مشاركات
هل
وصل شيخ الجبل إلى دمشق ؟
بمناسبة تفجيرات المزة
واضطراب الروايات السورية
بقلم : محمد الحسناوي
كان لاضطراب المصدر السوري
للأخبار – وهو الوحيد – في رواية ما
حدث مساء الثلاثاء 27/4/2004م في أوتستراد
المزة بدمشق أثره الواضح في التشكيك
بالتفاصيل والأهداف ، وفي جدية ما حدث
أيضاً ، مع وقوع ضحايا في المهاجمين
وبعض العابرين ( استشهاد شرطي ومدرسة ،
واثنين من المهاجمين ) . بعد ساعة من بث
المصدر المسؤول السوري للخبر عاد
فكذبه ( مصححاً ) في الأرقام وفي آلية
التنفيذ وفي حقيقة المبنى المستهدف ،
مقراً للأمم المتحدة حالياً أو سابقاً
، السفارة الكندية ، المبنى مهجور أو
مسكون بعضه أو كله ، وأخيراً لم يكن فيه
مكتب سابق لنائب الرئيس رفعت الأسد على
حد آخر تصريحات المصدر السوري ! ( مع
العلم أن دليل اتحاد الكتاب العرب يذكر
عنوان رفعت الأسد كما يلي : سورية –
دمشق – أوتوستراد المزة – مقابل حديقة
الطلائع – هاتف 6117340 – 6117344 ) . كما أن
الشاهد الذي يحاذي متجره المبنى أكد أن
الطابق السفلي من المبنى المستهدف غير
مأهول ، ويملكه رفعت الأسد – القدس
العربي 30/4/2004 .
المراقب العادي أثارته أسئلة
أخرى تزيد الريب في الرواية الرسمية ،
مثل : سرعة الكشف عن مخبأ الأسلحة في
سرعة قياسية غير مسبوقة في عالم العنف
، وفي آلية ( الشفافية ) الرسمية في
تقطير المعلومات ، ومثل اختيار مبنى
مهجور من جهة ، أو إطلاق رصاص طائش من
جهة ثانية ، والقيام بوضع عبوة ناسفة
تحت سيارة والهرب بعدها ثم العودة
للاشتباك وإطلاق النار من جهة ثالثة ،
وعدم إعلان (القاعدة )
حتى الآن مسؤوليتها عن الحادثة
خلافاً للعادة ولتنظيم القاعدة ، بحسب
الرواية الرسمية السورية ووصف اللحى
والدشاديش الباكستانية من جهة رابعة
....
وإلى أن تجري محاكمة علنية –
ولن تجري بالتأكيد – ندلي بدلونا في
التفسير ، ونحتكم إلى التفاصيل
المتاحة ، وإلى جذور الإشكالات
السورية ، وسيرورتها الأمنية ، ووضع
اليد على سبب ( الغموض )
والإبهام المقصودين في الروايات
السورية ، وهي كلها رسمية ، مع
اعتذارنا لمراسلي الداخل المقموعين
بأشكال معلومة ، ولا يفوتني أن أشيد
بطلب الكاتب ميشل كيلو تحقيقاً عادلاً
، وبكشف الناشط الحقوقي أكرم البني
لتوظيف ما حدث سعياً للمزيد من
انتهاكات حقوق الإنسان ، وهو بيت
القصيد ، قبل التأثير على القرار
الأمريكي ، ثم بربط الكاتب صبحي
الحديدي ما حدث ببنية النظام
التناحرية .
في مطلع ولاية الرئيس الجديد
بشار ، أي بعد مضي شهور قليلة على تصفية
نفوذ العم رفعت ، لاسيما إغلاق الميناء
في ( دم سرخو – اللاذقية ) بالدبابات
والطائرات والقوارب البحرية وقتل
واعتقال من يلزم قتله واعتقاله بتاريخ
23/10/1999م وهدم الأبنية والسواتر
الإسمنتية واسترداد ما مساحته 11410م م
من أملاك الدولة ، وقعت الحادثة
التالية في اللاذقية أيضاً ، ولم
تنقلها وكالات الأنباء ، وتداولها
المواطنون في جملة ما يتداولونه من
طرائف النظام ( المستقر الآمن ) جداً
على حدّ تعبير المصدر السوري .
