ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 28/05/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لماذا يحسدون أبا الطيّب؟!

سليم زنجير

أبو الطيب المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس...لم يحظ شاعر عربي بما حظي به من عناية الأدباء والشعراء والنقاد، الذين أحبوه، والذين أبغضوه, والذين حسدوه على السواء...الذين أحبوه أشاروا إلى روائع قصائده، والذين أبغضوه أو حسدوه أشاروا إلى الواهي من شعره، وكان من أكثر الناس إنصافا وعدلا في الحديث عن شعره ابن الأثير الذي قسمه أقساما خمسة  : خمس في الغاية التي انفرد بها دون غيره، وخمس من جيد الشعر الذي يساوي فيه غيره، وخمس من متوسط الشعر، وخمس دون ذلك، وخمس في الغاية المتقهقرة التي لا يعبأ بها، وعدمها خير من وجودها...وعلى الحقيقة فإنه خاتم الشعراء، ومهما وصف به فهو فوق الوصف وفوق الإطراء.

لعل المعجبين والحاسدين نظروا إلى القسم الأول من شعر أبي الطيب، بينما نظر المبغضون إلى القسم الأخير...وليس غريبا أن يقع أبو الطيب تحت حسد الحاسدين من الذين يرون أنهم أقرانه، وممن يتوهمون ذلك، في وقت كان للشعر سطوته، وكان بلاط سيف الدولة يعج بالشعراء والأدباء المتنافسين على القرب والحظوة...وكيف ينجو من حسد من يقول:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي    وأسمعت كلماتي من به صممُ

ومن يقول:

وما الدهر إلا من رواة قصائدي    إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا

ويقول:

ولست أبالي بعد إدراكيَ العلا   أكان تراثا ما تناولت أم كسبا

ويقول:

وفي الجسم نفسٌ لا تشيب بشيبهِ      ولو أن ما في الوجه منه حرابُ

يغيّر مني الدهر ما شاء غيرها      وأبلغ أقصى العمر  وهْي كَعابُ

وأيضا:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى     عدوا لـه ما من صداقتـه بدُّ

وغير ذلك كثير من شعر حاضر في كل مكان ينبغي أن يحضر فيه الشعر، ومنه:

عش عزيزا أو مت وأنت كريم      بين طعن القنا وخفق البنودِ

أعز مكان في الدنا سرج سابح      وخير جليس في الأنام كتابُ

مـاذا لقيت من الدنيا وأعجبها      أني بما أنا شاكٍ منه محسودُ

تمرستُ بالآفات حتى تركتها  تقولُ: أمات الموت، أم ذعر الذعرُ

ولعل أبا الطيب شكل عقدة للشعراء انتقلت من عصره إلى عصرنا، حتى كان هناك من يكتب مقالات أو كتبا يقارن فيها بين أبي الطيب وشاعر يفضّله بسبب من القرب الزماني أو المكاني أو كليهما معا، أما شعراء الحداثة فكثير منهم من لا يطيب له الارتقاء إلا على أكتاف المتنبي...بل إننا سمعنا من بعض الأفاضل أن قصائد فلان وفلان،ممن لم يثبت لهم قدم في الشعر ولم يشغلوا الناس غير بعض السامعين المحبين، أهم من قصائد المتنبي...ولكن الزمان هو الحكم الأخير...لقد عاشت قصائد أبي الطيب أكثر من ألف عام، فكم ستعيش قصائد هؤلاء؟!

لقد رمي أبو الطيب بالكثير من التهم التي لا تثبت أمام النقد،  على أن حاسديه لم ينقموا عليه عثراته، وإنما إبداعه وتفوقه، وقد لاحظ العقاد أن الآخرين تسوءهم مزايانا أكثر مما تسوءهم نقائصنا، ولعل هذا ما حصل لأبي الطيب الذي أغاظ الحساد بإبداعه، وبنظرته المتعالية إليهم...

 بالعودة إلى ابن الأثير ، فقد أشار إلى أن أبا الطيب حظي في شعره بالحكم والأمثال, واختص بالإبداع في وصف مواقف القتال...فإن حكم أبي الطيب سارت على ألسنة عامة الناس، الأمر الذي انفرد به عن سائر الشعراء...وهذا وحده ربما كان جديرا بأن يجر عليه حسد الحاسدين... إنها ضريبة النبوغ والإبداع والتفرد.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