آخر تحديث يوم الخميس 05 - 06 - 2003م

.....

وصل إلى مركز الشرق العربي :

أبو مازن يفكك قنطرة الشرّ

د جميل زايد محمد   

"إسرائيل قنطرة الشر" تحت هذا العنوان ظهر في العام 1984 ؛ كتاب للدكتور محمود عباس " أبو مازن " كرس  مجمل فصوله الخمس للحديث حول حقيقة الدور الذي تلعبه إسرائيل في تنفيذ المشروع الإمبريالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية .... ومع أن مقدمة الكتاب تشي بالطابع التحليلي الذي ينزع إليه المؤلف خصوصاً عند  عقده لمقارنة توصيفية بين أنواع الحروب التقليدية و حرب المقاومة الشعبية أو ما يسميه أبو مازن حرب الشعب  و التي يؤكد على أنها تمتاز بكونها لا ترتهن لجملة الإشتراطات التي تخضع لها أنواع الحروب الأخرى مثل التوازن العسكري  و مستوى التقدم التكنولوجي ... إلاّ  أن السردية العامة للكتاب تنحو عبر الفصول إلى التركيز على الرصد التاريخي لتطور العلاقات العضوية الإستراتيجية الرابطة بين الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل من خلال ما يورده من شواهد ووقائع مثبتة مدعمة بالأمثلة والبراهين الحية ... ففي الفصل الأول من الكتاب عالج المؤلف مسألة الدعم الأمريكي اللامحدود للموقف الإسرائيلي مستعرضاً عدداً من الإتفاقات و المواثيق الموقعة بين الطرفين خلال العقود الماضية و مستعيناً كذلك ببعض الأرقام المعلنة حول قيمة الدعم المالي والعسكري المباشر الذي يتدفق من واشنطن في إتجاه تل أبيب بدون إنقطاع ... أما الفصل الثاني والذي جاء تحت عنوان " المدخل الإسرائيلي إلى العالم الثالث " فقد تضمن في التمهيد قراءة مزدوجة لعلاقة الدولة الإسرائيلية بالأيدلوجية الصهيونية ويقرر المؤلف أن {المعتاد أن المجتمعات هي التي تفرز أيدلوجيتها لكن في الحالة الإسرائيلية فإن الأيدلوجية الصهيونية هي التي صنعت إسرائيل} كما تناول الكاتب في هذا الفصل ما أسماه العناصر الأساسية التي إستخدمتها  إسرائيل في إختراق بلدان العالم الثالث كالتسليح و التدريب الفني و العسكري و المشاريع التجارية ..... وغيرها ..... وغيرها

الفصل الثالث الذي حمل عنوان...{حديقة البيت الأبيض تحرق أصابعه}عالج فيه المؤلف سياسة التدخل المباشر و تشجيع التمرد والإنقلابات على الحكومات الوطنية في أمريكا اللاتينية مستشهداً ببعض الأمثلة التاريخية الهامة في السلفادور وغواتيمالا ونيكاراغوا ... إلخ، وأشار بشكل أخي  إلى دور إسرائيل في تنفيذ هذه السياسة الإمبريالية ودعمها ...

الفصل الرابع الموسوم... {إسرائيل مخلب الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية }جاء ليكمل الفصل السابع في الحديث عن التغلغل الإمبريالي الصهيوني في عمق القارة اللاتينية وإستعان بأمثلة أخرى كالأرجنتين و تشيلي مروراً  بشواهد ووقائع مماثلة  تؤكد هذا التغلغل ...

أما الفصل الخامس ... وهو الأخير فقد تم تكريسه للحديث عن نقاط الشبه والتطابق بين الكيان الإسرائيلي و نظام التمييز العنصري "أبارتهيد" الذي كان قائماً في جنوب أفريقيا.

الكتاب في مجمله حاول الإحاطة بأبعاد الإرتباط الإمبريالي الصهيوني من خلال رصد مراحل تطور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ... ومع أن معظم المعلومات والأرقام التي يوردها لم تعد دقيقة بسبب مضي كل هذا الوقت وظهور العديد من المعطيات و المستجدات التي غيرت من واقع الصورة و بدلت من ملامح الواقع ... إلاّ أن القيمة الحقيقية التي يجسدها الكتاب تكمن في أنه يساعد القارئ على تحديد إتجاهات المؤلف التحليلية والفكرية وبالتالي التعرف على موقفه وخطّه السياسي  بإعتباره أحد قادة النضال السياسي الفلسطيني في فترة من أخطر فترات الصراع مع إسرائيل والمشروع الصهيوني .

05/06/2003