صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 18 - 10 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

وصل إلى برق الشرق :

أمريكا والديمقراطية

محمد زهير الخطيب / كندا 

الإنسان مفطور على البحث عن مصلحته الذاتية وعما يلبي حاجاته وغرائزه في كل حركاته وسكناته، وهو سرعان ما يدرك بان الحياة الاجتماعية مع بني جنسه توفر له فرصا أكبر لتلبية هذه الحاجات والغرائز، غير أن هذه الحياة الاجتماعية تعرضه لتعارض مصالح مع الآخرين، والحل السريع الذي يتبادر إلى ذهن الإنسان دون عناء هو: بما أنني (الأهم) في هذا العالم فالأصل هو أن يقوم كل الباقيين بالعمل لمصلحتي وسعادتي وبما أنهم غالبا يرفضون هذا المبدأ فعلي أن أجبرهم على ذلك بالاستبداد والاستعباد وبما أنني لا أستطيع ذلك وحدي فعلي أن أجد شريحة اجتماعية تلتقي مصالحها بمصالحي كي نعمل كعصبة لاستخدام واستعباد الآخرين ... ويسير الإنسان في سلسلة متتابعة من هذه الأفكار متنقلا بين أصناف الظلم والاستبداد ومتقلبا من فشل إلى فشل حتى ترسو مراكبه بعد طول عناء على شاطئ العدالة والمساواة  ويسلّم بأن الناس كلهم متساوون في الحقوق والواجبات وأن خيار الحياة الجماعية الاجتماعية المسالمة يقتضي أن يقوم على أمر الناس حكام منهم يرضونهم ، وبما أن الرضا متفاوت بين الناس فكان لا بد من قبول من ترضى به الأكثرية كحل واقعي أقرب ما يكون إلى العدل.

وهذا ما وصل إليه المجتمع الأمريكي بعد حروب أهلية طاحنة وتمييز عنصري مشين وجرائم عرقية لا حصر لها، وصل إلى سن قوانين حضارية للحكم سماها الديمقراطية. لقد وصلت أمريكا إلى هذه النتيجة وأثبتت ارتقاءها إلى مستوى رفيع من التقدم الحضاري. بينما لا تزال كثير من دول العالم الثالث تتمرغ في أوحال التكبر والاستبداد والتسلط من فئات ترى نفسها وصية على الآخرين وترى في حزبها أنه الحزب القائد للمجتمع والوصي عليه، وتحت هذه العناوين تجري عمليات نهب الآخرين واستعبادهم وقهرهم.

غير أن للبحث بقية، فلئن كانت أمريكا قد نجحت في الاستفادة من الدروس الداخلية لاكتشاف الحل الأخلاقي الواقعي العملي العادل وهو الديمقراطية فان الشيء نفسه يلزم اليوم تطبيقه على الصعيد العالمي.

علينا أن ننظر إلى (الدول في العالم) نظرتنا إلى (الأفراد في البلد) وخاصة بعد تطور وسائل الاتصال فالدول في المنظومة العالمية تشابه المواطنين في البلد الواحد لكل بلد رغباته وحوائجه وهو يبدأ منطلقا من تفكيره الأناني بأنه محور هذا الكون وأن عرقه هو الأسمى وأن أمنه هو الأولوية الكبرى في هذا العالم ويسميه الأمن القومي، وتبدأ كل دولة بالسعي لمصالحها، وهنا يبدأ تعارض المصالح بين الدول وتظهر الميول الأنانية والعدوانية فيقوم الغرب باستعمار الدول المستضعفة ويقوم هتلر بالاعتداء على جيرانه ويقوم اليهود بسرقة وطن بأكمله وتكون كل هذه الاعتداءات التي يقوم بها القوي مبررة وكل دفاع يظهره الضعيف مدانا، وسيبقى الحال كذلك إلى أن تعي الأمم أن طرائق التفكير هذه هي طرق همجية غير حضارية ، وأن الأمم كالبشر متساوية في الحقوق والواجبات، وأن الشرطي (العالمي) يجب أن ينتصف للبلد الضعيف كما ينتصف الشرطي (الرجل) للمظلوم في أي بلد ديمقراطي حضاري متقدم، إن هذه المرحلة من التحضر والوعي لازالت غير متكونة على مستوى الأفكار حتى نحلم بها على مستوى التطبيق ، فمن خول عددا من الدول أن تكون وصية على الآخرين، من أعطى (الدول العظمى) حق النقض فيكفي اعتراض دولة واحدة منها بالفيتو لتعطيل إرادة دول العالم مجتمعة، إننا إذ نشيد بالديمقراطية الأميركية الداخلية لندين همجيتها واستبدادها المريع خارج أمريكا، إن العالم يحتاج الى ديمقراطية عالمية تجعل الأمم متساوية في حقوقها وواجباتها وأن يجري احترام الرأي العام العالمي القائم على رأي الأكثرية دون السماح لمظاهر الاستبداد والظلم أن تمارس تحت حماية الدول العظمى وباسم حق النقض، إن الأمر لا يبدو سهلا، غير أنه لا يضيع حق وراءه مُطالب، إن الحروب الأهلية والكفاح ضد التمييز العنصري والوعي الحضاري ساهمت جميعها في إقناع الشعب الأمريكي بضرورة الديمقراطية لاستقرار أمنه الداخلي.

ومظاهر الحروب العالمية الساخنة والباردة، ومشاكل الإرهاب بأنواعها المختلفة، يجب أن توصل المجتمع الأمريكي بل المنظومة العالمية كلها الى تبني مبادئ العدل العالمي والديمقراطية الدولية، وهو شطر الديمقراطية المفقود الذي لن يكون هناك أمن ولا سلام بدونه، إن مفاهيم الازدواجية في التعامل ونظريات الأمن الداخلي للدول واطلاق التسلح النووي للبعض وحظره على الآخرين هي مظاهر ظلم دولي لا يأتي بخير ولا يوصل الى سلام عالمي ولا إلى وفاق دولي، وعلى المنظومة العالمية أن تخرج من دائرة الظلم والاستبداد الدولي المفرغة الى إرساء قواعد النظام الديمقراطي العالمي القائم على المساواة والعدل ونزع السلاح ووضعه في يد سلطة عالمية حيادية تكون بمثابة الشرطي المتحضر الذي يطبق القانون بعدل وحزم على المخالفين.

أمام أمريكا الكثير من خطوات التحضر حتى تصل الى تطبيق الديمقراطية العالمية، غير أنها هي المرشحة أكثر من غيرها لهذا الدور الريادي الحضاري، إن أمريكا جورج واشنطن وابرهام لنكولن تحتاج إلى وقفة مع النفس لتوقف الاستبداد والظلم الدولي ولتتحول إلى راعية للعدل والسلام العالمي، وإن ما تنفقه أمريكا على برامج التسلح والتجسس والكيد للآخرين لكفيل لو أنفق على فقراء العالم أن لا يترك فقيرا في العالم إلا ويتغنى بكرم أمريكا وسخائها، ولتجدنه مستعدا لانتخابها سيدة للعالم كافة  بالاقتراع الديمقراطي السري بلا منازع.السابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