مشاركات
وصل
إلى برق الشرق :
اسم
الكتاب :
الحركات
الإسلامية . .
وأثرها
في الاستقرار السياسي في العالم
العربي
-
المؤلف : عبد الوهاب الأفندي ، وآخرون
-
عدد الصفحات : 235
- تاريخ النشر : 2002
-
الناشر : مركز الإمارات للدراسات
والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي
عرض :
شريف شعبان
مبروك*
Almotanaby76@hotmail.com
فجرت
أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 فى
الولايات المتحدة الأمريكية ، وما تبع
ذلك من إعلان الحرب على بعض الجماعات
الإسلامية ، أهمية ذلك فى دراسة
الظاهرة الإسلامية والبحث فى أسباب
نموها وتوسعها واشتداد قوتها وأسباب
لجوء بعضها إلى القوة والعنف ،
والمنطلقات الأساسية التى ساهمت فى
إنشاء الحركات الإسلامية باعتبار أن
الدولة الإسلامية ضرورة دينية لحفظ
الدين والتمسك به ، فغلبت السياسة على
المفاهيم الأخرى فى فكر الحركات
الإسلامية لأنهم ، رأوا أن قيام الدولة
كفيل بقيام الحياة الإسلامية ،
وانهيارها يعنى انهيار منظومة الحياة
المنشودة لديهم .
أن
أهداف الحركات الإسلامية ووسائلها
والظروف التى عايشتها والمواقف التى
مرت بها والعلاقات المتباينة مع
الأنظمة بمختلف أنواعها فى العالم
العربى على وجه الخصوص ورؤى بعض
قياداتها ومنظريها لأهدافهم
وقراءاتهم للظروف الخاصة بالحركة
والظروف المحلية السائدة ، وبخاصة
فيما يتعلق بالنظام السياسى القائم
وأهدافه وخصائصه وقربها أو بعدها من
الإسلام ، ومقدار الحرية المتاحة
للناس أو ممارسة التسلط والاستبداد ،
بالإضافة إلى الظروف الإقليمية
والدولية التى أحاطت بالعديد من الدول
العربية والإسلامية قد شكل جميعها
العلاقة بين الحركات الإسلامية والنظم
السياسية القائمة ، و التى اتسمت فى
غالبها بالمهادنة الحذرة أو الصدام
العنيف القائم على رفض الآخر من
منطلقات ومسوغات مختلفة ، ساهمت فيها
تجربة المقاومة ضد الاستعمار والحروب
مع إسرائيل وغياب الحياة الديمقراطية
فى العديد من هذه الأنظمة ، وعدم
نجاحها فى تحقيق أى إنجازات على جبهات
متعددة من الحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية .
وفى
الوقت ذاته فإن الحركات الإسلامية
ذاتها قد وقعت فى العديد من الأخطاء
بسبب " أيديولوجياتها " وعدم
قراءاتها للواقع السياسى والاجتماعى
سواء المحلى أو الدولى ، وعدم تقديمها
البدائل الإسلامية الواقعية التى
تستوعب الزمان الذى تعيشه الأمة بكل ما
فيه من متغيرات وتناقضات وتقديم
الحلول لمختلف القضايا والشئون .
وفى
هذا السياق ، يحاول عبد الوهاب الأفندي
من خلال كتاب " الحركات الإسلامية
وأثرها فى الاستقرار السياسى فى
العالم العربى " تناول الحركات
الإسلامية بأسلوب علمى يقوم على
النظرة الكلية لهذه الحركات ، من حيث
نشأتها وفكرها وممارستها ونظرتها
للديمقراطية ، وإلى أى مدى تسهم
الحركات الإسلامية فى تحقيق الاستقرار
السياسى فى العالم العربى من عدمه ثم
يتناول الكتاب مستقبل الحركات
الإسلامية فى ظل المتغيرات الإقليمية
والدولية فى ستة فصول تدور حول
العناوين التالية :
الفصل
الأول : الحركات الإسلامية : النشأة
والمدلول وملابسات الواقع
، يعرف عبد
الوهاب الأفندي مصطلح "الحركة
الإسلامية" بأنه يطلق على الحركات
التي تنشط في الساحة السياسية، وتنادي
بتطبيق الإسلام وشرائعه في الحياة
العامة والخاصة، وهي تسمية أطلقتها
الحركات الإسلامية على نفسها.
