صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الثلاثاء 06 - 04 - 2004م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

مشاركات

إصلاح إداري بقاطرة معلوماتية

م. محمود عنبر

manbar@scs-net.org

مامدى أهمية الإصلاح الإداري في تحقيق التنمية؟ وهل هناك ورشة عمل قد بدأت بالفعل لتحقيق هذا الإصلاح؟ أم أننا مازلنا نكتفي بالحديث عن الإصلاح الإداري؟ وإن كان الأمر كذلك فأين هي نقطة البداية لتحقيق هذا الإصلاح؟ وماهي القوة الدافعة لعملية الإصلاح؟

الوزارة الجديدة:

يتم الترويج لضرورة وجود وزارة معنية بأعمال الإصلاح الإداري، وقد لا أكون من معارضي أو مؤيدي ذلك، فالمهم ليس إنشاء وزارة أم لا، ولكن ما الذي ستفعله هذه الوزارة إن أنشئت؟ وهل ستؤدي لتسريع أم إبطاء أعمال الإصلاح الإداري؟ أم أنها ستنشغل بتنظيم طرق عملها، وعمل الجهات التابعة لها، وتنسى الهدف الذي أنشئت من أجله.

استحالة الإصلاح الذاتي:

إن ما يقلقني في مقترح إنشاء وزارة جديدة، هو الإطار الذي ستخضع له هذه الوزارة، فإن كانت عند إنشائها ستخضع للتعليمات والقوانين والأنظمة التي تخضع لها باقي الوزارت، فأعتقد أنه من الأفضل عدم إنشاء هذه الوزارة، ففاقد الشيء لا يعطيه، والنظام الإداري الحالي غير قادر على إصلاح نفسه، بل قد أزيد أنه يدمر نفسه ذاتياً، ومهما انتقينا من خبراء في مجال الإصلاح الإداري، فإن مجرد خضوعهم لتعليمات قديمة يضعهم في موقع العجز عن القيام بأي إصلاح. لهذا علينا أن نكون واضحين وأن نضع استراتيجية الإصلاح ونضع آلية الإصلاح أيضاً، و إلا فإننا سنستمر لسنوات في الحديث عن مزايا الإصلاح، ومؤسساتنا (كما ذكرت سابقاً) تدمر نفسها دون أن نتمكن من أن نمد لها يد المساعدة.

القاطرة المعلوماتية:

في ندوة عقدت منذ بضعة أشهر في دمشق، وتطرقت لقضايا الإصلاح الإداري في الوطن العربي، وبعد عدد من المحاضرات التي تحدثتْ عن أولوية الإصلاح الإداري قام أحد المحاضرين بمداخلة لاحظت أنه قدمها بطريقة لا تخلو من العصبية التي لا ألومه عليها، فقد قال بما في معناه عن أي إصلاح تتحدثون؟ وكيف يمكنكم أن تقوموا بالإصلاح دون الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات؟ ونصحنا بالاطلاع على تجارب ناجحة لدول أخرى لنرى مدى الترابط بين الموضوعين.

أين أصبحت الاستراتيجية؟

من المؤسف أننا وفي الوقت الذي نتحدث فيه عن الإصلاح الإداري، فإننا نتجاهل وجود استراتيجية لتقانات المعلومات والاتصالات استغرق العمل عليها ما يقارب سنة ونصف من قبل عدد من الخبراء السوريين والعرب والأجانب، وقد يكون لدينا بعض المآخذ عليها، إلا أنها تملك درجة من النضج تسمح بوضعها موضع التطبيق، وقد لا تكون هذه الاستراتيجية الحل السحري لكل مشكلاتنا الإدارية، إلا أنها تضع أسساً لتقديم الخدمات الحكومية إلكترونياً، مع ما يعنيه ذلك من شفافية حكومية، ومن تحديث إداري بأدوات تكنولوجية.

كيف تدمر المؤسسات الإدارية نفسها؟

إن مؤسساتنا الحكومية تعاني من مشكلات مزمنة، من أهمها ضعف الكوادر التي تعمل بها، وبشكل خاص الكوادر الإدارية، وبعكس ما يعتقده البعض، فإنني أرى أن التشدد الذي يحاول بعض الإداريين إبداءه في وجه أي تقانة جديدة، قد ينمّ في بعض الحالات عن مصالح شخصية، إلا أنه في العديد من الحالات ناجم عن عدم معرفة (أو ضعف معرفة على الأقل) بهذا الموضوع، والمشكلة أن نظامنا الإداري لا يحاسب من يقول لا، ولا يحسب الخسائر أو الضرر الذي ينجم عن عدم اتخاذ قرار، فمن الطبيعي أن نرى محاسبة لشخص تسبب بخسارة مؤسسته لمبلغ لا يتجاوز مئات الليرات نتيجة لقرار اتخذه، ولكننا لم نجد حتى الآن أي حالة لمحاسبة أي موظف نتيجة لقرار لم يتخذه، حتى لو نجم عن عدم اتخاذ هذا القرار خسارة المؤسسة لمئات الملايين، أو ربما إفلاس هذه المؤسسة (الأمثلة عديدة).

