وصل
إلى مركز الشرق العربي :
"
العــورة " الوثقــى
مصباح
الغفري
ولا خير في رد الأذى
بمذلة
كما ردها يوما بسوأته عمرو
يؤكد
فضيلة الشيخ عبد القادر الجنابي
الراوندي في مصنفه الذي طبقت شهرته
الآفاق ولم يقرأه أحد:
" تنبيه
الغافلين عن أخطار الشيخ جمال الدين
على العرب والبــربر والمسلمين "
أن
الجريدة التي أصدرها الإرهابي
الدولي جمال الدين الأفغاني في
باريس وأطلق عليها إسم " العروة
الوثقى " إنما صدرت بتمويل من
الحركات السرية المشبوهة التي كانت
تهدف إلى النيل من الخلافة العثمانية ،
وأن صاحبها ، لو كان صادقاً مع نفسه ،
لأسماها " العورة الوثقى " !
عاش الشيخ الجنابي في الهزيع
الأخير من القرن العشرين ، وكان همه
تتبع عورات الكتاب والمثقفين في كل ما
ينال من صفاء العقيدة وتراث العورات ،
ولم يستمع إلى ما قاله شاعر قديم :
لسانك
لا تذكر به عورة امريء
فكلك عورات ، وللناس ألسن
ما
يهمني في ما أكتبه الآن، هو أهمية
العورات والسوءات في التاريخ ، وفي
تاريخ آسيا وأفريقيا وأمريكا
اللاتينية بشكل خاص ، فللعورة دور لا
ينكره أي عاقل في الإبقاء على الحياة،
وفي البقاء على الكرسي، وفي تجديد
البيعة، وفي السكوت عن تدمير المدن وعن
الجرائم ضد الإنسانية ، هل بقي عمرو بن
العاص يوم صفين حياً لو أنه لم يكشف عن
سوأته ؟، ، لقد ترك عمرو بن العاص
للأجيال عبرة في رد المنايا بالعورات
لا بالسيوف . واستلهم الكتاب والشعراء
والمثقفون هذا التراث فساروا على نهجه
، حتى ضرب المثل :
ألف قولة جبان ولا قولة
يرحمه اللــه !
في
الثلث الأخير من القرن العشرين ، اختار
المناضلون في سبيل الحرية حرية واحدة
يناضلون في سبيلها ، هي حرية السوق،
فلماذا الإكثارمن الشعارات ؟ ألسنا في
زمن الخصخصة والتخصص ؟ ثم إن حرية
السوق عباءة فضفاضة تتسع لجميع
الحريات الأخرى ،إنها تضمن لك الرزق من
حيث تدري ومن حيث لا تدري ، عندما يصبح
قانون منظمة التجارة العالمية "
الغات " هو القانون المطبق في كل ركن
وزاوية من الكوكب ، فماذا يفيدك الدفاع
عن حرية فرد أو أفراد يقضون أجمل سنوات
عمرهم في السجون خلف القضبان ؟ بل ما
الذي تجنيه أيها القاريء الكريم إذا
ناضلت في سبيل حريتك أو إستعادة أرضك
المغتصبة ، ألست حراً وأنت تعيش في قلب
العروبة النابض في انتقاد أنظمة الحكم
في أنغولا وفي زيمبابوي وحتى في
نيكاراغوا ؟ ماذا تريد أكثر من ذلك ؟
بعد
أن توصل عباقرة الفكر" العوراتي "
إلى هذه النتيجة الرائعة المريعة ،
إفرنقعوا ست الجهات يبحثون عن صيد حلال
،فنحن أمة لا نأكل الحرام القليل ،
إفتتحوا دور إفتاء للتنظير لقراءة
المستجدات على الساحة الدولية
والمستجدات في حقول المعلوماتية
والعولمة ، ولضبط النفس وكظم الغيظ عند
الغضب ، تحول
حلف شمالي الأطلسي إلى حركة إنسانية
للتحرر والحرية والعالم الحر ، أليس
العالم كله ، ونحن جزء منـه ، حراً في
الموت قصفاً أو جوعاً أو كمداً أو
حصاراً ؟
هذا
زمن التخلص من الردى بإظهار السوأة ،
تستوي في ذلك سوأة أجمل عارضة أزياء مع
سوأة أي رئيس تجــدد له البيعة بنسبة
التسعة وتسعين السيئة السمعة ، رحم
الله الأستاذ محمد البزم عضو المجمع
العلمي العربي ، دخل يوما إلى قاعة
الدروس في جامعة دمشق ليلقي درسه فرأى
طالبا حلق شعر رأسه على الصفر ، وكان
البزم يعشق الجمال ويكره القبح بل
يتطير منه ، قال للطالب :
أستر
ســوأتك ياهذا !
أجاب
الطالب وبراءة الأطفال في عينيه :
لعن
الله الناظر والمنظور !
لم
يبق في الساحة اليوم إلا قلة من
الأغبياء الذين يرفضون كشف سوءاتهم في
سبيل البقاء على قيد الحياة ، القيادات
التاريخية ، إلا من عصم ربك ، متلبسة في
هذه الأيام وسراويلها تحت الركبة ،
منهم من هو في حالة الركوع ومنهم من هو
في حالة السجود ، وبالشكر تزيد النعم .
في
ماراتون السباق للتنزيلات وإنزال
البنطلونات ، ليس لنا غير التمثل
بالحديث الشريف :
لعن الله الناظر والمنظور !
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|