وتسمى
أيضا حركات "الإسلام السياسي" و"الأصولية
الإسلامية" ترجمة للمصطلح
الإنجليزي Fundamentalism،
ولا تطلق التسمية على الجماعات
الإسلامية التي لا تنشط في المجال
السياسي مثل الصوفية ولا الأحزاب
التقليدية ذات الخلفية الإسلامية مثل
حزب الاستقلال المغربي وحزب الأمة
السوداني والرابطة الإسلامية في
باكستان، كما لا يطلق على حكومات تطبق
الشريعة الإسلامية مثل المملكة
العربية السعودية، ولا يشمل الأحزاب
والحركات الإيرانية بل يغلب عليها
تسمية الإصلاحيين والمحافظين، [ ويشمل
هذا التعريف جماعة الإخوان المسلمين
في الدول العربية والجماعة الإسلامية
في باكستان وحزب الرفاه في تركيا
وجماعة العدل والإحسان في المغرب
والجبهة الإسلامية القومية في
السودان، كما يشمل أيضا الجماعات
الأكثر تطرفا وعنفا مثل الجهاد في مصر
وجبهة الإنقاذ الإسلامي في الجزائر ] ،
وتتميز هذه الحركات بحداثتها، فهي
نشأت في كنف الحداثة واستجابة
لتحدياتها، وهي أيضا إسلامية بمعنى
أنها اختارت استجابة لتحديات الحداثة
المرجعية الإسلامية.
وخلاصة
التعريف بالحركات الإسلامية أنها تلك
الحركات التي تؤمن بشمول الإسلام لكل
نواحي الحياة وتتصدى لقيادة ما تراه
جهدا لازما لإعادة تأكيد الأعداء،
وبذلك تدعي هذه الحركات لنفسها دور
القيادة الأخلاقية للمجتمع، متحدية
بذلك القيادات السياسية والدينية
التقليدية معا، وهذا دور هيأته لها
ظروف النشأة بما أوجدته من فراغ في هذا
المجال وما هيأته الظروف المحيطة من
فرص وإمكانات، فلا يكفي أن يطلق المرء
دعوى القيادة الأخلاقية أو التحدث
باسم الدين لكي يتحقق له ذلك، ولكن ما
يحدد فاعلية الدور من عدمها هي
الاستجابة التي تلقاها هذه الدعوة،
وهي استجابة تعتمد أولا على مصداقية
الدعوة والداعي، ولكنها قد تعتمد أيضا
على ظروف وملابسات عدة.
وبالقدر
نفسه فإن تصدي هذه الحركات لهذا الدور
ومحاولاتها الاستئثار بصفة الإسلامية
لا تعني بالضرورة أنها تنفي هذه الصفة
عن غيرها مثلما لا يستتبع أن تتسم حركة
بالديمقراطية أو الاشتراكية أنها لا
ترى غيرها ديمقراطيا أو اشتراكيا،
فهذا من باب التنافس على الرموز
والمعاني المشتركة في المجتمع والسعي
إلى تمييز النفس ببعض دلالاتها، فعلى
سبيل المثال نجد المعتزلة تسموا بـ"أهل
العدل والتوحيد"، والشيعة انتسبوا
إلى آل البيت، مع أنه لا يوجد مسلم
يجادل في توحيد الله وعدله، كما انه لا
تكاد توجد طائفة بين المسلمين لا تنحاز
إلى أهل بيت رسول الله أو لا ترى وجوب
محبتهم.
بدأت
الحركات الإسلامية هامشية في
مجتمعاتها، ولكنها تطورت وأصبحت مؤثرة
وفاعلة في المجتمعات وبقيت عضويتها
غالبا في الطبقة الوسطى وسكان المدن
ولم تكسب قطاعا ذا شأن من كبار الملاك
ورجال الأعمال، وبدأت في شبه القارة
الهندية في الطبقة الوسطى واتخذت
توجها صفويا حافظت عليه مما جعل أثرها
الشعبي محدودا.
