صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 22 - 11 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي التعريف  |  دراسات  |  متابعاتقراءات  | هوامشرجال الشرق  |  من أرشيف الشرق | مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |ـ

.....

   

برق الشرق

مشاركات

وصل إلى برق الشرق :

المسألة الكردية :

واقع جغرافي وتاريخي سياسي وحقوقي....

أم تلفيق وأدبيات استعمارية وصهيونية. !؟

الجزء الأول

بقلم عبد الحميد حاج خضر الحسيني

تتوزع القبائل المكونة للشعب الكردي على ست دول ذات سيادة (جيورجيا، أرمينيا ، إيران ،  العراق ، سوريا ، تركيا ) . ( العراق فقد سيادته بعد الاحتلال الأمريكي البيرطاني لأراضيه ). من الحقائق التي يجب أن تؤخذ بالحسبان أيضاً أن ربع الشعب الكردي تقريباً هاجر إلى أرض الله الواسعة ، طلباً للرزق والعيش الكريم ، الذي حرم منه كبقية شعوب المنطقة ، عرباً أو أتراكاً أوايرانيين ، فاستوطنوا في تلك البلاد . وللحقيقة يقال أن المهاجرين الكراد لا يشعرون بمرارة الغربة التي يشعر بها إخوانهم من العرب والأتراك والإيرانين مع أنهم لا يقلون تمسكاً بعاداتهم وتقاليدهم وإلى حد ما بدينهم . ولعل ضعف الحنين عند الكرد إلى أوطانهم ومسقط رأسهم يرجع إلى أساليب الهجرة المنظمة التي أحسنوا صناعتها وأصبح لهم بها دراية معتبرة مدخلاً ومخرجاً . الكرد يهاجرون من أوطانهم ليس كأفراد وإنما كأسر كبيرة يجمعها صلة الرحم ووحدة الهدف والمصير، ولهذا تصبح مسألة " الوطن " بالنسبة للسواد الأعظم من الكرد واقعية ومعايشة أكثر منها عواطف رومنسية قاتلة .  أو كما قال الشاعر :

وما حب الديار شغلن قلبي          ولكن حب من سكن الديارا

الأمر يختلف بعض الشيء عند المثقفين من الكرد وسأعود إلى هذه المسألة مرة أخرى ، إنشاء الله . السؤال : من هم الكرد ، أصلاً وفصلاً ، لغة وديناً ، أرضاً ودولة......الخ ؟

لانجد في الموسعات التاريخية التي تبحث في العمران وسياسة الملك إلا شذرات يسيرة تشير إلى الشعب الكردي كأحد شعوب المنطقة التي أطلق عليها الغرب " الشرق الأوسط " وجاء اهتمام الدارسين بالكرد كأحد مقومات الدولة الأيوبية التي أسهمت في دحر الفرنجة فيما أطلق عليه الحروب الصليبية ، حيث كان الكرد أحد الفيالق الإسلامية التي أسهمت في طرد الفرنجة عن فلسطين وبيت المقدس ومن ثم من جميع بلاد الشام . لقد دخل الكرد كجنود بجعالة جعلها السلطان صلاح الدين لهم ، ولعله من الوهم التاريخي أو الرومنسية المفرطة ،  عند بعض القوميين الكرد ، الإعتقاد أن صلاح الدين الأيوبي والدولة الأيوبية كانت أحد إفرازات أمة الكرد  . الصحيح أن الدولة الأيوبية كانت أحد  الإمارات  الإسلامية، ولكن انتصار السلطان على الفرنجة ودفع غائلة العدوان عن الأمة في ضروف تاريخية معينة هو الذي أعطي السلطان كل هذه الهالة والقدسية جعل القوميين من العرب والكرد يدعون نسبه ؛ والحقيقة :  أن صلاح الدين هوابن الأمة المسلمة ولد في تكريت سنة 1138 ميلادية ونشأ نشأة دينية تجمع بين العلم والفروسية ، لقد كان عربي اللسان ولا يعرف اللغة الكرية قط بل لا يعرف الفارسية أصلاً،  شافعي المذهب لا يعرف له أمة غير الأمة الأسلامية .توفي في دمشق سنة 1193 عن عمر يناهز 55 سنة .

