مداخلة
من المحامي عبدالله الخليل
مقدمة
الى مؤتمر نقابة المحامين بالرقة
الفرعي المنعقد بتاريخ 3/3/2004
تحية
الحق والعروبة :
تحية
لجميع الحضور ضيوفاً ومؤتمرين
أولاً
: ملاحظات على التقرير السياسي .
"يا
قدس ياسيدتي معذرةً , فليس لي يدان ,
وليس لي اسلحةً , وليس لي ميدان , كل
الذي املكه لسان , والنطق ياسيدتي
اسعاره باهظةً , والموت بالمجان".
تحية
الى الزميلة التي استبدلت شعارات
الإدانة والاستنكار والشجب والرفض ,
بعبارات اخرى , على رأسها , المقاومه ,
مقاومة المستعمر الظالم , لم تجد قلماً
لتكتب شعارها , فاستخدمت جسدها , ولم
تجد حبراً , فاستخدمت دمها , اشتعل الدم
نوراً من مدينة القدس الى استكهولم ,
اسمها وذكراها , يؤرّقان الصهاينة في
كل مكان , ادعو الهيئة العامة
لإعتبارها رمزاً للمقاومة , ونبراساً
لمؤتمرنا ومايتلوه من مؤتمرات
للمحامين .
انها
الزميلة , المحامية , الاستاذه ,
الشهيدة هنادي جرادات .
الملاحظات
:
اولاً
: اقترح ان تكون العبارات التي تؤيد
المقاومة واضحةً لالبس فيها ولاغموض ,
وذلك من خلال إضافة العبارة التالية
الى التقرير : إن المحامين في محافظة
الرقة يؤيدون اعمال المقاومة ضد
الاستعمار في شقيها الفلسطيني
والعراقي وبكافة انواعها العسكرية
والسياسية ويعتبرون العمليات
الاستشهادية سواءً بمواجهة المحتلين
أو أدلائهم , هي نبراس تلك المقاومة .
ثانياً
: إن الرد على قانون محاسبة سوريا ,
لايكون بالكلمات , بل بالأعمال
والأفعال , وذلك من خلال الإنفتاح على
الداخل السوري , ومعالجة قضايا
المواطنين , وليس من خلال الرضوخ
للأمريكان .
ان
الوحدة الوطنية تتعزز من خلال تنقية
النسيج الوطني وتخليصه من مصاصي
الدماء , والفاسدين , الذين يشكلون
الجسر لعبور الأجنبي لإحتلال البلاد .
ان
الولايات المتحدة الأمريكية /
الصهيونية / البريطانية ترغب ان تكون
الحكومات العربية جميعاً أجيرةً لها
وليست شريكة, فعلينا ان ندرك هذه
المسألة .
ان
الإنفتاح على الداخل , وتجاوب الرئيس
مع مطالب الشعب في الداخل من خلال حل
مشاكله , يؤكد لنا ما قاله احد الكتاب
":من الأفضل ان تكون في بطن الأسد "
أي الشعب " لا أن تكون في بطن الضبع
أي "الامريكان " .
ثالثاً
:
يبدو
أننا عدنا الى مقولة انشغال رئيس
الجمهورية بالوضع الخارجي , تلك
المقولة تُستخدم من قبل اشخاص في
القيادة يهمهم ابعاد الرئيس عن
المشاكل في الداخل , انني ارفض التمسك
بتلك المقولة واطالب بحذفها من
التقرير , لأن القوة في العلاقة مع
الداخل هي التي تحدد طبيعة العلاقة مع
الخارج , لأن قوة القرارات مع الخارج
تستمد من التماسك في الداخل , وليس من
الخواء الذي نعانيه وعلى كافة الأصعدة
.
رابعاً
:
نعم
, ان اهم حدث سبق انعقاد مؤتمرنا هذا هو
الغاء محاكم الأمن الإقتصادي والعودة
الى الأصل , القضاء العادي , ان هذه
الخطوة تستحق التقدير وان جاءت متأخرة
بعد ثمانية وثلاثين عاماً من الألم
والمعاناة من هذا الإستثناء , لأن تلك
المحاكم لم تتمكن من الحد من الفساد ,
بل على العكس من ذلك فقد تضاعف الاف
المرات , حكمت على الضعفاء من السارقين
والفاسدين وتركت الحيتان .