ويؤكد
عبد الوهاب الأفندي ، لم تتمكن الحركة
الإسلامية رغم تنامي شعبيتها من
الوصول إلى الحكم في أي بلد عربي أو
إسلامي [ مع استثناءات قليلة ] ، وقد
تحقق لبعضها مشاركة في الحكم مثل
الأردن والجزائر وتركيا واليمن
والكويت وماليزيا وباكستان والسودان
في السبعينيات والثمانينيات أو دخول
البرلمان في مصر ولبنان والجزائر
وسوريا في الخمسينيات والستينيات، ولم
تتطور المشاركة إلى دور أكثر فاعلية في
الحكم، وتعتبر السودان هي الحالة
الوحيدة التي وصلت فيها حركة إسلامية
حديثة إلى السلطة ولكنها وصلت إليها
بانقلاب وليس بسند شعبي [ لا يلاحظ
الباحث تجربة حزب الرفاه في تركيا عام
1996 ] .
ونشأت
الحركة الإسلامية رد فعل على أزمة
أرادت الخروج منها وانتهت إلى أزمة
خلقتها هي بوجودها وعجزها عن تحقيق
الحسم ولكنه فشل تقع مسؤوليته على
الأمة كلها.
وتعكس
الحركات الإسلامية واقع مجتمعاتها من
حيث هي نتاج لتأثير الحداثة في هذه
المجتمعات أولا، وتعبير عن بنية هذه
المجتمعات، ولهذه الحركات جذور فكرية
وتاريخية تستند إلى مفاهيم عقائدية في
الإسلام، وتنتسب إلى تراث حركات
تاريخية وفكرية مازالت تتمتع بنفوذ
وقبول، والظاهرة تتعلق بالمجتمعات
المعنية كونها متأثرة بالعقيدة
الإسلامية، وليس بكونها تعاني من
مشكلات عارضة، فالأزمات التي تعانيها
الحركات الإسلامية لم تنهها بخلاف
الحركات الفاشية أو الشيوعية على سبيل
المثال، بل إنها لم تخلف أثرا بعد
زوالها وتجاوزتها المجتمعات التي كانت
تحت هيمنتها، أما في البلدان
الإسلامية فإننا نجد حتى في البلدان
التي تعتبر فيها هذه الحركات أصغر أثرا
فإن الحكومات والجهات المهيمنة تتصرف
كما لو كانت تلك الحركات هي المهيمنة
في البلاد بينما الحكومات هي المعارضة
التي تجاهد لتتحرر من قبضة هذه
الحركات، فالأزمة عامة تواجهها
الأنظمة العلمانية والتي تصف نفسها
بأنها تتمسك بالشريعة الإسلامية
وتواجهها أيضا الحركات الإسلامية.
الفصل
الثانى : الإسلام السياسي بين الفكر
والممارسة
وفى
هذا الفصل يوضح د. حسن حنفى ، كان الدين
باستمرار وسيلة للتغيير الاجتماعي
والسياسي والثقافي وحركة اجتماعية
تعبر عن قوى اجتماعية مضطهدة أو مهمشة
في المجتمع ضد قوى التسلط والطغيان،
وكان الدين أداة لتحرير الشعوب مثل
تحرير اليهود من قبضة فرعون، وكان
وسيلة لجمع القبائل وتأليفها كما في
الجزيرة العربية. فمقولة لا دين في
السياسية ولا سياسة في الدين هي قول
سياسي تطلقه الأنظمة السياسية لتفعل
ما تشاء طبقا لمصلحة النخبة السياسية
دون مراعاة لشريعة أو قانون.
