صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الثلاثاء 19 - 08 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

وصل إلى برق الشرق :

لا تغيير جوهرياً منذ تسلم بشار الأسد السلطة

البيانوني: ندعو إلى مشروعٍ وطني شامل للنهوض

والإصلاح يقوم على الديمقراطية والتعدّدية

لندن - خدمة قدس برس

نور الدين العويديدي

دعا علي صدر الدين البيانوني، المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية، إلى طرح مشروعٍ وطنيّ شاملٍ للنهوض والإصلاح، يقوم على الحرية والديمقراطية والتعدّدية، واحترام حقوق الإنسان، معربا عن خيبة الأمل العامة من أن المقارنة بين الأوضاع التي كانت سائدة في البلاد منذ استيلاء حزب البعث على السلطة عام 1963 وبين فترة حكم الرئيس بشار الأسد، تشيلا إلى أن لا تغير جوهرياً في الأوضاع العامة.

وأكد البيانوني، في حوار خاص مع وكالة "قدس برس" أن نظام الحكم في دمشق لم يصدر قرار بالعفو عن معارضين في الخارج، ولم يتعد الأمر معالجة قضايا فردية، وقال "نحن لا نتحمّل مسؤولية الأوضاع غير الطبيعية والاستثنائية في سورية، بل النظام هو الذي يتحمّل مسؤولية الإصرار على سياساته".

وفيما يلي نص الحوار الخاص مع السيد علي صدر الدين البيانوني:

- كيف تنظرون إلى الأوضاع السورية ومجريات الأمور بعد مرور ثلاث سنوات على تولي الرئيس بشار الأسد لمقاليد السلطة في البلاد؟

* إذا أجرينا مقارنة بين الأوضاع التي كانت سائدة في البلاد منذ استيلاء حزب البعث على السلطة في عام 1963 وبين فترة حكم الرئيس بشار الأسد، لن نجد تغيراً جوهرياً في الأوضاع العامة. فلا يزال حزب البعث يفرض نفسه حزباً قائداً للدولة والمجتمع، ويمارس حكماً استبدادياً شمولياً، قائماً ليس فقط على إقصاء الآخر، وإنما على قمعه أيضا. فالأجهزة الأمنية تمارس على المواطن السوري، في ظلّ قانون الطوارئ والأحكام العرفية، كل أنواع القهر، بمجرد أنه مخالف في الرأي. وانتهاكات حقوق الإنسان ما تزال مستمرة: فالاعتقالات السياسية لم تتوقف، وسجناء الرأي ما يزالون قابعين في السجون، ومصير الآلاف من السجناء السياسيين ما زال مجهولاً، إضافة إلى عشرات آلاف المهجرين المحرومين من حق العودة إلى الوطن، ومن الحصول على جوازات سفر، أو أي وثيقة شخصية. إنّ استمرار هذه الأوضاع بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على تسلم الرئيس بشار مقاليد السلطة، يعني أنه لم يحصل تغيير جوهريّ.

- هل سبق لكم أن التقيتم بممثلين عن الحكومة السورية بشكل مباشر أو غير مباشر وبحثتم هذه القضايا معهم.

* في ظل العهد الجديد لم يحصل أي لقاء، أو حوار مع السلطة في سورية.

- هل يعني ذلك أنكم يئستم من السلطة الحالية؟ أم أن الوقت مازال مبكرا للحكم على تجربة حكم لم يمر عليها أكثر من ثلاث سنوات. ولا تستطيع في الحقيقة معالجة ملفات ضخمة تراكمت على امتداد ثلاثة أو أربعة عقود؟

* نحن في الحقيقة نقرّ بأن التركة التي خلفها الرئيس الراحل تركة كبيرة وثقيلة، وهناك بالفعل ملفات معقدة. لكن أن تمرّ ثلاث سنوات دون البدء بإصلاحات، فهذا لا يبشر بخير. المواطن السوري أصيب بخيبة أمل. صحيح أنه ما زال يترقب ويعيش على بقية أمل، لكن عدم اتخاذ خطوات جادة باتجاه التغيير والإصلاح حتى الآن، أمرٌ يبعث على الإحباط، ولا يدعو للتفاؤل.

