آخر تحديث يوم الاثنين 12 - 04 - 2004م

.....

مشاركات

بعد عام على غزو العراق :

هل بدأت تظهر آثار (الورطة الكبرى) للاحتلال الأمريكي ؟‍‍‍‍‍‍

 علي الشامي

 من سوء طالع الرئيس الأمريكي (جورج بوش) أن يتعاظم شأن المقاومة العراقية قبل أن تحل الذكرى الأولى لاحتلال بغداد في التاسع من إبريل 2003م ، وبدلا من أن يحول (بوش) هذه الذكرى إلى رصيده الخاص في إطار حملة التنافس على الانتخابات الرئاسية القادمة سعيا منه لتجديد ولايته في البيت الأبيض مطلع شهر نوفمبر القادم بوصفه بطل مكافحة الإرهاب والديكتاتوريات على مستوى العالم يتوقع مراقبون أن تنعكس المناسبة وبالا عليه سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها :(حلفاؤه الغربيون ، أو الذين قبلوا في العراق التعاطي مع سلطة التحالف في مجلس الحكم وغيره ) وصولا إلى مطالبته بتحمل المسؤولية عن (ورطة) احتلال العراق والتداعيات السياسية والعسكرية التي تلت التدخل العسكري الأمريكي أو ما سبقها من مبررات الغزو التي ثبت زيفها فيما بعد .

المشهد العراقي خلال الأسبوع الماضي يمكن تلخيصه على النحو التالي :

* اشتداد أزر المقاومة المسلحة ضد الأمريكان بدخول جماعة( مقتدى الصدر) على خطها وإعطاء شرعية لهذه المقاومة من شريحة معتبرة من شيعة العراق ـ على الأقل ـ بعد أن كان الشيعة يتخذون حالة من الحياد والتريث لا ترتقي إلى أكثر من المعارضة السلمية ، وعدم اقتصار نطاقها الجغرافي على المثلث السني فقط .

* تطبيق النموذج الإسرائيلي القبيح من قبل الأمريكان والمتمثل في تطويق المدن وقصفها بالطائرات ليصل عدد القتلى العراقيين في مدينة الفلوجة خلال (6) أيام إلى (450) قتيلا ، مع منع إيصال الإمددات والمواد الإغاثية والطبية إلى المدينة ، والجرحى إلى المستشفيات مما أثار موجة سخط عارم في أوساط العراقيين والعالم العربي والإسلامي ، وأحرج أعضاء الحكم المحلي ..

* ازدياد حدة عمليات المقاومة في مدن مختلفة غير متأثرة بالضربات الأمريكية العنيفة ، وقد أسفرت هذه العمليات عن مقتل عشرات الجنود الأمريكيين ، مع تمكن المقاومة من تطوير تكتيكاتها باللجوء إلى أسلوب أسر أفراد من قوات التحالف .

هذا المشهد الدامي ظهرت له انعكاسات مباشرة وينتظر أن تكون له انعكاسات أخرى في الفترات القادمة لعل من أبرزها :

ـ تجسير الهوة بين السنة والشيعة وعدم إفساح المجال للأمريكان من أجل اللعب على وتر الخلافات المذهبية والطائفية وذلك لإحساس الطائفتين بالاستهداف المشترك . وقد تجلى الإحساس بالتقارب من خلال قوافل الإغاثة للفلوجة وجمع التبرعات لهذه المدينة من قبل سكان بغداد سنة وشيعة.

ـ قيام أعضاء في مجلس الحكم المحلي بتعليق عضويتهم أو الإعلان عن انسحابهم منه احتجاجا على الطريقة التي تعامل بها الأمريكان مع الفلوجة ومع اتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر (مهما كانت المبررات من خلفها ) ، وقد أشاد  بعض هؤلاء بالمقاومة ـ لأول مرة ـ وتجنبوا ترديد عبارات سابقة عنها مثل : الربط بينها وبين نظام( صدام) أو نسبتها للجماعات المتطرفة .. وتعكس مثل هذه التصريحات ضمنا هامشية أدوار هؤلاء الأعضاء في إدارة بلدهم ، وعدم قدرتهم على منع مخططات أمريكية من شأنها إحراجهم مع مواطنيهم وطوائفهم ..

ـ تحويل قوات حفظ السلام (المتحالفة مع الاحتلال الأمريكي ) إلى قوات (محاربة) تكون مستهدفة شأنها شأن القوات الأمريكية ، وهو ما يجعل السلطات الحاكمة في تلك الدول تسعى لسحب قواتها تحت ضغط الشارع في بلادها ، وعدم إرسال قوات إضافية ـ على الأقل ـ .

 ـ رئيس الوزراء البولندي أشار إلى أن الشعب عندما يرى (مشاهد مرعبة حيث يقتل الجنود فستكون هناك ضغوط متزايدة للانسحاب ) وفي نفس الاتجاه قالت صحيفة الفاتيكان إن (الاشتباكات في الناصرية تشير إلى أن الجنود الإيطاليين مدفوعون ليس للعمل كقوات حفظ سلام في العراق ) ولكن ( كأدوات للموت) .

  ـ وفور وقوع يابانيين في الأسر على يد مقاومين عراقيين قامت تظاهرة في طوكيو تطالب الحكومة بسرعة سحب القوات اليابانية التي تقوم بمهام إنسانية في العراق .

ـ ارتفاع نبرة معارضة سياسات بوش الخارجية داخل الولايات المتحدة خصوصا مع تزايد معدلات استهداف القوات الأمريكية ، ولعل هذا ما جعل المرشح الديمقراطي لمنصب الرئاسة (جون كيري) يستغل هذا الوضع للتصريح بأن ( الوقت قد حان ليعترف بوش أمام العالم بالصعوبات التي يواجهها من جراء الورطة الكبيرة للاحتلال الأمريكي للعراق ) ، مطالبا الإدارة الأمريكية تسليم سلطات الاحتلال لمجموعة دولية .

ـ من المؤكد أن التطورات المتسارعة على الأرض العراقية في الآونة الأخيرة ـ وبعد مضي عام على الاحتلال ـ لن يجعل القوات الأمريكية تحمل عصاها وترحل ، ولكنها ربما تقنع قياداتها بأن ضريبة الاحتلال باهظة الأثمان وأن عليها إعادة التفكير في  الكثير من حساباتها السابقة .