أشار الطبري إشارة عابرة إلى الكرد استفاد أهل الفهم منها، أنهم فرس يقطنون جبال فارس ويتعاطون الزراعة ورعي المواشي وأنهم كانوا مصدر قلق وفتنة لوالي علي ابن أبي طالب ، رضي الله عنه ، في فارس ( زياد ابن أبيه ) الذي بدل ولاءه للبيت الأموي فيما بعد . أما المسعودي ، الذي يعتمد الرواية بشكل أساس في كتابة التاريخ ، فذكر الكرد بانهم من قبائل ايران فرت إلى الجبال لتحمي نفسها من اضطهاد الملك الضاحك .  والعلامة ابن خلدون ذكر الكرد في معرض حديثه عن الدولة السلجوقية ، حيث كان الفرات الأعلى وهضبة الأناضول تدار من قبل أمارات عربية وكردية ، وقد كانت الأمارات الكردية والعربية تتحالف فيما بينها لدفع غائلة السلاجقة الأتراك عن  اماراتهم ، ولعل هذه الواقعة التاريخة هي التي قادت العلامة ابن خلدون إلى القول " إن الكرد والبربر أقرب شعوب الأمة إلى أهل الملة ، أي  للعرب ، مزاجاً " . أن كتب الأقدمن وموسوعات المحدثين لا تقدم لنا البينة التاريخية التي تبرر مقالة أهل الحداثة من الكرد  في مزاعمهم عن الجذور التاريخة للقومية الكردية ، وكل ما لدي أهل الحداثة  في هذا المضمار هو من سقط المتاع الثقافي الرخيص والملفق ، الذي لا يصمد أمام النقد العلمي . بل إن بعض الاساطير الكردية تقول : إن جد الكرد من ربيعة أو مضر قد فر بحبيبته إلى الشمال ثم ( كررها ) بمعنى تزوجها فكانت ذريته الكرد . ومن المعلوم أن مضر وربيعة تسكنان الجزيرة . الأسطور تقدم الدليل لأهل الحداثة ، أن سواد الشعب الكردي يحمل الود لإخوان العرب ويرى أنه شديد الإلتصاق بهم ، تماماً كما كان نخب الفرس لا تأنف أن توالي أهل الفضل من العرب وقد تفخر بفخرهم حتى أطلق عليهم الموالي . وقد لاحظ الكثير من الرحالة الغربين أن الكثير من زعماء الكرد يعود بنسبه إلى الرسول الأعظم (ص ) أو أحد أصحابه .

نطرح السؤال مرة أخرى . من هم الكرد ؟ نقول ، بعد الاتكال على الله ، أن الكرد شعب ينتمي إلى الأمة الفارسية نسباً ولغةً وثقافةً ، ولكن من الصعب جداً تحديد موطنهم الأصلي ،  وذلك لأن  دخول الإسلام المبكر إلى بلاد فارس وتحرير الشعوب من القيود التي كان يفرضها ملوك الفرس على رعاياهم في الحركة والتنقل . فساح الكرد كغيرهم من القبائل والشعوب حيث الماء والكلاء ورغد العيش ، وهم اليوم يعشون في المثلث الذي يجمع العراق وايران وتركيا كما انساح قسم منهم إلى الشمال الشرقي من سوريا وكذلك إلى جورحيا وأرمينيا حتي وصل بهم المطاف إلى التشيشان وداغستان  . وبحثاً عن فرص العمل حط الرحال بالكرد في  بعض المدن السورية ولبنان وشرق الأردن كذلك استقر أعداد ضخمة من طلبة الرزق في اسطنبول وأنقرة وأضنا . الكرد يتواجدون بأعداد قد تربو على المليونين نسمة في أوربا وكندا وأستراليا . دعوى البعض أن شعب الكرد قد يصل عدهم إلى 26 مليون نسمة ، مبالغة غير مقبولة عند أهل الإختصاص ، كما أن القول ان الكرد لايصل عدهم إلى 10 ملبون نسمة مقالة مرفوضة . وربما 17 مليون نسمة هو الأقرب إلى الصواب ، والله أعلم . أن نصف الكرد يحمل تابعية الدولة التركية ويطلق عليهم ، حتى وقت قصير ، من قبل الجهات الرسمية والقومين المتطرفين من الترك ( ترك الجبال ) ثلث الشعب الكردي يعيش في ايران وربع هذا الشعب يعيش في العراق . حوالي 800 ألف يعيشون في سوريا وحوال 300 ألف في دول الاتحاد السوفيتي سابقاً . ويحترف الكرد الزراعة وتربية المواشي وما يتبعها من صناعات وحرف منزلية  تلبي الحاجات الضرورية ، كما برع الكرد في أنتاج بعض السلع القيمة  كالزرابي (السجاد) أو البسط (الكلم) . لقد تقلصت حياة البداوة عند الكرد إلى حد بعيد، إلا أن البنية القبلية الضيقة لازالت تحكم مجتمع الكرد ، والأغا رأس تلك البنية. إن نسبة  المسلمون السنة عند الكرد تتراوح ما بين 75% إلى 80% أما بقية الكرد فينتمون إلى نحل وفرق من غلاة التشيع ، أما اليزيدية الذين تجمعهم وشعب الكرد اللغة والأصل ، إلا أن لديهم تحفظ شديد اتجاة الشعب الكردي .