وقد
نشأ علم الكلام نشأة سياسية حول موضوع
الخلافة والحكم، ونشأ التصوف سياسيا
كرد فعل على التكالب على الدنيا وحياة
البذخ والترف، ونشأ علم أصول الفقه
نشأة اجتماعية للتعامل مع الوقائع
الجديدة، ونشأت علوم الحكمة بفضل
الدولة في عهد الخليفة العباسي
المأمون، وكانت علوم الفقه والحديث
والتفسير والسيرة والفقه بدوافع
اجتماعية وسياسية أيضا، وقد ظهرت
السيرة السياسية واضحة في السيرة
المعاصرة في "كتابي حياة محمد" و"في
منزل الوحي" لمحمد حسين هيكل، وكذلك
في "على هامش السيرة" لطه حسين،
والسيرة الاشتراكية في كتاب "محمد
رسول الله" لعبد الرحمن الشرقاوي،
والسيرة السياسية في كتاب "فترة
التكوين في حياة الصادق الأمين"
لخليل عبد الكريم.
ونشأ
الإصلاح الديني بدافع سياسي تمثل في
ضعف الخلافة العثمانية واحتلال أراضي
الأمة وتجزئتها وتخلفها عن المدنية
الحديثة، وكان أكبر ممثل للإسلام
السياسي رائد الحركة الإسلامية
الحديثة جمال الدين الأفغاني الذي صاغ
الإسلام السياسي، الإسلام في مواجهة
الاستعمار والقهر ومن أجل تحرير أراضي
المسلمين وحريتهم.
وكانت
الحركة الوطنية في مصر منذ محمد عبده
ومصطفى كامل مرتبطة بالإسلام السياسي،
كما أن الأفغاني هو الذي صاغ وحدة وادي
النيل ووحدة مصر والسودان، وفي المغرب
العربي ارتبطت الحركة الوطنية
بالإصلاح الديني، علال الفاسي مؤسس
حزب الاستقلال في المغرب، ومالك بن نبي
وبن باديس في الجزائر، والفاضل
والطاهر بن عاشور والثعالبي في تونس،
والسنوسيين وعمر المختار في ليبيا،
وفي سورية عبد الرحمن الكواكبي،
والمهدية في السودان، والقسام
والحسيني ثم حركتا حماس والجهاد في
فلسطين.
وكان
حسن البنا تلميذ محمد رشيد رضا تلميذ
محمد عبده تلميذ جمال الدين الأفغاني
قد أنشأ جماعة الإخوان المسلمين التي
أصبحت أقوى التنظيمات الإسلامية في
مصر والوطن العربي، ودخل الإخوان في
أتون العمل الوطني وشاركوا في حرب
فلسطين عام 1948 وعارضوا النظام
الإقطاعي الاستبدادي للإنجليز والقصر
وأحزاب الأقلية.
ويذكر
هنا د. حسن حنفى ، عندما تكون النظم
السياسية تعتمد الانتخابات تنجح
الحركات الإسلامية ، وعندما تعتمد
النظم الحاكمة على وسائل غير شرعية مثل
: العنف ورجال الأمن لتزوير الانتخابات
، فإن ذلك العنف الحكومى يولد عنفاً
لدى الحركات الإسلامية أيضاً .
ويذكر
أيضاً أن ، ثمة أربعة أنماط للعلاقة
بين النظم السياسية والحركات
الإسلامية، الأول هو البرلماني الذي
يسمح بشرعية الحركات الإسلامية
ويعتبرها جزءا من النظام السياسي أو
إحدى فصائل المعارضة مثل لبنان،
والنمط الثاني يسمح للحركة الإسلامية
بالعمل طبقا لذكاء عملي لتحقيق
الاستقرار السياسي والاجتماعي وتحقيق
أمن الدولة كما في الأردن والمغرب
واليمن والكويت، والنمط الثالث يحظر
الحركات الإسلامية بقوة كما في مصر
وسوريا والعراق وليبيا والسعودية
وعمان، والنمط الرابع قائم على التوتر
والصراع المسلح كما في السودان
والجزائر.
إن
دمج الحركة الإسلامية في نظام سياسي
ديمقراطي تشارك فيه أو تكون معارضة
شرعية هو الطريقة الوحيدة لتحقيق
الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبغير
ذلك فإن الدول تدفع بنفسها إلى الصراع
والحروب الأهلية.