لم
يصدر أي عفو سياسي عن المعتقلين , هناك
خطأ في التقرير , المفرج عنهم جميعا
انهوا احكامهم الإستثنائية وزادوا
عليها سنيناً طويلة , ومنهم من هو مصاب
بمرض عضال اضحى اقرب الى الموت من
الحياة نتيجة السجن الطويل والشروط
القاسية والأحكام الجائرة التي ليس من
الأحكام سوى العقوبة التي لايعرف
مقدارها الموقوف الا بعد سنين .
اننا
نرحب بفتح أي ثغرة وان كانت بسيطة جدا
في جدار السجن , ونرحب بحصول هؤلاء على
حريتهم , ونطالب بإطلاق سراح المعتقلين
السياسيين وعلى رأسهم المحامين ومنهم
زميلنا الاستاذ حبيب عيسى , وندعو
الزملاء في مجلس النقابة المركزية
بأشخاصهم ومراكزاهم المهنية وعلى
رأسهم السيد نقيب المحامين تبني هذا
المطلب من خلال الواجب المهني وبغض
النظر عن الموقف السياسي من الزميل
المعتقل .
خامساً
:
تحدث
التقرير عن الاستقرار السياسي , تلك
العبارة تتناقض مع الواقع من خلال :
1-
البلاد ترزح تحت ظلال حالة الطوارئ منذ
مايزيد على الأربعين عاماً , وهي أطول
حالة في العالم , باستثناء قرار
المحكمة الصهيونية ليلة البارحة التي
بررت بموجبه قرصنة الأموال الفلسطنية
واستندت على حالة الطوارئ المعلنة
ابان الإنتداب البريطاني على فلسطين
عام 1945 .
2- الدستور
في البلاد مشلول تماما , تبطق المواد
بصفة انتقائية ووفق الحاجة , مثل
المادة الثامنة منه , بينما يتم تعطيل
المواد الاخرى مثل المواد من 25 حتى 49
والتي لايُعمل بها مطلقاً , اضافةً الى
المواد التي تتعلق بالملكية
3- هناك
كم هائل من القوانين المعمول بها في
البلاد التي تركز اصلاً على حالة
الطوارئ ولايتسع الوقت لتعدادها نتيجة
الكثرة , ومنها قانون عدم ملاحقة عناصر
الأمن, الغير
منشور , وقانون امن الحزب و.......
وبالتالي
إما ان نقول الحالة مستقرة وننسف كل ما
تقدم, ونلغي المحاكم الاستثنائية
والميدانية وأمن الدولة العليا
واللجان وأشباه اللجان , او ان نقول
اننا لازلنا في صدد بناء الثورة ولم
تستقر بعد وهذا الأمر يتناقض مع قانون
الطبيعة والأعراف السماوية والقوانين
الوضعية وكل مفاهيم العالم " إذ
لاتوجد ثورة في العالم تستمر واحد
واربعين عاما " .
لما
تقدم , اننا نطالب :
اولاً
:
تطبيق
الدستور بكافة مواده , بشكل واضح وصريح
لا ان ننتقي منه انتقاءً وأخص بالذكر
المواد التي تتعلق بحقوق الانسان
والحريات, الى
حين القيام بإعداد دراسة شاملة
لتعديله .
ثانياً
:
ان
الاخوة في حزب البعث الحاكم , يتحدثون
عن الأغلبية , ويخافون الصندوق
الإنتخابي , يتحدثون عن الأغلبية
ويتمسكون بنص المادة الثامنة من
الدستور , لأنها تؤمن لهم القيادة , من
يملك الأغلبية لايخاف الصندوق
الإنتخابي , الحزب الذي يقف وراءه كل
المواطنين لايحتاج الى المادة الثامنه
, ولايخاف الإنتخابات الديمقراطية
النزيهة , التي تقف اجهزة الدولة منها
على الحياد وتحت اشراف قضائي , لأن
الصندوق سيجلعه قائدا بأصوات ناخبيه
لا المادة الثامنه من الدستور , انني
ادعو نقابة المحامين لإعداد مشروع
دستور جديد وعصري لايحتوي مثل المادة
الثامنة ليتم عرضه وفق الأصول
القانونية .