- ولكن ألا تعتقدون أن فصل حزب البعث عن الدولة، يمكن أن تعتبر خطوة جادة باتجاه الإصلاح. ألا يمكن أن تكون في إطار نهج متدرج للإصلاح؟

* هذا القرار بالفصل بين الحزب والدولة ليس جديداً، اتخذه الحزب قبل سنوات، لكن يبدو أن الإعلان عنه الآن، جاء في سياق الاستجابة للمطالب الأمريكية، وهو لا يعني شيئاً ما دام حزب البعث ما يزال يعتبر نفسه الحزب القائد للدولة والمجتمع. لقد كان ممسكاً بكل شيء تخطيطا وتنفيذا ورقابة، أما الآن فقد احتفظ لنفسه بالتخطيط والتوجيه والمراقبة والمحاسبة، وترك لغيره مهمة التنفيذ. إذن أين دور الشعب وممثلي الشعب؟.. هذا لا يعدو كونه إجراءً تجميلياً لا يعني شيئا، مادام الحزب يفرض نفسه على الشعب بنص الدستور.

هذا مع الإشارة إلى أنّ دور الحزب نفسه، ليس دوراً أساسياً في الحكم، فالأجهزة الأمنية تحكم قبضتها على معظم الأمور، وتتدخّل في جميع الشئون.

- قد يكون التنازل عن السلطة التنفيذية خطوة مهمة في ذاتها. ففي كثير من الدول تكون السلطة التنفيذية هي المسير الحقيقي للبلد، لما لها من دور حيوي؟

* تجربة الحكم في سورية تؤكّد أن سلطة الوزراء محدودة في تسيير الأمور. وأنّ السلطة الحقيقية هي بيد الأجهزة الأمنية، تحت غطاء قانون الطوارئ والأحكام العرفية، والقول إن تنازل الحزب عن السلطة التنفيذية، خطوةٌ مهمةٌ في ذاتها، فقد يكون كذلك لو تمّ فعلاً، وتبعته إصلاحاتٌ دستورية، وخطواتٌ جادّة،  لكنه يظل مجرّد بداية.

- في تقديركم ما المطلوب عمله لإحداث التغيير إذن؟

* المطلوب طرح مشروعٍ وطنيّ شاملٍ للنهوض والإصلاح، يقوم على الحرية والديمقراطية والتعدّدية، واحترام حقوق الإنسان.. وهنالك قضايا إنسانية لا بد من المبادرة إلى حلها، لتهيئة المناخ الملائم للإصلاح. وهي لا تحتمل التأخير، تتعلق بحقوق المواطنين، ورد المظالم، ووجود أكثر من ألفي معتقل في السجون السورية، وأكثر من عشرة آلاف سجين لا يعرف مصيرهم، هناك عشرات الآلاف من المهجرين المحرومين من حقوقهم المدنية، كجواز السفر، وبطاقات الهوية الشخصية، ووثائق الأحوال المدنية.. كل هذا القضايا لا تحتمل التأخير، باعتبارها حقوقاً أساسية للمواطنين. وكان يفترض حسمها من البداية، كما حصل في كلٍ من البحرين والمغرب، على سبيل المثال، مع بداية العهد الجديد في كلٍ منهما، فما معنى أن تتأخر مثل هذه الإجراءات ذات الطبيعة الإنسانية لأكثر من ثلاث سنوات؟..

- إذا كنتم تعتقدون أن النظام لم يتغير عن سابقه، فماذا عن الإخوان، هل تغيروا؟ هل غيروا من مواقفهم من النظام؟

* أولاً: نحن نقوم بمراجعةٍ داخليةٍ مستمرةٍ لمواقفنا، ونتعامل مع المستجدّات بروحٍ إيجابية، تجلّى ذلك في خطابنا المنفتح، وفي ميثاق الشرف الوطني الذي تمّ إقراره في المؤتمر الوطني الأول للحوار، والذي أكّدنا من خلاله التزامنا بمواجهة التحدّيات الخارجية، وتقديم المصلحة العليا للوطن على المصالح الذاتية، وبآليات العمل السياسي الديمقراطي ووسائله، وبنبذ العنف، والتعاضد على حماية حقوق الإنسان. وأبدينا تفهّمنا للتدرّج في عملية التغيير والإصلاح..

ثانياً: نحن لا نعارض النظام لمجرّد المعارضة، إنما نعارض سياسات النظام الاستبدادية والقمعية. ومنذ بداية عهد الرئيس بشار الأسد، ورغم تحفظنا على طريقة انتقال السلطة، أعلنا أن موقفنا يتحدّد في ضوء السياسات التي سينتهجها العهد الجديد، وطالبنا بفتح صفحةٍ جديدةٍ في تاريخ الوطن، تنهي حالة الاحتقان والتوتر التي خلّفتها ممارسات الأجهزة القمعية، وانتهاكات حقوق المواطنين، على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وأبدينا استعدادنا للتعاون مع أي خطوة إيجابية، ورحبنا بالإفراج عن مئاتٍ من المعتقلين السياسيين، واعتبرناها خطوةً في الاتجاه الصحيح، وكان خطابنا خلال هذه الفترة إيجابياً ومنفتحاً، للإسهام في إيجاد المناخ الملائم لعملية الإصلاح، وفتح صفحة جديدة. لكننا - وللأسف - لم نجد لمواقفنا هذه تفاعلاً إيجابياً حتى الآن.