الفصل
الثالث : التطرف والاعتدال لدى الحركة
الإسلامية : الأسباب والدوافع
يرى
عماد الدين شاهين أن الحركة الإسلامية
دخلت في طور التعددية منذ فترة بعيدة،
وصار الحديث الآن عن الحركة الإسلامية
ما بعد السياسة وأصبحت هذه الحركات
تشكل جزءا مهما من الشريحة السياسية
والاجتماعية في المجتمعات الإسلامية
المعاصرة، ولا تمثل مجموعات العنف
والتطرف سوى شريحة صغيرة وهامشية داخل
الحركة الإسلامية والتيار الإصلاحي
العام.
والتطرف
ليس مقصورا على الحركات الإسلامية
وحدها، فهناك التطرف العلماني والتطرف
الحكومي الرسمي في السياسات
والإجراءات والمواقف ومعاداة الدين
واستخدام مفرط للعنف ضد المخالفين
السياسيين.
ويجب
التمييز بين العنف والتطرف، فقد يكون
التطرف فكريا غير مرتبط بالعنف وقد
يكون بعض التطرف مطلوبا للالتزام
الأيديولوجي وزيادة الفاعلية والقدرة
على التأثير، ويجب التفرقة بين العنف
كأسلوب طارئ قد تستدعيه ظروف معينة
وكونه جزءا من فكر الحركة
وأيديولوجيتها المنظمة.
ويرجع
العديد من المحللين جذور التطرف
الديني إلى فكر سيد قطب وحكمه بارتداد
المجتمع عن الإسلام وتردي هذا المجتمع
في الجاهلية لرفضه حاكمية الله،
واستخدمت فئة من الشباب هذه الفكرة
أساسا لتغيير الواقع ورفضه والعمل على
تغييره بالقوة.
وبرغم
تنامي الحركة الإسلامية فإن واقع
الخريطة السياسية للدول العربية
والإسلامية لا يعكس هذا الحجم والحضور
الشعبي، فتسعى الأنظمة السياسية إلى
تجاهل الحركات الإسلامية وتهميشها مما
يؤدي إلى صراع وعنف متبادل وحالة خلل
وعدم استقرار.
وإذا
كان اتجاه الحركة الإسلامية إلى
الاعتدال يمثل رغبة حقيقية وجادة فإن
ذلك يعتمد على النظم السياسية
والمجتمعات إضافة إلى الحركات
الإسلامية نفسها.
الفصل
الرابع : الحركات الإسلامية
والديمقراطية والتعددية السياسية فى
العالم العربى .
يحاول
أحمد الموصلي في هذا البحث الإجابة عن
سؤالين، الأول عن تأثير السياسات
القمعية للدولة وللنظام العالمي في
نشأة وتبلور الفكر الإسلامي المتشدد
المهدد للاستقرار السياسي والاجتماعي
والاقتصادي؟ وفى هذا السياق يصنف
الباحث الحركات الإسلامية حسب رؤيتها
لمفاهيم الديمقراطية والتعددية
السياسية من خلال الممارسات الفعلية
التي قامت بها الحركات الإسلامية،
ويحاول الإجابة على أسئلة، مثل هل
تتبنى الحركات الإسلامية الديمقراطية
بالفعل أم بصفتها وسيلة سلمية
وبراغماتية للوصول إلى الحكم؟ وهل
المشاركة السياسية في الأنظمة
السياسية القائمة تعني أنها الخطوة
الأولى من أجل الوصول إلى الحكم ومن ثم
الانقلاب على الديمقراطية الليبرالية
كما تم الترويج لها؟ وهل لهذه الأفكار
مرجعية دينية؟ وهل ستؤدي المشاركة
السياسية للحركات الإسلامية إلى
الاستقرار أم الاستعداء والاستقطاب؟.