بعض
الملاحظات على التقرير المهني :
عندما
يسمع المواطن العادي ان المحامين
اجتمعوا في محافظة ما من محافظات القطر
, للتداول في امورهم المهنية تقفز
الأفكار الى ذهنه فورا ويقول في نفسه
جاء الفرج سيضع المحامون اصبعهم على
الجرح ويفقأون الدمامل وستختلف الامور
مابين الحالتين , قبل اللقاء وبعد
اللقاء , لكن مرراة الحقيقة صعبة ٌ,عندما
قارنت بين التقارير المهنية المحفوظة
لدي سواء ما تم انجازه او ماسيتم في
السنة التالية لأجدها متابطقة لمدة
خمسةَ عشر عاما سوى
بعض الفروقات البسيطة , كما انني
راجعت بنفس الوقت ما اطرحه في كل سنة
لأجده ايضا ً متطابقاً تماماً من حيث
الأفكار ولمدة سبعة عشر عاماً ,
فالمطالبة برفع حالة الطوارئ استمرت
معي منذ دخولي مهنة المحاماة وسألت
نفسي كم سنة اخرى سأظل اطالب بهذه
المطالب دون جدوى .
اولاً
:
احوال
المحامين لاتسر صديق ولا عدو , عدد كبير
منهم لايعمل , يتركز العمل لدى شريحة
محددة لاتتجاوز اصابع اليد , يطلق على
هؤلاء ملوك المحاماة , منهم على سبيل
المثال لاالحصر ملك التأمين , وشيخ
المهنة , وشبح الدعاوى ........... تلك
التسميات حقيقية ويتداولها الناس
وتؤيدها الملفات التنفيذية , هناك
شركات بين بعض المحامين وبعض القضاة ,
تلك الشركات حقيقية رأسمالها العلم
ومادتها دعاوى العباد مكانها قصور
العدل ومحكمة النقض وهي علنية ومشهرة
اصولاً ويعرفها المتقاضين جميعا,
لاتخضع لقانون امن الدولة للعمل السري
, بعض محامي الرقة جزء منها , النقابة " أقصد الفرع
يعرفهم فرداً فرداً " , اصبحت ألسن
الناس تلوكنا كمحامين , يقولون :"
المحامي الفلاني قبض كامل المبلغ ولم
يدفع لموكله شيئاً والأخر دافع عن
الأرض وأخذها بالكامل وحمل المواطن
الرسوم والمصاريف وأخر أخبر موكله ان
الدعوى لم تحسم بعد ولازالت في دمشق
وهو قد قبض المبلغ منذ سنوات وصرف
المبلغ ورابع قال لموكله لم يربح سوى
الاف بسيطة وسيتقاسمها معه ويكتشف
الموكل انه قبض مليون ويزيد ووو.................
تلك
صورة مبسطة عن حالنا , الشباب يقبضون
الأموال والمحامين عامة تتلطخ سمعتهم
والنقابة ستكافح السمسرة انشاء الله .
ثانياً
:
تخضع
مهنة المحاماة للقانون 39 الذي صدر في
ظل الاحداث , ولا زال سارياً حتى الأن ,
الأحداث انتهت , ومرت سنين طويلة ولم
يبقى من ذكراها سوى المعتقلين
والمهجرين والمفقودين والمجردين
والمطرودين, ونحن المحامين لازلنا
نرزح تحت ظلال هذا القانون الاستثنائي
, نقابة المحامين منظمة تابعه لحزب
البعث العربي الاشتراكي , بكل ما تعنيه
هذه الكلمة , المادة 3 من القانون تنص
على ان النقابة تعمل وفق مبادئ ومقررات
حزب البعث العربي الاشتراكي وتوجيهاته
ومثلها المادة 4 اما المادة 37 و48 فانها
تجعل رأي المحامين بعثيين وغير بعثيين
إذا رغبوا بعقد مؤتمر إستثنائي صفراً
اذا لم يوافق ممثل المكتب المختص في
حزب البعث , اما المادة 101 فرقمها ملفت
للنظر مثل تشكيلها الرقم يوحي ان هناك
عصاتان وصفر بينهما , وهو يمثل حالنا
كمحامين بها, وسأبين لكم ذلك من خلال
هذا الشرح البسيط , فلنفترض ان جميع
المحامين في القطر العربي السوري
تقدموا باعتراضات ضد قيد فلان من الناس
ومعه رؤساء الفروع والنقيب المركزي
ورأت اللجنة ذات الاكثرية من خارج
النقابة ان هذا الشخص يجب ان يُقيّد
فقرارها هو النافذ وهو مبرم والشواهد
كثيرة .
