مشاركات
على
طريق المواجهة
عام
على الاحتلال.... عام على المقاومة
بالديمقراطية
والصمود والمقاومة نواجه المؤامرات
رجاء
الناصر
ثلاث
قضايا رئيسية تفرض نفسها في المشهد
العراقي وما يحيط به في ذكرى مرور عام
على الاحتلال .
القضية
الأولى: محاولة الاحتلال تغيير جلده
وسط سلسلة الفضائح التي رافقته
والمصاعب التي واجهته ، فقد انكشف
للعالم كله أن الرئيس الأمريكي جورج
بوش وتابعه بلير لم يكونا سوى كذابين
ومخادعين في تقديم مبرراتهما لاحتلال
العراق ، وما حاولا تقديمه من مسوغات
لارتكابهما إحدى أكبر الجرائم في
تاريخ الإنسانية .
فلا
العراق كان يمثل خطراً على جيرانه ،
ولا هو يملك أسلحة دمار شامل .
مع
انكشاف هذه الحقائق ومع اشتداد حركة
المقاومة ومع تخوف انتشارها إلى مختلف
المناطق العراقية سعى الاحتلال إلى
تجميل وجهه عبر غطاء رقيق من الهيئة
الدولية أولاً ، وعبر تشكيله مؤسسات
تابعة له تلتزم بأوامره تعهدت بتأمين
استمرار وجوده تحت أسماء أخرى لا تغير
من طبيعته ثانياً , فهذه الصنائع
التزمت بالأساس بعقد معاهدات واتفاقات
تحفظ الوجود العسكري لقوى الاحتلال ،
وتنفيذ مخططاته بتقسيم العراق باسم
الفيدرالية ، وتغيير هويته القومية ،
وربط اقتصاده بالمستعمر.. وما جرى
إقراره من قبل مجلس الحكم المحلي من
قوانين يصب تماماً في توفير هذا الغطاء
للاحتلال . فالقانون الأساسي الذي جرى
توقيعه قبل أيام تضمن أساساً :
1)
الالتزام بالاتفاق العسكري الذي تم
توقيعه بين المحتل وصنائعه وهو اتفاق
ينص على بقاء قوات الاحتلال تحت تسميات
أخرى .
2)
إلغاء هوية العراق العربية وتحويله
إلى دويلات طائفية وعرقية واثنية ،
يخضع لتوازنات الأقوام والطوائف وهو
يتضمن فرض هذه القيود على المستقبل
الذي تتحكم فيه إرادات الأقلية ، التي
منحها القانون سلطة رفض أي دستور جديد
حتى لو حاز موافقة أغلبية الشعب
العراقي .
3)
إبقائه عوامل التفجير من خلال تكريسه
لما سمي بقانون الاجتثاث والاستئصال
لفريق من الشعب العراقي على أساس هويته
السياسية ، وهو تعبير عن فكر غير
ديمقراطي في الأساس ، ناهيك أن هذا
الاستئصال يشمل الملايين من الشعب
العراقي وليس بضعة أفراد فيه .
على
ضوء تلك الاشتراطات والاستثناءات لا
يبقى من الدستور سوى شعارات وصياغات
وفذلكات ، فلا معنى للقول باحترام
الحريات وحقوق الإنسان في ظل
الاستئصال ولا معنى للديمقراطية في ظل
تحكم الأقلية , ولا معنى لوحدة الدولة
في ظل نظام طوائفي وأقوامي بدون هوية
وطنية .. ولا معنى للاستقلال في ظل بقاء
قوات الاحتلال مهما اختلفت تسمياتها .من
المؤكد أن الهدف الأساس من هذه
التشريعات هو محاولة نزع مشروعية
مقاومة الاحتلال , ولكن هل يمكن أن تنزع
مشروعية الحقوق الطبيعية بقانون جائر
يضعه العملاء , حتى ولو جرى الاستفتاء
عليه على طريقة الدول المتخلفة , أي
بالتزوير والإكراه ؟! ...
القضية
الثانية : هي دلالات سقوط حكومة أزنار
وحزبه في اسبانيا , فقد مثل أزنار
الحلقة الثانية إلى جانب بلير
في التبعية لأمريكا , وكان أشد
المدافعين عن سياسة احتلال العراق
والمساهمين بها , وخاصم من أجل ذلك
الرأي العام في إسبانيا والكثير من
جيرانه وتسلح يومها أزنار في موقفه
بقضيتين: أولهما : الدعم الأمريكي غير
المحدود والذي تجلى بزيارات مكثفة
للرئيس بوش إلى اسبانيا وبإعطاء أزنار
جزءاً من الكعكة العراقية عبر عقود
الاستثمار التي احتكرها التحالف
المعتدي على العراق.
ثانيهما
: انجازات اقتصادية داخلية تمثلت في
تخفيض نسبة العطالة عن العمل وفي بعض
التقدمات الاجتماعية .
