وصل
إلى برق الشرق :
من
يلوم أمريكا ؟!!
أحمد
رشيد
في الأساطير التي تحكى عن
نبات (( اللوتس )) يقال أن ثمرته اللذيذة
دواء للذاكرة القوية .. فإضافة لجمال
مذاقها معروف عنها أنها تسبب حالة من
النسيان المزمن ..
المشكلة أن هذه الفاكهة
الأسطورية انتشرت ولم يعد لها وجود ،
والا لقلنا بإختصار أن
العرب من مستهلكيها المدمنين
تجنباً لبذل أي مجهود مضني في البحث عن
تفسيرات منطقية لا نخداعهم المتكرر
بالحيل الأمريكية الرخيصة علي الرغم
من أن واشنطن لا تجهد نفسها في استنباط
خدع متطورة ومحكمة .. إذ تستخدم ذات
التقنية في الضحك على ذقون العرب ..أي
إطلاق الوعود المغرية والتراجع عنها
عند أول منعطف وبعد أن تقضي وطرها .. ما
يدعو إلى سوق هذا الحديث الذي مللنا
ذكره ... الصفعة القوية التي تعرض لها
النظام العربي الرسمي بيد الولايات
المتحدة حين استخدمت حق النقض (( الفيتو))
على مشروع قرار لمجلس الأمن يدين
محاولة
(( تل أبيب )) استبعاد الرئيس
ياسر عرفات من الأراضي الفلسطينية
ونفيه خارج وطنه .. في إجراء مستهتر
أرادت واشنطن من خلاله التأكيد على
حقيقة عدم احترامها لأصدقائها العرب
وإصرارها على تحقيرهم وعدم تقديرها
لانبطاحهم وعمالتهم لها ومعاملتهم
كالأطفال القصر بعد أن امتثلوا لأوامر
(( بول بريمر )) في الاعتراف بمجلس الحكم
في العراق الذي رفضوه في مؤسساتهم
الرسمية في البداية ، أملين بهذا
الاعتراف أن تقوم الولايات المتحدة
بمعالجة موضوع طرد عرفات ،و إعادة
النظر في موقفها منه .. ولكنهم في هذه
المرة أيضاً – وكما في كل مرة – لم
يحصلوا من أمريكا على شيء غير النكران
والجحود الذي أدمنه العرب كما لو كانت
الأمة بأسرها مصابة بالمازوخية
المفرطة التي يستمتع مصابوها بتعذيب
الذات واحتقارها ..
إن الولايات المتحدة ستظل
دائماً تعامل العرب بهذا الأسلوب
المهين طالما ظل العرب يتقبلون منها
ذلك دون أخذ موقف حاسم وحقيقي يشعر
واشنطن بأنها ذهبت في غيهّا إلى الحد
الذي لا يطاق والمشكلة في النهاية ليست
مشكلة أمريكا ولا هي مشكلة ساستها
الصهاينة المنحازين بداهة للمشروع
الصهيوني ... ولكنها مشكلة العرب ..
ومشكلة معاييرهم ومقاييسهم التي
يقيّمون بها أمورهم ومواقفهم
وسياساتهم ... وما دام العرب مصرّون على
التمسك بأوهام وأحلام اليقظة تجاه
الولايات المتحدة وإعتبارها حكماً
محايداً في الصراع العربي الصهيوني ،
فإنه لا أحد يستطيع أن يلوم أمريكا إذا
احتقرتهم وركبتهم كما تركب البهيمة
الطيعة ..
30
/ 09 / 2003
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|