ثانياً
:
ليس
هناك من مسواة بين المحامين , هناك تميز
من خلال قربك اوبعدك عن المسؤول
النقابي اولاً , وهل تنتمي الى صفوف
الحزب الحاكم والجبهة ام لا ثانياً , هل
انت ممن يقفون مع المعارضة بكل صنوفها
ام لا ثالثاً , تلك معايير تعين او تفصل
من العمل باللجنة الفلانية المأجورة
او تُعطى الوكالة الفلانية عن الدائرة
, المحامون غير البعثيين عليهم اخلاء
الاستراحة في القصر العدلي يومين في
الاسبوع لاجتماعات الحزب انصارا
وعاملين , تطرد من في القاعة بكل ما
تعنيه هذه الكلمة في الحر والبرد ,
لايحق لك ان تستثمر قاعة نقابتك كمحامي
لنشاط خاص بك لايتوافق واهواء
المسؤولين في حزب البعث ولو لمرة واحدة
في عمرك المهني , كل هذا ونتحدث عن
المساواة بين المحامين .
الملاحظة
الأخيرة التي وددت التحدث عنها هي عن
القضاء :
الحكومة وضعت
في دستورها نصوصا أساسية بمبادئ سيادة
القانون واستقلال القضاء وحصانته،
وتحظر وتؤثم التدخل في أية قضية أو أي
شأن من شؤونهم من جانب أية سلطة أو أي
شخص- فإن هذه الحكومة ذاتها لم تتوقف –
طول هذه السنين – عن النص في القوانين
الاخرى الاستثنائية وغيرها على ما
ُيجرد تلك
النصوص من مضمونها تماما، بل ويخالفها
بنصوص صريحة، تُصادر بها لحساب السلطة
التنفيذية معظم أصول هذا الاستقلال
وقواعده وضماناته، كما تسند بها بعض
اختصاصات القضاء الطبيعي إلى غيره،
وتصدر قرارات وتصرفات واقعية أخرى من
خلال وزارة العدل – وهي أحد فروع
السلطة التنفيذية – تسيطر بها على
إرادة رجال السلطة القضائية وشؤونهم،
بل و أحكامهم القضائية .
التدخل
في عمل القضاء من أي سلطة من السلطتين،
يُخل بميزان العدل، ويقوّض دعائم
الحكم، فالعدل كما قيل قديما أساس
الملك، ، ومن الحق أن يتساوى – أمام
قدس القضاء – أصغر شخص في الدولة بأكبر
حاكم فيها، و أن ترعى الجميعَ العدالةُ.
وللعلة
ذاتها، فقد
تواضعت التشريعات المقارنة للدول
الديموقراطية على أنه " لا يجوز أن
ينشأ بين القضاة – ولا بين أعضاء
النيابة فيما يتولونه من سلطات
التحقيق- أي نوع من التبعية الإدارية
مهما اختلفت درجاتهم أو مستويات
محاكمهم، فكلهم قضاة مستقلون لا يتبع
أحد منهم أحدًا مهما علت درجته أو
ارتفع مقامه، إنما تكون التبعية لمجلس
القضاة أنفسهم بمحاكمهم، وفي توزيع
العمل فيما بينهم فحسب، ولا تكون هذه
التبعية لأي فرد منهم ولا من غيرهم،
لأن الرياسة الإدارية بطبيعتها تـُفسد
مضمون العمل مهما تقيد نطاقها
القانوني، كما أن التبعية الرياسية
تنطوي على معاني القهر والإخضاع وتحد
من قدرة المرؤوسين على الاستقلال
برأيهم، والنأي عن التأثر بتعليمات
الرؤساء.