تاريخ الكرد

منذ العصور الوسطى وحتى مطلع القرن العشرين عاش الكرد ضمن امارات أو مقاطعات توارثوها منذ العهد الأيوبي ولم يعرف عن هذه الكيانات أى أعمال عسكرية أو تمرد على السلطة المركزية سواء في ظل الدولة العثمانية أو الدولة الصفوية . الأديب الألماني كارل ماي (1842-1912) قام ، وبدون قصد ، بالإساءة إلى الشعب الكردي أيما إساءة  ، بكتابة قصص معارك خيالية تدور رحاها على شعاف جبال كردستان عرفت بأسم " كردستان المتوحشة "  وكانت ابداع أدبي رائع أخذ بألباب القراء ونتقل بهم إلى عالم المغامرة والغرابة الممتع ، ولكنه خلق في الأذهان الأوربية  صورة نمطية للشعب الكردي غبر حضارية . الكرد : ذلك الشعب المغامر الذي تهاجم فرسانه الأديرة المسيحية المسالمة ، فتستنجد الرهبان والنساء  بشيوخ القبائل العربية لتذود  عنهم . لقد صورت بعض تلك القصص الممتعة أفلاماً سينمائية  . عزز هذه الصورة النمطية الصور التلفزيونية عن المظاهرات والصدامات التي عرفتها الشوارع الأوربية في الثمانينيات والتسعينيات ، من القرن المنصرم ، مع قوى الأمن الأوربية حيث كان الكرد ، نساء ورجالاً  يظهرون بلباسهم التقليدي ، الغريب على الأذواق الأوربية ،  خاصة صور النساء والرجال تلفهم ألسنة النيران  المضطرمة ، بعد أن أضرموا النار في أجسادهم احتجاجاً على المظالم التي تلم بهم  . لو استثنينا أعمال الاحتجاج العنيفة التي كانت صدى لما يجري على أرض كردستان . فالكرد شعب مسلم وديع وليس لديه ميل إلى العدوان . بعد الصلح الذي وقع بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية عام 1639 أصبح معظم الأمارات الكردية تابعة للدولة العثمانية ، ومع هذا يمكن القول : أن تابعية الأمارات الكردية للدولة العثمانية أو الدولة الصفوية كا صورياً ، حيث كانت هذه الأمارات تتمتع باستقلالية كاملة ، إلا أن هذة الإستقلالية ،  قد أصبحت أثراً بعد عين مع تنامي الميول المركزية في الدلتين ، الصفوية  والعثمانية ، بعد تنامي النفوذ الغربي والنمط الغربي في سياسة الملك . وهكذا ومع اطلالة النصف الثاني من القرن التاسع عشر أستبدل آخر أمير كردي بمحافظ أو قائممقام ( كعبد مأمور ) من قبل السلطة المركزي . ( لقد وجدت شعوب المنطقة في النمط الغربي في سياسة المك قسوة لم تعهدها في النمط التقليدي في السياسة ، ولهذا نجد هذه الشعوب ، في بلاد الشام مثلاً ، تثور على ابراهيم باشا ونظامه الضرائبي ، وهي التي ساعدت الجيوش المصرية عند قدومها من مصر العربية  للتغلب على جيوش السلطان العثماني ، بسبب قسوة نظام محمد علي الغربي البنية والممارسة ) .

بعد تداعي الدولة العثمانية تحت ضربات دول الحلفاء في أكتوبر (تشرين الأول ) عام 1918 قام الحلفاء بعقد مؤتمر للسلام في  سيفره ،  وهي مدينة تقع إلى الجنوب الغربي من باريس على نهر السين ، وفي 10. 8. 1920 أضطر فريد باشا، رئس الوفد التركي ، تحت تهديد الحلفاء : " باخراج الاتراك من أوربا في حالة الرفض " ،  التوقيع على معاهد عرفت في التاريخ الدبلماسي بأسم معاهدة سيفره ، وقعها فريد باشا نيابة عن السلطان محمد السادس ، ولكن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ . والواقع أن هذه المعاهدة كانت تعني ،لو نفذت بحذافيرها ، القضاء على وجود الأتراك القومي . ولأول مرة " يمنح " الكرد "حق" إقامة دولة كردية ولهذا يتشبث الكرد القوميون بهذه المعاهد كحجة صورية على حقهم التاريخي في دولة قومية ، إلا أن المعاهدة  ولدة ميتة ، ولكن هي عند القومين الكرد بمثابة  صك تمليك إلهي . ويمكن مقارن هذا التشبث بتشبث الصهاينة بوعد بالفور المشؤوم . إن المعاهدات والوعود السياسية هي إملاءات تمليها موازين القوى في ضروف تاريخية معينة وتعدل أو تلغى حسب موازين القوى المادية ، حتى وعد بالفور، كان قابل للمساومة والإلغاء ؛ كما كان الحال بعد ثورة عام 1936 حيث أضطرت أنكلترا اصدار كتاب أبيض يفسر الوعد تفسيراً أقرب إلى وجهة نظر العرب ، وإن لم يلغي الوعد المشؤوم . إن نتائج الحرب الأولى على العرب والمسلمين كانت كارثية، ليس من الناحية السياسة فحسب ، بل ومن الناحية الفكرية . منذ ذلك التاريخ ، كان على العرب والمسلمين أن ينظروا إلى قضاياهم المصيرة بمنظار غربي دهري علماني نفعي وبأفق ضيق تمليه عليه أرادة الغير . النخب الكردية بدأت هي الأخرى تسوّق فكرة الدولة القومية ( سيكون لى جولة مع ألأسس الفلسفية للدولة القومية ) . ولكن في ضروف دولية معقدة وبين شعب تفترسه الأمية والفقر . توزعت الدول ، التي خلّقها الغرب ، الأراضي التي تسكنها غالبية من الكرد ، بين تركيا الأتاتوركية ، والعراق الهاشمي وإيران الشهنشاهية وسوريا المنتدبة من فرنسا . النخب الكردية وجدت نفسها وجهاً لوجه ،  أمام النخب القومية العربية والتركية وكذالك أبناء عمومتم الفرس ، والحرب سجال حتى يومنا هذا . 

