الأرقام
تقول:
الخسائر
الإسرائيلية أشد جسامة
لقد
أصبح الصمت العربي والدولي إزاء ما
يحدث للفلسطينيين كل يوم على يد
الإسرائيليين إدانة لكل عربي وإدانة
للمجتمع الدولي الذي زرع هذا الكيان في
قلب العالم العربي. وشارك في كل ما يقوم
به تجاه الشعب الفلسطيني منذ أكثر من «55»
عاماً. لكن الانتفاضة الثانية التي
دخلت عامها الرابع الآن أثبتت أنها
ليست مجرد انتفاضة ولكنها معركة شرسة
بين قوة غاشمة مدججة بكل أنواع القوة
تجاه شعب أعزل إلا من قوة نفسيه
وإيمانية عالية جعلته في النهاية يجهض
عدوه ويحقق ما يمكن أن نعتبره في
موازين القوى نصراً كبيراً إذا أخذنا
في الحسبان ما يمتلكه كل طرف من أسباب
القوة.
وحينما
رأيت ما حدث مؤخراً في عمليات الإبادة
في رفح قررت أن أقف وأوقف القارئ معي في
مطلع العام الجديد عند لغة الأرقام
للتعرف على أسباب العمليات الهستيرية
التي تقوم بها "إسرائيل" ولنرى هل
هي انتفاضة أم معركة بين طرفين لها
حصاد مرحلي وحصاد سوف يعلن في نهايتها
؟ ووجدتني في النهاية أصل إلى استنتاج
أنها حرب بالفعل وأن لها نتائج آنية
وتاريخية مذهلة وهذه محاولة لرصد حصاد
ثلاث سنوات منها من النواحي التي
استطعت أن أقوم بحصرها.
أولاً:
على الصعيد العسكري أعلن رئيس جهاز
الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) آفي
ديختر في مؤتمر عقده في القدس المحتلة
في 16 ديسمبر الماضي 2003 أنه «يمكن القول
وبوضوح إن الأجهزة الأمنية
الإسرائيلية لم تزود مواطنيها بمنظومة
الدفاع الملائمة لهم» وهذا اعتراف
مباشر من رئيس الجهاز المسؤول عن أمن
الإسرائيليين بفشله في توفير الحماية
لهم. واعترف ديختر في مؤتمره الذي نقلت
تفاصيله صحيفة «يديعوت أحرونوت»
الإسرائيلية بعدما أشار إلى إجهاض
ثلاث عمليات استشهادية وسط "إسرائيل"
خلال عشرة أيام فقط بأن «إسرائيل قد
فشلت في تجفيف منابع الوسائل القتالية
في الساحة الفلسطينية» واعترف بأن
حصاد السنوات الثلاث الماضية أي سنوات
الانتفاضة هي «901 قتيل إسرائيلي منهم 540
داخل "إسرائيل" من جراء العمليات
التي نفذها الفلسطينيون و6000 جريح»
انتهى كلام ديختر. ولنا أن نضع هذه
الأرقام أما عدد الضحايا الفلسطينيين
في المقابل وقد حصلت على هذه الأرقام
من مصادر فلسطينية وهي أن ع! دد الشهداء
الفلسطينيين خلال سنوات الانتفاضة
الثلاث 3000 شهيد وعدد الجرحى 60 ألف جريح
ولنا أن نضع هؤلاء بإمكانات
الإسرائيليين الهائلة والفلسطينيين
المنعدمة. لنجد أنها في إطار القتلى
تكاد تصل إلى قتيل إسرائيلي لكل ثلاثة
شهداء فلسطينيين. وجريح إسرائيلي إزاء
كل عشرة فلسطينيين وإذا رجعنا إلى
الحروب العربية - الإسرائيلية أو إلى
الهزائم العربية بمفهوم أدق نجد أن
العرب لم يصلوا إلى تحقيق مثل هذه
المعادلة التي تضع الفلسطينيين في
إطار المنتصرين وفق موازين القوى
ويكفي أن يقف رئيس أكبر جهاز أمني
إسرائيلي ليعترف بعدم قدرته على تحقيق
الأمن للإسرائيليين ليكون هذا هزيمة
نفسية مدوية غاب التركيز عليها في إطار
ما يحدث للفلسطينيين.
وقد
دفعت هذه الهزيمة الإسرائيليين
ليعيثوا فساداً في أراضي فلسطين وتخرج
تصرفاتهم إلى الإطار الهستيري. فقاموا
باعتقال أكثر من 8000 فلسطيني وهدم 4400
بيت هدماً كلياً. و65 ألف بيت هدماً
جزئياً. وتجريف 61875 دونماً ومصادرة 166
ألفاً من أجل بناء جدار الفصل العنصري .
واقتلاع مليون شجرة مثمرة وغير مثمرة.
وقد يبدو أن هناك خسارة اقتصادية
فلسطينية كبيرة من جراء ما فعله
الإسرائيليون لكن خسائر الإسرائيليين
وفق مصادرهم أكبر. فقد نشرت «يديعوت
أحرونوت» وصحف إسرائيلية تقارير
مختلفة خلال شهر ديسمبر الماضي 2003 عن
أثر الانتفاضة خلال السنوات الثلاث
الماضية على الاقتصاد الإسرائيلي. من
أهمها أن الانتفاضة تسببت في إغلاق 150
ألف مصلحة إسرائيلية تجارية صغيرة
ومتوسطة. كما أغلقت 18% من الشركات
الإسرائيلية بشكل عام أبوابها. كما
انخفضت معدلات الإنتاج بنسبة 6% عما
كانت عليه قبل سنوات الانتفاضة. وانخفض
الإنتاج الصناعي بنسب تتراوح بين 11 و15%
وانخفض الاستهلاك الفر! دي للمنتجات
المستوردة بنسبة 16% وللمنتجات المحلية
بنسبة 10% كما ارتفع العجز في الميزانية
للعام 2004 إلى 8 مليارات شيكل. رغم
التقليص الذي أدخل عليها والذي يقدر
بحوالي عشرة مليارات شيكل. وقدرت
الخسائر العامة للسنوات الثلاث
الماضية بحوالي 75 مليار شيكل. أما في
قطاع السياحة فقد خسرت "إسرائيل" 8
ملايين سائح خلال سنوات الانتفاضة
كانوا يدخلون إلى "إسرائيل" 10
مليارات شيكل. وبلغت نسبة التراجع في
السياحة 60% عما كانت عليه قبل ذلك.
هذا
الواقع الإسرائيلي الذي يعتبر جانباً
من حصاد المعركة أدى إلى قيام محافظ
البنك المركزي الإسرائيلي ديفيد كلاين
بتحذير صناع القرار الإسرائيليين في 21
ديسمبر الماضي بأن الأزمة الاقتصادية
قد أدت إلى غليان اجتماعي داخل "إسرائيل"
يهدد بكارثة...
|