مشاركات
وصل
إلى برق الشرق :
استنزاف
أموال الدولة السعودية
جميل الماجدي ـ نجد
قدر للمنطقة التي تم التعارف على
تسميتها بالشرق الأوسط وبعد تعمد
إشعال النيران فيها خلال العقود
الأخيرة وخاصة بعد حرب الخليج الثانية
بأيدي أبنائها أن تستهلك وحدها من
أموال المنطقة ما نسبته 85بالمائة من
مجمل مبيعات الدول الخمس الكبرى
الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي
من إنتاج السلاح , وهو ما أدى بالنسبة
إليها إلى تحقيق مكاسب مادية ـ فلكية ـ
من أموال دول الخليج عبر صفقات أسلحة
تمت بمئات المليارات من الدولارات ,
وهي أسلحة اقنع قادة تلك المنطقة
وبالخصوص منهم حكام السعودية والكويت
بضرورة الحصول عليها لتأمين أمنهم ـ
وليس أمن بلدانهم وشعوبهم ـ ثم اتضح
بعد حرب الخليج الأخيرة أنها لم تكن
هناك ضرورة لها بعد أن اقنع نفس الحكام
بأفضلية استقدام قوات أجنبية ـ
أمريكية وبريطانية ـ للدفاع عنهم أمام
الخطر المزعوم الذي ذكروا أن
النظام العراقي السابق كان يشكله
عليهم وعلى بلدانهم .
وقد احتلت السعودية مقدمة الدول
التي دخلت في عملية تسلح واسعة ومكثفة
استنزفت كميات هائلة من الاحتياطي
النقدي مما حدا بخبير اقتصادي غربي
للقول بأن الاحتياطي النقدي السعودي
قد وصل إلى مرحلة الصفر , بعد أن اضطرت
الحكومة السعودية إلى بيع بعض
احتياطاتها غير المسيّلة والمتمثلة في
مجموعة العقارات والأسهم التي تمتلكها
المملكة في بلدان غربية وشرقية
مختلفة، مع استبعاد ديون أصبحت وبضغط
أمريكي في
حكم العدم على
بعض الدول العربية كمصر والعراق
والأردن وغيرها , إضافة إلى روسيا التي
تصل ديونها للسعودية اكثر من أربعة
مليارات دولار والتي أصبحت كلها في حكم
العدم تحت دعوة الزعم بان تلك الدول
شاركت في تأمين الأمن في المنطقة
بمشاركتها في الحروب التي شنت فيها ضد
العراق .
وخلال العقدين الماضيين تزايدت
بشكل واضح المبالغ الطائلة التي
أنفقتها السعودية على صفقات التسلح
والتي تركزت بشكل خاص على مجالي الدفاع
والأمن حيث جاء في تقرير نشر في نهاية
القرن الماضي "أن المرحلة الثانية ـ
من مشروع اليمامة الموقع في 1985م ـ قد
تكلف وحده نحو عشرة مليارات جنيه
إسترليني "17 مليار دولار" وكان
وزير الدفاع
البريطاني قد صرح للصحفيين بعد زيارته
للرياض آنذاك بأن "الحكومة السعودية
أعربت عن التزامها بتنفيذ المرحلة
الثانية من عقد اليمامة الضخم لشراء
معدات دفاع" وقال "إن عقد اليمامة
قد بدأ بالفعل منذ فترة طويلة وسيستمر
لفترة في المستقبل" وأضاف "وقد
سعدت بأن أرى الحكومة السعودية في
محادثاتي في جدة ملتزمة بشدة بالعقد.."
فيما وصف /جوناثان إيتكن/ وزير الدولة
البريطاني للمشتريات الدفاعية في تلك
الفترة في مقابلة مع صحيفة /الحياة/
العربية الصادرة في لندن خلال عام 1995 م
ما يسمّى بمشروع اليمامة بأنه "أشبه
بنهر متدفق يختلف زخم مياهه ولكنه لا
يتوقف" فهو يوفر للجانب البريطاني
خمسين ألف وظيفة، فيما تضمن العلاقات
الدفاعية البريطانية مع دول خليجية
أخرى توفير مائة ألف وظيفة أخرى , وفي
تلك الفترة نفسها عقدت الحكومة
السعودية صفقة أسلحة إضافية قدمت كـ ـ
ترضية ـ للولايات
المتحدة مقابل صفقة ـ اليمامة ـ مع
بريطانيا , وهي صفقة لشراء ـ طائرات اف
15 ـ بلغت
قيمتها الإجمالية اكثر من 70مليار
دولار , وهو أمر أتثار الرعب في الحكومة
البريطانية مما حدا
بسرعة إرسال وزير دفاعها للقيام
بزيارة عاجلة للرياض للاطمئنان على
عدم الإخلال بصفقة ـ اليمامة ـ , وقد
حصل الوزير البريطاني على وعد ملزم ليس
فقد بالاستمرار في تلك الصفقة , بل وعقد
صفقة أخرى لشراء طائرات ـ تورنيدوـ
بريطانية الصنع.
