : متى علم الناس في ديننا بأنَّ الغناء سنة تُتبع ..

وأنَّ يأكل المرء أكل الحمار ويرقص في الجمع حتى يقع !.

يقول ابن القيم رحمه الله:

حب القرآن وحب ألحان الغنا

في قلب عبدٍ ليس يجتمعانِ

 

يعني: أن الذي يُحِبُّ القرآن لا بد أن يكره سماع الغناء، وأن يَنْفُرَ منه، والذي يَلْتَذُّ بالغناء لا بد أن يثقل عليه سماع كلام الله، وهذا واقع كثيرا في المتقدمين وفي المتأخرين، حتى قال فيهم بعض الشعراء:

تُلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة

لكنه إطراق ساهٍ لاهِي

وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا

والله ما رقصوا لأجل اللهِ

يعني: أنهم لما سمعوا القرآن أطرقوا، ولكن مع سهو ولهو، ولما جاء الغناء طاروا به فرحا، كأنهم سمعوا نعيمهم ولذتهم، طاروا به فرحا، كالحمير: شبههم بمثل سَيِّئٍ.

وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا

والله ما رقصوا لأجل اللهِ

دف ومزمار ونغمة شادنٍ

فمتى رأيت عبادة بملاهي

اي أن طربهم بهذا الدُّفِّ...بهذه الدفوف والطبول، وبهذه المزامير، وبهذه النغمات- النغمات الموسيقائية، والنغمات المحركة، والمثيرة للهمم وللفساد، وللاندفاع إلى الفواحش- وما أشبهها، ثم شبَّه هذا بأنه خمر بقوله:

إن لم يكن خمر الجسوم فإنه

خمر العقول مماثل ومُضَاهي

يعني: هذه الأصوات وهذه الأغاني هي خمر العقول، وإن كانت لا تُسْكِرُ الأجسام، ولكن تسكر العقول وتُغَيِّرُهَا، ثم يقول:

انظر إلى النشوان عند شرابه

وانظر إلى النشوان عند ملاهي

وانظر إلى تمزيق ذا أثوابه

من بعد تمزيق الفؤاد اللاهي

واحكم بأي الخمرتين أحق بالت

تحريم والتأثيم عند اللهِ

يقول بعض العلماء: رُوِيَ عن أبي سليمان الداراني رحمه الله قال: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم! أهل الليل يعني: التهجد.. الذين يتهجدون طوال الليل، يُصَلُّون، ويتدبرون القرآن، يقومون ويقعدون، يركعون ويسجدون، يخشعون لربهم ويخضعون، يتواضعون لله يدعونه مخلصين له الدين، هؤلاء لذتهم بهذه العبادة أَلَذُّ من أهل اللهو، أهل اللهو يعني: أهل الغناء، وأهل المزامير، وأهل الرقص، وأهل التمايل، في نظرهم أنهم يتلذذون، وأنهم يتنعمون، ولكن فرق كبير بينهم، وبين أهل التهجد، هؤلاء يتلذذون بِذِكْرِ الله، ويجدون له نشوةً، وطربا، وسرورا، وقوة في قلوبهم، وقوة في أجسامهم، ومع ذلك يثيبهم الله في دنياهم وأخراهم، وهؤلاء الآخرون -أهل اللهو- وإن تنعموا في دنياهم، ولكن مآلهم -والعياذ بالله- إلى الخسران، وإلى الخوف، وإلى العذاب عاجلا وآجلا، وإلى الذُّلِّ في الدنيا، فإن أهل المعاصي لا بد أن الله تعالى يُذِلُّهُمْ كما رُوِيَ عن الحسن أنه قال: إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهَمْلَجَتْ بهم الْبَرَاذِينُ، فإنَّ ذُلَّ المعاصي لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يُذِلَّ مَنْ عصاه! يعني: لا بد أن الله يُذِلُّ العصاة، ويُظْهِرُ ذُلَّهُمْ في دنياهم أو في أُخْرَاهم.

وكان بعض الصالحين يقول: إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خُلُقِ دابتي وامرأتي، يعني: إذا عمل سيئة -ولو كانت صغيرة- رأى أثر هذه المعصية عاجلا، حتى في خُلُق دابته التي يركبها كفرس أو بَغْلٍ أو بَعِيرٍ أو نحو ذلك، وفي خُلُقِ امرأته -التي هي زوجته- يرى أثر ذلك بأن تتسلط عليه، وبأن تسيء عشرته، أو تسيء خُلُقَها معه، هذه عقوبة في الدنيا.