الدولة التركية الحديثة لم تعترف بالكرد كأقلية إثنية أو قومية بعتبارهم مسلمون ينتمون إلى الأكثرية المسلمة . أن قانون المليات ينطبق فقط على الأقليات غير المسلمة . إن معاهدة لوزان في 24. 7. 1923 أقرت وجة النظر التركية وفقد الكرد الحماية التي تؤمنها الدول الكبرى للأقليات التي تعيش في ظل الدولة العثمانيه . إن الكرد لم ينظروا إلى أنفسهم كأقلية في الدولة العثمانية بل مكون أصل في دولة إسلامية متعددة الأعراق والعصبيات تحكم بالشريعة .  ومنذ بداية دخول الكرد تحت لواء الدولة العثمانية عام 1515 م وفق زعماء الكرد إلى إيجاد صيغة للتعايش مع الدولة العثمانية ، وقد استطاع المؤرخ ادريس البتليسي أن ينقذ سلطة ونفوذ سراة ونبلاء الكرد عبر مفاوضات بارعة وذكية ،  يحقن فيها الدماء ولايفرط بكرامة الكرد . عادت مسألة الأقليات جذعة ومخيفة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني ومع أن السلطان حظر طبع كتاب في النحو الكردي لمؤلفه (يوسف خالدي ) ولكن قرّب الكرد إليه بل واصطنعهم لنفسه ، حتى أن ( الفرسان الحميدية ) كانت في الأعم الأغلب من الكرد،  وقد واصل رجال  حزب الاتحاد والترقي ، ، سياسة السلطان اتجاه الكرد بل وورطوا القوم في أعمال التنكل والمجازر التي أقترفت ضد الأرمن . لقد كان الكرد في عمومهم كارهين للحكام الجدد من الأتاتوركين وزادت نقمتهم على الدولة بعد أن ألغى كمال أتاتورك الخلافة ففصم بذالك العروة التي كانت تربط بين الكرد والدولة التركية ومؤسساتها المخيفة . وفي 13. شباط عام 1925 رفع الشيخ سعيد النقشبندي ، شيخ الطريقة النقشبندية لواء الثورة . فسانده  نبلاء وأعيان وسراة الكرد فسرت ثورة الشيخ الجليل كالنار في الهشم . امتدت الثورة إلى كافة الولايات الشرقية الثلاثة ، حيث يؤلف الكرد أغلبية السكان . طالب الثائرون بإعادة الخلافة وتنصيب الأمير سليم بن عبد الحميد خليفة وسلطاناً . وخوفاً من تعاطف بقية أبناء الأمة مع الثورة أعلنت الأحكام العرفية في أرجاء كثيرة من البلاد وخاصة في مدينة استانبول . تمكن الثوار في 7 آذار (مارس) من انتزاع مدينة ( ديار بكر) ولكن القوات الموالية للحكومة استطاعت استنقاذها من يد الثوار . وارتكبة القوات الأتاتوركية مجاز فظيعة ضد الكرد بشكل عام والمشايخ والعلماء بشكل خاص . وأدرك قادة الثورة أن مواصلة الثورة أمر صعب ، حيث قذف الاتحاد السوفيت ، بقيادة ستالين ، بكل ثقله في المعركة ،  وقدم للذئب الأغبر ، هكذا كان يلقب كمال أتاتورك ، العتاد والسلاح . وفي حزيران وقع الشيخ في الأسر ليعدم بعدها في أنقره . وفي عام 1929 قام الكرد بثورة أخرى في أقليم أرارات وكذالك في محيط بحيرة "وان " ولكن الحكومة سيرت قوات ضخمة وأخمدت الثورة على وجه السرعة . ولتجنب نشوب ثورات جديدة في المستقبل . قامت الدولة بإبعاد المواطنين عن موطنهم الأصلي حيث نقل الكرد إلى تراقيا الشرقية . كما قامت بعمليات تتريك قاسية وقسرية ،  كمنع الكرد ، في الأماكن العامة ، التحدث إلى بعضم البعض باللغة الكردية . هذه الأجراءت غير الإنسانية لم تتوققف إلا بعد الضغود اللامتناهية من قبل أهل العدل والنصفة على امتداد الساحة العالمية ، ومع هذا يمكن القول أن توقف سياسة الإكراه  والظلم والقسوة ضد الكرد كان استجابتة للضغود الخارجية على  الدولة التركية  ومؤسساتها القمعية في السنتين الأخرتين .  يمكن أن تكون سياسة المهادنة هذه عباره عن سحابة صيف تنقشع مع تزايد الحاجة  الغربية  إلى الهراوة والعسكراتية  التركية. إذا اسثنينا مؤسسات الدولة العلمانية والشريحة القومية المتعصبة ، فإن الشعب التركي كان رافضاً لكل هذه الإجراءات الظالمة ضد إخوانهم الكرد.

في ايران : أعتبر الكرد تحت حكم الشاه (1925-1979) أحد الركائز التي تقوم عليها الدولة الشاهنشاهية  انطلاقاً من مقولة أن الكرد يتكلمون لغة فارسية مما يجعلهم جزءاً أساس من الأمة الايرانية ، ولهذا لا يسري عليهم قانون الأقليات . خلال  الحرب العالمية الثانية ، مكن تواجد القوات السوفيتية في شمال غرب ايران من عام  ( 1941-1946 ) ، القوى الإنفصالية والقومية واليسارية من التمرد على السلطة المركزية وإعلان الاستقلال عن الحكومة المركزية ، وهكذا أعلن القاضي غازي محمد في كانون الثاني (يناير) عام 1946 مولد جمهورية مهاباد إلا أن القوات الشهنشاهية تمكنت من اعادة سيطرتها على المنطقة ، بعد أن تخلى السوفيت عن القاضي غازي محمد . ألقت قوات الشاه القبظ على القاضي وحكمت عليه فوراً بالموت شنقاً وعلق في الساحة الرئيسية في مدينة ( ماهاباد) ووئد أمل اليسارين والقومين من كرد ايران في المهد . لم يكن للكرد دوراً يذكر في دعم ومساندة  مصدق لتحرير ايران من الهيمة الأجنبية واستنقاذ ثرواتها النفطية من مخالب النهب والسلب الأنكلوأمريكية ، إلا أن الكرد نشطوا مع مطلع الثورة الايرانية عام 1979 ضد حكم الشاه البغيض وانطلقت القوى اليسارية والقومية تطالب بحكم ذاتي وحقوق خاصة بهم كأقلية . ومع بداية عام 1980 دخلت قوى المقاومة من الكرد في مواجهة دامية مع الثورة وحماتها ..إن مطالب الكرد كانت تصطدم مع مسلمات الثورة ودستور الجمهورية الإسلامية ، الذي يقر فقط لغير المسلمين بحقوق الأقلية ( تأويل جديد لما كان يمارس ضد الكرد أيام الشاه ) ولكن القوى الإسلامية الكردية السنية كان لها مطالب تتعلق بالمساجد وأموال الوقف ونصيب الكرد من الثورة النفطية ، قوبلت هذه المطالب بالرفض وسجن الشيخ زاده حتى موته