شاب اسمه فايز الأسد ، أحد
أبناء عمَ الرئيس الشاب ، تلقب باسم (
شيخ الجبل ) ، وللمعنيين بالجذور
التاريخية أن يسكروا بمدلولات هذا
اللقب وتداعياته أيام الحسن الصباح
والحشاشين في قلعة ( ألموت ) . وبالمناسبة
هناك من يعدّه بعضهم من زعماء الثورة
الاشتراكية العربية ( انظر كتاب :
الثائر الحميري – للدكتور مصطفى غالب )
... شيخ الجبل هذا يقود عصابة من
المسلحين في الساحل السوري ، يفرض
الإتاوات ، ويحمي ( أكشاك ) التهريب في
المدينة جهاراً نهاراً . ومع استلام
الرئيس الجديد وإطلاقه وعود ( خطاب
القسم ) ، جسّ محافظ اللاذقية صافي أبو
دان نبض القصر تجاه ممارسات ( شيخ الجبل
) المستفحلة ، فجاءه الضوء الأخضر ،
فأمر شرطة المدينة بإزالة هذه الأكشاك
خلال /24/ ساعة ، فإذا شيخ الجبل يرسل إلى
منزل المحافظ مجموعة من المسلحين
تأمره هو وأسرته بمغادرة المدينة خلال
/3/ساعات وإلا . طبعا كانت النتيجة : رحل
المحافظ وبقي شيخ الجبل .
وفي دمشق ومنذ خمسة شهور حضر
شادي مخلوف ( ابن الخال ) ، صاحب صفقة
الخليوي التاريخية التي خسرت
الميزانية السورية بسببها ملايين
الدولارات ، وخسر بسببها رياض سيف عضو
مجلس الشعب حريته ومنصبه أيضاً ..حضر
مخلوف إلى أحد مصارف دمشق ، ولعله قريب
من مكان التفجيرات الأخيرة ، وقد انتهى
الدوام الرسمي للمصرف , وأغلقت
الحسابات ، وكان الموظفون على وشك
الإنصراف ، إذا بالمدعو شادي يطلب صرف
مبلغ كبير ، فيعتذر الموظفون عن تلبية
الطلب ، فيأمر مرافقيه المسلحين
بتأديب مدير المصرف حتى حمل بالرمق
الأخير إلى المستشفى ، ولم تنشر وكالات
الأنباء هذه الواقعة أيضاً ، لأنها
ليست بحجم ميناء ( دمسرخو) ، ولأن
المتعدى عليه لايملك قناة فضائية .
ومع ذلك يزعم المصدر السوري
في خبر التفجيرات أن سورية بلد آمن
مستقر منذ الثمانينات ، لأن ممارسات
أبناء النظام لا تدخل التاريخ ولا تخرج
منه .
لنحتكم إلى تقرير ( منظمة رقيب
الشرق الأوسط ) عن انتهاكات حقوق
الإنسان في سورية لعام 1990م ، الملحق
السادس من الملاحق الثمانية في الكتاب
، عنوانه : ( زراعة المخدرات وتجارتها
في لبنان ص 331- 336 ) جاء فيه : ( يبدو أن
تجارة المخدرات تضع بين يدي رؤساء
المخابرات ومديريها أموالاً طائلة مما
يزيد في سطوتهم الشخصية واستقلالهم
بتصرفاتهم . ذكرت الاكسبرس أن إدارة
مكافحة المخدرات الأمريكية قدرت أن ما
درّته تجارة المخدرات وحدها سنة 1986م
على السوريين كان مليار دولار تقريباً
، ومنذ تلك السنة ازدهرت تجارة الأفيون
لتصبح خمسة أضعاف ما كانت عليه ) وجاء
فيه أيضاً : ( أوردت إحدى الدوريات
الفرنسية (اكسبرس) في شهر مايس 1987م أدلة
على صلة بين بعض السوريين بتجارة
المخدرات وبروابط رفعت الأسد بشبكات
المخدرات الدولية ) ومن الأسماء
السورية ( رجل الأعمال السوري منذر
كسار ، هذه الشخصية التي اتخذت من
أوروبة مقراً لها ، والتي قيل عنها إن
صاحبها على علاقة وثيقة مع رفعت الأسد )
( معلومات عن صفقة بين وكالة المخابرات
الأمريكية وبين كسار إذ تذرعت
المخابرات الأمريكية بهذه الصفقة
لمساعدة هذا السوري بالوصول بمخدراته
إلى الولايات المتحدة مقابل مساعدة
لها . إن شقيق كسار متزوج من ابنة علي
دوبا رئيس إدارة المخابرات العسكرية
السورية ) . ما نظننا بحاجة إلى تعليق !