ماقيمة الزمن في مؤسساتنا؟

يبدو أن مؤسساتنا تساهم في تدمير نفسها عبر إهمال قيمة الزمن أيضاً، والمتابع لعدم قدرة مؤسساتنا على تنفيذ مشاريعها الاستثمارية يعلم أن السبب الرئيس يعود للروتين (المفتعل) الذي لا يسمح بإنجاز المطلوب ضمن المدة المحددة، إذ يجد المعنيون في مؤسساتنا أنه من الطبيعي أن تمنح لجان فض العروض للمناقصات فترة زمنية مفتوحة، مدتها على الأقل تتجاوز مدة تنفيذ المشروع بالكامل، وأن تستغرق أعمال الاستلام الأولي فترة تتجاوز فترة تنفيذ المشروع بالكامل، وربما (في مجال الأنظمة المعلوماتية) يسمح للمؤسسات المعنية بالتأخر لسنوات في وضع الأنظمة التي لديها قيد الاستثمار، إن كانت ترغب بوضعها قيد الاستثمار، وإن لم ترغب فلا بأس بذلك، طالما أنها قد (التزمت بالتعليمات).

المشكلة المركبة:

اجتمعت منذ فترة مع عدد من ممثلي شركات تطوير البرمجيات المحلية (كان العدد لا يقل عن عشر شركات هي الأكثر نشاطاً في مجال تطوير أنظمة مؤسساتية)، وكانت الشكوى واحدة، لماذا لا تستعين المؤسسات الحكومية بجهات استشارية تمتلك حداً أدنى من الموضوعية والمصداقية والمستوى العلمي؟ ولماذا تصرُّ هذه المؤسسات على منعنا من مساعدتها، ولماذا تهدر وقتنا ووقتها في مماحكات إدارية عديمة الجدوى؟

إنني أرى أن المشكلة ذات شقين ألأول فني والثاني إداري: فعلى المستوى الفني، من النادر أن نرى موظفاً في مؤسسة حكومية قادراً على لعب دور استشاري معقول، فعلى الغالب نواجه بهواة يأخذون قراراتهم استناداً إلى خبر صحفي أو استناداً لحديث في مع صديقه في مقهى، أو في أفضل الأحوال على دراسة أعدتها جهة لا تملك خبرة في هذا المجال، ومن المؤسف أن هذه الأفكار تترجم إلى دفاتر شروط لا تبتعد عن الطرافة.

ومن ناحية أخرى نرى بعض الجهات التي أدركت هذه المشكلة، وتحاول فعلاً الاعتماد على جهات تمتلك خبرة فنية، ونرى دفاتر شروط معقولة، إلا أن الشق الإداري والتعاقدي يتم وضعه بأيدي جهات لا تعلم عن ماذا تتحدث، ولا تقدر أهمية ما تفعل، وبالتالي يجهض التخلف الإداري محاولات الجانب الفني، وهكذا ندور في حلقة مفرغة.

مشكلة المجلس الاستشاري:

بدأنا نسمع مؤخراً عن اتجاه لتشكيل مجالس استشارية تابعة للجهات الحكومية المختلفة، ولا أدري فقد يكون هذا الحل مناسباً، إلا أنه لا يغني عن الجهات الاستشارية المتخصصة بموضوعات ومشاريع محددة، كما أنه لابد من وجود تشريع واضح لمشكلة تضارب المصالح، فقد اعتقدنا لفترة (وهو اعتقاد خاطئ) بأن تبعية شخص ما لمؤسسة حكومية تعني أنه لا يخضع لتضارب المصالح (بين الجهات الحكومية على الأقل).

بما أن المجالس الاستشارية ستساعد في صياغة بعض القرارات الهامة، فيجب أن يكون هناك وضوح في الحالات التي يجب أن يعتذر بها أحد أعضاء المجلس عن المشاركة في اتخاذ قرار لحالات تتقاطع فيها مصالح أكثر من جهة يقوم هو بتمثيلها. قد يرى البعض أنه من الممكن أن نلزم هذا الاستشاري بالعمل لصالح جهة وحيدة، إلا أنني أعتقد أن هذا الموضوع خاطئ فعمل الاستشاري لصالح عدة جهات (في القطاعين العام والخاص) يمنحه ميزة الاطلاع على عدد من التجارب، وهذا لن يكون ممكناً عندما نحوله لموظف يقدم خدماته لصالح جهة واحدة.

لقد حاولت مما سبق أن أبين بعض المشكلات المتعلقة بالجانب المعلوماتي من عملية الإصلاح الإداري، ولا أعتقد أن الجوانب الأخرى لا تعاني من هذه المشكلات، ولهذا أرى أن إيجاد الآليات والمبادرات الكفيلة بمعالجة هذه المشكلات هي السبيل السليم لبدء ورشة الإصلاح الإداري، أما تشكيل اللجان والهيئات أو الوزارات وغير ذلك من الجوانب الشكلية، فلن يساهم إلا في تعقيد الوضع، طالما أننا مازلنا ننطلق من فرضية خاطئة وهي قدرة نظامنا الإداري على إصلاح نفسه ذاتياً.

السابق

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