*********

جراحات أمتنا في كل مكان ..في فلسطين ..وأفغانستان ..

والشيشان ..والعراق وهؤلاء ..يمسون ويصبحون على الألحان .

ها هو الأقصى يلوك جراحه****والمسلمون جموعهم آحاد

دمع اليتامى فيه شاهد ذلة****وسواد أعينهن منه حداد

يا ويحنا ماذا أصاب شبابنا****أو ما لنا سعد ولا مقداد

 

قمْ يا بلالْ أَذّنْ، وأَذّن ْ بانفعالْ ..

فالحربُ ما عادتْ سجالْ..

قمْ يا بلالْ واصعدْ على هاماتِنا فالقدسُ دنَّسها جنودُ الإحتلالْ..

والقدسُ يا للقدسِ في قلبي لها كلُّ إبتهالْ ..

جالَ العدوُّ بأرضها زهواً وصالْ وبنو النضير تجمعوا خلفَ التلالْ..

والناسُ جوعى يهتفونَ لكلِّ أفّاكٍ وضالْ..

والحاكمونَ شعوبَنا لا يرعوونَ عن الضلالْ ..

سلبوا الأماني جهرةً وتوحدوا ضدَ النضالْ..

باعوا البلادَ رخيصةً بيعَ السهامِ أو النبالْ..

والظالمون بغوا علينا بعدما عزَّ الرجالْ ..

أتُراهمُ وهنوا أم يا تُرى شدوا الرحالْ..

والراقصونَ على الجراحِ تعدُّهمْ مثلَ الرمالْ..

والساقطونَ على الطريقِ شعارُهمْ: هذا محالْ..

والناكسون رؤوسَهم ينأى بهمْ ذلُّ الفِعالْ..

قم يا بلالْ أذَنْ وأذّن بانفعالْ ..

فلعلهم يستيقظونَ من الخبالْ..

ولعلهمْ يسعونَ في درءِ الوبالْ ..

قمْ يا بلالْ

جُدُرُ المذلةِ سوف يطويها الزوالْ"

ولقد رُويَ أن رجلاً كان من العباد مع أهله في الصحراء في جهة البادية، وكان عابداً قانتاً منيباً ذاكراً لله، قال: فانقطعت المياه المجاورة لنا وذهبت ألتمس ماء لأهلي، فوجدت أن الغدير قد جفّ، فعدت إليهم ثم التمسنا الماء يمنة ويسرة فلم نجد ولو قطرة وأدركَنا الظمأُ، واحتاج أطفالي إلى الماء، فتذكرت رب العزة سبحانه القريب المجيب، فقمت فتيممت واستقبلت القبلة وصليت ركعتين، ثم رفعت يديّ وبكيت وسالت دموعي وسألت الله بإلحاح وتذكرت قوله: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ) قال: والله ما هو إلا أن قمت من مقامي وليس في السماء من سحاب ولا غيم، وإذا بسحابة قد توسّطت مكاني ومنزلي في الصحراء، واحتكمت على المكان ثم أنزلت ماءها، فامتلأت الغدران من حولنا وعن يميننا وعن يسارنا فشربنا وإغتسلنا وتوضأنا وحمدنا الله سبحانه وتعالى، ثم إرتحلت قليلاً خلف هذا المكان، وإذا الجدب والقحط، فعلمت أن الله ساقها لي بدعائي، فحمدت الله عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)، صبراً فإن الأمر إذا ضاق إتسع، والخطوب والأزمات إن إستحكمت حلقاتها فُرجت بعدما ظن الكثير من الخلق بأنها لن تفرج. صبراً.. بعد الظمأ ماء وطل، وبعد القحط بكل أشكاله غيث وندى..

 

المجاهدون والمرابطون يبيتون ..على أصوات المدافع ، والدبابات ..وهؤلاء ييبتون ..على أصوات المغنين ، والمغنيات ..إنهم يغرقون ..وهم لا يشعرون ......ومن احوالهم ..تراهم ..في الأسواق ، والمجمعات ..يعتنون بالمظاهر ، والشخصيات ..والسرائر خاويه ..فنون وأشكال من القصات ، والموضات ، والهيئات ..شبان وفتيات {إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ }..

