مقابر
جماعية وسرية في الكيان الصهيوني
مخصصة
للمقاومين
والاستشهاديين
فيها
يتم احتجاز أجساد الاستشهاديين، وفيها
دُفنت الغاز كثيرة منذ عقود طويلة هي
عمر هذا الصراع مع هذا العدو، أربعة
مقابر أرقام يستخدمها الكيان الصهيوني
لدفن الشهداء المجهولين، أو شهداء
الأرقام، وأمكن اكتشافها بفضل جهود
المهتمين بهذه القضية، تتوزع على
أنحاء متفرقة من الأراضي الفلسطينية؛
إذ تقع إحداها بجوار قرية "فصايل"
والثانية قرب منطقة "الجفتلك" في
غور الأردن، أما الثالثة ففي قرية "وادي
الحمام" قرب بحيرة طبريا، وبالتحديد
في سفح الجبل الذي شهد معركة حطين، في
حين تقع الرابعة في منطقة عسكرية عند
ملتقى حدود فلسطين ولبنان وسوريا،
ويُحيط الكيان الصهيوني هذه المقابر
بنوع من السرية والكتمان إلا انه نتيجة
الجهود المضنية تم الكشف عن اثنتين
منها بشكل رسمي.
وتقع
مقبرة "جسر بنات يعقوب" في منطقة
عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين ولبنان
وسوريا، وهي تضم رفات مئات الشهداء
الفلسطينيين واللبنانيين الذين
قُتلوا في حرب 1982، وليس فيها ما يدل على
هويات ساكنيها سوى لوحات معدنية تحمل
أرقاماً أكلها الصدأ وتناثرت على
جوانب قبور لا فواصل بينها.
وكان
المرحوم أحمد حبيب الله رئيس "جمعية
أصدقاء المعتقل والسجين" في الناصرة
هو أول من كشف النقاب عن هذه المقبرة،
وأطلق عليها اسم "مقبرة شهداء
الأرقام".
ونقل
حبيب الله عن أحد رعاة الغنم
الفلسطينيين أنه شاهد عناصر من جيش
العدوان الصهيوني عام 1982 يدفن مئات
القتلى والجرحى الأحياء في مدافن
جماعية داخل مقبرة "جسر بنات يعقوب"
، وأشار إلى أن احتجاجاً قدمه سكان
المستوطنات اليهودية إلى الحكومة
آنذاك ـ بسبب الروائح التي كانت تنبعث
من تلك الجثث المتفسخة.
وحول
ذلك قال أحد سكان قرية "وادي الحمام"
في شهادة أدلى بها "لجمعية أنصار
السجين" في حينه إن جيش العدوان
الصهيوني استخدم جانباً من مقبرتها
لدفن شهداء العمليات العسكرية
الفلسطينية بدءاً من 1970، ولكنه كفّ عن
ذلك بعد 1977، بسبب المشاعر الوطنية التي
كانت تؤججها عمليات الدفن في أوساط
سكان القرية.
وذكر
المواطن العجوز الذي فضَّل عدم كشف
اسمه أنه دفن بيديه 16 شهيداً من حركة
"فتح" استشهدوا في معركة "عين
البيضا" عام 1970، كما دفن امرأة سورية
قتلها جنود الاحتلال عندما ضلّت
الطريق وهي تجمع نبات "العكوب" في
هضبة الجولان عام 1975.
لم
يتمكن أحد غير مراسل جريدة (تايمز) من
الدخول إلى هذه المقبرة في غور الأردن،
وقد وصف دخوله إليها قبل عدة أشهر بأنه
لم يدخل أحد هذه المقبرة سوى (تايمز)
وبعض الوحوش البرية وأشلاء من الجيف
افترستها تلك الحيوانات، ويقول تقرير (تايمز):
" يُسمونها مقبرة قتلى الأعداء. إنه
اسم قاتم لمكان كئيب وموحش، تقع في
وادي الأردن عند نهاية طريق ترابي يقود
إليها، ويتولى جنود الاحتلال حراستها
مزودين بعربات (الهمفي) والمدافع
الرشاشة، حيث تقوم (إسرائيل) بدفن
أشلاء وبقايا الاستشهاديين
الفلسطينيين والمقاتلين والمسلحين
وغيرهم من أعداء الدولة العبرية."
