مشاركات
أمريكا
"سامري العصر" تصنع الحاكم
فإذا
تمرد اعتقلته وحاكمته
الطاهر
إبراهيم*
إنك
لا تستطيع أن تلوم أما، كان ابنها يخدم
في الجيش العراقي، وشارك في حروب أشعل
فتيلها هذا الرئيس، خرج ابنها إلى ساحة
القتال ولم يعد .. هكذا بكل بساطة خرج
ولم يعد لأنه قتل في حرب يعتبرها معظم
الناس بدون مبررات مقنعة.. يحق لك أن
تقول اللهم لا شماتة، ولكن إياك أن
تلومها، إذا رأيتها شامتة، وهي ترى
صدام وقد وقع في المصيدة.
والزوجة،
التي كان زوجها ضابطا يعمل في إحدى
أجهزة المخابرات العراقية، اعتقل أو
أعدم لأن القيادة شكت في ولائه. أولاده
قد أصبحوا بدون معيل. الذي مد يد
المعونة لهم مدها تحت جنح الظلام،
والويل كل الويل إن ضبط متلبسا وهو
يقدم ما يجب للجار على جاره، وإياك أن
تقف أمامها لتلقنها درسا في الوطنية
إذا رأيتها مسرورة لاعتقال صدام.
وإنك
لو رحت تعدد الأمثلة لعجز القلم عن
إيرادها، كثرة وفظاعة لأن أمثال من
ذكرناهم كثر، والواقع الذي عاشوه أشد
وأصعب واستفظاعه أمر مفهوم ومقبول.
وقطعا
فإن اعتقال صدام على تلك الصورة التي
أرادت أمريكا أن نراها، لم يكن انتقاما
لتلك الأم،أو مدا ليد المعونة لتلك
الزوجة وأطفالها، فتلك أمور لا تخطر
ببالها ،وإن تاجرت بها إعلاميا، بل
إنها هي التي وطأت الأمر لكل أولئك
الطواغيت الذين تفننوا في قهر شعوبهم،
وصدام لم يكن وحيد زمانه ولم يكن أول من
مهدت أمريكا له الطريق ولن يكون الأخير.
فما زالت القائمة تحوي الكثير من أسماء
هؤلاء الطواغيت الذين صنعتهم أمريكا
على عينها، ومهدت لهم الطريق، فصاروا
قادة يتحكمون في رقاب شعوبهم، تحت سمع
وبصر مكاتب ال (سي، آي، إي) التي كانت
تعمل في تلك الدول، تقدم المشورة
لهؤلاء الطواغيت. حتى إذا ما استيقظ
ضمير واحد منهم، وحاول أن يكون على
الأقل رجلا له نظرته المستقله، التي قد
تقدم مصلحة الوطن التي هي في النهاية
مصلحته هو، أصدرت عليه أمريكا حكمها، (فتمسح
به الأرض)، ثم تستبدل به طاغوتا آخر،
بعد أن تخرج من أدراج أجهزة إعلامها
ملفات الفساد التي سجلتها عليه يوم كان
ملء السمع والبصر، ثم تنشرها أمام
الشعب المسكين الذي لم يكن له رأي في من
ذهب ولا رأي في من جاء.
ولكني
أعترف بيني وبين نفسي، أنني، ومنذ أن
اعتقل صدام حسين، شعرت وكأنني أمام
شاشة عرض تلفزيونية تمر خلالها مشاهد
متلاحقة لا يكاد المرء المشاهد يميز
بين مشهد وآخر، خصوصا وأن العواطف
المتلاحقة تتأثر هي أيضا بشكل عنيف بما
تحويه تلك المشاهد،
وتضرب على الأعصاب كأنها آلة حفر في يد
طبيب أسنان متدرب.
وأعرف
،كما يعرف غيري، أن هذه المشاهد فيها
القليل من الحقيقة، والكثير من
الألوان والخيالات التي أراد الأمريكي
من وضعها أمام المشاهدين،أن يرسل
رسالة ما، ينعكس من خلالها ما يريد
إيصاله إلى الناس لغاية يريدها هو.
