آخر تحديث يوم الثلاثاء 29 - 07 - 2003م

.....

مشاركات

وصل إلى برق الشرق :

من الذي استفاد من إسقاط بغداد

سليمان ابو سالم /الكويت

منذ أن بدأت الآلة الإعلامية الأمريكية والغربية الضخمة في الترويج لفكرة شن الحرب ضد العراق تحت زعم امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل , تبارى المحللون والكتاب والخبراء في مختلف أنحاء العالم وعبر أجهزة الإعلام المختلفة في ضخ كم هائل من المعلومات عن الأسباب الحقيقية لتلك الحرب ودوافعها ,والجهات التي تقف وراءها , انطلاقا من أن أي حرب لابد أن تكون لها أهداف محددة , وان تكون لها مبررات يمكن إقناع الآخرين بها , بسبب احتمالية سقوط أعداد كبيرة من الضحايا فيها , إضافة إلى إهدارها لأموال هائلة , وكميات اكثر هولا من الأسلحة خلالها , وهي تحليلات وفي معرض تحليلها وتعليلها لسبب الحرب ضد العراق , لم تخرج يومها عن الحديث عن نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية , ثم تطور الطرح ليصبح إسقاط النظام العراقي  ، بينما طرح البعض أهدافا أخرى كسبب من أسباب الحرب أهمها فرض السيطرة الأمريكية على نفط العراق باعتباره  الهدف الحقيقي لتلك الحرب , خاصة بعد أن راجت الأنباء في تلك الفترة عن وقوف شركات النفط الأمريكية العملاقة خلف دوافع الحرب .

ولم تخرج كافة التحليلات التي أذيعت ونشرت عبر أجهزة الأعلام العالمية المختلفة , بما فيها العربيات الفضائية عن تلك الاطروحات في معرض سعيها المحموم لكشف خلفيات أهداف الحرب , وهكذا  اختلفت آراء  المحللين وتصاعد تجادل المتجادلين، دون ان يلمس أي منهم الهدف الأهم والأخطر لأسباب تلك الحرب المدمرة التي شنت ضد دولة عربية انتهت بفرض الاحتلال المباشر عليها من قبل قوات دخيلة , في أول سابقة من نوعها منذ انتهاء عصور الاحتلال الأجنبي لمختلف دول العالم في عصور الظلام والانحطاط , والتي عصفت نتائجها المدمرة بعشرات الشعوب التي لازالت تعاني من آثارها حتى اليوم , تخلفا وجهلا , وفقرا .

الجميع تعمد يومها ـ ربما دون قصد ـ عدم الإشارة إلى الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين باعتباره المستفيد الأول والأخير من تلك الحرب , وباعتباره هو الذي حرض عليها واعد لها , وباعتباره هو الجاني الأول لمكاسبها القريبة والبعيدة , وهو الأمر الذي كان واضحا بشكل جلي خاصة بعد أن  تغيرت الأسباب المعلنة لتبرير الحرب من قبل الدول صاحبة القوات والقوة من البحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية إلى إسقاط النظام نفسه , وفرض الاحتلال المباشر على البلاد بكاملها لتصبح أول بلد عربي يفرض عليه الاحتلال العسكري الأجنبي بالقوة  من الخارج , في عملية تدشين لأسلوب جديد في كيفية استبدال وتغيير أنظمة الحكم التي تروق سياساتها وممارستها لساسة وقادة واشنطن ومن سار على نهجها من دول الغرب الأخرى .

وعلى الرغم من التعتيم الإعلامي عن هذه الحقيقة , وهو تعتيم شارك فيه الإعلام العربي بكثافة , فإن الحقيقة كانت تطلق برأسها بين الحين والآخر من خلال تصريحات مقتضبة وتصرفات كانت تتم  وكان بالإمكان رصدها في هذه الجهة او تلك , والتي كانت تشير إلى حقيقة دوافع الحرب , فقد لوحظ مثلا أن اشد المتحمسين لشن الحرب على العراق في تلك الفترة , بل ومن بين أول المخططين لها هم من اللوبي اليهودي الصهيوني المتغلغل في الإدارة الأمريكية ممن يطلقون عليهم اسم  / الصقور/ والذين يحمل بعضهم " الجنسية الإسرائيلية " ويشارك بانتظام  في انتخابات الكنيست الصهيوني , كما  أن قياديي عصابات الاحتلال الصهيونية كانوا  ومنذ بداية الأزمة يتصرفون  وكأنهم هم  أصحاب كلمة القول الفصل فيما كان يجري من استعدادات على الأرض (وهم في الواقع كذلك) , ولم يكن  يمر يوم واحد دون ان يدلي فيه مسئول صهيوني بتصريح يحدد فيه يوم وساعة الحرب على العراق إلى درجة دفعت أحد المسؤولين الأمريكيين للطلب من أصحاب تلك التصريحات من الصهاينة بضرورة الكف عن تلك التصريحات حتى لا  يتم إعطاء الانطباع بان الكيان الصهيوني هو الذي يحدد ـ فعلا ـ ساعة بدء الهجوم على العراق .

وهاهي الأيام تثبت فعلا أن بني صهيون الذين خططوا ونفذوا تلك الحرب , هم الذين يجنون بداية مكاسبها على الأرض , ومن يتمعن في الصورة التي تجرى الآن سيلاحظ بكل تأكيد المزيد من ملامح المؤامرة التي تمت ولازالت تتم حتى اليوم .

29/07/2003