همهم ..هتك أعراض المسلمين ..ومطاردة الساذجات ..تناسوا أنَّ لهم ..أمهات ..وأخوات ..وقريبات ..إنهم يغرقون ..وهم لا يشعرون ..

*جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إئذن لي بالزنا ..

فثار المجلس وفار ..فقال الرحمة المهداة للشاب بصوت حنون وقلب رحيم : ( ادنه )..فدنا الشاب ، فقال له صلى الله عليه وسلم :( أتحبه لأمك !)..قال : لا والله فداك أبي وأمي ..

قال صلى الله عليه وسلم :

( وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم )..قال صلى الله عليه وسلم : ( أتحبه لأختك !) ..قال : فداك أبي وأمي لا والله ..فلا زال يذكره، ويقول له :

( أتحبه لعمتك !، وخالتك !، وابنتك ! )..والشاب يقول : لا والله جعلني الله فداك ..فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده الشريفه عليه وقال :

( اللهم اغفر ذنبه ..وطهر قلبه ..وحصّن فرجه ) ..فقام الشاب من ذلك المجلس ، وليس شيء أبغض إليه من الزنا ..

وأنت ..يا من تغرق ..ومن أجل ذلك ..تخطط ..وتدبر ..وتسافر ..أترضاه لأهلك !!..سأترك الجواب لك !!..

اعلم أنه ما عُصي الله بذنب أعظم ..من نطفه يضعها الرجل في فرج لا يحل له ..لذلك قال الله :{ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }..

*قال الحسن البصري : كان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شاب يلازم المسجد للعبادة فعشقته امرأة ..فأتته في خلوة فكلمته ..- لاحظ .. هو لم يذهب إليها -..فحدثته نفسه ..فشهق شهقة فغشي عليه ..فجاءه عم له ، فحمله إلى بيته ، فلما أفاق قال : يا عم انطلق إلى عمر فأقرأه مني السلام ، وقل له :

ما جزاء من خاف مقام ربه ؟!.فانطلق عمه فأخبر عمر.. فأتاه عمر ..فلما رآه ..

شهق شهقة فمات ..فوقف عليه عمر فقال : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ..

أحسبه والله حسيبه ..من السبعه الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلا ظله ..( رجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال : إني أخاف الله )..

فيا ..دائم الخطايا ، والعصيان ..يا ..شديد البطر ، والطغيان ..ربح المتقون ..ولك الخسران ..{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } ..

ومن أحوال هؤلاء ..صارت ..الذنوب ..والمعاصي ..والآثام ..لهم عادة ومنهاجاً ..

فهم في { ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } ..يعيشون ..بلا أمن ..ولا أمان ..ولا راحه ..ولا استقرار ..بل قل ..بلا حياة اذ لا حياة بلا ايمان

قال جل في علاه : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }..

قلوبهم ..تئن من الذنوب وتشتكي ..أطفأت الذنوب نور الإيمان في قلوبهم ..وقطعت الآهات والحسرات كبودهم ..

وأرَّقت الهموم مضاجعهم ..يغرقون .

في لجج المعاصي والآثام ..من مصيبة إلى مصيبه .. ومن همّ إلى همّ ..ومن غمّ إلى غمّ ..و لا هم يتوبون ..ولا هم يذكرون ..وصدق الله حين قال { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } - هو مع ضلاله وعصيانه وتمرده يحاجج - { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ، وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى }..

إنهم يغرقون..ومع هذا ..لا يفكرون بالتوبه والندم ..اللهم ..إلا خطرات تمر على قلوبهم ..تناديهم ..إلى ركوب السفينه

والانضمام إلى قوافل التائبين ..يسمعون المواعظ ..ولا يتعظون ..يدفنون الموتى ..ولا يعتبرون ..يرون الحق ..ولا يتبعون ..يُدعون ..ولا يستجيبون ..

نقول لهم ما قال الله : { يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ } ..

 

هذه بعض من أحوالهم ..فتعال نسمع بعض اخبارهم ..من أخبارهم المتواتره :إذا تاب صاحب لهم ..وركب سفينة النجاة ..بدأوا بالحرب الإعلامية عليه ..يلاحقونه بنبالهم ، وسهامهم ..يعددون أخطاءه ، وزلاته ..فقائل منهم :لن يصبر ..سيعود إلى حالته السابقة ..وآخر يقول : أيام وأسابيع ..