وبالنسبة للولايات المتحدة التي
استأثرت بنصيب الأسد من فواتير حرب
الخليج الثانية ومنها الفاتورة ـ
المفروضة ـ على السعودية والبالغة نحو
" ستين مليار دولار"، فقد رأت أنه
مازال هناك فرصاً لاستنزاف المزيد من
الأموال الخليجية والسعودية على وجه
الخصوص، كواحدة من الالتزامات
المفروضة على الحلفاء وكضريبة
للحماية، فإلى جانب استخدام الخليج
كسوق لتصريف البضائع الأميركية والتي
بلغت المبيعات الأمريكية فيها في
عام 1990م اكثر من 6,43
مليار دولار, ارتفعت المبيعات الأميركية من
البضائع غير الحربية إلى منطقة الخليج
خلال وجود القوات الأميركية هناك,
وتحديدا خلال قيادتها لما يسمّى بقوات
التحالف الدولي ضد العراق إلى خمسة عشر
مليار دولار من أصل 17,6 مليار دولار
قيمة الصادرات الأميركية إلى العالم
العربي حتى نهاية عام 1994م ، وفي تقرير
قدمته وزارة التجارة الأميركية إلى
الكونغرس خلال تلك الفترة جاء فيه أن
الشركات الأميركية فازت بحصة كبيرة في
العقود التجارية مع دول الخليج , حيث
حصلت الشركات الأميركية على 141 عقداً
في السعودية، إلى جانب عقود الإعمال في
الكويت التي بلغت 501 عقد مشكلة بذلك
رقماً قياسياً في صفقة إشعال نيران حرب
الخليج الثانية وإطفائها ، وهي صفقات
أوجدت فرصا لعمل الملايين من أبناء
أمريكا وبريطانيا .
وللإشارة
فقط فقد وفرت صفقة طائرات ف ـ 15 ـ
الأمريكية والبالغ عددها 72 طائرة فرص
عمل لأكثر من 40 ألف موظف في شركة {
ماكدونالد دوغلاس } الأميركية المصنعة
للطائرات حتى عام 1999م, , والجدير
بالملاحظة أن دول الخليج تعهدت مجتمعة
في وقت لاحق بتوفير 600 ألف وظيفة في
الولايات المتحدة، لدعم الاقتصاد
الأميركي بما في ذلك إسناد الرئيس بوش
ـ الأب ـ في
حملته الانتخابية للفوز بدورة رئاسية
ثانية.
أما عن صفقة الطائرات الأمريكية
نفسها فقد علم رغم السرية المطلقة التي
أحيطت بها الصفقة أنها تضمنت إضافة إلى
الطائرات الـ 72 المشار إليها إلزام
السعودية بشراء 600 صاروخ جو/جو من طراز /
آيه. أي. إم 95 و 7،/ إضافة إلى شراء معدات
ملحة بقيمة نحو أربع مليارات دولار ,
وكذلك صفقة ملحة لشراء نظام للإنذار
المبكر الذي تنتجه شركة /هيوز/
الأميركية و 14 بطارية من صواريخ "
باترويوت " و 700 صاروخ آخر تابع
للمنظومة , قيمتها معا اكثر من 19مليار
دولار , كما أجبرت الحكومة السعودية
وتحت ضغط أمريكي لشراء صفقة فرقاطات
كندية خلال نفس الفترة بلغت قيمتها
أربع مليارات دولار, وبحساب أولى فقد
اتضح أن السعودية أنفقت خلال السنة
الأولى من انتهاء حرب الخليج الثانية
ما مجموعة اكثر من مائة مليار دولار
نتيجة صفقات أسلحة أجبرت على شرائها من
الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل خاص ,وكلها
أدخلت المخازن ولم يتم الاستفادة منها
بشكل مطلق اللهم إلاّ في مجال التدريب
بالنسبة للطائرات والتي اتضح بعد
استلامها أنها تخلوا تماما من كل
الخصائص المهمة فيها بناء على توجيهات
من عصابات الصهاينة .
لقد كان واضحا أنّ صفقات الأسلحة
التي تمت مع السعودية خلال العقدين
الأخيرين وخاصة بعد انتهاء حرب الخليج
الثانية , تمت بناء على طلب أمريكي ,
واستفادت منها مصانع الأسلحة
الأمريكية , وساهمت في دعم الاقتصاد
الأمريكي , وخلقت وظائف لمئات الآلاف
من الأمريكيين .
06/08/2003
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|