الكرد في العراق وسوريا.

كان للكرد ،  قبل أن تبسط بريطانيا سلطانها كدولة منتدبة على العراق ،  معارك طاحنة مع الأشوريين فلما دخلت بريطانيا إلى العراق أتخذت من الآشوريين جنوداً بجعالة معينة ، ولما ثار الكرد علي بريطانيا والحكومة العراقية اتخذت بريطانيا  الجنود الآشوريين كقوة عسكرية لقمع العديد من التمردات  التي أشعلها الكرد . فلما ضعف النفوذ البريطاني فقد الآشوريون المعاملة الخاصة التي ألفوها ، فلم يكن منهم إلا أن انساقوا ، بطيش وتهّور ، إلى ثورة على الحكومة الوطنية ،ولكن العميد ( الزعيم ) بكر صدقي أخمد ثورتهم بقسوة بالغة . كانت الحكومة الملكية في العراق حريصة على الحياد الديني والقومي وليس كما يدعي البعض أنها كانت تحابي العرب على غير العرب أو السنة على الشيعة . وأفضل دليل على حيادية الدولة فصل الأستاذ أنيس زكريا النصولي ، السوري الأصل ، من عمله ، وكان يعمل أستاذاً للتاريخ في دار المعلمين حتى عام 1927 ، لوضعه كتاباً يمجد فيه الأمويين .

 في الخمسنيات من القرن المنصرم دخل العراق والمنطقة العربية بل منطقة الشرق الأوسط في دوامة الصراع بين دول الغرب الرأسمالية من جهة وروسيا والصين ودول أوربا الشرقية الشيوعية من جهة أخرى . سعت أمريكا وبريطانيا إلى تطويق الاتحاد السوفيتي بسلسة من الأحلاف العسكرية . فطبق دالس ، وزير خارجية الولايات المتحد الأمركية  آنذاك ، مقولة الرئس بوش اليوم " من ليس  معنا فهو ضدنا " .  أكرت بريطانيا العراق على  الدخول في أحلاف عسكرية وانتهاج سياسة " رجعية " استفزت الطليعة المثقفة في العراق و العالم العربي . مع ذلك كان ، على الجانب الآخر من الخط الحدودي ، خط  سايكس - بيكو الذي يفصل العراق عن سوريا ،  ساسة من  السوريين يرون أن التقارب بين العراق وسوريا يجب أن يكون من أولوياتهم السياسة ،  بل الوحدة بين القطرين هدف يجب السعي إليه بكل قوة . هذه الفكرة كانت موضع إجماع عند قادة حزب الشعب فانظم إليهم سراً الأستاذ جلال السيد ، أحد مؤسسي حزب البعث العربي الإشتراكي ، وأخيه سعيد السيد  ، الذي كان  وزير ثم  سفيراً لسوريا . ولكن المد الناصري أفسد ذلك التوجه الحكيم وزج بكل من سوريا والعراق في أتون الأنظمة الشمولية القمعية .