وسيرجع إلى سابق عهده ..وآخر يقدم له النصيحة ، فيقول : مالك وهذا الطريق ..أنت على خير!!..سبحان الله ..لا يصلي ..ولا يصوم ..

ولا يقيم حدود الله ..ويغرق في بحار المعاصي ..ويقول له : أنت على خير !!..أي خير هذا ؟؟!!..

قال الله جلَّ في علاه : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ، حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ، وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ، أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ، فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ، أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ ، فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } ..

هكذا حال الغارقين ..لا يريدون ..أن يغرقوا بمفردهم ..ولو حاولت إنقاذهم ..

أغرقوك معهم ..وكما قيل ..ودت الزانيه لو زنت جميع النساء حتى يصبحوا سواء ..عجباً لهم ..بدل أن يفرحوا لهداية صاحبهم واستقامته ..يخططون كيف يردونه إلى شواطئ العصيان ..جاءتنا الأخبار ..أنَّ أحد الشباب ..سلك طريق الاستقامه ..وركب سفينه النجاة ..وبدأ يحافظ على الصلاة ويحفظ القرآن ..بدأ يتذكر أصحاباً له ..لا زالوا يغرقون في لجج المعاصي والآثام ..ودَّ لو أنهم ركبوا معه في ..سفينة التوبة والنجاة ..وانضموا إلى ..قوافل العائدين ..زارهم ..وليته لم يفعل !!..

وهذه نصيحه لكل تائب وجديد في طريق الاستقامه :

لا تذهب لأصحاب الماضي وحيداً ..خذ معك من يعينك على دعوتهم ..لأنَّ الكثره ..تغلب الشجاعه ..زارهم ..

يريد لهم الهدايه ..فبدأ الهجوم عليه من كل الجهات ..أتذكر يوم كذا وكذا !!..وعلت الأصوات ..وانطلقت الضحكات ..وقام من عندهم بعد أن ..

جددوا جراحاً ماضيه ..وحركوا في القلب والنفس أشياء ..

وبدأ الصراع من جديد ..جاؤوه بعد أيام ..يعرضون عليه السفر إلى مكان قريب ..بقصد شراء سيارة ..قالوا له :

نريد من يذكرنا بالله ..ويأمنا في الصلاة ..ويعلمنا الجمع والقصر ..فزينت له نفسه السفر..وانطلق معهم ..

 حيث يُعصى الله ..استأجروا شقه مفروشة ..وتركوه فيها ..وذهبوا وهم يخططون كيف يعيدونه إلى شواطئ الضياع مره ثانيه ..

أمضوا ليلتهم في سهرة ليليه ..بين خمر وغناء ..وهو هناك ينتظرهم ..اتفقوا مع بغي على أن يدفعوا لها الثمن أضعافاً مضاعفه ..

إن هي استطاعت أن توقع صاحبهم في الفاحشه ..الله أكبر .. يدفعون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ..

أدخلوها عليه ومعها ..خمر ..وشريط غناء ..حتى تكون الليله حمراء..والخمر مذهبة للعقل ..والغناء بريد الزنا ..

خلت به ..وخلا بها ..( وما خلا رجل بامرأه إلاَّ كان الشيطان ثالثهما ) ..ولا زالت به ..حتى سقته كأساً من خمر ..

ثم ثانيه ..ثم ثالثه .. ثم وقع المحظور ..وانهدم بلحظات ..بنيان ..لطالما ..تعب حتى بناه ..نام في فراشه عارياً مخموراً والعياذ بالله ..فلما أصبح الصباح ..جاء شياطين الإنس يطرقون الباب ..وضحكاتهم تملأ المكان ..فتحت الفاجرة لهم الباب ..

فقالوا لها : هاتِ ما عندك ..ما الخبر ، ما البشارة ؟!.قالت : أبشروا ..أبشروا ..

فقد فعل كل شيء ..شرب الخمر ..وزنا ..ثم نام ..وهو عريان في فراشه الآن ..

- تباً لهم ولأمثالهم -..أيفرحون ، ويستبشرون ..أن عُصي الله ..يفرحون ..أنَّ صاحبهم ..زنا ..وشرب الخمر ..