وفى
هذا الإطار يرى د. أحمد الموصلى ، أن
الإسلام يسير إلى الصدام مع الغرب ،
باعتبار أن الإسلام يقدم نفسه كبديل عن
الحضارة الغربية ، ويؤيده فى ذلك
صموئيل هنتنجتون فى مقاله [ صدام
الحضارات ] ، كما أن الغرب قام باستبعاد
كل ما هو إسلامى عبر الاستعمار العسكرى
فى الماضى والقوى المسيطرة الآن على
العالم .
فى
حين يرى مفكرون آخرون أنه لا يوجد
تناقض بين الإسلام والديمقراطية ، ومن
هؤلاء أوغسطس ريتشارد ووليام زارتمان
، شريطة أن تتم عملية تأويل للنصوص
الدينية ، من ناحية أخرى برز تيار
إسلامى يعمل على استيعاب الديمقراطية
والليبرالية ، ولكن العديد من
الحكومات ترفض استيعاب التيار
الإسلامى عبر خوض معارك فكرية ضده
يقودها الأزهر – كما الحال فى مصر –
ويتم السماح فى أجهزة الإعلام للكتاب
العلمانيين بانتقاد المظاهر المعبرة
عن الإسلام .
أما
السؤال الثاني فيتعلق بالظروف المفضية
بالفكر الأصولي إلى التحول إما إلى
خطاب استيعابى معتدل وإما خطاب متشدد؟
ويرى
الباحث أن الخطاب الاستيعابى المعتدل :
هو الغالب في الحركة الإسلامية يطالب
بالديمقراطية ويقبل بها، ويلاحظ أن
بعض الدول تحاول إدخال هذا التيار قسرا
في العنف لإبعاده عن الحياة السياسية
وللحفاظ على مصالح النخبة الحاكمة
وتمثله ، جماعة الإخوان المسلمين فى
مصر ، حيث شارك مؤسسها الأمام حسن
البنا فى الانتخابات النيابية ، كما
كان أعضاء الإخوان من المشاركين فى
تأسيس الأحزاب السياسية ، وأتسم نهج
الإخوان بالانفتاح نحو المجتمع ، هذا
فضلاً عن أن الأمام البنا – مؤسس جماعة
الإخوان – يتصور وجود جماعات دينية
واجتماعية [ كاليهود والمسيحيين ] فى
الدولة ، وأن الدولة وليدة الوفاق
الاجتماعى ، وفى فلسطين والأردن مثل
تقى الدين النبهانى – مؤسس حزب
التحرير الإسلامى [ التيار الاستيعابى
] ، وذلك فى كتابة [ التكتل الحزبى ] ،
وكذلك سعيد حوى – مراقب الإخوان فى
سوريا سابقاً – والذى يرى أن الدولة
الإسلامية تساوى بين مواطنيها ، وتمنع
عنهم الاستبداد ، وتقوم على حرية إقامة
الأحزاب وحرية الاجتماع ، ومن
المفكرين القائلين بهذا الاتجاه محمد
سليم العوا [ مصر ] ، وحسن الترابى [
السودان ] ، راشد الفنوشى [ تونس ] .
أما
الخطاب الاستيعابى المتشدد : فيمثلها
خطاب سيد قطب فقد نتج فكره المتشدد من
خلال سجنه وتعذيبه المتوحش ، فقد وجد
فى هذا الفكر المتشدد تعويضاً عن العنف
والقمع الذى أنزلة النظام فى نفسه
وجسده ، فقد بدأ قطب فكراً معتدلاً ، ثم
نحى إلى التشدد تحت تأثير السجن ، فجعل
المجتمع يسبق الدولة ، وأن شرعية
الدولة تتوقف على تطبيق الشريعة
الإسلامية ، ويتثنى قطب كل الأنظمة
الحزبية ، لأنها تقوم على مصالح ضيقة
تضر بالمجتمع ، فى حين أن النماذج
الإسلامية تقوم على الأخوة والتضامن ،
وتبع سيد قطب فى فكره [ صالح سرية ] –
قائد تنظيم الفنية العسكرية – الذى
حاول الاستيلاء على السلطة بمصر عام 1974
عبر انقلاب عسكرى ، وكذلك عمر عبد
الرحمن وجماعة الجهاد .
