بيان
صادر من مطرانية القدس للكنيسة
الأسقفية
في
القدس والشرق الأوسط
عقد
رعاة ومجالس العمد الراعوية في
مطرانية القدس للكنيسة الأسقفية في
القدس والشرق الأوسط اجتماعاً في عمان
يوم الجمعة 14/3/2003 برئاسة سيادة المطران
رياح أبو العسل، رئيس مجمع المطرانية.
وفي نهاية الاجتماع توقفوا عند
التهديدات الأمريكية المتكررة بضرب
العراق الشقيق، والآثار التي ستترتب
من جراء ذلك على شعوب المنطقة.
فأصدروا
البيان التالي:
في
اجتماعنا هذا في عمان نحمل معاً هموم
مواطنينا على اختلاف مواقعهم ومذاهبهم
وأديانهم في بلادنا الحبيبة حيث نحن في
خدمة الرعاية والمحبة.
إننا
نشارك آلام شعوبنا ومعاناتها، ونرفع
صوتنا عالياً في هذه الظروف المصيرية
التي تمر بها منطقتنا وخصوصاً في
العراق وفلسطين.
وإننا نبدي اهتمامنا وقلقنا
العميقين في محاولات حكومة الولايات
المتحدة الأمريكية المستمرة لتجميع
دعم دولي لعمل عسكري جديد ضد العراق،
لتحقيق أهدافها. ونعتبر أن الحرب
كوسيلة لحل النزاعات غير مشروعة، وغير
أخلاقية، وعديمة الحكمة. كما أن الحرب
تتناقض مع تعاليم سيدنا يسوع المسيح
ومثاله.
إن الدور الذي تلعبه الحرب
في حياتنا الدولية الراهنة خطيئة ضد
الله، وتحقير للإنسان، وتهديد السلام
العالمي. وإن أي عمل عسكري من شأنه أن
يؤدي إلى سقوط ضحايا بأعداد كبيرة،
وإلى مزيد من المعاناة للشعب العراقي.
نؤكد أنه لا يحق لأي دولة أو
مجموعة من الدول أن تتخذ إجراءات من
جانب واحد تؤدي إلى تدمير دولة أخرى،
وإلحاق العذاب الكبير بشعبها. ونبدي
أسفنا لأن أقوى دولة في العالم تتخذ من
الحرب أداة مقبولة للسياسة الخارجية،
خارقة بذلك ميثاق الأمم المتحدة،
والتعاليم المسيحية.
لذلك
فإننا نناشد أصحاب الضمائر الحية في
العالم أجمع، وأبناء الكنائس المسيحية
في العالم طالبين منهم بثقة وبقوة
المحبة:
ـ
الوقوف ضد أي عمل عسكري ضد العراق.
والعمل من خلال منظمة الأمم المتحدة
لتحقيق سلام عادل وراسخ في العالم.
ـ
حث المجتمع الدولي على الحفاظ على
شرعية القانون الدولي، ومقاومة الضغوط
للاشتراك في ضربات عسكرية وقائية ضد
دولة ذات سيادة بذريعة (الحرب على
الإرهاب) إن اللجوء إلى استخدام القوة
كوسيلة في التعاطي مع المسائل
الدولية، يوفر سابقة خطيرة جداً لسائر
الأمم في العالم.
ـ
تسوية جميع النزاعات بالوسائل
السلمية، ووضع حد للأزمة الإنسانية
التي يعاني منها العراق. إن شعب العراق
قد عانى الكثير بسبب العقوبات منذ عام
1991، ولهذا فإن إنزال العقوبات
الإضافية بالمواطنين الأبرياء لا يمكن
أخلاقياً أن يقبله أحد.
ـ
وإننا نحذر من العواقب الاجتماعية
والثقافية والدينية طويلة الأمد للحرب
(الجديدة) وخاصة إذا كانت حرباً من طرف
واحد، فزيادة نار العنف إشعار سيؤدي
إلى زرع بذور الكراهية.
ـ وإننا نجد أن هذه الحرب
لها تأثير خطير وسلبي على الحياة
الاقتصادية والسياسية والإنسانية
وسوف تعوق جدوى الحوار المسيحي ـ
الإسلامي، الذي يتميز به الشرق الأوسط.
وهذا ما سينعكس سلباً على المسيحيين في
الشرق الأوسط، كما يمكن أن تؤدي هذه
الحرب إلى صراع حضارات وأديان.
لذلك
فإننا نطالب الرئيس الأمريكي بإلحاح
أن تكون أولويته في الشرق الأوسط حل
مشكلة فلسطين بدل العراق، وإزالة
الاحتلال الإسرائيلي للمدينة
المقدسة، وعدم الانحياز إلى إسرائيل.
للولايات المتحدة مسؤولية كبيرة حيال
قضية فلسطين وقضية العراق، وهما
توأمان في الوقت الراهن. وإننا على
يقين تام بأنه لن يكون هناك سلام شامل،
ودائم في الشرق الأوسط إلا بإيجاد حل
عادل للشعب العربي الفلسطيني.
ونأمل
أن توجه طاقات وقدرات الولايات
المتحدة الأمريكية في حرب شاملة ضد
الفقر والجهل والمرض، وأن المليارات
التي تنفق على الحرب في العراق يمكن أن
تؤمن سلاماً على مدى أطول للولايات
المتحدة، إذا أنفقت على مشاريع لتنمية
الشرق الأوسط.
ونأمل
من الولايات المتحدة الأمريكية التروي
في اتخاذ أي قرار بشأن موضوع العراق،
ويمكن حل جميع الأمور بالحوار من دون
اللجوء إلى الحرب.
لكل
ما سبق نجدد دعوتنا ونشارك أنصار
السلام مستصرخين الضمير العالمي
والضمير المسيحي للقيام بحملة جديدة
تتصدى لقرار الحرب الذي يستهدف
المنطقة العربية، ويهدد الحضارة
الإنسانية وسلام العالم.
لا
نريد أن تكون الألفية الثالثة تاريخ
حروب، بل بالحري عصر حوار بين الأديان
والحضارات والثقافات لنبن معاً في أرض
البشر حضارة السلام والمحبة، لنجاهد
معاً في سبيل نمو الإيمان في أجيالنا
الطالعة، لنجاهد معاً لأجل أمن
واستقرار وحرية وكرامة وازدهار
ومستقبل أفضل لجميع شعوب الأرض.
إن
مساندة الشعوب المحبة للسلام لشعب هذه
المنطقة في الحصول على حقوقهم
المشروعة هي من متطلبات الشهادة
المسيحية. وهي بدون شك علامة رجاء حي
يتطلع إليه إنسان اليوم أياً كان عرقه
أو لونه أو دينه، أو ثقافته، أو
إمكاناته ليثبت في إيمانه بأن قوة الحق
ستنتصر بالتأكيد على حق القوة.
|