ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 08/09/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ذكريات طنطاوية -4

إن ذكرياتي عن رمضان مستقرها الجامع الأموي، وأبناؤه وأحفاده: مساجد دمشق. وأين تكون ذكريات رمضان إن لم تكن في المساجد؟ في حلقات العلم والوعظ في المساجد، وفي صفوف المصلين التي تملأ في رمضان المساجد؟ على أن في المساجد في رمضان ما يأباه الذوق السليم، والخلق القويم، هو النوم فيها بين الصلوات، فهل أنشئت المساجد لترى الناس نائمين فيها، مضطجعين بالطول والعرض، لا يحترسون من أن يؤذوا الناس، أنا لا أنكر أن الاعتكاف عمل مشروع، وسنة متبعة، ولكن هذا الذي يصنعه الناس ليس من الاعتكاف المشروع.

إن ذكرياتي عن الأموي لا أكاد أحصيها، منها ما له نظير في غيره، ومنها ما لا أعرفه إلا فيه، فمن أقدم الذكريات التي نقشت صورتها في نفسي من عهد الصغر، ثريا ضخمة جداً على هيئة قبة قطرها نحو أربعة أمتار، ليست من البلور (أي الكريستال)، ولا من الصفر أو النحاس، ولكنها قضبان متشابكة من الحديد، إذا رأيتها اليوم رأيت فيها مئات ومئات من المصابيح الكهربائية، وهذه حالها اليوم، أما حالها لما كنت في الابتدائية، قبل خمس وستين سنة فقد كانت شيئاً آخر، شيئاً يوصف ولا يرى لأنه فقد ولم يعد يوجد، كان مكان المصابيح الكهربائية سرج: كؤوس صغيرة جداً كالتي نشرب فيها الشاي، تملأ بالزيت ويوضع فيه الفتيل، وهو خيط غليظ من القطن المفتول، ولذلك سمي بالفتيل، لأن (فعيل) تأتي بمعنى (فاعل) ومعنى (مفعول).

والصورة الراسخة في الذاكرة هي صورة هذه الثريا، التي تعدل بحجمها قبة مسجد، المربوطة بحبل معلق ببكرة، ينزلونها حتى تستقر على الأرض بعد أن يبسطوا تحتها بساطاً مشمعاً لئلاً يوسخ الزيت السجاد، ثم يلتفون حولها ويشعلون الفتيل في السراج حتى تضيء السرج كلها، ثم يشدون الحبل فيرفعونها، فتراها من تحتها والسراج ترتجف شعلاتها وتتراقص مثل النجوم المتلألئة، ففي السماء الصافية، في الليلة الساكنة. ويستغرق إيقاد هذا السرج الوقت كله من المغرب إلى العشاء.


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