بعد أن كان ..يصلي ..ويقرأ القرآن ..دخلوا عليه ضاحكين شامتين ..وهو مغطىً في فراشه ..أيقظوه : فلان .. فلان

فلم يجبهم ..فكرروا النداء : فلان ..فلان .. فلم يجبهم .. حركوه .. قلَّبوه في فراشه ..فلم يستيقظ ..اسمع الفاجعة ..

صاحبنا ..شرب الخمر ..وزنا ..ونام ..ومات ..من ليلته في فراشه ..ومات ..من ليلته في فراشه على أسوأ ختام ..

يالله .. أما كان صاحبهم ..يصلي ..ويصوم ..ويقرأ القرآن ..أليس قد جاء معهم ..يريد لهم ..الهدايه ؟!..

فأرادوا له ..الغواية !..لقد دفعوا ..أموالهم ..وأوقاتهم ..ليصدوه عن سبيل الله ..

فهل ..سينقذونه ..من عذاب الله ..أي أصحاب هؤلاء !!..

وصدق الله حين قال : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً ، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً } ..

فلا تصحب أخا الفسق وإياك وإياه****فكم فاسق أردى مطيعاً حين آخاه

هكذا حال الغارقين ..تريد إنقاذهم ..فإذا هم ..يخططون لإغراقك معهم ..

لأنهم يغرقون ..قال جل في علاه : { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ، أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ، نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ } ..

وقال سبحانه : { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ، ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } ..

قال صلى الله عليه وسلم :

( إنَّ من الناس ناساً ..مفاتيح للخير ..مغاليق للشر ..وإن من الناس ناساً ..

مفاتيح للشر ..مغاليق للخير..فطوبى ..لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه ..

وويل ..لمن جعل الله الشر على يديه ) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني رحمه الله ..

ماذا صنعت بهم الذنوب !!..

قال سبحانه : { أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ..

اسمع ..ماذا صنعت ..الذنوب والمعاصي والآثام ..وكم دمرت ..من أمم ..وأفراد ..وأقوام ..

وهل في الدنيا والآخره ..شر ، وداء ..إلا وسببه ..الذنوب ..والمعاصي ..

{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ..

ما الذي ..

أوصله إلى تلك الحال !

إنها الذنوب ..

والتكبر على أوامر الله ..

ما الذي ..

أغرق أهل الأرض كلهم ..

حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال ..

وما الذي ..

سلط الريح على قوم عاد ..

حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } ..

وما الذي ..

أرسل على قوم ثمود الصيحه ..

حتى تقطعت قلوبهم في أجوافهم ، وماتوا عن آخرهم ..

وما الذي ..

أغرق فرعون وقومه في البحر ..

ثم نُقلت أرواحهم إلى جهنم ..

فالأجساد للغرق ..

والأرواح للحرق ..

إنها الذنوب ..

قال سبحانه : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ، فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ، وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ، سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ، فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ، وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ، فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ، إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}..

ما الذي ..أرداهم وأوصلهم إلى تلك الحال ..إنها الذنوب ..وما الذي ..رفع قرى اللوطيه حتى سُمع نبيح كلابهم !..ثم قلبها عليهم ، فجعل عاليها سافلها ...فأهلكهم جميعاً ..

ثم أتبعهم حجاره من السماء فأمطرها عليهم ..

فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعها على أمة غيرها وللظالمين أمثالها ..

تدبر في قوله { فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ، مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } ..

ما سبب هلاكهم وتدميرهم !..

إنها ..

الفطر المنتكسة التي تشتهي الرجال دون النساء ..

إنها الذنوب ..

وما أدراك ما الذنوب ..

وما الذي ..

أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل ..

فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى ..

اسمع قول الجبار لما كذبوا رسوله { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } ..

وما الذي ..خسف بقارون وداره وماله وأهله { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ } ..

وما الذي ..أهلك قوم صاحب ياسين ..حتى خمدوا على آخرهم ..وقد حذرهم وقال لهم : { يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ } ..انها الذنوب ..باختلاف أنواعها ..وتغاير أصنافها ..

قال سبحانه : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } ..