لقد
كان أزنار واثقاً من النصر على منافسيه
الرافضين للمشاركة في العدوان على
العراق , لكن هذه الثقة تعرضت لنكسة
عميقة عندما قالت أغلبية الشعب
الاسباني , لا للتبعية لأمريكا ولا
للمستهترين بأمن الشعوب لا لأزنار .
سقوط أزنار وحكومته قد يكون مقدمة
لسقوط بوش وتابعه الآخر بلير هذا ما
تتمناه الكثير من الشعوب .
المسألة
الثالثة : مشروع الشرق الأوسط الكبير .
من
المؤكد أنه لولا احتلال العراق , ما كان
ممكناً أن تمارس الإدارة الأمريكية كل
هذه الضغوط على النظم العربية التي بدا
بعض حكامها مفزوعاً إلى درجة
الاستسلام الكامل والذي تجلى صوره في
قطع معظم الدول العربية الدعم المالي
عن شعب فلسطين , وهو دعم غير حكومي في
الأساس , استجابة لمطالب العم : سام ,
وفي تسليم البعض الآخر لأسلحته وإفشاء
أسرار كل من تعاون معه إلى المخابرات
الأمريكية دون ثمن أو مقابل , وبصورة
مهينة يندر أن يقوم بها حكام آخرون,
وقام آخرون بتسليم مواطنيهم إلى
المخابرات الأمريكية بحجة التعاون في
مكافحة الإرهاب .
في
ظل هذه الحال أصدرت الولايات المتحدة
الأمريكية مشروعها لإصلاح وبناء ما
أسمته بالشرق الأوسط الكبير , الذي
يمتد ليشمل كل الوطن العربي وجزءاً
كبيراً من العالم الإسلامي إضافة إلى
الكيان الصهيوني , وهو مشروع يلغي
الهوية العربية والإسلامية عن المنطقة
ليفرض هوية جديدة تقوم على إحياء
الانقسامات ما دون القومية والوطنية
وتوحيدها في إطار هلامي تسيطر عليه
الصهيونية , هذا المشروع أتى هذه المرة
تحت راية "
الإصلاح الديمقراطي " بعد أن كان
مشروع رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق
شيمون بيريز يقوم على أساس (( الاقتصاد
)) , ومن المؤكد أن الهدف من المشروع
الأمريكي ليس الإصلاح الديمقراطي
وإنما إزالة الهوية العربية
والإسلامية والإمساك بالمنطقة , ولكن
من المؤسف أن ما رفضته الأنظمة هو جانب
الإصلاح بينما قدمت الكثير من
التنازلات في سياساتها الخارجية وفي
مجال المصالح القومية العليا وظهر
هلعها واضحاً فقط عند مطالبتها
بتقديمات صغيرة لشعوبها على طريق
الديمقراطية .
المشروع
الشرق الأوسطي مرفوض , لكن رفضه يجب أن
يتأسس على قواعد مغايرة لما تطرحه
النظم بحيث يتم التوافق على إحداث
إصلاحات وانعطافات ديمقراطية جدية من
جهة , وعلى حماية المصالح القومية
وتحصين عوامل مقاومة العدو الخارجي من
جهة أخرى .
وتبقى
نقطة أخيرة على تماس مباشر باحتلال
العراق وبمشروع الشرق أوسط الكبير , هي
ما يجري اليوم في سورية من أحداث
واضطرابات في بعض مناطقها , وهي أحداث
لا يمكن اعتبارها مجرد انفجارات
محدودة بسبب احتقانات طويلة ومزمنة ,
وإنما هي بالأساس نتيجة فعل خارجي
أيضاً , فليس
من المفهوم والمقبول حرق العلم السوري
ومهاجمة المحلات العامة والخاصة على
أسس إثنية , ورفع أعلام الولايات
المتحدة الأمريكية وصور الرئيس
الأمريكي فهذه الإجراءات والمواقف
شكلت صدمةً للأغلبية الساحقة من
المواطنين قبل أن تكون صدمة للسلطة
وأظهرت أن ما يجري في بعض جوانبه مرتبط
بقانون محاسبة سورية ومرتبط أيضاً
بنزعات انفصالية .
لقد
قلنا مراراً أن المطالبة بحقوق
المواطنية , وإزالة العسف الذي يحيق
بالمواطنين يجب أن يحظى بالمساندة
وهو يحظى بها من كل الوطنيين
الديمقراطيين , ولكن للمواطنية أيضاً
واجبات يجب أن تحترم وإلا تضيع معاني
الحقوق, إن الذين يقفون مع فصل العراق
وتمزيقه , ومع الترحيب بالمستعمر هم
تماماً مع تمزيق سورية واحتلالها وهذا
ما أثبتته بعض جوانب الأحداث الأخيرة
... ولكن رغم كل ذلك تبقى الحلول الوطنية
وإزالة المظالم وعدم استخدام العنف
المفرط هي المدخل لإحباط المخططات
الخارجية وتبقى الديمقراطية هي الأساس
والطريق إلى وأد المؤامرات وبناء وطن
حر لجميع مواطنيه .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|