صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأحد 14 - 04 - 2002م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | مجموعة الحوار |ـ

.....

   

 

اقتصاد

نصف قرن من التنمية الضالة

(التنمية الضالة)؛ هو العنوان الأكثر دبلوماسية الذي استطعنا اختياره، للفقرة الاقتصادية في خطاب القسم للرئيس السوري بشار الأسد. فالضلال يعبر عن حالة من فقدان الرشد، وانعدام القدرة على المعرفة أو تميز أو الاختيار، وهذا ما أشار إليه خطاب القسم عندما أكد على غياب الاستراتيجية الاقتصادية للقطر، وعلى أن القرارات الاقتصادية كانت تمثل حالة من الانفعالية وردود الأفعال...

إن ثلاثين عاماً، بل نصف قرن من معاناة المواطن السوري سيربت عليها بكلمة عفواً، ولنحاول من جديد، ونحب هنا أن نؤكد المطالبة ليس بالمحاولة من جديد، وإنما بالبداية من جديد، لأننا أولاً لا نحب أن تستمر المعاناة، لا نحب أن نرى  عاملاً، أو مثقفاً، أو عقلاً وطنياً يشرق أو يغرب من أجل رغيف ممزوج بمهانة الاغتراب وذله وعرقه... ولأننا ثانياُ لا نريد أن نعود بعد ثلاثين عاماً لنجد أنفسنا قد درنا حول دائرة مغلقة، فإذا نحن على أبواب مطالبة بالمحاولة من جديد. ولأننا ثالثاً، نؤمن أن معادلة التنمية، معادلة رقمية محضة، والرقم كما قرر الرئيس أيضاً شفاف لا يخدع ولا يكذب.

إن معادلة التنمية العامة تمر عبر المرتكزات التالية:-

زمــن + مـــادة + منهــج إنســان  = إنجــــاز

والإنسان في رأينا، هو الوسيط الأساسي في تحويل (المادة) إلى إنجاز في زمن محدد، ومن خلال منهج أو آلية معينة...

ولن يكون، غروراً، أن نقرر أن إنسان قطرنا العربي السوري، تميز منذ فجر التاريخ بحضوره الاقتصادي، وإنجازه الذائع الصيت، وأن هذا التميز وهذه الشهرة صحبت هذا الإنسان منذ فجر التاريخ. وما تزال براهين قدرة هذا الإنسان على السباحة، حتى في الوشل والطين، مضرب المثل، لدى الكثير من الأمم والشعوب.

كثيراً ما نسمع المشرِّقين أو المغرّبين يتحدثون بزهو وانبهار، عن الإنسان الياباني أو الإنسان الأمريكي، أو الإنسان الأوروبي، وينسون الدور التاريخي البارز، لإنسان وطننا في صنع الحضارة يوم كان الإنسان يتهجى ألف باء الحياة المدنية الحقيقية..

ثمة عوامل كثيرة شاركت في إهدار طاقات شعبنا أو كبحها، وكان الخوف الذي فرض على الحياة العامة على رأس هذه العوامل.

والخوف مهما كان لونه ولبوسه، وسواء كان ذاتياً أو فكرياً أو سياسياً أو اقتصادياً؛ يشكل عائقاً من عوائق التنمية، وكابحاً من كوابح الإبداع: الخوف من تبعات الرأي، كالخوف على رأس المال، كالخوف على فرصة العمل، كالخوف على رغيف الخبز، وكل إنسان يخاف على قدر ما يملك، ويخاف على قدر ما يأمل، ويخاف على قدر قدرته على الإنجاز...

لقد شل الخوف الحياة العامة في قطرنا سنواتٍ طوالاً، وكان لهذا العامل دوراً أساسياً في إحباط مسيرة النمو الطبيعي لعملية التنمية، هذا النمو الذي يعني بأسلوب أو بآخر، أن تسمق الشجرة، وأن يكبر الإنسان..

أما الزمن.. الذي يعتبر مضماراً أساسياً في عملية التنمية.. فلا شك أن نصف قرن قد مرّ على حياة القطر، كان جديراً بأن يرتقي به إلى آفاق أكثر سمواً وكمالاً..

إن مقارنة بسيطة بين مستوى المعيشة اليومي لموظف حكومة بين الخمسينات والتسعينات يضعنا أمام حالة من الذعر الرهيب.

كما أن تقلص قطر الدائرة للشريحة المتوسطة يبعث على القلق وعدم الاطمئنان.

وإذا أجزنا لأنفسنا أن نأخذ بالمصطلح الماركسي عن الطبقات... فإن المسيرة التنموية في قطرنا في نصف القرن الماضي سارت في الاتجاه المعاكس للشعارات المرفوعة حيث عمقت السياسات المعتمدة الفقر ووسعت دائرته, وكرست الثراء الفاحش، مع تغير شخوصه ومرتكزاته، وهذا يناقض تماماً الطرح (الاشتراكي) الذي رفع شعاراً لمرحلة دامت نصف قرن وما تزال..

الإمكانات العامة للقطر العربي السوري..

هل يصنف  لقطر العربي السوري في إطار الأقطار الفقيرة ؟!

هل ثرواته المعدنية، وقدراته الزراعية  والصناعية والتجارية، لا تتيح لإنسانه أن  يعيش حياة كريمة رشيدة، بعيداً عن حمى الاستهلاك البطر، وذلة الحاجة المجحفة؟!...

هل يجب على العامل لدى الحكومة (الموظف) أن يمد يده لكل مراجع ليأخذ جزءاً من راتبه الحقيقي، لأن الراتب المخصص له، لا يساوي مصروف جيب لمثله؟

في هذا المقال السريع لن نحاول أن نستدعي الأرقام الشفافة والصادقة لأنها تقول غير ذلك، وتقول أن بإمكان المواطن السوري، أن يعيش حياة عزيزة كريمة، وأن يحصل على لقمته ولقمة أولاده بنزاهة وشرف..

ونرجو ألا يفتح أحدٌ علينا النار، بالحديث عن المعركة والجيش والتسليح.. فنحن مع كل قطعة سلاح حقيقية اشتريت أو يجب أن تشترى لتسليح جيش الوطن، وإعداده، ولن نشتكي أبداً من ميزانية التسليح، أو ميزانية جيشنا البطل..

نحن نريد فقط أن ننبه على الأسباب الحقيقية التي جعلت مسيرة التنمية في قطرنا مسيرة ضالة، وقادتنا إلى وهدة الفقر والحاجة، وكبلتنا بفاتورة كبيرة من الديون للبنك الدولي ولغير البنك الدولي.. أن ما نحن فيه برأينا لا يعود إلى كسلنا، أو تواكلنا، أو ضعفنا وعجزنا.. كما لا يعود إلى فقر الأرض /الأم/ والأرض /الموقع/ والأرض /المناخ والبيئة/ التي ورثناها عن آباءنا وأجدادنا..

إن ما نحن فيه يعود إلى أمرين اثنين هو السلوك الاقتصادي والقانون  الاقتصادي، وسيكون لكل من هذين الموضوعين حظه من النقاش بإذن الله.

                                                  14 / 04 / 2002م

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | مجموعة الحوار |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