ويبقى على المشاهد المتبصر أن يميز بين
الحقيقي والمزيف من تلك المشاهد، حتى
يخرج بمشهد أقرب ما يكون إلى الحقيقي.
ابتداء
لا بد أن نتوقف مطولا أمام المشهد
المزري الذي ظهر فيه صدام حسين على
شاشة الفضائيات كما بثه المؤتمر
الصحفي الذي عقده حاكم العراق "بول
بريمر"، و "شانسيز" قائد القوات
الأمريكية في العراق،وتابعتهما
الفضائيات الأجنبية والعربية تبثه في
نشرات أخبارها ،وتجري الحوارات
المطولة على هامش ذلك الخبر. ولا بد أن
نضع هذا المشهد في سياقه الحقيقي، بما
حواه من صور لصدام حسين، لنخرج بالكثير
الكثير الذي يمكن أن يقال عن حقيقة
الخبر، من خلال استقراء هادئ، بعيد قدر
الامكان عن العواطف التي لا يخلو منها
مشاهد أوكاتب أو قارئ.
الشيء
الوحيد الذي يجمع عليه الجميع ،محبو
صدام وشانئوه، أن الرجل الذي ظهر على
شاشة "برايمر" هو صدام نفسه، ولكن
بعد أن أخضع لمستحضرات كيماوية تدع
الحليم حيران، تماما كما فعلت عناصر
الموساد عندما حقنوا سائلا قاتلا في
أذني رئيس المكتب السياسي لمنظمة حماس
الأستاذ خالد مشعل في عمان عام 1996،
وتدخلت العناية الإلاهية،فتم إنقاذه
حسب مجريات القصة التي يعرفها الجميع.
وما عدا ذلك مما قيل عن كيفية
اعتقال صدام حسين، وأين اعتقل، وكيف
كان سلوكه عند الاعتقال، وماذا قال لمن
اعتقلوه، فهو ضرب من التخمين لا يساوي
شيئا، ولايمكن إثباته كما لا يمكن
إثبات عكسه. والشيء نفسه يقال عن
المظهر الذي ظهر فيه صدام بين يدي
فاحصه،مسكينا وديعا، جعل كتاب الأعمدة
والمقالات يستوحون من هذا المظهر، كم
كان صدام خانعا وذليلا كما ظهر أمام
المشاهد لدرجة أن يذكر الأستاذ جهاد
الخازن في "الحياة"،، يوم الخميس
أول يناير الجاري،أن سنة 2003 "انتهت
بأسر صدام حسين من دون مقاومة ليثبت
انه جبان بقدر ما هو قاتل."، مما يظهر
سذاجة من اقتنع بأنه يمكن أن يكون هذا
الاعتقال قد روض صدام لدرجة أنه ظهر
وكأنه فأر تجارب.
وكم
كنا نتمنى على كتاب الأعمدة هؤلاء، قبل
أن يسودوا صفحات الجرائد بحبر
مقالاتهم، أن يعلموا أن أمريكا
،بإظهارها صدام حسين بهذا المظهر
المزري، إنما تقول لنا حكاما وشعوبا أن
هذا هو مصير كل من يعترض على سياستها في
منطقتنا العربية.
وأصدقكم
القول أن الصحافة البريطانية ،على
سبيل المثال، كانت أكثر صدقية من كثير
من صحفنا أل ( مع والضد)، في تناولها
لاعتقال صدام حسين. (فقد شككت صحيفة "صنداي
اكسبرس" البريطانية بـ"الرواية
التي أطلقها المستشارون الاميركيون"
ووصفتها بأنها "ليست كاملة".
وذكرت أن القوات الأمريكية اعتقلت
صدام فقط بعدما اسرته قوات كردية
وخدرته ثم سلمته للجنود الاميركيين...
الحياة 22 ديسمبر الماضي).
وأود
أن أستعرض هنا لقطات مما كتبه بعض
الصحفيين حول هذه القضية. لنرى كيف ترك
الصحفيون لخيالهم العنان، يسطرون ما
تمور به خيالاتهم تجاه هذا الحدث، فلا
يكلفون أنفسهم عناء الانتظار ولو
لأيام قليلة حتى ينجلي غبار الحدث.