أما تقرير ( المجموعة الدولية
لمعالجة الأزمات – قسمه الثاني :
تحديات السياسة الداخلية 11/3/2004م) ،
فيعالج إحدى المسائل اقتصادياً ، ويصل
إلى النتيجة التي نحن بصددها ، فيقول : (
إن الاقتصاد الحقيقي الآخذ بالانكماش
يخفض من وجود الرشاوى وإيرادات
الاحتكار والامتيازات الاقتصادية ،
وبالتالي يقوض قدرة النظام السوري في
الاعتماد على المحسوبية والرقابة
الاقتصادية . لقد كان يتمّ احتواء
التحديات القبلية ( العشائرية ) لسيادة
البعث عن طريق توزيع فرص <عمل >ومناصب
يحتكرها القلَة في تحصيل الرسوم
الجمركية وتصدير الماشية إلى المملكة
العربية السعودية وشركات النقل المحلي
، وفي منتصف عام 2003 ، فقد أطلقت
الإيرادات المنخفضة من جميع هذه
المصادر تنافساً مكثفاً ، حيث وصل
ذروته في حرب عصابات وتسوية حسابات بين
القبائل ( العشائر) في حلب ، حيث إن كلاً
منها كان مدعوماً بفروع محلية تابعة
للمخابرات ) ( يضيف في الهامش : القبائل
– العشائر هي البصري والحميدي < لعله
يقصد البري والحديدي > ويقال : بأن
العديد من الأشخاص قد لا قوا حتفهم في
عمليات اغتيال وضح النهار . المقابلات
أجرتها icc في حلب / آب 2003م ) .
فهدوء المقابر الذي يشيعه
النظام ، لا يخفي طبيعة البنى القائمة
على مراكز القوى ، وتقاسم المغانم ، من
الخزانة العامة مباشرة أو من عمليات
التهريب الواسعة ، , أو
من الخوات والإتاوات ، أو من سرقة
الآثار ، ثم نفاجأ بانتحار رئيس وزراء
أو نحره ، وبطرد نائب الرئيس وتصفية
جيوبه ، وبظهور شيوخ للجبل في السهل
والوعر .
إن الإعلام السوري لا يملك
المصداقية ، لا لتناقض رواياته وحسب ،
بل لغياب الشفافية . ففي الخبر الواحد
تناقض صارخ : إذا كان البلد آمناً إلى
هذه الدرجة منذ الثمانينات فلماذا
الاستمرار بفرض قانون الطواريء ،
ولماذا تضخيم الخطر من الحراك السياسي
السلمي لأنصار المجتمع المدني ،
ولماذا فصل الطلاب الجامعيين
واعتقالهم من جامعتي حلب ودمشق ،
ولماذا تحكيم السيف الأمني برقاب
المواطنين الأكراد واعتقال المئات
منهم وقتل بعضهم تحت التعذيب ، ولماذا
حرمان المهجرين من العودة إلى الوطن أو
وثائق السفر ، ولماذا لا يطلق سراح
معتقلي الرأي القدامى والجدد ، والحبل
على الجرار ؟ وإذا كانت هذه الأمور
مقلقلة للأمن لدرجة الوسوسة : فلماذا
الزعم بأن البلد آمن مستقر، و( الفتنة
نائمة لعن الله من أيقظها ) ؟ !
أيهم أدعى للأمن شيخ الجبل أم
الأستاذ الجامعي الدكتور عارف دليلة ؟
وأيهم أدعى للخطر دشاديش ابن
لادن أم كلاشنكوفات المفارز الأمنية
حراس الأقبية المهجورة والمخازن غير
المأهولة إلا بالحشيش والكوكاكيين
والأفيون ؟
وإذا كان المئات من المواطنين
السوريين والفلسطينيين واللبنانيين
معتقلين بلا محاكمات أو بقانون
الطواريْ ، فهل نحلم بمحاكمة علنية
لتجار الحشيش والأفيون والأمن السوري
؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|