ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 29/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


"أتيت من حظيرة الزنوج"

I Come from the Nigger Yard

قصيدة لشاعر غويانا مارتن كارتر من ديوان "قصائد مقاوِمة" 1954:

ملاحظة: سبق أن تناولنا سيرة وبعض قصائد مارتن كارتر (1927 – 1997)، أحد أبرز شعراء المقاومة في غويانا في أمريكا الوسطى، في العرب اليوم في 16/6/2009.

http://www.alarabalyawm.net/pages.php?news_id=166489

ونقدم هنا ترجمة لأحد أشهر قصائده من مرحلته الثورية في الخمسينات قبل أن يتحول إلى الإنطوائية والرمزية.

ترجمة  د. إبراهيم علوش

أتيت من حظيرة الزنوج

من حظيرة زنوج الأمس أتيت

واثباً من كراهية الطغاة

واحتقار الذات،

من عذاب الكوخ المظلم في الظل

وألم الأشياء،

من أيام القسوة وليالي الألم الطويلة،

إلى شوارع الغد الواسعة، لليوم التالي

واثباً آتي، ومن لا يرى سوف يسمع.

في حظيرة الزنوج كنت عارياً كرضيع

عارياً كحجر أو كنجم.

كانت مهد الأيام العمياء المتأرجحة بالزمن

وكنت مسلوخاً كالجلد من ظهر رقيق.

كانت أرضية مؤلمة تلك التي زحفت عليها

على يدي وركبتاي

باحثاً عن غبارٍ، عن أثر لجذر،

عن رقاقة نبتة أو شكلٍ زهرة.

كنت أسير دوماً حافي القدمين

أقابل وجوهاً غريبة كما في الأحلام أو الحمى

عندما ينقلب العالم رأساً على عقب

ولا يعلم أحدٌ أيها السماء وأيها الأرض

وأي القلوب ممزقٌ أو جريح

أي الوجوه وجهُه في الوجه الغريب أو الرهيب

كنت تائهاً، أئن ما بين الرياح.

كانت هناك دوماً موسيقى حزينة في البلاد

كبوقٍ وطبلٍ ما بين المنازل

وأصوات نسوة تغنين هناك

ولحظات صمت، ثم فيض من رنين.

تلك أشياء كانت كأنها أشباحٍٍ أو أرواحٍٍ من رياح

وما هي إلا عالمٌ كبيرٌ يدور خارجاً

ما هي إلا رجالٌ، ولدوا في العذاب، تمزقوا، وتلووا وتهشموا كورقة نبات

والصباح المزعج، وأسرة الجوع الملطخة والخسيسة

مثل العالم، كبيراً وقاسياً، تدور خارجاً.

جالساً أحياناً في الغسق قرب الغابة

حيث يغيب الضوء وكل طير

ألحظ نجماً ضئيلاً قرب ورقة شجر

نقطةَ ضوءٍ صغيرة قطعةَ زجاج

تميل في السماء مشعةً صغيرة

كبذرة شرارة في قدر الكآبة.

آه لقد كان القلب مثل ذاك النجم الصغير قرب الأحزان

يميل ضد العالم بأكمله وضد الغسق المديد

شرارة حلم رجلٍ تغزو الليل

متأججة في الظلام وشرسة

إلى أن تتحول أوراق الغروب من الأخضر للأزرق

وتنمو الظلال كعمالقة في كل مكان.

هكذا ولدت من جديد عنيداً وشرساً

صارخاً في الحي الفقير.

لقد كانت مدينةً وفسحةَ نعشٍ لبيت

ونهراً يجري، سجوناً ومشافي

رجالاً سكارى، قضاة متعجرفين

كهنة وقساوسة يخادعون الله بالكلمات

وأنا، كالكلب متسربلٌ بالخرق

مرقطٌ بالقروح المرشوشة بالغبار

أصرخ من الجوع، غاضباً من الحياة والناس.

كنت طفلاً من أمٍ فخورة بدمها

من أمٍ ناسجةٍ ملامحها، نازفةٍ حياتها في كتل.

وكان ألماً ممتداً من ساعاتٍ إلى أشهر إلى سنوات

حياكةُ رسم حكايةٍ مؤثرة

على الوجه والجبين

حتى أتت أيام الحديد المصبوب في مسبك المعادن

حيث يجعل الرجال المطارقَ أشياء لا تنكسر

والسندان ثقيلاً صلباً وبارداً كالجليد.

وهكذا أصبحت واحداً من الآلاف المؤلفة،

واحداً من العذابات التي لا تحصى التي تتملك الأرض.

وحين ارتفع القمر فقط المومسات استطعن الرقص

وتأوه جاز الموسيقى الوقح وخفق

مالئاً هواء الليل بالأسئلة الإيقاعية.

لقد كانت البذرة وقشرتها يتحديان النار

الولادة والقبر يتحديان الحياة.

حتى اليوم في قلب الجلبة

حين تتبدل الأرض ويتزلزل العالم

حين تتصل الأصوات لتقول الشيء نفسه

وتدق قلوبٌ مختلفة معاً

حيث الأرضية المؤلمة التي أعيش عليها

تتلوى الأرض المتحركة لتتخذ شكلاً

وأخذ مجدداً حياتي الزنجية، احتقاري لذاتي،

وأقذفهما في وجه من يكرهونني.

إنه الصبي الزنجي متحولاً للرجولة

رابطاً أصابعي، صاهراً لحمي للحرية.

أتيت من حظيرة الزنوج

من حظيرة زنوج الأمس أتيت

واثباً من كراهية الطغاة

واحتقار الذات،

أتيت للعالم بندوبٍ على روحي

جروحٍ على جسدي، غضبٍ في يداي

أتحول إلى تاريخ الرجال وحياة الشعوب.

أتفحص وابل الشرر، ثروة الأحلام.

إني مسرورٌ بالأمجاد ومكتئبٌ بالأحزان

غنيٌ بالغنى، فقيرٌ بالخسارة.

من حظيرة زنوج الأمس أتيت مع أحمالي.

إلى عالم الغد أوجه قوتي...

ــــ

المصدر : العرب اليوم

-------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