وسوف
أستعرض بعض ما جاء في صحيفة الحياة
اللندنية كأنموذج لغيرها من الصحف،
التي قد تختلف عنها في تناولها لحادثة
اعتقال صدام حسين ولكن هذا الاختلاف
يبقى ضمن حدود ضيقة.
فهذا
"حازم صاغية" يوم 15 ديسمبر الماضي
يكتب في الحياة عما استوحاه من منظر
صدام في الأسر ("انتهى "متعاوناً"
مع معتقليه. انتُزع من حفرة في الأرض.
قُصّت لحيته, وعلى مرأى الكاميرا فُحص
فمه وحلقه وفُتّش عن القمل في رأسه. لم
يطلق رصاصة واحدة. لم يقاتل. لم ينتحر.
حفيده الصغير كان أشجع منه, كما لاحظ
أحد المراقبين).
عبد
الوهاب بدر خان، كان أكثر حذرا عندما
لم يسلم بصدق رواية "شانشيز"،فكتب
في نفس العدد " سلّم نفسه بشكل هادئ
وسلمي (إذا صدقت رواية الجنرال سانشيز)
وبأفضل مما سلم به العراق وبغداد".
بعدها عبر بدر خان عما كان يريده الذين
ساءهم مظهر صدام معتقلا،
"كثيرون عجبوا أيضاً كيف أنه لم
يقاوم, لم يطلق رصاصة واحدة. تحدثوا عن
جبنه وعن تخاذله وعن تفاهته, فلو قتل في
العملية لكان برهن عن شجاعة ورجولة
واباء سبق أن اعتبروها من مزاياه يوم
كان في الحكم يرهب شعبه وجيرانه".
صالح
البشير كتب في الحياة أيضا في 21 ديسمبر
الماضي : "لأن نماذج من قبيل صدام
حسين او أدولف هتلر او بول بوت, لا
يمكنهم ان يكونوا إلا من بني البشر, لا
مثيل لهم ولا صنو بين الوحوش الآبدة
وهوام الأرض". ونسي أن يضيف لأولئك
"شارون"، قاتل الأطفال ولن يبتعد
كثيرا لوأنه أضاف "بوش" الصغير،
وقادة عربا ثوريين، كانت لهم أيضا
مقابرهم الجماعية، وكانت لهم أيضا
مجازرهم الخاصة نفذتها أجهزتهم في
معتقلين داخل السجون، ونعف عن ذكر
أسمائهم لأنهم أصبحوا في الأموات.
ولقد
كانت الأديبة المرموقة "نهلة الشهال"
أقل من غيرها تسرعا،عندما كتبت في
الحياة يوم 21
ديسمبر الماضي "لن نعرف التفاصيل
الحقيقية التي أدت إلى اعتقال صدام
حسين قبل مرور وقت طويل على الأرجح. لكن
هل يهم حقاً إن كان الرجل قد بيع من
مقربين إليه, قد خُدر, قد اعتقل قبل وقت
من الإعلان عن اعتقاله, قد وُجد في غير
المكان الذي قيل إنه كان يختبئ فيه؟".
اقتبسنا
الأمثلة السابقة من جريدة الحياة، وهي
صورة لغيرها من الصحف المهاجرة التي
تتمتع بقدر من الحرية لا تتمتع به
الصحف الوطنية التي تصدر في الدول
العربية، حيث لم تخلُ بقية الصحف
المهاجرة من مقالات بعضها كان شامتا
وبعضها كان محبطا وبعضها أخذ جانب
الحذر حتى لا يقع في مطبات غير محسوبة.
وقد
اكتفينا بهذا القدر من الاقتباس مما
جاء في مقالات محللين مشهود لهم
بالبراعة في استنباط واقع الحال من
وراء الكلمة أو الصورة أو الخبر، لنقول
أن كل ذلك ينبغي أن نتوقف عنده بحذر،
حتى لا نؤخذ مستقبلا بواقع يخالف ما
استنتجناه من دون حقيقة تؤكد صدق
دعوانا.