- وكيف انعكس ذلك على مواقفكم السياسية إذن؟

* المشكلة في سوريا ليست مشكلة الإخوان المسلمين وحدهم، بل هي مشكلة الشعب بأسره، هي مشكلة كل مواطن سوري. وكل التيارات السياسية. وموقفنا ما يزال هو المطالبة مع بقية أبناء شعبنا، بوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وفتح باب التعددية الفكرية والسياسية، وإلغاء قانون الطوارئ والأحكام العرفية، والقوانين والمحاكم الاستثنائية. وهي مطالب توافقت عليها كل القوى السياسية في البلاد بدون استثناء.

- ماذا تقرؤون في العفو عن بعض المعارضين، الذين ينتمي بعضهم إلى لجنة الميثاق الوطني التي كنتم من المساهمين في تشكيلها؟

* لم يصدر قرار بالعفو عن معارضين في سورية، وإذا كنت تقصد الدكتور هيثم مناع، عضو لجنة الميثاق الوطني، فإن قرار العفو عنه أو السماح له بالعودة إلى سورية، قرار شخصيّ، يتعلّق به وحده، وقد تم بمساعٍ شخصية من بعض أصدقائه في الداخل. ولا يمكن تحميل هذا القرار أكثر من ذلك.

- ألا تخشون بمعارضتكم للنظام، وانتقادكم له أن تستغله بعض الجهات المعادية لسورية؟

* نحن لا نتحمّل مسئولية الأوضاع غير الطبيعية والاستثنائية في سورية، بل النظام هو الذي يتحمّل مسئولية الإصرار على سياساته، التي أساءت إلى صورة الوطن وسمعته، وجعلته عرضةً للتدخّل والاستغلال من قبل القوى الخارجية،  وموقفنا من هذه السياسات معلن منذ زمن طويل. فنحن نرفض سياسية الاستئصال، والانفراد بالحكم، واحتكار السلطة. وحكم البلاد بقوانين الطوارئ والأحكام العرفية، وطالبنا بمراجعة هذه السياسات، والبدء بعملية الإصلاح والتغيير، ولو على مراحل، وأبدينا تفهّمنا لسياسة التدرج في هذا الأمر. وحذرنا من عواقب الاستمرار في هذه السياسات، وتجاهل معاناة المواطنين، وأعلنا أننا لا نقبل بالاستقواء على الوطن بأيّ قوةٍ خارجية، وبقي على النظام أن يتحمل المسئولية، وأن يعي الأخطار التي تحدق بالبلاد.

- لكن ألا تخشون أن يتكرر السيناريو العراقي في سوريا؟

* نحن مشفقون على بلدنا فعلاً، وأعلنا موقفنا الرافض للاتهامات والتهديدات الأمريكية، ووقوفنا مع شعبنا في مواجهة أيّ عدوان، ونتمنى أن يقوم النظام بتصحيح الأوضاع، وينحاز إلى الموقف الشعبي، بدلاً من الرضوخ للتهديد، وتقديم التنازلات.

- هل جرت بينكم وبين بعض الجهات الأوروبية والأمريكية أية لقاءات؟.. وما هي القضايا التي طرحت في هذه اللقاءات؟..

* نحن منفتحون على الجميع، ومنهج الحوار منهج أصيل عندنا. ونحن لا نضع الغرب كلّه في سلةٍ واحدة، فهناك من يتعاطف معنا، ويقف مع قضايانا العربية والإسلامية، وهناك من يريد التعرّف علينا، وعلى حقيقة أفكارنا ومبادئنا وسياساتنا ومواقفنا.. ولا مانع لدينا من الحوار مع هؤلاء وأولئك، وسواء كان الحوار سياسيا، أم فكريا، أم دعوياً،  فإننا نعبّر في كل الأحوال عن مواقفنا المبدئية، التي ننطلق فيها من رؤيتنا الشرعية، وثوابتنا الإسلامية، ومصلحتنا الوطنية.

الاثنين 18 آب (أغسطس) 2003السابق

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