صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأربعاء 28 - 05 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

يكتبون في سورية فهل يقرؤون ؟! مع التحية لصاحب المقال.

الأمة العربية وصراع الهوية والوجود

يخطئ من يتوهم أن إسرائيل تريد السلام، وأن إدارة بوش التي دخلت دوامة حملة الانتخابات، وتسعى للفوز بأي ثمن، جادة في مساعيها.

شارون وبوش المراهنان على ضعف الأمة وتفككها، وعلى الظروف الدولية التي أفقدت العرب السند القوي في الأمم المتحدة، يحاربان بلداننا اليوم بنقاط ضعفها وعجزها، يمارسان الضغط والتهديد وتسويق المشاريع المحكمة الصنع، لابتلاع حقوقنا المشروعة، ومصادرة ثرواتنا.

فيما البعض منا منشغل بترديد مواقف لإثبات حسن سلوكه، تجاه عدو شرس يخطط سراً وعلناً لفرض إرادته وشروطه، ويتطلع لتفتيت وطننا، والتسلل إلى وجداننا، وإيهامنا بأن مفاوضات السلام مع إسرائيل هي قمة الممكن في ظل المصائب التي حلت فوق أرضنا العربية.

والأخطر من ذلك أن هناك من يتجاهل ما ضاع من الأرض، ويراقب باهتمام الوضع الرسمي لإسرائيل، ليرى كيف تتعامل مع (خريطة الطريق) أمريكية مبهمة، تعبدها حكومة الليكود بالدم والدمار وزرع المزيد من المستوطنات والأسلاك الشائكة.

ثم ينتهي الأمر إلى إعادة إحياء مشروع التطبيع مع العدو الصهيوني، الذي يجد صدى ملائماً عند من فاتهم أن شروط التسوية التي يتم الترويج لها تحت اسم السلام، بمثابة الحرب الخامسة بين العرب وإسرائيل.

الحرب الأكثر شراسة وضراوة وإيلاماً من الحروب المدمرة السابقة، باعتبارها تستهدف ظل اختلال موازين القوى الإقليمية والدولية، وجداننا وهويتنا واستقلالنا الوطني، ومنع أي محاولة للتعاون والتضامن بين بلداننا، وضرب المقاومة الفلسطينية الباسلة بالسلاح الفلسطيني لتوفير الأمن لإسرائيل، بعد أن عجز شارون عن قمع الانتفاضة بنفسه.

مسايرة العدو الصهيوني الغاصب للأرض والحقوق، ليست جديدة، فمنذ بدء الصراع العسكري التاريخي مع إسرائيل، وساحاتنا السياسية والثقافية تشهد اتصالات ومحاولات لإقامة علاقات في السر والعلن مع الصهاينة ومشاريعهم ورسلهم وحماتهم وعملائهم في الداخل والخارج، وكان من أبرزها محاولات إفشال المقاطعة السياسية والاقتصادية لإسرائيل.

وبالرغم من تغطية  هذه الممارسات بضغوط قاهرة، ومبررات غير منطقية، ولاسيما تلك التي تقول بالواقعية الجديدة أو الانحناء للعاصفة، إلا أن الحقيقة التي لا تقبل النقاش، أن بعض بلداننا، لم تدرك حجم الأزمة الداخلية التي تعيشها إسرائيل بفعل ضربات الانتفاضة الباسلة.

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم، متى كان التعامل مع الواقع يعني المساومة على الحقوق، والتخلي عن المقاومة التي هي حقنا لاسترجاع أرضنا ؟

الأمم الحية لا تخاف التحديات مهما اشتدت شراستها.. والحضارة التي هي موضع شك وحدها التي تختبئ وراء الكواليس.

الهوية العربية عموماً تمتلك الحصانة الثقافية التاريخية السياسية، وتقود قواها الوطنية مبدئية واضحة ورؤية مستقبلية بنيت على التجربة النضالية القاسية والمشرفة، التي مرت بها أمتنا خلال عقود طويلة في صراعها مع الاستعمار بكل أشكاله.

والعروبة في الفكر تعني التقدم والنهوض والقدرة على التنظيم واستعادة الوعي، وعندما نصل إلى المرحلة التي نتخلى فيها عن تراثنا، فإن مشروعنا القومي يدخل غرفة الإنعاش، وأمتنا تتعرض للانحطاط كما انحطت أمم عظيمة عندما فقدت قيمها.

ثمة تساؤلات عديدة أخرى تطرح نفسها اليوم على جماهير شعبنا العربي، الذي يعيش هاجس الخوف من المستقبل.

ترى هل أدرك العرب أن السلام الإسرائيلي ـ الأمريكي بشكله وآلياته المطروحة يهدف لتدمير هيكلة المصالح القومية للأمة العربية، وترتيب المنطقة، وتحويل بلداننا إلى كيانات ممزقة وتابعة، لمنعها من تحمل مسؤولياتها إزاء الصراع الذي بدأ في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، وحافظ على استمراره، بالرغم من كل الحروب والمخاطر التي تعرضت لها بلداننا ؟!

وهل أدرك العرب أن ما يخطط للأمة، التي استطاعت بقواها الفاعلة والحية التمسك بهويتها وحقوقها المشروعة في الأرض والسيادة، يهدف لإخراجها من المعركة، كي يتاح لواشنطن التي تعتقد أن المنطقة باتت اليوم أكثر قابلية للسيطرة مما كانت عليه قبل عقد أو عقدين من الزمن، أن تعمل بالتنسيق مع إسرائيل، لتنفيذ جدول أعمالها الإقليمي الخاص برسم ملامح الشرق الأوسط الجديد ؟!

هل سأل العرب أنفسهم وهم يتعرضون لكل هذه الضغوط، على ماذا سيفاوضون اليوم.. على حجر أو شارع في رام الله أو على صك هزيمة ؟ ولماذا تفرض واشنطن التي عمدت منذ العام 1977 لنشر قوانين واتخاذ إجراءات عديدة، لتخفيف آثار المقاطعة العربية لإسرائيل، على حكومة الليكود الاستجابة لمتطلبات السلام ؟!

ولماذا لم توجه كلمة إدانة واستنكار لجرائم المستوطنين، وتطالبهم بوقف القتل العشوائي وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم، قبل أن تطلب من الحكومة الفلسطينية خوض حرب أهلية لحساب إسرائيل ؟

أليست واشنطن التي تتحدث كل يوم عن السلام والدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، هي نفسها لا تأخذ بقيم السلام التي تسوقها، وتصر على تقديم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي للكيان الصهيوني دون حدود، ليكون القوة النووية الوحيدة في المنطقة، بالرغم من تاريخه الأسود في ممارسة إرهاب الدولة المنظم، وتجاهله لكل القرارات والاتفاقات والمواثيق الدولية !!

إن حماية مجتمعاتنا وحضارتنا من التسلل الإسرائيلي، وتحصين ثقافتنا في وجه الرياح الأمريكية الملوثة، أولى متطلبات الحفاظ على هويتنا، والذين ينتظرون إلى تمسك البعض بثوابتهم على أنه انغلاق على الذات، يجب أن يدركوا أن التشبث بالأرض والحقوق، هو انفتاح على الحياة والنمو والتقدم، انفتاح على التفاعل الحضاري والثقافي والإنساني.

نقلاً عن جريدة (الثورة) السورية 

فهد دياب              السابق

 

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | كــتب | مجموعة الحوار | ابحث في الموقع |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