أولا:
لقد تساءلت الدكتورة "نهلة الشهال"
عن أهمية ( إن
كان الرجل قد خدر أو وُجد في غير المكان
الذي قيل إنه كان يختبئ فيه؟)، إن هاتين
القضيتين لا تهمان كثيرا إذا نظر إلى
الأمر من وجهة نظر الأمر الواقع، بأن
الأمر قضي وأن صدام أصبح في حوزة
أمريكا. ولكن الأمر يختلف عند أمريكا
التي سعت إلى هذا الإخراج الدرامي
لظهور صدام وهو كالحمل الوديع بين يدي
آسريه لأنها تريدها رسالة -إلى كل
الحكام العرب- تقول فيها : انظروا هذا
هو مصير كل زعيم عربي يقول لأمريكا لا.
لأن من يتجرأ ويقولها فسيقاد كما اقتيد
صدام حسين. وكثيرون من الزعماء
يفهم هذه الرسالة "ولا يكذب خبرا"،
فيفتح أبواب البلد على مصاريعها
للتفتيش على أسلحة الدمار الشامل
فيها، ولا يهم الأمر بعد ذلك إن كانت
تلك الأسلحة موجودة حقا أم لا، لأن فتح
أبواب (الوطن) للتفتيش أهون ألف مرة عند
من يقدسون ذواتهم ويشمخون برؤوسهم
استعلاء على أبناء وطنهم، وبعدها لا
بأس أن يطأطئوا رؤوسهم للسيد الأمريكي
طالما أن الأمر سوف يجنبهم الوقوف بين
يدي الجندي الأمريكي، يفتش في ثنايا
ثيابه، وقد لا يكتفى بتفتيش فمه
وأضراسه كما فعل مع صدام بل ربما فتش في
أماكن أخرى من جسمه.
المواطن
العربي يتساءل إن كان الزعماء العرب قد
فهموا الرسالة الأمريكية؟، وهل يفقهون
فحواها حرفيا كما أرادت أمريكا؟ أم
يركنون إلى شعوبهم يستقوون في مواجهة
أمريكا:"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
فتمسكم النار.هود 113".
ثانيا:لا
ينبغي لأحد أن يقف مدافعا عن طاغية ما،
إذا جلب هذا الطاغية إلى ساحة
القضاء،يحاكمه شعبه على جرائمه التي
اقترفها بحق هذا الشعب، ولكن في الوقت
نفسه لا يقبل أن تأتي أمريكا "السامري
الجديد"، فتنتقي واحدا من عجول
صنعتها وأملت لها فتمكنت من رقاب
الشعوب،ثم يقول أنظروا إلى هذا العجل
الذي أغواكم سوف أحرقه أمامكم، عقابا
له. وقد كان هذا "السامري" هو من
صنع العجل بيديه.
ثالثا:
ومع كل ما قدمنا، ينبغي أن نتساءل -وحبذا
لو تساءل معنا كتاب الأعمدة والمقالات
الذين غرسوا سكاكينهم في جسم ذلك العجل-
لماذا وقف الشارع العربي من المحيط إلى
الخليج واجما، ومستنكرا –ولو داخل
النفوس- انتهاك أمريكا لأبسط حقوق
الإنسان في معاملتها صدام تلك
المعاملة المهينة، وهي التي نزعم أنها
تقدس الحرية التي نصبت لها تمثالا غير
بعيد من برجي التجارة في مانهاتن. ولعل
الأستاذ عبد الوهاب بدر خان أدرك إحباط
هذا الشارع،عندما كتب في نفس مقالته
أعلاه " كل ذلك صنع المشهد أمس
مزيجاً من ابتهاج العراقيين ووجوم
الشارع العربي وارتياح الرأي العام
الدولي".
رابعا:ونتحول
إلى الأستاذ "ياسر الزعاترة"،الذي
تساءل في الحياة في22 ديسمبر الماضي تحت
عنوان .."في ظل موجة التشفي والهجاء...