الكرد لم يكن لهم دور في تأجيج أو إخماد نار الصراع على النفوذ في المنطقة حتى قيام ثورة 14 من تموز " الخالده " عام 1958 . انظم الكرد إلى الثورة وقدموا الدعم لها في اللحظة التي بدأت الثورة تأكل أبناءها وتنحو نحواً مضاداً للتوجه الوحدوي العربي ، ولعل السبب يرجع إلى أن زعامة الثورة وزمام الأمر أصبح في يد عبد الكريم قاسم الشعوبي الكردي الفليلي . لا أعتقد أن مثل هذا القرار كان من صنع أهل الحل والعقد عند الكرد ، كما أنه لم يكن في صالح الكرد . لقد كان من إملاءات الحزب الشيوعي العراقي الذي أصبح مربد الشعوبية وحاضنة الحقد الطبقي ولسان حال الدهماء والرعاع من أنصاف المثقفين . وقصائد السياب ، الشاعر العراقي الفذ ، خير شاهد على ما ذهبنا إليه في وصفهم . الثورة التي أطاحت بالملكية أصدرت دستوراً أقر بالحقوق القومية للكرد . هذه الفقرة بالذات هي نسخة عن مثيلاتها في دستور الاتحاد السوفيتي أو الدول الشمولية الأخرى . وقبل الملا مصطفى البرزاني بذالك . ولما وضع الدستور موضع التنفيذ كانت خيبة الآمل كبيرة جداً مما دفع الكرد للثورة على الحكومة المركزية واستمرة التمرد منذ عام 1961- 1970 مع فترات متقطة من الهدوء النسبي تفرضها ضروف الميرة والمزاج السياسي ومصلحة الدول التي كانت تمير التمرد بالمال والسلاح والعتاد . وبدون أدنى وجل نقول إن الممول كان خليط غريب جداً ( دول المنظومة الإشتراكية  ، ايران الشاه ، اسرائيل ) في السبعينات كانت إحدى الشركات التابعة للموساد الإسرائيلي  والمختصة في الأمن والحماية تتولى حماية الثائر الكردي ملا مصطفى البرازاني . هل كان البرزاني لايثق بالملشيات الكردية لدرجة دفعته إلى الإستعانة بالصهاينة في أخص خصوصياته ؟ أم أن الأمر يتجاوز الإطار الشخصي ليصل إلى التعاون الاستراتيجي ؟ .  إن أي محاولة لنفي هذه الواقعة أو حتى تبريرها يعد من سقط المتاع وسخف المنطق . إن تعاونناً صهيونيأ وبعض القيادات الكردية هي حقيقة يجب أخذها بالحسبان عند التعامل مع المسألة الكردية . يحاول بعض قادة الكرد تسويق التعاون مع الصهاينة بالقول إن معظم الدول العربية وتركيا متعاونة سراً وعلانية مع إسرائيل . فلماذا تحّرمون علي الكرد ما أنتم له فاعلون ؟ . نحن ننظر للأمور من زاوية الحق والعدل أولاً ... فإجماع الناس على إقرار الظلم والمنكر والشر لا يعطي المظالم والمنكرات والشرور أي شرعية (  كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ). كما ننظر للأمر من زاوية مصلحة الأمة ، والكرد من الأمة كما ليس للكرد مصلحة في التقرب إلى الصهاينة وإسرائيل .

 في عام 1970 أجرت الحكومة العراقية تعديلاً على الدستور ؛ يضع الكرد كقومية إلى جانب العرب في الدولة العراقية ، وفي عام 1974طبقت الدولة على محافظات ، داهوك ، والسليمانية ، وأربيل نظام الحكم الذاتي من جانب واحد على مساحة قدرها 34.051 كم مربع  . ولكن الزعامة الكردية رفضت ذلك وأعلنت التمرد بقيادة البرزاني مرة أخرى . التمرد الجديد توقف عملياً في آذار (مارس) عام 1975 بعد إتفاق الجزائر بين الحكومة العراقية وحكومة الشاة ، التي أوقفت الدعم الذي كانت تقدمه للكرد بقيادة الملا مصطفى البرزاني الذي توفي في 1. 3 . 1979 في مستشفى جورج تاون في الولايات المتحدة الأمركية .

 الكرد في سوريا ولبنان : يتواجد . حواي 30% من مجموع أكراد سوريا داخل المدن السورية الرئسة  حلب ودمشق وحماة وغالباً ما يطلق على الأحياء التي سكنها أكراد بحي الأكراد كما هو الحال في دمشق وهم وحتى الإستقلال عن فرنسا جزء من الحركة الوطنية في سوريا ، حاولت فرنسا أن توظف الكرد ضد التطلعات الوطنية للشعب السوري وكانت نجاحاتها في هذا المضمار هزيلة لا تتناسب والجهد المبذول في هذا المضمار ، العكس كان صحيحاً . تصدرت بعض الشخصيات الكردية  العمل الوطني وقادت العمل المسلح ضد المستعمر من أمثال ابراهيم هنانو . ويتربع رجال العلم الديني من الكرد  ذوي التوجه الصوفي على رئاسة المؤسسة الدينية الرسمية في سوريا كالشيخ أحمد كفتارو ومريديه وأتباعه والدكتور سعيد رمضان البوطي ، والتصوف توجه ديني يحظى بالقبول عند المستعمر والمستثمر . المشكة الحقيقة للكرد هي الحدود السورية الشمالية مع تركيا حيث يوجد النفط ، وحيثما يوجد النفط توجد الحروب والإضطرابات ، على جانبي الخط الذي رسمه سايكس-بيكو ليكون حدوداً بين تركيا وسوريا يسكن خليط من السكان عرباً وكرداً وقليل من الترك والآشورين وملل ونحل أخرى . وأكاد أجزم أن نسبة الكرد في الجانب التركي قد لاتصل في معظم هذه المناطق عن 50% في الوقت الذي تزعم فيه الحركة القومية الكردية أنها كردستان تركيا ، والنصف الآخر قبائل عربية وآثوريين وسريان وترك  . أما على الجانب السوري وحتي قبل سياسة التعريب لا تصل نسبة الكرد  إلى 20%  إن كثرة العويل والصراخ لاتخلق حقائق جغرافية أو ديموغرافية ، ثم أن الحل القومي هو أسوء الحلول ويقود في الغالب إلى منطق التطهير العنصري أو سياسة " الترانسفير". إن الحكومات القومية كانت ولا تزال تتاجر بمسألة التابعية والجنسية والأوراق الثبوتية فتبتز الإنسان أيما ابتزاز ،  ومنذ مسرحية الأديب الألماني  كارل تسكماير بعنوان ( الرئس كوبنيك ) ، وبطل المسرحية  رجل فقد أوراقه الثبوتية وهويته الشخصية لأسباب مسلكية بعد أن زج به ، وبدون ذنب، في السسجن . أقام معركة ضارة ، مع بيروقراطية الدولة لاستعادة أوراقه الثبوتية ، خسر جولاتها جميعاً . عندها قرر أن يقوم بانقلاب عسكري . ارتدى البزة العسكرية  برتبة رئيس وقاد طابور من الجند ليحتل مبني المحافظة ، حيث  دائرة الأحوال المدنية ، ويأمر الموظف المختص أن يصدر له أوراق ثبوتية وهوية شخصية . المسرحية تصور حماقة الدولة القومية وغباء البيرقراطية . إن من نعم حقوق الإنسان أن مكنت  الدولة العصرية من تجاوزت كل العقبات والحماقات التي أوجدتها الدولة القومية وأصبحت الجنسية تعطى لكل من يطلبها ، كقبلة ولادة الأندلسية ( أمكن عاشقي من صحن خدي          وأمنح قبلتي من يشتهيا ) ؛ وذلك  لمجرد الإقامة لفترة معينة قد تطول أو تقصر . أما دول العالم العربي والإسلامي فتتعامل مع مسائل التابعية والجنسية كما لوكنا نعيش  في العصر الحجري أو قبل ذالك بقليل . يختصم الكرد والحكومة السورية على حق الجنسية لحوالي200 ألف نسمة من الكرد  جاءوا من تركيا إلى سوريا بحثاً عن مصدر للعيش أوربما للحصول على أوراق ثبوتية ينطلقون بها إلى أرض الله الواسعة بحثاً عن العيش الكريم . إن حجج كلا الفرقين واهية وتتعارض مع وثيقة حقوق الإنسان التي يسلم الجميع بمرجعيتها . قضايا من هذا النوع لا تحل بمنطق الاديولوجيات وأنما بمنطق القانون والحقوق ، إن الضحية في هذا الصراع هو الإنسان .

