آخر تحديث يوم الأربعاء 16 - 07 - 2003م

.....

مشاركات

وصل إلى برق الشرق :

حصاد اللعنات الأفريقية من غوري إلى لاجوس

د. غسان الصافي

لم تنطلي الحيل الأمريكية على الأفارقة هذه المرة، كما لم ينجح الرئيس بوش في إقناع الأفارقة بما جاء يبشر به رغم الأصباغ و الأقنعة التي غطت وجهه و هو يتجول في خمس دول أفريقية مبدياً إهتمامه المفاجئ بالقارة مدعياً وقوفه ومساعدته لتجاوز آفات الحروب والصراعات والإيدز والفقر لتحول القارة من قارة للبائسين الفقراء إلى واحة للسلام الأمريكي التي ينوي بوش رسم خارطتها رغم فشل خرائطه وخططه في آسيا و الشرق الأوسط ؟! لم تلقى  الزيارة كثير إهتمام كما كان متوقعاً غير أنها رمت بكثير الأسئلة وعديد الإستفهامات أمام الأفارقة والمهتمين بالقضايا الأفريقية ...

فلقد كشفت الجولة عن الشكوك المتأصلة لدى الرأي العام الأمريكي والأفريقي وكذلك العالمي تجاه نوايا بوش وهو يقوم بهذه الجولة والتي تسائل عنها وزير الخارجية الأمريكي لشؤون أفريقيا الأسبق مشككاً (( هل هي جولة حقيقية أم مجرد سياسة ؟! ))  كما نعتها رئيس مجموعة الضغط الأفريقية  ( أفريقيا أكشن ) بأنها مظللة للشعب الأمريكي و لشعوب القارة الأفريقية معاً من حيث دوافعها و أهدافها و توقيتها الذي جاء متزامناً مع إنعقاد المؤتمر الأول للإتحاد الأفريقي في موبوتو العاصمة الموزمبيقية ولا يخفى على المراقبين ما لهذا المؤتمر من أهمية على صعيد بناء مؤسسات الإتحاد الأفريقي الذي يعول عليه الأفارقة شعوباً و قيادات في تأكيد حضورهم الدولي و القضاء على مشاكلهم .

كما جاء إختيار السيد الرئيس لجزيرة غوري و تحديداً قبالة ( دار العبيد ) المحطة التي كان يشحن منها الأفارقة من وسط القارة وجنوبها عبيداً مسلّعين إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية  ... جاء إختياره لهذا المكان بالذات ليلقي أولى خطاباته في القارة وليكون موجهاً على طريقة بوش للناخبين الأمريكان من أصل أفريقي لكسب أصواتهم التي فقدها في الإنتخابات السابقة ، متحدثاً في خطابه بخبث عن معاناة سكان أفريقيا القدامى من ظاهرة الرق و الإستعباد دون أن يقدم إعتذار على تلك الحقبة المأساوية الإستعبادية البغيضة التي عانى فيها الأفارقة عذابات القهر والتعذيب والإستغلال في أبشع صوره.

لقد أثبت الرئيس الأمريكي بهذه الجولة بأنه يجهل الكثير و الكثير عن الإنسان الأفريقي الذي جاءه فجأة فاتحاً مبشراً و لعلّ في سيول الأجساد السوداء التي خرجت متضاهرةً رافضةً زيارته في عواصم نيجيريا وجنوب أفريقيا والسنغال وأوغندا ما يجبر السيد الرئيس على التفكير كثيراً قبل أن يعيد الكرة زائراً أو متودداً للقارة المارد مرةً أخرى وستصعب عليه المقارنة كثيراً وهو يضع  الهنود والفيتناميين والعرب الشرق الأوسطيين والأفغان ... مقابل المارد الأفريقي الواعد.

16/07/2003