الفصل
الخامس : الحركات الإسلامية ودورها فى والاستقرار
السياسي .
إن
أهم التساؤلات التي يحاول الباحث فواز
جرجس الإجابة عليها هي هل تبادر النظم
السياسية العربية إلى فك حالة
الاشتباك القائمة مع الحركات
الإسلامية وتسعى إلى استيعابها
واستخدامها في عملية النهوض الوطنية
أم أنها ستبقي الوضع على ما هو عليه
والمتمثل في القمع السياسي وانتهاك
حقوق الإنسان وكبت الحريات؟.
وفى
هذا السياق ، يحمل د. فواز جرجس النظم
الحاكمة المسئولية عن عدم الاستقرار
السياسى ، لأنها هى التى أشعلت فتيل
الحرب ، وبدأت المواجهة ضد الحركات
الإسلامية لعدم ثقة هذه النظم بنفسها ،
كذلك فإن تغطرس بعض القيادات
الإسلامية وشعورها بالقوة أدى إلى
زيادة خوف النظم الحاكمة من تنامى
الظاهرة الإسلامية ، خاصة وأن هذه
القيادات لم تتحاور مع السلطة ، وإنما
أخذت فى تصعيد الصراع مع السلطة ، فى
حين أن تجربة أمريكا اللاتينية فى
التحول إلى الديمقراطية توضح أن ذلك تم
تدريجياً ، ومن خلال تأمين القيادات
الحاكمة على نفسها . بل أن مناهضة
الحركات الإسلامية امتدت لتشمل الغرب
، مما أشعل الحرب على جبهة أخرى ، الأمر
الذى دفع الولايات المتحدة إلى العمل
على القضاء على الحركات الإسلامية ،
يضاف إلى هذا أن البيانات التى أصدرتها
الحركات الإسلامية لإدانة العمليات
الإرهابية لم تقنع الجهات الأمنية
برفضها للعنف ، كما أن الغرب خلط بين
التيارات المعتدلة والحركات
الإرهابية ، كما أخطأت قيادة الحركات
الإسلامية فى صرف كل طاقاتهم إلى
الوصول إلى السلطة دون العمل على بناء
قاعدة شعبية ضخمة تركز على القضايا
الاجتماعية والاقتصادية .
إن
القيادات الإسلامية تحاول جديا إعادة
صياغة المشروع الإسلامي على أسس جديدة
تعتمد على المشاركة السياسية السلمية
ورفض العنف، وتحاول تأصيل فكر فقهي
ونظري من أجل تشكيل الأحزاب السياسية
والتعددية، ولا يبدو حتى الآن أن النظم
السياسية القائمة تملك الرؤية
الإستراتيجية بعيدة المدى التي تأخذ
المعطيات الجديدة بالاعتبار وتبني
مواقفها وأفكارها على أساس المواجهة
فقط، ولكن هل
تملك الحركات الإسلامية مشروعا نهضويا
يقدم تغييرا حقيقيا ويختلف عن برامج
الحركات الاجتماعية القائمة؟.
وعليه
فإن تجربة المواجهة بين الحركات
الإسلامية والنظم الحاكمة خلال
الثمانينات والتسعينات أسهمت فى نضج
الحركات الإسلامية ، وأن تعيد النظر فى
صياغتها للمشروع الإسلامى وآليات
العمل لتحقيق هذا المشروع .
الفصل
السادس :
مستقبل
الحركات الإسلامية فى ظل المتغيرات
الإقليمية الدولية
ويتحدث
فى هذا الفصل د. رضوان السيد ، عن
تنبؤات بعض الباحثين فى التنبؤ بنهاية
الحركات الإسلامية استناداً إلى أن
الحركات الإسلامية لم تحقق نجاحاً
يذكر من الثورة الإيرانية وحتى الآن ،
وكذلك الفشل المتكرر فى الوصول للسلطة
، كما حدث مع طالبان فى أفغانستان ،
وكذلك الحال فى السودان ، ويفسر البعض
فشل الحركات الإسلامية بأن الدين
الإسلامى بطبيعته ينتج حركات ثورية فى
فترات الأزمات ، فى حين يتحدث البعض
الآخر عن أن هناك عوامل خارجية تحول
دون نجاح الحركات الإسلامية يتمثل فى
القمع الذى تمارسه العديد من الدول .