لقد كان حافظ الأسد سيد النفاق السياسي . للإبتزاز والإبتزاز فقط فتح النظام السياسي ذراعيه ليستقبل كل ماهب ودب ، ماركسياً ، قومياً ، شعوبياً وحتى صهيونياً ( مع دعوى عدم المعرفة بذلك طبعاً ) وجندهم لتركيع النظام في العراق ،  لقد زودهم  بالسلاح والشعارات وجوازات السفر العادية والدبلماسيه ، منة من النظام السوري التقدمي . وانطلق الكرد منهم  فرحون متفائلون بكردستان حرة وشعب آري سعيد . لقد أجاد المستشار الألماني السابق ، هلموت شميت ، وهو يتحدث إلى من رفعت بينه وبينهم الكلفة قائلاً ، " ممارسة السياسة بلا قيم كمن يطلب المتعة في مزرعة الخنازير" .

الكرد في دول الإتحاد السوفيتي سابقاً ، جيورجيا وأرمينيا :  لم يصل كل  الكرد المتواجدين في  تلك الدولتين عن طريق الإنسياح والهجرة فقط ، التي أتخذها الكرد لتحسين ضروفهم المعاشية ، ولكن البعض كان هرباً من الإضطهاد الذي مارسته الدولة العثمانية في القرن 19 وبداية القرن 20 ضد الكرد اليزيدية  ؛ إذ أن الغالبية العضمى من الكرد في جيورجيا وأرمينيا من الكرد اليزيدية . أما الكرد في منطقة القوقازوهم من السنة . فقد هجر القسم الأعظم منهم إلى كازاخستان وقرقيزيا ، لما عرف عنهم من التمسك بأهداب الدين الحنيف ، وتشكك الدولة  الشيوعية في ولاء الكرد للإتحاد السوفيتي الذي  كانت على أبواب حرب مع ألمانيا ،  مثلهم مثل تتار القرم والشيشان والألمان

أهم مقوم من مقومات الأمة هوالدين اللغة الثقافة والعمران المشترك . كما أسلفنا 75%-80% من الكرد مسلمون سنة ، والباقي من غلاة التشيع واليزيدية أما الثقافة والعمران المشترك فهي مضطربة جداً ، لنعدام التواصل الطبيعي وتفرق كلمة الكرد السياسية وتوزعهم على أربع كيانات سياسية على الأقل . أما اللغة ، وهي مربط الفرس كما يقال ، فسنتناولها بشيء من التفصل . اللغة تكاد تكون كل شيء في موضوع الأمة . الرسول الأعظم يقول ألا ان العربية اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي ، ذلك أن التواصل يجب الأصل  والمنشاء ، والكلام  هوإكسير الحياة . هذه البديهات والمسلمات طالما تنسى من قبل أهل الرأى والأديولوجيات . من يكفر بالمحسوس وينكر المعقول هم قطعاً من أهل المراء والسوفسطائية . ورحم الله الخليل بن أحمد الفراهيدي ، صاحب العرض ، عندما قال : الناس أربع ، رجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عالم فاتبعوه ، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذالك نائم فأيقظوه، ورجل لايدري ويدري أنه لا يدري فذاك مسرشد فارشدوه ، ورجل لا يدري ولايدري أنه لايدري فذاك جاهل فرفضوه . إن مأساة الأمة العربية الإسلامية  في العقود الأربعة الأخيرة تفاقم جموع القوم من النوع الرابع من أهل الفرق والنحل والكذب والدجل ،  أهل خصومة وبدع .   

