بيد
بوش أن يشعل الحرب ولكن ليس بيده أن...
إشعال
المعارك لا يحتاج إلى قوة، ولا إلى
حكمة أيضاً، بل بإمكان أي مغامر أن
يجعل من الحرب ملهاة يزجي به وقت
فراغه، أو يدفع بها عن نفسه الملل
والسأم.. وعندما توقد نار الحرب قد يضع
المتقحم فيها شروط بدايتها وأدواتها،
ولكنه لا يملك أبداً أن يرسم نهايتها،
أو أن يحدد للآخرين قوانين اللعبة أو
طرائقها.
والحرب
حين تأخذ طابع تحد شمولي حضاري، لن
تكون أبداً حرب لحظة، أو جولة، أو عام
أو سبعين عام.. والتاريخ يخبرنا، وأحمق
من ظن أو صدق أن التاريخ قد انتهى، وأنه
بما ملك قد بلغ به مداه، التاريخ
يخبرنا أنه بعد قرون من نزول
الفرسان المغامرين من الفرنج، حاملي
الصليب، ديارنا، وإقامتهم الإمارات
والممالك فيها، وخوض خيولهم في دمائنا
حتى الركب، جثا
ملوكهم وأمراؤهم أسرى بين يدي الناصر
صلاح الدين، كما احتفت دار ابن لقمان
في منصورة مصر بالملك الفرنسي لويس
الرابع عشر، يقوم على أمره الطواشي
صبيح
!!
فلتة لسان الرئيس بوش عن
بداية جديدة (للحروب الصليبية) بغض
النظر عن أبعادها الدينية والثقافية
والحضارية، كانت فأل خير بالنسبة
إلينا، نحن العرب والمسلمين، من حق بوش
ومن معه أن بنظروا إلى بدايات هذه
الحروب، ولنا أن ننظر بأمل واعد إلى
نهاياتها.
فرض
بوش على أمتنا الحرب، فرضها بطريقته،
وهو يظن أنها حرب لحظة، وحرب طائرة
وبارجة وصاروخ ودبابة، ولنا كأمة
عريقة في الحضارة أن نضع للمواجهة
قواعدها وأدواتها، وأن نحكم خططنا
لفرض نهايتها.
في
رؤيتنا الحضارية، كنا نظن أن
الإنسانية قد تجاوزت (الدون كيشوت) كما
تجاوزت (هتلر)، و(موسوليني) طلاب
الأمجاد الرخيصة على حساب دماء
الأطفال والنساء، وآلام الأبرياء
والمستضعفين، كنا نظن أن طمع (شيلوك)
وجشعه قد لجمتهما المدنية، وهذبتهما
الثقافة، فإذا بحرب بوش تردنا إلى
حقائق مريرة وسوداء، وإذا بسعار شيلوك
يتنامى على أجنحة تجار النفط،
والشركات المتعددة الجنسيات تمتطي
الصواريخ العابرة للقارات.
في
رؤيتنا الحضارية القتال قدرنا، وإن
كان كرهاً لنا،(كتب عليكم القتال وهو
كره لكم ...)،القتال هو ما يفرضه
الجبارون والطغاة المعتدون على
إنسان العالم، فلا يليق أن يواجهوا إلا
بما يردعهم عن غيهم، ويكسر شوكة
طغيانهم .
أردنا العلائق بين الشعوب
تعارفا وتآلفا ومودة ورحمة
وإخاء،أردناها حرية لا إكراه فيه،
وكرامة لا استخفاف فيها، لبناء كوكب
عامر بما ينفع الناس، وأرادها بوش قهرا
وسيطرة وإذلالا وفتنة. و ستكون لإرادة
بوش ثمراتها المرة على مدى أجيال.
ولتعلمن نبأه بعد حين.
23
/ 3 / 2003
|