حارت الأفكار في قدرة من **** قد هدانا سبلاً عزَّ وجلّ

كتب الموت على الخلق فكم **** فلّ من جمع وأفنى من دول

أين نمرود وكنعان ومن**** ملك الأموال ولى وعزل؟!

أين من سادوا وشادوا وبنوا**** هلك الكل ولم تغنِ القلل

أين أرباب الحجى أهل النهى؟!**** أين أهل العلم والقوم الأُول؟!

سيعيد الله كلاً منهم **** وسيجزي فاعلاً ما قد فعل

وأنا أقول : أنت ..يا من لا زلت تغرق ..أما آن الأوان ..لتتوب ..ولتندم ..وتقلع عن الذنب ..وتعزم ..هل سنراك تسابق المصلين إلى الصف الأول !!..أم ستبقى ..على تخلفك تتقاذفك الأمواج ..حتى يتخطفك الموت ..على حال لا ترضي ولا تسر ..أما آن الأوان ..أن تنطرح على بابه ..وتفر إليه ، وتقول :

وقفت ببابك ياخالقي**** أقلّ الذنوب على عاتقي

أجرُّ الخطايا وأشقى بها**** لهيباً من الحزن في خافقي

يسوق العباد إليك الهدى**** وذنبي إلى بابكم سائقي

أتيت مالي سوى بابكم**** طريحاً أناجيك يا خالقي

إلهي أتيت بصدق الحنين**** يناجيك بالتوب قلب حزين

إلهي أتيتك في أضلعي ، إلى**** ساحة العفو شوق دفين

إلهي أتيت إليك تائباً**** فألحق طريحك بالتائبين

أعنه على نفسه والهوى**** فإن لم تعنه فمن ذا يُعين!

أبوح إليك بما قد مضى**** وأطرح قلبي بين يدك

بقايا الخطايا ودرب الهوى**** وما كان تخفى دروبي عليك

تريد النجاة ؟؟!!.سؤال أسألك إياه ولا أظنك ستقول لا ..تريد النجاة ؟؟!!..

إذن ..اركب سفينة النجاة ..تعرَّف على الله ..تريد أن يكون الله معك !!..

فاحرص على تقواه..إذا أردت أن تُحفظ أهلك ، ونفسك ، ومالك ..

فأحفظ الله ..أما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( احفظ الله يحفظك ..

أحفظ الله تجده تجاهك ..تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) ..

*أما سمعت عن خبر الثلاثة الذين أخبرنا بخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين آواهم المبيت إلى غار ..فانحدرت صخره من الجبل ..فسدت فتحة الغار ..فأصبحوا في ظلام دامس ..لا يعلم بمكانهم أحد إلا الله ..إنه الموت والهلاك المحقق إن لم يلطف بهم الله ..فقالوا : لا ينجيكم اليوم إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم ..فدعا الأول ..ببره والديه وأنه لا يقدم عليهم مالاً ولا ولداً ..ودعا الآخر ..بترك الفاحشة والزنا وكان قادراً على ذلك ..ودعا الثالث ..أنه أعطى الأجير أجره ..قالوا في دعائهم وتضرعهم : اللهم ..

إن كنت تعلم أنّا فعلنا ذلك ابتغاء وجهك ..ففرج عنا ما نحن فيه ..فلما علم الله ..صدقهم ..وإخلاصهم ..انفرجت الصخرة ..وخرجوا يمشون ..هم ..تعرفوا على الله ..

في الرخاء ..فعرفهم ..في الشده ..توسلوا إلى الله ..بصالح أعمالهم ..فأي عمل سأتوسل به ..أنا ..وأنت ..إلى الله !!..إذا أوانا المبيت إلى غار ..أو تهنا في الصحراء ..أو في القفار ..

يا ربي عفوك لا تأخذ بزلتنا**** وارحم يا ربي ذنباً قد جنيناه

كم نطلب الله في ضرّ يحل بنا**** لما تولت بلايانا نسيناه

ندعوه في البحر أن ينجّي سفينتا**** لما وصلنا إلى الشاطي عصيناه

ونركب الجو في أمن وفي دعة**** وما سقطنا لأنَّ الحافظ الله

قال ابن القيم رحمه الله : إذا استغنى الناس بالناس ..فاستغني أنت ..بالله ..

