وصل
إلى مركز الشرق العربي :
حروب
المستقبل لن يقودها جنرالات
رضى الجندي
كل الحروب القديمة التي شهدها
العالم كان الحسم فيها دائما لمن يملك
العدة والعتاد العسكري المتطور غير
أن الحملة الأنجلوأمريكية التي تابعنا
فصولها على العراق اختلفت عن سابقاتها
وقدمت للعالم شكلاً جديداً من أشكال
الحروب التي لا تعتمد القوة العسكرية
وحدها وسيلة لتحقيق الانتصار والتفوق
وأعطت لحروب أخرى سرية وعلنية لا تقل
سخونة عن المعارك الميدانية الظاهرة
لا يقودها الجنرالات وحملة النياشين
وأوكلت قيادتها لمراكز الأبحاث
النفسية ورجالات الإعلام وثبت أنها
أكثر فاعلية وتأثيراً من القصف
بالصواريخ والقنابل العنقودية التي لا
تنمي غير الكراهية والحقد .فالنوع
الجديد من الحروب يستهدف ضعاف النفوس
والعامة عبر ما يقدم لهم من إغراءات
وأكاذيب دعائية ملفقة لتثبيط العزائم
وشل القدرات من خلال وسائل الإعلام
التي دارت على حلباتها أهم المعارك
النفسية وقد تجلى ذلك بوضوح في
الاستعراض العسكري لقوات المارينز
أمام عدسات المصورين في ساحة الفردوس
معلنة سقوط مدينة بغداد رغم عدم سقوطها
فعلياً حتى تلك اللحظة ذاك الاستعراض
الذي مهد فعلياً لسقوط اكبر المدن
العراقية تحصيناً دون مقاومة تذكر شكل
نقلة نوعية لشكل الحروب القادمة ووضعت
العالم أمام نمط جديد من الحروب التي
يمكن تسميتها بحروب المستقبل ,التي
سيكون فيها لوسائل الإعلام الدور
المحوري في تحديد سير المعارك
وكيفية تناول العمليات العسكرية
بالأسلوب والطريقة التي تخدم أهداف
ومصالح الأطراف المتحاربة.وقد نجحت
إدارة الحرب الأنجلوأمريكية في التحكم
في تدفق المعلومات أحادية النظرة
مدعمة بالصور والتقارير الصحفية التي
أعدت بعناية وحجب أية معلومة ترى فيها
تأثيراً سلبياً على سير عمليات قواتها
العسكرية بعد تحييد ومنع بقية وسائل
الإعلام العالمية غير المرغوب فيها من
نقل وقائع ما يجري على مسرح العمليات
وفرضت على العالم متابعة الأحداث من
زاوية واحدة وبعين واحدة هي العين
الأمريكية ولفتت الأنظار إلى ضرورة
التفكير بجدية في كيفية إدارة حروب
المستقبل التي ستكون مسارحها شاشات
التلفزة وشبكات المعلومات وصفحات
الجرائد الأكثر قدرة على قلب الحقائق
وتغيير المواقف والقناعان .
12
/ 5 / 2003
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|