الشاعر الألماني رينر ماريا ريلكه

طل الملوحي

هناك نوع من الشخصيات التي تملأ العقل والقلب وتظل تقترب منك وتستولي عليك حتى ترى من خلالها الدنيا كـ العدسات التي تلتصق بـ العين فتكون هي نفسها العين

هناك واحد من هؤلاء الأصدقاء الذين تعذبت بهم فترات طويلة

لاأعرف من أين جاء ولا كيف ولا لماذا كأنه عفريت قفز في طعامي وشرابي وفي دمي

كلما اقرأ له أفقدني تماما

لم أكن أعرفه وإنما وجدتني فجأة أردد إسمه وأكرر معانيه لم اكن ادري أنه يزلزل نفسي ويعصف بعقلي

تعرفت عليه من خلال أحد أساتذه الأدب ,على العشب كنت أجلس حينها

عندما سقط من يده كتاب فـ إلتقته من على الأرض وناولته

قرأت عنوانه << رسائل إلى شاعر شاب>> لـ رينر ماريا ريلكه

وكانت هذه أول مرة أقرأ فيها إسم هذا الشاعر رفعت رأسي مستفهمة ريلكة؟ 

إبتسم وقال اقرئي له بـ التأكيد سـ يعجبكِ كثيرا ومن يومها بدأت أبحث عنه لا أعلم لم ربما لأني أحب الأدب الالماني*_*

تذكرت حينها الجميلة

<< لو أندريا سالومي>> وتمنيت أن أكون مثلها وهى تعلق فى عربتها فرويد ونيتشه وريلكة *_*

ولكن أيوجد مثلهم الآن بالطبع لا

سأحدثكم لاحقا عن لو أندريا الفتاة اليهودية الجميلة التى عذبت أعظم الفلاسفة والشعراء بحبها

بدأت فى قراءة كتاب << غراميات ريلكه فى مصر>>

وجدته قد أحب فتاة مصرية ومن أروع ما قرأته فى هذا الكتاب عندما وصفها

<< إنتِ كـ الوردة فـ الوردة عشرات من الأجفان بلا عين ترى .. أنتِ أجفان لعيني التى تراكِ>> كم تمنيت حينها أن أكون أنا حبيبة ريلكه

مات ريلكة بوخز وردة كأن وردة وخزت وردة

طلب من صاحبة البيت الذي كان يسكنه أن تخبره إن كانت وردته الحمراء قد تفتحت؟

فعادت صاحبة البيت لتقول له : لقد تفتحت ياسيدي فـ أغمض ريلكه عينيه ليـموت .. أراد أن يكون لون الوردة وإسمها وصداها  هو آخر ما يتزود به من هذه الدنيا وأطبق جفنيه وأذنيه ونفسه وما سمع إلا الموت

وأنا أقرأ عن موته كنت أهز رأسي مصدقة وغير مصدقة تحيرت المعاني فى رأسي ودوخني الحزن

<من أقواله التى هزتني>

1- أن تكون وحدك هذه نعمة كبرى بشرط ان يكون لديك ما يكفيك من طعام الأحــزان

2- أن تكون وحدك مع حزنك هذه نعمة أكبر بشرط أن يكون لديك ما يكفيك من سلالم العظمة والسمو إلى ما فوق الإنسان

3- أن تكون وحدك معناه أن تطبق عينيك وتقفل نوافذك لتنعم بـ الظلام الهادئ الظاهر ولكن من المؤكد أنك لست وحدك

فـ الرب هناك فى أعماقك.. وإذا كان الرب فى داخلك فلست بحاجة إلى مصباح يضئ لك بل إنك أنت المصباح

- كثيرون يتحدثون عن الله كل إنسان يقول < الله> ولكن ليس هناك أي معنى لما يقول إنه يقولها عند الخوف أو حينما يشعر بـ النهاية ولكن لـ نفرض أن طفلين قد إشتريا سكينين فى يوم واحد وإختفيا لمدة إسبوع ثم عادا وفي يد كل منهما السكين لا فرق بين السكين في يد هذا أو السكين فى يد الآخر الفارق الوحيد هو في أي شيء إستخدم كل منهما السكين؟

وكذلك الله كيف يكون الله معنا وفينا ولا نستخدمه سلاحا لنا ولغيرنا .

إن الإنسان وحده تماما إذا لم يكن مع الله.

شعرت بـ الوحدة التى يعيشها ريلكه كـ أنها حالة حساب أو محاسبة أو تصفية أو صفاء

فأنا أعاني تلك الوحدة تماما كما عاناها وربما أكثر

وكأن الحزن هو توأمي وهذا هو قدري

بدأت أعيد النظر إلى ملامحي وأنا أقرأ له بحثت عن المرآة ورأيت وجهي في المرآة

وجدت دمعتين ورايت وجهي الحقيقي إذن هذه هي أنا

توحدت مع ريلكه وهو على فراش الموت عندما سُئل إن كان لديه ما يقوله لأحد؟

فقال لا أحد أقول له فلم استطع أن أستمتع بالكلام مع أحد ولم يستطع أحد أن يدعني استمتع.

إن الناس يرونك بنصف عين

ويسمعونك بنصف أذن ويفتحون لك ربع قلب ويفتحون لك كل العقل لعلك تدخله وتسقط منه إلى غير رجعة !!

إلتصق هذا الشاعر الرقيق الحزين بـ حياتي  أحسست أننى المقصودة بـ كلام الشاعر فرجيل:

من ذلك الذى يتمرغ على الشوك..

من ذلك الذى ينزع أوراق الوردة ويتمدد على شوكها .. ومن ذلك الذي سما على لظى النجوم؟

وحينها قلت بل أنا التي ترتدي جلد القنفذ بـ المقلوب ولكن ما الذي يعذبني؟

فوجدت أن كل شيء يوجعني أنا والناس , أنا والبعد عن الناس,

وأنا مع الناس

لأننا ببساطة شديدة ولدنا وحدنا

و وحدنا نموت وحدنا نتعذب فى عذابنا

و

وحدنا تطهرنا فى نار الندم

ووحدنا نموت إذا نظرنا إلى أنفسنا في المرآة

فـ إننا نموت فى عيوننا وعيوننا تموت

و

وحدنا نمــــوت !

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