ويدعو
د. رضوان السيد ، إلى ضرورة دراسة
الأصول الفكرية للحركات الإسلامية كى
يمكننا التنبؤ بمستقبل هذه الحركات ،
ففى تركيا والهند كانت الدعوات لإحياء
الخلافة الإسلامية ، بينما فى مصر كانت
الدعوات لمواجهة دعوات تغريب المجتمع
المصرى ، وبناء شخصية إسلامية ،
واستطاعت الحركة الإسلامية أن تحقق
نجاحات فى هذا الشأن طالت غير
الإسلاميين من أمثال طه حسين والعقاد
ومحمد حسين هيكل .
وفى
الستينات والسبعينيات عمل الإسلاميون
على مواجهة الاتحاد السوفيتى الشيوعى
باعتباره يمثل خطراً على الإسلام ،
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى الشيوعى
أتضح أن الولايات المتحدة والغرب
يناصبان الإسلام العداء ، مع قدرة
الأنظمة الحاكمة على الاستمرار فى ظل
المعارضة الإسلامية الواسعة ، مما أثر
على الحركات الإسلامية ، ودفعها إلى
الرحابة والتوسط والاعتدال ، وباتت
الحركات الإسلامية تقول بتلاقى الشورى
مع الديمقراطية ، ولم تعد تتحفظ على
مبادئ سيادة الأمة ، وحريتها فى اتخاذ
ما تشاء من قرارات .
ويؤكد
د. رضوان السيد ، بلغ تجذر الحركات
الإسلامية في الواقع العربي حدا لا
يمكن معه تصور اختفائها أو تراجع
تأثيرها في المدى المنظور، وقد شهد
العقد الأخير انفتاح الفكر الإسلامي
الإحيائي الذي تحمله الحركات
الإسلامية على كثير من المتغيرات
المتضاربة، وهناك مخاض زاخر تخوض
الحركات الإسلامية غماره باعتبارها
جزءا قويا وواسعا من المشهد العربي
والإسلامي والسياقات المتغيرة لعالم
اليوم تضغط على تلك الحركات كما على
سائر الفئات الثقافية والسياسية.
ويستشهد
بنصين، أولهما للفقيه السوري المعروف
وهبة الزحيلي، والثاني بيان صادر عن
الإخوان المسلمين السوريين في 4/5/2001. في
النص الأول مازال الزحيلي المقيم في
دمشق يتحفظ على الديمقراطية مستندا في
ذلك على قراءته لكتاب محمد ضياء الريس
"النظريات السياسية الإسلامية"
الصادر عام 1974 وتحفظاته هي أن
الديمقراطية تقترن بفكرة القومية
وأنها دنيوية بحتة وأن سلطة الأمة فيها
مطلقة. بينما يرى الإخوان المسلمون
السوريون في بيانهم الصادر من لندن أنه
ليس من حق أحد ادعاء تمثيل الوطن أو
الأمة بمفرده سواء كان فردا أم حزبا،
ولذلك فإن الجماعة تدعو لحوار وطني
ولتعددية حزبية مستندة إلى الدستور
والعمل الحر والديمقراطي، وتؤمن
الجماعة بأن الانتماء الإسلامي لا
يتناقض مع الانتماء العربي للسوريين
ولن يكون داعية تفرقة أو تمييز، وهم
يريدون العمل مع سائر الفرقاء على بناء
دولة حديثة ذات صيغة تعاقدية يسود فيها
فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة
من خلال الانتخابات والتعددية
السياسية الحزبية ونبذ العنف من العمل
السياسي.
انتهى
بحمد الله ،،،،
*باحث
فى الشئون السياسية
البحث
المنشور يعبر عن رأي كاتبه
|
|