أما لصدام من حسنات؟!"،بعد أن نعكس
التساؤل ليصبح هكذا: ماهي سيئات صدام
عند أمريكا حتى عملت على شطبه من نادي
حكام المنطقة؟. دعك مما تقوله أمريكا
عن أسلحة الدمار الشامل التي لبست قبعة
الإخفاء واختفت من العراق بقدرة قادر،
ودعك من ديموقراطية أمريكا المزعومة،
التي تريد أن تقدمها لشعوب المنطقة،
بعد أن كرست فيها أنظمة الاستبداد خلال
النصف الثاني من القرن العشرين وما
تزال.ولو عدنا إلى التساؤل عن ذنوب
صدام حسين عند أمريكا بعد أن كان
حليفها المفضل خلال عقد الثمانينيات
من القرن الماضي، لوجدنا أن أهم ذنبين
عاقبته أمريكا من أجلهما هما، أولا:
إحساسها أن العراق من بين كل الدول
العربية استطاع أن يبني جيشا يمكن أن
يهدد به أمن إسرائيل،كما فعل عندما
استهدف تل أبيب بصواريخ من نوع "سكود"
في أوائل عام 1991 من القرن الماضي أثناء
معارك عاصفة الصحراء التي قادتها
أمريكا لإخراج جيش صدام حسين من العراق.
فقد شعر الإسرائيليون لأول مرة بالخوف
الاستراتيجي يقرع عليهم أبوابهم بفعل
تلك الصواريخ بعيدة المدى، بل وبالغة
الدقة حيث فاقت دقتها دقة الصواريخ
الأمريكية، التي كانت تقصف بها بغداد
من على حاملات الطائرات في عرض الخليج
العربي التي كثيرا ما أخطأت أهدافها،
ولذلك وجدنا أمريكا تصر على نزع
الصواريخ التي يفوق مداها 150 كيلو مترا.
أما ثاني ذنوب صدام حسين عند أمريكا،
فهو -رغم خضوعه إلى حصار دام أكثر من12
عاما،أكل الأخضر واليابس- مقاومته
رغبة أمريكا في أن تضع يدها على بترول
العراق. ولو أنه فعل واستجاب لرغبة
أمريكا لكان الآن صدام ما زال في قصوره
يدخن السيغار الهافاني الفاخر.
خامسا:
خلافا لمقولة الأستاذ جهاد الخازن في
عموده اليومي في 19 ديسمبر الماضي عن
صدام: (الرجل الذي بدأ في جحر وانتهى في
جحر)، فإن إن اختباء صدام حسين في مخبأ
صغير محفور في الأرض وكأنه جحر ثعلب
،إن صدقت رواية "برايمر" و"شنسيز"،
لا يعيب الرجل. فقد لجأ الرسول محمد صلى
الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق،
أثناء هجرته إلى المدينة، إلى "غار
ثور" متواريين عن أنظار المشركين،
الذين كانوا يبحثون عنهما، بعد أن
عقدوا العزم على قتلهما قبل أن يصلا
المدينة المنورة. وكل من زار غار ثور
هذا، يعرف أنه أصغر من المخبأ الذي زعم
أنه وجد فيه.
أخيرا:
سوف يمر وقت طويل حتى يمكن استجلاء
غوامض سقوط بغداد، واعتقال صدام حسين،
وعندها قد نستطيع الإجابة عن أسئلة
كثيرة لعل أهمها: هل كان صدام مختبئا
فقط؟ أم أنه كان يقود المعارك ضد
الأمريكيين أو بعضا منها، ولقد سمعنا
أعضاء في مجلس الحكم يزعم بعضهم ،بعد
الاعتقال، أن صدام كان يقود تلك
المعارك. وهو يعتقد أن إثبات ذلك لا بد
وأن يجعل الأمريكيين يحكمون على صدام
بالإعدام.
ومن
زعم ذلك فهو من السذاجة بمكان، جعلته
لا يدري أن قيادة صدام للمقاومة هو
أهون ذنوبه عند الأمريكيين. والبعض
الآخر أكد أن صدام كان مختبأ طوال مدة
تواريه عن الأنظار، لأنه لا يريد أن
يمنح صدام ذلك الشرف الرفيع وهو قيادة
المقاومة، وهو فعلا شرف رفيع لو صح
ذلك، لأن المعهود من الحكام الذين
يخسرون عروشهم لسبب أو لآخر. أن غاية ما
يتمنونه أن ينجوا هاربين إلى حيث
أودعوا الملايين التي نهبوها أثناء
حكمهم.
*
عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|