مشاركات
وصل
إلى برق الشرق :
الإعلام
العربي في عصر المعلوماتية
نجيب الدوكالي /
الجزائر
إن وفرة المعلومات وتطور
تكنولوجيا الاتصالات جعلت من الإعلام
سلاحاً قوياً ، لا يقل خطورة عن سباق
التسلح النووي والترسانات العسكرية
المختلفة ، ولذلك أصبح للإعلام
استراتيجيات متعددة تبني على الدراسات
الدقيقة والمتعمقة ، تنفذ من خلالها
الدول كثيراً من سياساتها وتمارس من
خلالها بلورة للأفكار وتشكيل
للاتجاهات ، التي ترتضيها عن طريق
الخطاب السمعي والبصري ، وأن تعدد
القنوات وسيل المعلومات ومدى تأثيرها
على العقل الجمعي ، وخاصة في تدني
مستوى الوعي هو مكمن خطورة الخطاب
الإعلامي ، فالإعلام الموجه والمبرمج
لا يستهان به في ظل النظريات الإعلامية
العلمية ، التي تتعامل مع كل أبعاد
الشخصية النفسية والاجتماعية .
أن خطورة الإعلام الموجه ضد
الأمة العربية وقدرة العدو لتوظيف
الأحداث والتلاعب بالمشاعر ، لتشكيل
الرأي العام ضدنا مع عجزنا في أن ننقل
الصورة الإعلامية ، إلى العالم في ما
تمارسه الصهيونية من أعتى أنواع
الإرهاب الذي يشهده هذا العصر ، وأن
ظهور الإذاعة الصهيونية الناطقة
بالعربية على الساحة الإعلامية ،
كوسيلة من الوسائل التي يسخرها ويعدها
الموساد كنوع من الحرب النفسية
والفكرية ، وضرباً للمنظومة
الاجتماعية للمجتمع العربي من عدو لا
يعرف إلا الخداع والتضليل ، ولن يتوانى
في استخدام كل الأساليب والوسائل ،
بواسطة الخطاب الإعلامي الذي يعمل على
تزييف الحقيقية من خلال إنتاج معرفي
للمنطقة العربية ، لنشر ثقافة التطبيع
التي تحقق للصهيونية أهدافها ، وأن من
يعتقد أن هذه الإذاعة هي رد فعل لما
يحدثه الإعلام العربي من ضجة ، عن
الأحداث التي تحدث في فلسطين هو تحليل
ساذج ، فمن السهولة بمكان أن نتساءل أي
إعلاماً هذا ، هل الإعلام الذي يسمى
الإرهاب الصهيوني عنفاً ، أما الإعلام
الذي يعترف بإسرائيل كدولة ، أما
الإعلام الذي ليس ما يحدث في فلسطين
أزمة ، أما الإعلام الذي يُنكر على
العمليات الفدائية والحق الفلسطيني في
الدفاع عن أرضه ، أما الإعلام الذي
يسمى العمليات الاستشهادية بالعمليات
الانتحارية ، أما الإعلام الذي يستضيف
الإرهابيين صانعي الموت في صبرا
وشاتيلا وقانا والخليل وغيرها من
المجازر ، هل يمكن أن يعقل أن تكون ردة
فعلاً لإذاعات لا تحمل في مضامينها ،
إلا مظاهر التطبيع والاستخفاف بالشارع
العربي .
كل هذا يدفعنا إلى التأكيد
بأن الإرادة الفلسطينية ووعي أبناء
المقاومة ، والنضال المستمر على الأرض
وما أحدثته العمليات الاستشهادية
وإبراز هشاشة العدو ، هي التي دفعت
بالعدو إلى استخدام مثل هذا السلاح ،
فمعايير نجاح الرسالة الإعلامية في
تحقيق طموح الجمـــوع العربيـــة لا
تنطبــق على معظم الإذاعات العربية ،
والتي تتمثل في مدى قدرة تأثيرها على
الأفراد ، ونقلهم من حالة اللامعرفية
إلى المعرفة الواعية بالذات والآخر ،
ومن حالة اللافعل إلى الفعل والمشاركة
الفاعلة ، ومن يعتقد أن المجتمعات
العربية هي مجتمعات محصنة في ظل
الانقسام في كل شيء ، هو اعتقاد خاطئ
لأن الإنتاج الإعلامي في المنطقة
العربية هو في مستوى ضعف الأنظمة
الرسمية ، وإن طالبنا تلك الأنظمة بأن
تقطع صلتها بالإذاعة الصهيونية ، فأن
المنطق يفرض علينا أن نطالبها بأن تقطع
صلتها بالصهيونية أولاً .
وسيبقى الإعلام العربي
مفلساً إذا ظل واقع العرب في هذا
التردي ، وسيكون هناك أثنان وعشرون
خطاباً إعلامياً تصب أغلبها في ظل
التجزئة ، ولن يكون بوسعها أن تواجه
الموجة الإعلامية المضادة ، وعليه
فنحن العرب محتاجون لمشروعاً
إستراتيجياً يرتقــى بطموح الأمة ،
لمواجهة هذه الهيمنة الإعلامية
الموجهة ضدنا ، أما أن نسترخي .
ونبقى كعادتنا نذعر لكل شيء
وموقفاً استاتيكياً ساذجاً ، لأن تدني
مستوى وسائل الإعلام التي تعمل على نشر
السلبية هي في الحقيقة ، عرض مرض وليس
المرض لأن المرض يكمن في حالة التجزئة
التي يرسخها النظام الرسمي ، الذي
يعتبر فيه الخطايا الإعلامي انعكاساً
لتلك الأنظمة ، والتي تعكس غياب
استراتيجية موحدة متمركزة على الذات ،
يرتقى من خلالها الوعي الشعبي بأزمة
الأمة العربية لينقلها من حالة رد
الفعل إلى حالة الفعل ، في عالم يشهد كل
يوم مزيد التكتلات الاستراتيجية .
07/08/2003
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|