إدارة
التفتيش القضائي على أعمال القضاة
والرؤساء بالمحاكم، وتقدير أهليتهم
وصلاحيتهم ومساءلتهم وفحص وتحقيق
الشكاوى التي تقدم ضدهم، واقتراح
ندبهم ونقلهم وترقيتهم ...الخ. وفي كل
ذلك الذي يجري تحت سيطرة الوزير وهذا
الأمر يقضي على استقلال القضاء
والقضاة وسلب لإرادتهم، وهز – بل
وتضييع- الثقة العامة فيهم بل لقد عادت
الوزارة لما كانت تجري عليه في مستهل
القرن الماضي إبان سيطرة الفرنسيين
عليها لضمان مصالحهم – من إصدار
التعليمات والمنشورات لرجال القضاء ,
حتى أنها أفردت أحد هذه المنشورات
للتنبيه على رؤساء المحاكم والقضاة
بموافاتها بصور من صحف الدعاوى
المدنية والجنائية آلتي تُرفع على
شخصيات هامة مسؤولة- فور تقديمها- ولم
يزل هذا المنشور معمولا به في المحاكم
جميعها حتى اليوم، على نحو يترك أثره
الطبيعي على إرادة القضاة عند الفصل في
هذه القضايا, على سبيل المثال لا الحصر
ابلاغ رئيس منظمة الشبيبة في سوريا
مثلاً يحتاج الى تعليمات خاصة .
إن
الوزارة صارت تهيمن على القضاء
والقضاة والقضايا حتى صارت جميع
الأحكام الصادرة فيما يسمى بقضايا
الرأي العام تتوافق
دوما مع الحكومة ، و أكثر من مرة،"
رياض سيف والحمصي " , "
بل وتتعرض لانتقادات رؤساء الدول
والحكومات والصحف الأجنبية ، وبما نجم
عنه تجريد سائر المحاكم والقضاة من
الشعور بالاستقلال، ومن شل قدرتهم
الكاملة على مقاومة الضغوط التي قد
تمارس عليهم، إذ خلقت تلك الظواهر لكل
منهم مصلحة ظاهرة في اتقاء غضب السلطة
التنفيذية عليه –ممثلة في وزارة العدل-،
وهو ما لا يستطيع معه القاضي إصدار
الحكم في أية قضية من تلك القضايا بغير
ميل حتى لو لم يضغط عليه أحد، وكل ما
تقدم صار بكل أسف من العلم العام، وهز
الثقة العامة في المحاكم بل ضيعها، -
خاصة عند تكوين كلمتها في تلك القضايا
بالذات، وجعلها تبدو – سواء في نظر
السوريين أو الأجانب- كمجرد مرافق
إدارية تابعة للسلطة التنفيذية فعلا،
وانسحب ذلك بداهة – ومن باب أولى- على
النيابة العامة للأسباب ذاتها
ولإصدارها منشورات أمعنت في الخروج
على الدستور والقانون، يقترن بتبعية
إدارية تدريجية ساحقة لإرادة
المرؤوسين فيها، فضلا عن احتفائها
الشاذ بشكاوى وتقارير الأجهزة الأمنية
والرقابة الإدارية، بل وبعض شكاوى
الأفراد التي قد يتمكنون من تقديمها
لأحد كبار المسؤولين وتحقيقها في يوم
تقديمها ذاته، وهو ما انعدمت معه في
نظر الناس قاطبة كافة ضمانات المساواة
بين المواطنين أمام القانون والقضاء،
وهو ما انتهى إلى ضياع سمعة القضاء
السوري في
نظر العالم أجمع حتى صرنا مضغة في
الأفواه، بما فيها أفواه أعدائنا
وكذلك أصدقائنا من بعض الدول الأوربية
.
لقد
مرت سنوات طويلة على طرح تلك المشاكل ،
والمطالبة بوضع قانون للسلطة القضائية
، واستجدت خلال تلك السنوات تطبيقات
صارخة في مخالفة الدستور وتضييع حقوق
وضمانات المواطنين والمحامين والقضاة
على نحو ما سلف البيان، فقد آن الأوان
لوضع مشروع قانون شامل للسلطة
القضائية بكافة جهاتها، وتحقيق
الاستقلال المالي والإداري الواجب
لها، وبحيث يشمل هذا المشروع كافة
القواعد المنظمة لجهات القضاء العادي
والإداري والدستوري، وكذا القواعد
المنظمة لدور القضاء والقضاة في
الإشراف على نزاهة الانتخابات العامة
وضمان صحة نتائجها في التعبير عن
الإرادة الصحيحة للناخبين، وبحيث ينص
فيه على أن يكون الاختصاص بكل من
القضاء الدستوري، وقضاء النقض، وقضاء
المحكمة الإدارية العليا , منوطا
بدوائر متخصصة لكل نوع منها وتابعة
لمحكمة عليا واحدة، وأن يكون اختصاص
محاكم القضاء الإداري ومحاكم
الاستئناف منوطا بدوائر متخصصة بكل
نوع منها كذلك وتابعة لمحاكم واحدة
أيضا، وفي نظام قضائي موحد، وأن ينص في
مشروع هذا القانون كذلك على حظر ندب
رجال القضاء للعمل في أية جهة أخرى
سواء بمقابل أو دون مقابل، وحظر إصدار
أي تعليمات لهم من أي شخص أو جهة أو
مجلس - لأن القضاة يطبقون الدستور
والقانون ولا يخضعون لأية تعليمات من
أحد ولو كان منهم , وغير ذلك من أمور
جوهرية وتفصيلية أخرى لتنظيم توحيد
القضاء العادي وقضاء مجلس الدولة
والمحكمة الدستورية , لما تقدم اقترح :
1-
فصل العمل القضائي عن وزراة العدل,
أي فصل السلطة القضائية عن السلطة
التنفيذية .