اللغة الكردية يقول أهل الإختصاص لغة ايرانية وحسب تصنيف علماء اللغة الألمان إندوجرمانية أما القول أنها ، أي لغة الكرد ايرانية فهو كلام سليم وأقرب للمعقول والمحسوس ، أما كونها إندوجرمانية فهو تعسف اديولوجي ابتدعه المفكرون الألمان في مطلع القرن التاسع عشر كمقدمة لسياستهم الطموحة للتوسع  في الشرق ومنافسة أبناء عمومتهم من الإنكليز الذين وصلوا  بسفنهم عن طريق رأس الرجاء الصالح ثم لاحقاً بعد شق قناة السويس عن طريق جبل طارق فالسويس ثم باب المندب إلى مدرس على الساحل الغربي من شبه القارة الهندية . تقسيم اللغات والأقوام ، من قبل الألمان ، إلى مجموعة اللغات والأقوام الأندوجرمانية والسامية....الخ هي جزء من أديولوجية تستهدف تبرير المنافسة وأدلجة الصراع  مع الانكليز وكسب بعض شعوب المنطقة إلى جانبهم في صراعهم مع الغير . قال أصحاب هذا المذهب أن الكرد  وأهل فارس أنهم من الآريين أو الإندو جرمان . وهو تقسيم وتصنيف متعسف ومزاجي مصلحي .

لغة الكرد لغة ايرانية ذات لهجات متباينة جداً . أهم اللهجات هي مايعرف (  بكرمانجي ) التي تقسم بدورها إلى الكرمانجي الشمالى والكرماجي الجنوبي ، والهجة المعروفة  ( بالكردي ) وهي اللهجة الأكثر انتشارا بين القبائل الكردية .

لدى الكرد ثروة هائلة  من القصص الشعبي والأغاني والمواويل والأهازيج والغناء الأسطوري القريب من الشهنامة الفارسية والياذا الإغريقية لهيمروس . من مشاهير شعراء الكرد أحمد شاني ( و1650-ت1707 ) الذي  نظم ملحمة حب شعرية بالفارسية القياسية ( الفصحى ) متقفياً إثر الشيرازي وحافظ وذات ملامح رومنسية بارزة  أطلق عليها ( ميم  و زن ) . ويرى الدارسون أن أحمد شاني أول من صاغ أدبياً فكرة وحدة الأمة الكردية . وفي قلب الأمارات الكردية في ايران والعراق والأناضول ومع مطلع القرن 19  نبغ الكثير من الشعراء الكرد ففي ارديلان في بابن من ايران نبغ الشاعر الأدب الفاهم مولاوي ( و1806-ت1882 ) ولكن صاغ أدبه بالغواني ، أحد اللهجات الفارسية ،     أما في بابان فقد برز الشاعر نالي (و1806-ت1856 ) كما عرف الكرد في العراق شعراء فحول صاغوا شعرهم بالهجة السليمانية منهم الشاعر الثوري المزاج حجي قادر (و1817-ت1896 ) وكذلك الشيخ الفاسق ( والشعراء يتبعهم الغاون ) رضى طالباني (و1937-ت1919 ) .  بعد الحرب العالمية الأولى كانت هناك محاولات ، تقف وراءها دوائر تبشرية ، لكتابة لغة الكرد بأبجدية هي خليط من الأبجدية  العربية واللاتينية مع بعض الحروف من الأبجدية الأرمينية . بعض الأدباء والمثقفين الكرد أستعملوا تلك الأبجدية في كتابة شعرهم أو نثرهم وتتأرجح الموضوعات ما بين الواقعية الاجتماعية والمواضيع التقليدية ولعل أهم المفكرين الكرد الذين تبنوا هذا التوجه من العراق توفيق بيراميرد (و1867-ت1951 ) والكاتب السوري جلادت علي بدر خان (و1887-ت1951 ) وكذالك الكاتب الكردي من أرمينيا عرب شاميلوف (و1898-ت1979 ) وقد وضع نقاد الأدب الأديب شيخموس جبر شون ( و1903-ت1984 ) السوري المولد ،  في طلعة الأدباء الذين تناولوا الشأن العام والشأن السياسي .  أما الكاتب عبدالله غوران ( و1904-ت1962 ) العراقي المولد الذي بدأ حياته الأدبية رمنسي حالم ثم تحول  إلى الواقعية فقد كان غزير الإنتاج قليل الدراية بمواطن الخصب الأدبي . وأخيراً وليس آخراً  الشاعر الدرامي ناظم حكمت الذي ولد في سالونكي ( و 20. 1. 1902 ت 3. 6 . 1963 ) توفي في موسكو طرياً شرداً مخلفاً ثروة أدبية غنية . ولكن معظمها بالغة التركية وقد ترجمت إلى لغات عدة . ما قدمته في شأن اللغة والأدب للشعب الكري هو تلخيص مقتضب     فرضته طبيعة العرض الصحافي . الموضوع يستحق مزيداً من العناية وسنعود للموضوع إذا تنامت الرغبة لذلك فالمادة الأكاديمية الخام هي في متناول اليد ، والحمد لله .

يتبع

السابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  برق الشرق  
  بوارق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  بيانات وتصريحات  
  قراءات  
  شآميات  
 

 
  اتصل بنا  
   
   

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع | كتب | مجموعة الحوار  | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | ابحث في الموقع |ـ

| برق الشرق بوارق رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  |  بيانات وتصريحات  |  قراءات  | شآميات  |  ـ