وتقول
المصادر العسكرية أنه تم دفن ما بين 60 و80
جثة في تلك المقبرة منذ 1979، وتُعرف
قبورهم عن طريق لوحات أرقام خاصة بكل
قبر مثبتة داخل الرمال، وهنالك ثلاثة
توابيت مصنوعة من الخشب الرخيص
بانتظار دورها. وأشارت (تايمز) إلى أنه
قد تم جلب رفات بقايا ستة شهداء
فلسطينيين إلى هذه المقبرة بعد أن
وُوروا الثرى في إحدى مقابر الكيان
الصهيوني لعدة أشهر على بعد أمتار من
مقبرة عسكرية تضم رفات القتلى اليهود
في حروب 1948 و1967 و1973، وعلمت (تايمز) أن
إحدى الاستشهاديات التي دُفنت في
البداية في مقبرة (كيبوتس ريفيديم) على
بعد 25 ميلا جنوب تل أبيب، وكانت
الاستشهادية هبة دراغمة الطالبة من
بلدة طوباس، قد تم نقلها إلى هذه
المقبرة.
ويوجد
في مقبرة (ريفيديم)، بحسب (تايمز) شأنها
شأن مقابر الكيان الأخرى، منطقة مخصصة
لدفن أشخاص يحوم الشك حول أصولهم
اليهودية، وعادة ما يكون هؤلاء من
العمال الأجانب ومن أمهات غير يهوديات
أو من المسيحيين الأرثوذكس الذين
هاجروا مؤخراً إلى فلسطين المحتلة من
جمهوريات الاتحاد السوفيتي "السابق"
والذين حصلوا على حق الجنسية (الإسرائيلية)
لأن أحد أجدادهم من اليهود.
ورغم
أن كثيرين أشاروا إلى تخوفهم من سرقة
أعضاء الشهداء حين يتم احتجازها لدى
الكيان الصهيوني، إلا أنه لم يتم بلورة
تحقيقات جدية بعد لأجل كشف هذه الأفعال
الدنيئة، وتمكنت "جمعية القانون"
في رام الله من توثيق حالة واحدة في
منطقة طول كرم اتضح فيها قيام اليهود
الصهاينة بسرقة أعضاء من جسد شهيد.
ويُشير كثير من الباحثين إلى أن الجهل
والسلوكيات الخاطئة التي تُنتهج في
مراسم الدفن والتشييع أو في التعامل
حين يتم تسليم جسد الشهيد تؤدي إلى طمر
حقائق كثيرة في هذا الجانب.
وتقول
"جمعية القانون" في بيان لها أن
سلطات الاحتلال الصهيوني تحتجز في
مقابر خاصة جثث عشرات الاستشهاديين
الفلسطينيين وترفض تسليمهم إلى ذويهم
لدفنهم. وذكرت الجمعية أنه برغم
الدعاوى المستمرة التي تقوم برفعها
إلى محاكم الكيان الصهيوني، إلا أنها
ترفض تسليم الجثث، معتبرة ذلك مساً "بمشاعر"
ذوي الشهداء، مع أن ذلك يتنافى مع أبسط
القيم الدينية والأعراف الدولية.
وليس
غريباً أن يمتد الحقد الصهيوني إلى كل
شيء، حتى الانتقام من أجساد
الاستشهاديين، فقد ورد في صحيفة "معاريف"
في أحد أعدادها في شهر نيسان/ابريل 2003،
اقتراح بأن تُغطى جثث الاستشهاديين
بجلد خنزير قبل دفنها، لأن ذلك ـ بحسب
زعمهم ـ سيحرمهم من دخولهم الجنة،
ويعكس هذا التوجه مؤشراً قوياً حول ما
يمكن أو ما يفعله بنو صهيون بالفعل
بأجساد الاستشهاديين.
|