2-
اعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى
واخراج وزير العدل منه .
3-
البدء بالعمل لفصل القضاة عن العمل
السياسي وفقاً لقانون السلطة القضائية
وتخييرهم بين البقاء في الأحزاب او
القضاء بما فيها حزب البعث الحاكم
والجبهة والمعارضة " على الرغم من
عدم وجود أي قاض من صفوف المعارضة "
4-
الزام المتقدم الى القضاء بتقديم كشف
حساب عن امواله قبل العمل ليتم محاسبته
على اساس ذلك .
5-
نظراً لتردي الحالة في القضاء من سيء
الى اسوأ اتقدم بإقتراح الى رئاسة
الجمهورية لتسليم وزراة العدل لشخص من
المعارضة ومنحه كافة الصلاحيات نظراً
لفشل غيره لسنين طويلة .
6-
فصل ادارة التفتيش القضائي عن وزراة
العدل والحقاها برئاسة الجمهورية
مباشرة , مالياً واداريا .
7-
الغاء كافة المحاكم الاستثنائية
والميدانية وأشباهها .
8-
اعطاء قرارات المحكمة الدستورية قوة
النفاذ بدل من الاستشارة وتعديلها
9-
فصل مجلس الدولة عن رئاسة مجلس الوزراء
.
10- احداث
محاكم ادارية في كل محافظة من محافظات
القطر .
وأخيراً
أردد ما قاله الكواكبي رحمه الله ( إنها
قولة حق وصيحة في وادِ، إن ذهبت اليوم
مع الريح، قد تذهب غدا بالأوتاد) ، وما
توفيقي إلا بالله ، والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته، والحمد لله رب
العالمين.
الرقة
3/3/2004
المحامي
عبدالله الخليل
---------------------------------
بعض
الملاحظات:
1- كان
الحضور يفوق الثلاثمائة محام
2- تمثلت
النقابة المركزية بحضور المحامي عبد
الفتاح فتيح الأمين العام المساعد
لاتحاد المحامين العرب وحضور الزميل
سامي خليل عضو النقابة المركزية .
3- الجلسة
برئاسة المحامي خالد الأحمد رئيس فرع
الرقة .
4-
حاول بعض المحامين البعثيين منع إتمام
المداخلة وإحداث فوضى , في القاعة لعدد
من الدقائق بحجة أن هذه المداخلة
لاعلاقة لها بالمؤتمر ومهنة المحاماة
وهي تتعلق بالسياسة العامة إلا أن رئيس
الفرع بمؤازرة النقابة المركزية
والمحافظ وأمين فرع حزب البعث تمكنوا
من السماح لي بإتمام المداخلة بهدوء ,
إضافة لإحتجاج عدد من المحامين من
الطرف الأخر وتهديدهم بالإنسحاب من
القاعة إذا تم منعي من الحديث .
5-
حضر محافظ المدينة السيد فيصل القاسم
وأمين فرع الحزب وكانت ردودهم تمثل رأي
السلطة , إنما كانت في إطار الحوار
وهادئة .
6- قدمت
عدد من المداخلات المهمة أبرزها
للزميل المحامي احمد المعيدي "
مستقل " ومحمد فرج اليوسف " بعثي"
7- الأبيات
في مطلع المداخلة للشاعر احمد مطر .
8- هناك
بعض المقاطع مأخوذة من مداخلة
للمستشار يحي الرفاعي من مصر
|