ذا فرحوا بالدنيا ..فافرح أنت ..بالله ..اذا أنِسُوا بأحبابهم ..فاجعل أُنسك ..بالله ا

إذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم ، وتقرَّبوا إليهم لينالوا بهم ألعزه والرفعة ..فتعرف أنت ..إلى الله ..تعرف أنت ..إلى الله ..وتودد إليه ..وانطرح بين يديه ..تنل بذلك ..غاية العز ..والرفعة ..كما قال الله : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً } .وقال : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ } ..واعلم ..

 ( إن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب ) ..وفي رواية :

( عرضه مسيرة سبعين عاماً ..لا يُغلق ..حتى تطلع الشمس من مغربها )..

فالباب مفتوح ..فهلَّا ..ولجت !!..واعلم ..رعاك الله ..أنَّ الله نادى فقال : ( يا عبادي ..

إنكم تخطئون بالليل والنهار ..وأنا أغفر الذنوب جميعاً ..فاستغفروني أغفر لكم ) ..ولقد سمعت النداء ..فهلَّا ..استغفرت !!..فهلَّا ..أقبلت ، واعتذرت !!..قل :

أنا العبد الذي أضحى حزيناً **** على زلاته قلقاً كئيباً

أنا العبد الغريق بلج بحرٍ**** أصيح لربما ألقى مجيباً

فيا أسفي على عمر تقضَّى**** ولم أكسب به إلا الذنوبا

أنا المضطر أرجو منك عفواً**** ومن يرجو رضاك فلن يخيبا

إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة .. إنَّ العاقل من راقب العواقب ، والجاهل من مضى قُدُماً ولم يراقب..كم يوم غابت شمسه وقلبك غائب ! .وكم ظلام أُسبل ستره وأنت في معاصي وعجائب ! .

وكم أسبغ الله عليك وأنت على معاصيه تواظب ! .

وكم صحيفة قد ملأتها بالذنوب والمَلَكُ كاتب !.

وكم أنذرك الموت يأخذ أقرانك من حولك وأنت ساه ولاعب !. وكم أنذرك الموت يأخذ أقرانك وأنت ساه ولاعب !.

أفق من سكرتك ..وتذكر نزول حفرتك ، تذكر هجران الأقارب ، وتذكر إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..

آه ..لألسنٍ نطقت بالآثام .. كيف غفلت عن قول ربَِّ الأنام { اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهمْ }

آه ..لأيدٍ امتدت إلى الحرام .. كيف نسيت قول الملك العلام { وتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ }

آه ..لأقدامٍ سعت في الإجرام .. كيف لم تتدبر{ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ }

آه.. لأجساد تربَّت على الربا .. كيف لم تفهم ( ما نبتَ على السُحت فالنار أولى به ).

*يا ابن العشرين : كم مات من أقرانك وتخلَّفت ؟!. يا ابن العشرين كم مات من أقرانك وتخلَّفت ؟!.

يا ابن الثلاثين : أدركت الشباب فما تأسفت ؟!.

يا ابن الأربعين : ذهب الصبا وأنت على اللهو قد عكفت ؟!.

يا ابن الخمسين : أنت زرع قد دنا حصاده .. أنت زرع قد دنا حصاده .. لقد تنصّفت المئة وما أنصفت ؟!.

يا ابن الستين : هيا إلى الحساب فأنت على معترك المنايا قد أشرفت ؟!.

يا ابن السبعين : ماذا قدمَّت وماذا أخرت ؟! .

يا ابن الثمانين : لا عذر لك فقد أُعذرت ؟!.

من حمل نعشاً اليوم ، سيأتي يوم ويُحمل هو على الأكتاف ..

ومن دخل المقبرة اليوم زائراً ، سيدخل يوماً ولن يخرج منها ..

ومن عاد إلى بيته اليوم ، سيأتي يوم ولن يعود .. ومن عاد إلى بيته اليوم ، سيأتي يوم ولن يعود قال عمر بن عبد العزيز لبعض العلماء : عظني ، فقال : لست أول خليفة تموت ، قال : زدني ، قال : ليس من آبائك أحد إلى آدم إلا ذاق الموت ، وسيأتي دورك يا عمر .. وسيأتي دورك يا عمر .. فبكى عمر وخرَّ مغشياً عليه .

وصدق من قال : لا تبت وأنت مسرور حتى تعلم عاقبة الأمور ..

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